الجزء الأخير من الفصل الأول الذي كان بعنوان بغداد وما جنينا
قالوا أخرجوا يا قتلة الحسين ,, فقلنا الله أكبر ,, ألله أكبر ,, ألله أكبر
بهذا الجزء الرابع أتمنى أن أكون أديت ما هو حق لأهلي علي ,, ودين لهم في عنقي ,, قبل ما يكون جهد متواضع والنزر القليل القليل لأستعراض ما جرى لنا ولأهلنا على أيدي الأشرار من أهلك يا بغداد ,, وأمل أن أكون قد وفقت بتوثيق ما يجب توثيقة حتى لا تبقى الحقيقة فعلاً مغيبة ,, ليس صعبا علينا أن نقلب كل الصفحات ,, ليقيني أن كل يوم فيك يا بغداد كان أمرّ من الأخر ,, لكن لم يعد لقلبي العليل الأحتمال ,, وذاكرتي المتعبة تأبى بالرد عن أي سؤال ,, ولن أنسى أنه ما زال لنا ما تبقى من أهلنا هناك ,, كما لا أريد أن أتهم يوماً أني كنت سبباً حتى لمرور سيارة من قرب أي منهم لسؤاله عما قلته أو سيقال ,, لذا نحن نعي جيداً ليس كل الذي جرى لنا وعلينا أو سيحل بأهلنا ممكن أن يقال ,, مثلما ندرك أيضاً أن ذلك ليس صعبا أو حراما أو محال ,, وندرك أيضاً أنكم ما زلتم فيها ,, فذلك حتم علينا أن نصمت بعض الشيء ,, ولكن بعد حين سنتكلم حين يتوجب علينا الكلام ,, وليعلم القاصي قبل الداني أننا لا نخشى في الله لومة لائم ,, بل حرصنا عليكم وعلمنا ببطشهم جعلنا نكتفي بهذا القدر ,, وليعلموا أننا إن عزمنا على فتح جميع الصفحات سيكون توقفنا شيء محال بل هو محال المحال ,,,
أضغاث أحلام ,, أم هكذا تعيش الأنام ,, أم هي خدعة الأيام
حين يجن الليل وتسبل الشمس أهدابها بعد نهار امتد لساعات ,, لتغط في نوم عميق على مساحة الكون الذي نحيا فيه ,, لتفتح ثانية عينيها لصبح جديد على جزء آخر قد أتعبه طول ليل وشوق انتظار ,, حتى ترانا نخلد الى فراشنا ناشدي ساعات ننعم فيها بنوم هانيء ,, أترانا نعيش أضغاث أحلام ,, أم أننا نحن فلسطينيون نعيش في بغداد السلام ,, بغداد التي سرقوا كل شي فيها وفي المقدمة السلام ,, السلام الذي كان رديف لاسمك يا بغداد ,,السلام الذي طالما تغنى به الشعراء ,, السلام الذي خطت الأقلام بأيادي كبار المفكرين والأدباء عنه على مر الأزمان ,, كيف لنا أن ننام وعينوننا مفتوحة ترقب الباب ,, فالقادم لن يستأذنك ,, فقدمه تسبق يده كي يطرق بها الباب هذا إن لم يكن قد هبط عليك من الشباك ..
صار حلم فلسطينيو العراق أما كانت أو أبا أن يناموا وأعينهم مغلقة كباقي البشر,, لأنهم منذ سبع سنين وهم ينامون بعين واحدة مثلما تنام الحيتان ,, فعين تنام غفلة وقد أعياها طول السهر والأخرى لشدة احمراها لا ترى فيها سوادا أو بياضا معلقة على الباب ,, ترقب الموت القادم من كل حدب وصوب ,, وإن باتوا يغلقون دونهم وأولادهم الشبابيك والأبواب ,, و أصبحوا يضعون الخرق في ثقوب الأرض وشقوق السقوف والجدران ,, ولم يدركوا لحد الآن أن الموت قادما إليهم من ثقوب أقفال ما أغلقوا من أبواب ,, وإن وضعوا بحرص مفاتيحهم تحت الوسائد أو في عب امرأة ترملت حديثا وقد نست أنها شقت جيدها دون وعي منها أو دراية.
