قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج4- رشيد جبر الأسعد " وثائق وصور"

بواسطة قراءة 11341
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج4- رشيد جبر الأسعد " وثائق وصور"
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج4- رشيد جبر الأسعد " وثائق وصور"

قرى مجاورة لقرية إجزم أو قريبة منها...

المبحث الاول

قرى عين غزال وجبع والمزار والطنطورة

بعد ان بينت بمعلومات موجزة عن حيفا، حيفا القضاء واللواء والمدينة والادارة والميناء الأم، واهمية حيفا الحضارية والاقتصادية، واسماء القرى التابعة لها، واسماء عشائر حيفا وبعضا ممن اقام فيها من اهل قرية اجزم، لا باس من ان نتناول عدد من قرى حيفا، المجاورة لقرية اجزم، او القريبة منها في اعطاء صورة عامة موجزة عن هذه القرى الابية المعطاء وان معظم سكان هذه القرى لهم مع سكان قرية اجزم والمنارة علاقات اخوة وصداقة ونضال وكفاح مشترك، علاقات اخوية حميمة ومصاهرة وتفاعل اجتماعي في بناء الوطن عبر عشرات السنين، فالمنطقة واحدة، والقضاء والساحل واحد، والهم المشترك واحد، من هذه القرى التي تناولتها بلمحة تاريخية وسياسية عامة، هي:

1- قرية عين غزال.

2- قرية جبع.

3- قرية المزار.

4- قرية الطنطورة.

5- قرية عتليت.

6- قرية أم الزينات.

7- قرية عين حوض.

8- قرية كفر لام.

 

قرية عين غزال

تقع قرية عين غزال جنوبي قضاء حيفا، لا يفصلها عن الساحل سوى 4كم، اما شمالها وعلى 5كم من حيفا تقع الطيرة وشمالي قرية عين غزال على بعد 6كم تبعد قرية عتليت، ومن بين القرى تقع شمال وشمال شرقي عين غزال قرية عسفيا ودالية الكرمل وعين حوض والمزار وكلها تقع على مشارف جبل كرمل وهي مشهورة بالزراعة.والى الغرب من عين غزال وعلى مسافة لا تتجاوز 7كم تقع قريتان متجاورتان على شاطئ البحر وكأنهما توأمان هما الصرفند وكفرلام، أراضيهما تقع لصق ومجاورة تماما لأراضي عين غزال.[1]

تقع الى الشمال والشمالي الشرقي على مقربة من عين غزال قرية جبع أنشئت قرية عين غزال قبل 600 عام الى جوار عين ماء كانت الغزلان ترد إليها من الإحراج والبساتين المجاورة، وما زالت هذه العين باقية وسط حطام القرية الى اليوم.


عدد سكان القرية عام 1922م هو 1046 نسمة، وفي عام 1931م بلغ 1439 نسمة، لهم 247 بيتا، يدخل في هذا الاحصاء سكان (السوامر) جنوب عين غزال، وكانت السوامر في العهد العثماني قرية عامرة، وموقعها اليوم يعرف باسم (الشيخ ماضي) وتحتوي السوامر على اكوام حجارة ومغور (مغر)ومدافن و وبئر.[2]

وفي عام 1945م ارتفع عدد السكان في عين غزال إلى 2170 نسمة، تأسس فيها عام 1303هـ مدرسة ابتدائية في ابان الحكم العثماني. وفي عام 1943 كان اعلى صف فيها الرابع الابتدائي، وقد احدثت فيها مدرسة للإناث ونادي ثقافيا ورياضيا.

وفي الاحصاء الرسمي البريطاني الذي يذكر الاعداد غير الحقيقية والتي هي اقل من الحقيقة بكثير بنسبة (10 – 15 %) حسب مصادر الهيئة العربية العليا لفلسطين، يذكر ان نفوس سكان عين غزال 2335 نسمة.

