في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، نذكر بمأساة اللاجئين المقيمين في العراق، وبالذات الذين هربوا من الموت المحقق، ويعيشون في مخيم النتف في المنطقة الحرام، على الحدود بين سوريا والعراق، إذ لم يعد أحد يتذكر مأساتهم، بعد أن هربوا من جحيم ميليشيات الغدر، والتجأوا إلى هذا المخيم منذ عامين ونصف العام.
لا أحد يتذكر أو يريد أن يتذكر، ونقصد أولا الجامعة العربية، ثم الدول العربية، والتي لم تقدم لهم ولو رغيف خبز واحد لهم، ولم يرسلوا ولو مجرد وفد رسمي للإطلاع على أحوال 748 فلسطينيا، نكبوا نكبة جديدة على يد الصفويين الجدد، ولم تفلح المفاوضات التي أجرتها وكالة الغوث في إقناع ولو دولة عربية واحدة في استضافتهم، في حين نجحت المفوضية الأوروبية في إقناع العديد من الدول الأوروبية، وخاصة السويد وسويسرا، في قبول أعداد كبيرة منهم، إضافة إلى دول أخرى غير أوروبية، نقلوا إليها حيث توزعوا على حوالي 50 دولة، نذكر منها تشيلي والهند.
إنها نكبة جديدة، هجرة جديدة، و«ترانسفير» جديد، كما يجمع سكان المخيم، الذين نجوا حتى الآن من الموت المحقق مرتين: الأولى: على يد ميليشيات الشيعة «بدر والذيب»، والثانية: من الأمراض التي تفشت في المخيم، وجاءت السيول لتجرفه، وتجرف الخيام، وما تحتوي من بقايا طعام، أو شراب، أو ملابس، وبطانيات، ليصبحوا في العراء، فالمأساة التي عانوها عام 1948 على يد الصهاينة المجرمين، تكرر هذه المرة، وربما بمذاق اشد مرارة، على يد الأشقاء.
ونسأل، لماذا لا تقوم الدول العربية باستضافة بضع مئات استضافة مؤقتة؟ وهي تستضيف ملايين الهند والباكستانيين والبنغاليين والفلبينيين ومن كل أجناس الأرض؟ ولماذا ترفض مجرد زيارتهم، في مخيمات البؤس والشقاء؟ ولماذا لم تقم هذه الدول وعن طريق أميركا، التي تباهي بمسؤوليتها عن حماية حقوق الإنسان، وهي أيضا صديقة للجميع، بإجبار حكومة العراق، وهي صنيعتها، بالسماح لهم بالعودة إلى مساكنهم، التي يسكنون منذ عام 1948، كما أجبرتها على ضمان سلامة أعضاء منظمة مجاهدي خلق، ...،، ونسأل أيضا أين هو الدور الإيراني، وهي الدولة الوحيدة القادرة على إجبار أتباعها في العراق، على حماية الفلسطينيين، وعدم التعرض إليهم، ؟؟ إذا كانت حريصة فعلا على فلسطين، والقضية الفلسطينية؟ معاناة اللاجئين الفلسطينيين، في مخيمات النتف، والهول، والوليد، والتي نقلت جزءاً منها الفضائيات والصحفيون، الذين زاروا المخيمات، بعدما جرفتها السيول، ستبقى عارا يلطخ وجه حكومة بغداد، والعرب بعامة، الذين لم يقدموا حتى الآن على عمل جدي، لإنهاء مأساتهم، ومعاملتهم كبشر، ولا نقول كأهل، وإخوان، وأبناء دين واحد، وتاريخ واحد، ودم ومصير واحد.
مأساة أهلنا في مخيم النتف، ستضاف إلى باقي مآسي مخيمات الشتات، وتذكرنا بتل الزعتر، ومأساة اللاجئين الفلسطينيين في أربعة أرجاء المعمورة، وتدعونا جميعاً للتمسك بحق العودة، كحل وحيد للخروج من جحيم المعاناة التي يعيشون، والتي ارتسمت قبل 60 عاماً، وها هي فصولها تتوالي، في مخيمات اللجوء والشتات، وتصل إلى حد إنكار حق الفلسطينيين في الحياة، كما تصر المليشيات الصفوية. الفلسطينيون في مخيم النتف، ورغم هول المأساة، التي تطبق عليهم، وبصورة مريعة، يصرون على حب الحياة، فأقاموا 25 حفل زفاف، واستقبلوا 20 مولوداً جديداً، وافتتحوا مدرسة تضم 183 طالباً، وبعضهم يصر على مواصلة دراسته العليا «5 منهم يحملون شهادة الماجستير، وواحد يحضر لدرجة الدكتوراة «إنهم يحبون الحياة، ومن أجل الحياة سيعودون إلى فلسطين طال الزمان أو قصر.
1/12/2008