إن قدر لنا ولم نحظى بزيارتهم الغير مرحب بها وقد أعيانا طول السهر ,, والعيون لم تعد قادرة على مجارات أهدبها بمنعها عن الانسدال ,, وإن سرقت غفوة للحظات من عمر نهاية الليل حتى تستقبل نهارك بعيون منتفختين وفكر شارد ,, ممني النفس بأن تحضى بنهار باسم كي تنفض عن كاهلك كل ما ألم بك من أعياء ليل طويل وقد انزاح عن صدرك كابوس أدمن على المكوث بين الضلوع ,, لكن هيهات أن تدرك الأمنيات واقع الحياة ,, فما أن تمتد يديك لتفتح ستائر شباك شقتك حتى تصدم من هول ما رأيت فكأن القيامة قد أزف وقتها ,, لتسارع بإغلاقها وقد سبقك قلبك للانغلاق ,, وإن فعلت فلا مفر لأن القتلة قد احاطوك ,, فلا مفر لك لأن القتلة قد جاءوك من كل حدب وصوب ,, فلا مفر لك لتهرب من الموت سوى الأرتماء بأحضانه ,,
72 أسير ؟؟ معتقل ؟؟ مخطوف ؟؟ في بضع ساعات في البلديات
صبيحة14/ 3/ 2007 وخلال 6 ساعات وفي وضح النهار من العاشرة صباحاً حتى الرابعة عصراً يتم الهجوم علينا من جميع الجبهات لمَ لا فنحن في ساحة حرب مع العزل مع الشيوخ مع النساء مع الأطفال ؟؟ استخدم بذلك الهجوم كل أنواع الأسلحة وبمشاركة كل الصنوف من شرطة وجيش ومدنيين وملثمين ومعممين ,, جاءونا من تحت الأرض ؟؟ ومن فوق الأرض ؟؟ هبطوا علينا من السماء ؟؟ خرجوا علينا من شقوق سقوف شقتنا ؟؟ طلوا بفوهات بنادقهم من ثقوب أقفال بيوتنا ؟؟ وكلهم ينادون بل يزبدن ويعربدون ويصرخون بأعلى أصواتهم أخرجوا يا قتلة الحسين ؟؟ بما أننا لم نقتل الحسين لم نخرج ؟؟ لذا دخلوا علينا ليخطفوا من بين ظهرانينا 72 طفل وشاب وشيخ ,, وقد أشبعوهم ركلاً وضرباً وإهانات بعدها تم سحلهم وأعقاب البنادق تنهال على رؤوسهم قبل أجسادهم ليقتادوهم الى المجهول ؟؟ وقبل منتصف الليل بقليل عادوا محملين بالجراح ,, مضرجين بالدماء ممزقي الثياب ,, حفاة والكثير منهم شبه عراة ؟؟ مذعورين لم يعرفوا حتى بيوتهم ,, وعندما دونت من أحدهم لسؤاله أجابني على الفور لقد سلبوني كل شيء بعدما داسوا على كرامتي ,, قلت حينها لم يعد لدينا سوى الخيام الخيام الخيام ؟؟ فإلى الله المستجار ,, الى الله المستجار ..
إن كنا نحن قتلة ,, أذا أنتم من تكونون؟!!
نحن لسنا بقتلة ,, نحن كنا وما نزال وسنبقى مسلمون ومسالمون ,, بل أنتم القتلة ,, نعم كلكم قتـــلة، أينما كنتم وكيفما أصبحتم، وأينما أمسيتم كلكم قتـــلة إن أشرقتم أو أغربتم و إلى أي قبلة توجهتم، وفي أي كعبة صليتم ومثلما خلقتم ستعودون مرغمين مكرهين، مهزومين إلى حاكمنا وحاكمكم لأنكم أنتم القتـــلة.
لنا موعد عند بارئنا وبارئكم ، ستسحبون على أنوفكم إن لم يكن في الدنيا فاستعدوا لآخرتكم وأعدوا ما استطعتم من خطبكم عند ربنا وربكم ، نعم كلكم قتـــلة لماذا؟؟ اسألوا هوام صحاري مخيمات الجحيم كيف كان مذاق ذلنا وهواننا عليكم فهي ستجيبكم ,, اسألوا وحوش الصحراء عن طعم لحوم أولادنا ؟؟ ما هو لون دماء أبنائنا وإن ظللتم الطريق فعبق دماءنا سترشدكم كلكم قتـــلة.