يوم 22/4/1948 حتى سقوط القرى الثلاث اواخر تموز 1948، ان هذه الفترةهي فترة صمود ومقاومة وبذل في امكانيات تسليحية بسيطة شبه معدومة.. والحمد لله..انها مقاومة أسطورية مشرفة.. يجب ان تعرفها الاجيال وتحتذي بآبائها وأجدادها الكرام..


بعد قصف صهيوني مدفعي قوي عشوائي مستمر ومتواصل برا وبحرا وجوا على هذه القرية الباسلة ولمدة ثلاثة ايام متتالية تقدمت بعدها المشاة الصهيونية المسلحة المنظمة المدربة واحتلوا القرية.. بعد ان قاوم اهلها واستشهد من اهل عين غزال اكثر من مائة مقاتل شهيد من ابناء قرية عين غزال وبعضهم من قرية اجزم وجبع واسر العديد منهم، فاحتلها العدو الصهيوني في 19/7/1948 ودمر بيوتها واقام مستعمرة باسم (عين ايلات)على بعد 3كم جنوب شرقي البلدة.[3][4]

وهذا رأي الموسوعة الفلسطينية وانما الحقيقة تم احتلال قريتي عين غزال وجبع يوم 26/7/1948 واجزم يوم 27/7/1948 حسب المصادر الوثيقة العديدة.

وكانت قرية اجزم وأهلها قد لعبوا دورا ملحوظا وحاسما في حرب فلسطين 1948 لموقعها الهام على طريق شوارع المواصلات الرئيسة بين حيفا وتل أبيب بين حيفا وعدة مستوطنات قريبة من تل ابيب، وقد نشبت عدة معارك واشتباكات مع قوافل العدو الصهيوني، وبذل العدو جهده لاحتلال البلدة وهي صامدة شامخة مع اختيها قريتا جبع وعين غزال [5].

كتب الأديب نواف أبو الهيجا (أبو خالد) تحت عنوان (كرمليات) متطرقا إلى الكرمل والى عين غزال، كتب:

(التوأم، المسكون بالحرف المتقدم، بالمعرفة، عيون المجاورين على (المدرسة) و (ختمة) المصحف العنوان.

شعراء من ولدوا، وهم النقاد، انها المسقط الوفير لشلال الكلمات التي لا تموت، والبستان الجاثم في حضن ارض الله – المحبة، انها الجوهرة الحبلى بالمعرفة والخير في الاتي من زوادة الام الحنون،ايها الحراث المتعب، ان لك ان تمسح حبيبات العرق، وتصغي إلى هاجس الشاعر الأتي، قبل ان تتلقفه الأرض الواسعة في التغريبة الطويلة، قبل ان يحلم بالشوك اكليلا، يتهاوى على راس السيد المغرور[6].

تبلغ مساحة قرية عين غزال والأراضي التابعة لها 18000 دونما تنتهي حدودها في الشمال والشرق عند حدود اراضي اجزم وفي الغرب عند حدود أراضي كفرلام و الطنطورة، بينما حدودها في الجنوب تنتهي عند حدود ثلاث مستعمرات: (الشفيه وزمارين وام الجمال) هذه أصلا هي قرى ومواقع عربية إسلامية فلسطينية ولكن الانكليز تأمروا على البلاد والعباد وسلم هذه وغيرها للصهاينة.

أما النشاط الاقتصادي والحياة الاقتصادية في القرية فقد اعتمد أهلها على تربية المواشي والزراعة، شأنهم شأن معظم قرى الوطن الفلسطيني، وقسم من ابناء عين غزال يعملون في الخدمات والوظائف الإدارية والحكومية في حيفا وغيرها، يعملون كإداريين وحرفيين وفنيين.

في الأربعينات تـم حفر بئر حومي في عين غزال وهو مشروع نهوض يقضي بايصال المياه عبر انابيب (كلفنايز) للشرب وغيره لتشرب القرية عين غزال ومعها قرية اجزم، وتم قطع مراحل متقدمه من المشروع واصبح قاب قوسين او ادنى من الانتهاء من مشروع اسالة الماء ولادخاله في البيوت، بيوت قريتي عين غزال ثـم اجزم، بعد بذل الجهود من الخيرين واهل عين غزال واخوانهم بالذات .. لكن كانت نكبة 1948 على الأبواب عطل مشروع ويا فرحة ما تمت والحمد لله الذي لا يحمد عل مكروه سواه.

