قبرص ماجئناكي خوفا من الموت انما اصرار على الحياة- ابراهيم محمد زياد

بواسطة قراءة 2105
قبرص ماجئناكي خوفا من الموت انما اصرار على الحياة- ابراهيم محمد زياد
قبرص ماجئناكي خوفا من الموت انما اصرار على الحياة- ابراهيم محمد زياد

في قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا))[النساء:97]؟

ان هذه الاية العظيمة توضح حقيقة هجرتنا من المواطن التي حللنا بها ما دون وطننا الاصلي الذي هجرنا منه قصرا وظلما وبهتانا وقد كتب علينا ان نكون دون باقي الامم امة الشهداء والمجاهدين لاننا اصحاب حق منتهب وارادة مسلوبة مما دعتنا الضرورة الى ان ندافع عن حقنا بكل ما اوتينا من قوة لاسترداد كرامتنا التي تهان على ارضنا الام فلسطين ومن هنا اصبحنا لا نشعر بلذة الحياة من دون وطن نلجا اليه فشتتونا وهجرونا بغية الخلاص منا والتفرقة بيننا ولم ينجحوا فلجاوا الى استخدام القتل على الهوية للخلاص منا حتى في دول الشتتات للخلاص من امة ستنهض في يوم ما وتهدد عروشهم وتعلي كلمة الحق المسلوبة وهذا كان سبب جرحنا وسبب تهدد فيه ارواحنا وسبب حلنا وترحالنا وليس خوفا من الموت او حبا للنزهة او طمعا بالمال كما قيل بحقنا كي تهمش قضيتنا.

 ولكن قسماً بالذي رفع السماء بلا عمد والأرض بلا مدد أننا لا نهاب موت يمزقنا ولا قصفاً يرعبنا وإنا للموت زاحفون هذا هو مبدانا واننا على نهج الحبيب المصطفى قائمون ولجانا الى بلدان ليست لنا طمعا لحماية اطفالنا وشيوخنا وتامين على استمرارية بقائنا كي لا نندثر وننسى وتندثر معنا قضيتنا او تنسى فما ضاع حق قط ورائه مطالب وحقنا يكمل بالعودة الى ديارنا وارضنا المسلوبة منا بالقوة حيث يقول سبحانه وتعالى الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.صدق الله العظيم .

وهكذا كنا ممن لجا الى جزيرة قبرص طلبا للحماية فقط لا غير ولكن فوجئنا بسلسلة من الحملات التروعية والاستفزازية واساليب تهجمية لا تهدف الا لغاية واحدة الا وهي اعادتنا الى حيث الهلاك وحيث تقطع الاعناق بالباطل.

اعادتنا الى مكان حيث ان هويتنا هي سبب ما جرى لنا من ماسي واعتقالات وقتل كله من اجل اننا نحمل هوية كتب عليها انا فلسطيني وكانها مؤامرة تهدف الى قتلنا من اجل ان تندثر قضيتنا الاساس ففوجئنا بقرارات سحب الحمايات واغلاق الملفات واعتبارنا مهاجرين غير شرعيين وذالك لاجل ترحيلنا الى العراق قصرا ومن يرفض ذلك يعاقب اشد عقاب الا وهو قطع المعونة والرزق عن اطفاله وعائلته وتخيره بخيارين هدفهما واحد اما الجوء الى الشارع هو وعائلته ومن ثم اعتقاله وترحيله او القبول بالترحيل القصري وتوقيع ورقة يقول فيها اني راحل بمحض ارادتي وهذا هو الظلم بعينه.