يا حماة الدين والعروبة والعرض حتى الرياح يوما ستكشف عن عوراتكم، كلكم قتـــلة نعم كلكم قتــلة، سبع سنين ودمنا مستباح، سبع سنين وعرضنا مستباح، سبع سنين وأرواحنا معلقة بين السماء والأرض تشكوكم إلى ربكم، كلكم قتـــلة، سبع سنين وأيامنا حبلى بالمزيد من جلاديكم ، سبع سنين وأرضكم ضاقت بسجونكم وسجانيكم ، سبع سنين وأمة العربان نموت فيها وهي تحيا فينا، كلكم قتـــلة، كلكم قتـــلة.
نحن لحم ودم، نحن إحساس وشعور، نحن فرح وهم , وأنتم لن تحصدوا فينا إلاَ الغم , ولا تجنون منا سوى السم ، كلكم قتــلة، إنكم أصنام، إنكم خشب مسندة , لم أقلها أنا بل قالها يوما عمـر أبـو ريشــة ، أمتي كم من صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم لا يلام الذئـب في عـدوانه إن يك الراعي عدو الغنم نعم كلكم قتـــلة، إنكم أصنام وقصوركم مواخير، وشعوبكم حدث فلا حرج احسبوا معنا، كم مرة أذن للصلاة في مآذنكم ، كم مسلم ركع في جوامعكم ، كم من مؤمن سجد لرب الأنام ، كم خطبة جمعة أقيمت في مساجدكم ، كم شهر لرمضان حل في بلدانكم ، كم عيد فطر به احتفلتم ، وكم عيد أضحى ضحيتم فيه فينا وما ضحيتم لربكم ، كم مرة احتفلتم بعيد مولد نبي أمتنا وأمتكم، كم وكم وكم ونحن نحمل جراحنا وتحملنا، شاهد عليكم مخيم العودة , الوليد، التنف، الهول، الرويشد، إنها دويلات من ورق وخيام من صنيعة أزلامك.
سبع سنين وما زلنا فيها نعض وتعض علينا جراحنا، سبع سنين ولم نزل نمسح دموعنا بآهاتنا ، سبع سنين نمني أنفسنا أن تصحوا يوما على أنين أمهاتنا ، كلكم قتـــلة ، لم أقلها أنا بل قالها يوما مظفــر النــواب القدس عروس عروبتكم ، فلماذا أدخلتم كل زنات الليل إلى حجرتها ,, وبقية ما قال ما زالت منقوشة على جباهكم ، يا لعزكم وفخركم وزهوكم ونصركم، نعم نحن المهزومين ولكن فقط في ضمائركم ، كلكم قتـــلة ، نحن المنتصرون في نظر كل من خلق الله لهم عيون ، كلكم قتـــلة.
كلنا مدانون ؟؟ كلنا متهمون ؟؟ الى أن تثبت إدانتنا ؟؟ فقائمة الاتهام طويلة ؟؟ ومحاضر الادانة أطول ؟؟ أنتم عرب فتلك جريمة ؟؟ أنتم فلسطينيون فهذه جريمة ما بعدها جريمة ,, أنتم مسلمون لذا دمكم مهدور ؟؟ أنتم صداميون وكأننا كنا نعيش في بلد كان يحكمها عيدي أمين ؟؟ أنتم بعثيون وهل نحن جئنا به أم أننا كنا نعيش في بلد التعددية الحزبية لنا ولكم ؟؟ أنتم إرهابيون وهل أثبتم يوما أننا قتلنا فيك يا عراق قطة على قارعة الطريق خلال كل تلك السنين ؟؟ أنتم سبب الاحتلال هل نحن من جاء به أو صفق له في الطرقات أو لوح له بعلامة النصر من فوق الجبال ؟؟ أنتم ؟؟ أنتم ؟؟ أنتم ؟؟ سنقول لكم من نحن؟؟
نحن فلسطينيو العراق ما زالنا نلوك الموت على أيديكم ويلوكنا فلا هو قادر على ابتلاعنا ولا نحن لليوم سائغيه، نعتصرالأيام لنختزل الآهات والآلام والحسرات ، لتلد فينا الساعات المزيد من الوفيات , ليعلم الكون كله الآن لمَ نحن اخترنا المخيمات ؟؟ مخيمات الجحيم ؟؟ لأننا نحن لم نقتل الحسين ( رضي الله عنه ) ولأننا سنبقى نكبر بكلمة الله أكبر ,, الله أكبر ,, الله أكبر ... وللحديث بقية ,, إن كان هنالك في العمر بقية إن شاء الله ,,,
بقلم: جمال أبو النسب
الولايات المتحدة الأمريكية / كليفورنيا
25/1/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"