ساهم ابناء قرية عين غزال الشجعان في الجهاد والكفاح المسلح ضد المشروع البريطاني – الصهيوني، منذ وعد بفلور المشؤوم عام 1917 حتى العام 1948م.وبرز منهم قادة وابطال وشهداء ابرار.. حملوا السلاح لمقاومة قوى الشرك والعدوان، قوى الكفر والظلام.. قبل وبعد العام 1948.


وكانت هناك عمليات مقاومة ضد عصابات الصهاينة والانكليز، عمليات قتالية مشتركة بين اهل عين غزال وجبع واجزم وغيرها من القرى حسب ظروف المقاومة.. وكانت هناك عمليات مقاومة ضد عصابات الصهاينة والانكليز، عمليات قتالية مشتركة بين أهل عين غزال وجبع واجزم والتي اطلق عليها العدو الغاصب (مثلث الرعب)، اي مثلث الصمود والمقاومة، هؤلاء الاحرار سكان القرى الثلاث الذين ناوشدوا.. وصمدوا.. وقاوموا.. وقاتلوا.. قرابة الثلاثة اشهر مستمرة.. بثقلها.. بعسرها.. بلياليها.. حتى نهاية شهر تموز (رمضان) 1948 وكان سقوط حيفا يوم 22/4/1948 م.وعلى المرء ان يحسب وإن يقيس ان هذه الفترة الزمنية من سقوط حيفا.

برز إعلام وعلماء وأفاضل ووجهاء من أهل قرية عين غزال، منهم الشيخ القاضي محمد مفلح السعد، ومحمد راجح الجدعان، والقائد سليم ألصعبي، ومحمود القاسم والمجاهد عبد الرحمن عبد الله المعروف بعبد الزايط والشيخ محسن السعد رائد الكتاتيب والتربوي القدير وطليعة المعلمين في المسجد والقرية في العشرينيات من القرن الماضي..، والتربوي الشيخ احمد سلامة والمختار محمد خالد العبد الله والمختار ابو زليخة والاديب الناقد احسان عباس [7] وضع قبل وفاته بسنوات كتابه الموسوم: (غربة الراعي) وهو اشبه بمذكرات وذكريات عن القرية.. وخالد محمد خالد، حفيد العبد الله والدكتوره هند حسين طه والشاعر خالد علي مصطفى والشيخ فضل علي مصطفى والفنان عباس علي مصطفى والاديب الدكتور توفيق المرعي والصحفية سرى عباس والشاعر محمد حسن حسون والدكتور محمد حسن عصفوروالأعلامي أبراهيم بكر أبراهيم والكاتب عماد أبوالسعود وفتح الله عباس وفخري عباس وعشرات غيرهم أعلام.

في كتاب قسطنطين خمار حول (أسماء الأماكن والمواقع والمعالم الطبيعية والبشرية والجغرافية) في فلسطين حتى عام 1948 جاء فيه حول عين غزال صفحة (177):

 

قرية جبع

اسم جبع قديم بمعنى الجبل او التلة، تقع في جنوب حيفا، مساحتها 60 دونما، تقع بين اقرب قريتين لها هما: الصرفند واجزم.

عرفت ايام الرومان باسم (cabata) من اعمال دوراdoraاي الطنطورة سابقا.

لجبع اراضي مساحتها 7012 دونما منها 206 للطرق والوديان ولا يملك الصهاينة اي شبر واحد فيها، غرس الزيتون فيها بمساحة 710 دونمات، تحيط باراضي قرية جبع قرى (المزار والصرفند وعين غزال واجزم)، كان نفوس سكان جبع عام 1922م 523 نسمة، وفي عام 1931م بلغ العدد 762، وللجميع لهم 158 بيتا عام 1931 وفي عام 1945 ارتفع عدد سكان القرية الى 1140 نسمة، وفي عام 1948 ارتفع العدد الى 1240 نسمة.