فان لم نقبل فان الخناقات ستزداد اكثر وسياسة التهجير ستلاحظها من خلال جميع دوائر التي تعنى بحقوق الانسان والتي تهدف الى ازهاقنا وارغامنا الى العودة من حيث اتينا وبداوا يبتدعون ويختلقون قوانين تهدف الى ادانتنا وترويعنا وتعمل على سلب حقوقنا من خلال سحب الاوراق الرسمية واغلاق الملفات ومطالبتنا بالعمل وكيف العمل وكيف نعمل وقد شوهوا صورتنا في اعلامهم وادعوا باننا ارهاب ومخربين وحقدوا الراي العام ضدنا اعلاميا ويقولون لنا اعملوا وكيف لنا ان نعمل ومكتب تشغيل اللاجئين يحكمه زمرة من العنصريين وبعض اعوانهم للقص منا وترويعنا واستفزازنا.

وكيف نعمل في بلد تجاوزت نسبة البطالة فيها الستون بالمئة وكيف نعمل وقد رموا شهاداتنا وخبراتنا التي تعبنا للحصول عليها عرض الحائط وداسوا عليها قائلين انهم لا يعترفون بها فطبيبنا يساوي المزارع عندهم والباقين ما دون وكيف نعمل وعدم المساواة والتمييز بيننا وبينهم قائم وكيف نعمل ولديهم الاف المهاجرين واللاجئين من مختلف الجنسيات يعملون باقل من الاجور المقررة وكيف نعمل لا يعطوننا اوراق ثبوتية تؤهلنا للعمل وكيف وكيف وقلة منا استطاعوا رغم كل تلك العقبات العمل واما الباقين فقطع المعونة عنهم هو اسهل امر يمكنهم فعله واغلاق ملفاتهم وعلهم يتمنون العودة للموت بدل من الذل والمشقة من اجل العيش دون ان تراعي منظماتهم الانسانية انه لدينا اطفال وشيوخ ونساء.

ان هذا الضغط التام من التعسفية في اتخاذ القرارات وغياب المنظمات الدولية التي تحاسب على هذه الانتهاكات جعلتهم يتمادون بظلمهم لنا واستمرار ايذائنا مما دفع شبابنا الى الهجرة عابرين المحيط الى استراليا ومنا من اخذ عائلته وذهب لطلب العون والنجدة من المنظمات الانسانية في سوريا ومنا من لم يتحمل كل ذلك وقرر الخلاص من خلال العودة الى العراق البلد المضيف وليس البلد الاصلي حيث الهلاك بانتظاره ومنا من لا زال يتخبط بالقرارات التعسفية والتي هدفها سد الملفات وارغامنا على الترحيل والعودة.

هذا الضرر النفسي والمادي والاحباط الذي نعانيه كل يوم هنا في قبرص وارغمنا على تحمل ما لا طاقة لنا على تحمله الا وهو رؤية اطفالنا وهم لا يمتلكون ابسط مقومات الحياة وفاقدين لشيئ اسمه المستقبل فظهر منا من حاول العمل معهم لضمان مستقبله راميا مبداه عرض الحائط وخوفا من ان تصيبه اذى القرارات المتعسفة والظالمة بحقنا ان هذه هي الصورة الحقيقية لما يجري لنا اليوم من معاناة في جزيرة قبرص ونحن الذين عانينا ما عانينا لسبب واحد هو اننا فلسطينيون طلبنا منهم ان نعود لديارنا المحتلة فردوا علينا بقساوة القرارات الا وهي ان تموتوا اما مقطوعي الاعناق او مقطوعي الارزاق فخيرونا بين الموت والموت وهم لا يعلمون باننا لا نهاب الموت انما مصرين على حق العودة وان طال الزمان بنا واختم مقالي بقوله تعالى لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)

وهي صورة صادقة تبرز فيها أهم الملامح المميزة للمهاجرين . . أخرجوا إخراجا من ديارهم وأموالهم . أكرههم على الخروج الأذى والاضطهاد والتنكر من قرابتهم . لا لذنب إلا أن يقولوا ربنا الله . . . وقد خرجوا تاركين ديارهم وأموالهم (يبتغون فضلا من الله ورضوانا)اعتمادهم على الله في فضله والله على القوم الظالمين .

 

بقلم ابراهيم محمد زياد

13/5/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"