تاسست في جبع عام 1303 هـ ايام العهد العثماني مدرسة ابتدائية وفي عام 1942 – 1943 المدرسي او الدراسي كان اعلى صف فيها هو الرابع الابتدائي ثم ارتفع فيها مستوى الدراسة، تحتوي جبع على مدافن اثرية تاريخية منقورة في الصخر، وبئر، ومغر، وهي بقايا قديمة في القرية وقطع فسيفسائية [8].


الجدير بالذكر ان هناك عدة قرى عربية في فلسطين تحمل نفس الاسم، ولكن يمكن تمييز الواحدة عن الاخرى من خلال ذكر القضاء الذي تعود له، هناك قرية جبع – جنين، وقرية جبع – القدس، وقرية جبع قضاء بيسان وتعرف ايضا باسم (خربة قومية)، وقريتنا التي نتحدث عنها نطلق عليها بهدف التعريف ب جبع – حيفا، وفي ظاهر جبع الجنوبي الغربي تقع (خربة استانيول) وفي جنوب هذه الخربة قريبا من جبع تقع (خربة المنارة يقطنها آل أسعد..)والذين يعودون في تبعيتهم الى قرية اجزم، وفي شمال قرية جبع تقع (خربة حرب).

وجبع اسم عربي كنعاني قديم اذ من الجذر (اجبع) الكنعاني، وهي تعني التلة او الجبل، وعرفت بالعهد الروماني باسم (جباتا) وهي قرية فلسطينية عربية على بعد 24 كم جنوب حيفا، تبعد عن الطريق العام الساحلي قرابه نصف كيلو متر نحو الشرق.




نشأت قرية جبع عند إقدام سفوح جبل الكرمل الغربية على ارتفاع 55 م عن سطح البحر، يمر بشمالها وادي المغارة العريق في القدم وتمتد القرية من الشمال الى الجنوب اي مع امتداد سفح الكرمل الغربي.

سلطات الانتداب البريطاني – سيئة الصيت – لم توفر للقرية اية خدمات عامة نافعة تذكر، لاخدمات صحية ولا تعليمية.. شان هذه القرية المهملة شان قرى فلسطين كلها.. فالانكليز كانوا (منشغلون) بتحقيق وعد بلفور المشؤوم.. لعصابات الصهاينة الارهابية المسلحة..

وليس في قرية جبع خدمات سوى المدرسة الابتدائية للذكور تم افتتاحها زمن الخلافة العثمانية، وتطورت المدرسة قليلا في عهد الانتداب ليكون اعلى صف فيها حتى الخامس الابتدائي فكان ياتي للدراسة لهذه المرحلة المتقدمة تلاميذ من قرية اجزم والمنارة وغيرها من الاماكن هذا في العام 1945 اعتمد سكان البلدة في معيشتهم على زراعة الحبوب والمحاصيل الزراعية الحقلية وزراعة الزيتون  على مساحة 710 دونمات عام 1945 اي بنسبة5,3 % من مساحة زراعته في قضاء حيفا.[9]

يوجد في القرية مطحنة (بابور) كما هو موجود في المنارة بابور لطحن الحبوب اعتمد عليها سكان القرى المجاورة.

عمل اهل قرية جبع الى جانب الزراعة، بتربية المواشي والنحل والدواجن، كما عمل العديد من سكانها خاصة المتعلمين والفنيين وأصحاب المهن في وظائف ادارية وخدمية في مرافق حيفا العامة في المجالات المهنية والفنية في القطاع الخاص والعام.

كتب الاديب نواف ابو الهيجا في الكرمليات عن قرية جبع فقال:

(الحجة في الدين، التقتير، لا ان (الجبعاوي) متين الارادة، فالبلد معجون بصلصال الكرمل، والصلصال مقدس.

انه خلاصة دم الشهيد، انه خلاصة الايام الاتية، فالشجر وافر، والسماء زرقاء، وحيفا ليست بعيدة، وألام مع الأب، يحلمان (بالموصلين) الشامي – والحلبي. انها حجة الناس ان يزعموا في الحرص البخل، وفي إصرار العناد، وفي الضحكة (الطليقة) انها تنتظر، هم ينتظرون وما بدلوا تبديلا.[10]

 انجبت قرية جبع اعلام وإبطال وما اكثرهم استذكر بعضهم من الابطال والاعلام القائد المجاهد محمد شعيب الشعبان ومحمد مصطفى الحمودي ونايف على اليوسف ومحمود مفلح (ابو علي) وعبد الله اليوسف، وطالب ابو زمك والعموري وابراهيم الناجي ومعيقل حسن ملحم والدكتور محمد شعبان والصحفي احمد محمود شعبان والبروفيسور سامي محمد ملحم والدكتور نبيل عبد القادر ملحم والكاتب عزالدين محمد ألفهيد والكاتب أنورالشيخ و الاعلامي والباحث الاكاديمي توفيق ابو الوفى وعشرات غيرهم من الاعلام.

في كتاب (اسماء الاماكن والمواقع والمعالم الطبيعية والبشرية والجغراقية) في فلسطين لمؤلفه قسطنطين خمار عن قرية جبع عام 1948 جاء فيه صحيفة،(60):

الاسم بالعربي الاسم(العبري)مصطلح الهوية الموقع الاسم العربي بالاتينية

 جبع جفع كرمل (ق)ق حيفاjaba

 

مفتاح العودة

الحاج شعبان احمد اليوسف من قرية جبع – حيفا مواليد 1888 م يحتفظ بمفتاح بيته ولم ولن  يتنازل عن بيته ووطنه، لم يتنازل عن حق العودة ولو حاربته كل قوى البغي والشر والظلام في الارض..ولما انتقل الى رحمة الله كان قد سلم المفتاح عهدة في امانة ابنائه مسعد وشعيب وعيسى وسليم ولما انتقل الى رحمة الله ابنائه مسعد وشعيب سلم المفتاح الى اولادهم.. حتى ياتي جيل الظفر والنصر.. جيل الايمان والعودة.. باذ ن الله.. لم يكن الحاج شعبان بعيدا عن الاحداث والنضال فقد عمل مع الثوار المقاومين وعمل من دكانه مستودع للاسلحة وفي حرب فلسطين وزع في هذا المخزن ما هو موجود من بنادق معدودة.. مع بعض الرصاص.. ان لكل فلسطيني دور مشرف في المقاومةوحرب فلسطين 1948..


(قصيدة مفتاح الدار في فلسطين)

لم يزل مفتاح بيتي في يدي

لم يزل احضن ذكرى بلدي

ما عرفت اليأس – يا جلاد – يوماً

هذه الانك اشحذها.. وهذا جلدي

لم تزل روحي تحيا املا

وسياط القهر تشوي جسدي

من عرفت الله لم اضعف لمخلوق ولا

ارتجي من غير ربي مددي

ايها القاتل يومي بؤبه

انت لا تقوى على قتل غدي

(فغدي مشرق باسم جميل قادم..) [11]

دور المرأة القروية

كثيرة هي الموقف الايجابية والمعطاء والشجاعة التي وقفتها المرأة الفلسطينية مع زوجها، فهي معه وبغيابه في مواسم الحصاد، ترسل له الطعام والماء والنقود والاخبار في الجبال والكهوف ومواقع المقاومة، تبذل كل جهدها لاسعاد زوجها. وكم من زوجة فلسطينية في فلسطين باعت مصوغاتها الذهبية لدعم المقاومة والعمل المسلح او لشراء قطعة سلاح وعلى سبيل – المثال – وليس الحصر هذه الحاجة غزالة باعت كل ذهبها ومصوغاتها وقدمت ثمنها لزوجها معيقل حسن ملحم من جبع حيفا الذي اشترى بالمال بندقية فرنسية وقد اشترك في حرب فلسطين 1948 وكان يسدد الاطلاقات على عصابات الصهاينة المسلحة فيصيب الهدف بدقة.. فتم قتل عدد من الصهاينة ...رأهم مجندلون في الارض الفتى محمد حسين البرماوي ..في حينها

خاض البطل معيقل ملحم المعارك مع إخوانه أبناء قرية جبع، لم تكتب له الشهادة.. في العام 1948 هاجر للعراق وعاش ببغداد تحت التكبة ومات قبل السبعينيات [12] وهو يتطلع للعودة ويامل بها..

 

قرية المزار

انها قرية المزار التابعة لقضاء حيفا، تحت قرية اجزم من الشمال الغربي، تقع على سفح جبل الكرمل الغربي على ارتفاع 100م من سطح البحر وتملك من الاراضي 7976 دونما خصص 100 دونم للبرتقال، وللخضروات والفواكه 45 دونما، بلغ عدد سكانها عام 1945م: 310 نسمة.

وهناك قرية تحمل نفس الاسم هي (المزار - جنين) واخرى المزار من اعمال القدس، في ثورة 1936 – 1939 التحررية الكبرى قامت سلطات الانتداب البريطاني الظالمة بهدم الكثير من المنازل التي تعود لعشيرة ال ماضي المتواجدون والملاكون في اجزم والمزار وحيفا والساحل وغيرها، عمل الانكليز على تشريد هذه العشيرة وملاحقة زعمائها لنشاطهم المتواصل وكفاحهم الدئوب في مقاومة المشروع الاستعماري الصهيوني، وحماستهم لدعم الثورة والمقاومة..

ذكر مروان الماضي في اهمال الانكليز للقرية فقال:

(ليس في القرية من خدمات حكومية، وكان الطلاب يذهبون الى مدرسة جبع للدراسة، فيها ).[13]

لعل اسم قرية المزار، اسم مفهوم واضح من تصريف الفعل (زار – يزور - مزار) يعود الى زمان الشيخ العبد الصالح المجاهد يحيى الذي رافق هو واخواه معاوية بن ابي سفيان في فتح قيسارية، والرواية تقول كما ذكرها الاستاذ مروان الماضي:

( ان الاخوة الثلاثة كانوا يرأسون زمرا من المجاهدين المسلمين والاخوة هم (الشيخ يحيى -الشيخ بريك – الشيخ عمير ) وكانت مهمتهم استطلاعية استكشافية للمنطقة الممتدة مابين عتليت وقيسارية، وقد توزع الاخوة مع مقاتليهم، وكل سار في جبهة، ويبدو ان الاراضي كانت موحلة في ذلك الوقت مما ادى الى اعاقة سير الجياد فرصدهم الرومان فنصبوا لهم الكمائن وهاجموهم وقتلوهم جميعا ودفن كل واحد من المشايخ الصحابة الكرام في المكان والموقع الذي استشهد ولاقى ربه فيه، هو وجماعته المجاهدون، فالشيخ يحيى دفن في قرية المزار والشيخ براك في خربة الشيخ بريك، والثالث الشيخ عمير في قرية جبع، الظاهر ان المكان الذي دفن فيه يحيى غلب على الموقع او الارض اسم المزار فسميت المزار،والشيخ بريك الارض التي دفن فيها سميت باسمه وجبع اسم تاريخي قديم بقيت على حالها والله اعلم.

وهناك قول اخر للتسمية وهو انها ضمت رفات المجاهدين والشهداء الذين لاقوا حتفهم في حروبهم مع الفرنجة في العصور الوسطى بجوار قرية عتليت [14]وهو نفس المغزى والمعنى.[15]

ذكر عنها قسطنطين خمار فكتب في الصفحة: 219

الاسم بالعربي الاسم(العبري)مصطلح الهوية الموقع الاسم العربي بالاتينية

 المزار قحيفا Almazar

من أعلام قريه المزار الأعلامي فريد السيد حجازي رئيس المجلس الأعلى الفلسطيني للرياضة والشباب والأعلامي ماجد توفيق العيساوي.وغيرهما.

 

قرية الطنطورة

تقع على ساحل البحر الابيض المتوسط الى الجنوب من قضاء حيفا، تبعد مساحة 28كم الى الجنوب، منها 3كم طرق فرعية تصلها بالطريق الرئيسية الساحلية وفي القرية محطة سكة حديد.

أنشأت القرية على انقاض المدينة الكنعانية القديمة (دورا) التي تقع خرائبها اليوم الشمال من القرية الحديثة، فكان لمدينة دورا شان في العهد الروماني واشتهرت كمركز تجاري بحري بين فلسطين ومصر، وذاعت شهرتها قديما باعمال وصناعة نسيج الحرير، وصبغة الارجوان كغيرها من المدن الساحلية الفلسطينية، وكانت الطنطورة ابان الحروب الصليبية نقطة دفاعية هامة، اقام فيها الفرنجة – الصليبيون [16] قلعة صغيرةاسموها (مرل) لاتزال باقيةفي شمال القرية.

الطنطورة مدينة كنعانية تاريخية اثرية عربية قديمة تضم الى جانب احد ابراج القلعة الفرنجية تلا اثريا وميناء قديما وبقايا ابنية ومدافن واعمدة وبقايا معمارية اخرى.

الطنطورة من البلدان الاثرية العامرة القديمة تقع جنوب قرية عين غزال تبعد عنها فقط 15 كم، احداثها التاريخية كثيرة وهي في موقعها على ساحل البحر اعطاها موقعا هاما ومركزا استريجيا، وقد اقيمت فيها القلاع في زمن الغزاة الطغاة الافرنجة، ومر بها نابليون اثناء تقهقره وهزيمته عند اسوار عكا خائبا خاسرا امام ايمان وبطولات صمود اهل عكا وفلسطين والشام..

فجن جنون نابليون هذه في اثناء عودته قام باحراق مزارع الطنطورة وهدم بيوتها، هذه البلدة الساحلية مشهورة بصيد الاسماك، وكان البارون الصهيوني – روتشيلد – قد اقام فيها مصنعا للزجاج بدعم من الانتداب البريطاني الا ان هذا المصنع كان مصيره كغيره الفشل، لعدم صلاحية تربتها لصناعة الزجاج، وقد اجرت المدرسة البريطانية الاثرية في القدس في الفترة ما بين عام 1923 – 1925 م حفريات اثرية كانت نتيجتها العثور على مجموعة من الفخاريات تعود الى مختلف الفترات والعهود التاريخية القديمة، بدا من العصر البرونزي الحديث، والعصر الحديدي، فيها تدمير ويبدو ان هذا التدمير الحق بالطنطورة اثناء الغارات التي قامت بها شعوب البحر، والتي اسفرت عن سقوط ممالك كثيرة كانت قائمة انذاك، كذلك عثر على فخار فلسطين قديم في المخلفات الحضارية للفلسطينيين في هذه القرية وهذه المنطقة الساحلية الهامة.[17][18]

في نكبة فلسطين عام 1948م، الحقيقة هي نكبة كل العرب والمسلمين والانسانيةجمعاء.. في هذا العام ارتكبت العصابات الصهيونية المسلحة وميليشاته الارهابية المدربة افظع مجزرة عرفتها فلسطين، لكن الصهاينة فرضوا عليها تكتيم اعلامي استمر طوال اكثر من مدة نصف قرن..إ ؟

مجزرة ارهابية وحشية راح ضحيتها المواطنين العزل من شيوخ ونساء وعجزة واطفال ومرضى ورجال وشباب عزل من السلاح ابرياء.. تم قتلهم بدم بارد.. مجزرة فاقت بهولها وبشاعتها مذبحة دير ياسين..؟ كان المجرمون الصهاينة يقولون لابن الطنطورة: احفر قبرك بأيدك وهم شاهرون السلاح ثم يطلقون عليه الرصاص ليمزق جسده الطاهر..[19]!!؟؟

بقيت هذه المذبحة البشعة بعيدة عن الانظار و الاعلام والصحافة.. انه الخبث والتكتم الصهيوني، لم تدون في الادبيات والمذكرات والتاريخ الفلسطيني والعربي والاسلامي حتى تم اكتشاف النقاب عنها في التسعينيات من القرن الماضي من قبل احد (اليهود) في تل ابيب عن طريق (تقديم اخبار تفاصيل المجزرة ضمن اطروحة دراسية).

وقد نشرت تفاصيل وشهادات شهود العيان والحدث الذين نجوا باعجوبة سجلت معهم مقابلات موثقة [20] قبل هذا التاريخ وهذا البحث لم يعرف العرب والعالم عنها شيئا حسب ما اعتقد.[21]

كان اهل الطنطورة الكرام يعيشون احداث النكبة والحرب، وقدموا كل ما يمكن تقديمه من تضحيات ومعارك، اجل قاوم سكان الطنطورة المشروع الصهيوني مثلهم مثل بقية قرى ومدن الوطن، وقدموا عشرات الشهداء والجرحى والاسرى.. ولم يستسلموا لعصابات الصهاينة..

نفوس سكان الطنطورة عام 1948 هو (1560) نسمة.

ذكرها قسطنطين خمار ان اسمها العربي هو الطنطورة وسيبقى هذا الاسم الفلسطيني العربي الاسلامي العريق.. سيبقى للابد..، اطلق عليها الصهاينة اسم (دالية) مصطلح الهوية (و) موقعها جنوب حيفا اما اسمها العربي في اللاتينية هو At-tanturah.

 

ابن قرية إجزم

الكاتب

رشيد جبر الأسعد

2012م

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] محمد راجح جدعان: عين غزال بلد الكفاح والنضال.

[2] مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين: ح 7 ق 2 ص: (189).

[3] الموسوعة الفلسطينية -عام – مجلد 3 ص 370.          

[4] لم يتم أحتلال عين غزال في 19/7/1948 وانما أحتلت وجبع يوم 26/7/1948 وفي اليوم التالي 27/7/1948 أحتلت اجزم وهذا نتيجة القصف الصهيوني العشوائي المكثف الشديد المتواصل ليل ونهار على كافة المستويات...            

[5] مروان الماضي: قرية اجزم الحمامة البيضاء، ص 172- 173.

[6] نواف ابو الهيجا: كرمليات، صحيفة الثورة 16/9/1993م بغداد.

[7] ولد احسان عباس في قرية عين غزال عام 1920 توفي في اب 2005 م، عن عمر يناهز 83 عاما عرف عنه كاتب وناقد وباحث له اكثر من 25 مؤلفا في الادب والنقد والتاريخ والثقافة اضافة الى عشرات البحوث والمقالات والمحاضرات، حضر عشرات الندوات والمؤتمرات العربية والعالمية..

[8] الوقائع الفلسطينية: ص: (1506).

[9] مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين: جزء 7 قسم 2 ص: (659).

[10] نواف ابو الهيجا: كرمليات، صحيفة (الثورة)، بغداد 16/9/1993 م.

[11] اعداد وتحرير: سمير محمود عطية: ديوان العودة، قصيدة للشاعر الفلسطيني عبد الغني التميمي، اصدار تجمع العودة الفلسطيني (واجب)، 1429 هـ - 2008 م، دمشق، سوريا، ص(63).

[12] عارف العارف: النكبة حـ 6 (سجل الخلود)، صفحة (88)، وذكر لي هذه التفاصيل من الوجيه الفلسطيني عبد الرؤوف ملحم (ابو حسين) وطالب احمد ابو زمق والعميد ثابت محمد مصطفى حمودي من جبع حيفا وغيرهم.

[13] مروان الماضي: قرية اجزم الحمامة البيضاء، صفحة: (173 - 174).

[14] مروان الماضي: قرية اجزم الحمامة البيضاء، صفحة: 174.

[15] راجع الموسوعة الفلسطينية، حـ 4 ص197.

[16] افضل استعمال كلمة واسم الافرنجة بلا عن الصليبيون وهذا ما سار عليه واتبعه مؤرخونا السابقون.

[17] الموسوعة الفلسطينية: عبد الكريم رافق: مجلد 3، عام ص: (188).

[18] راجع: محمد راجح الجدعان: عين غزال بلد الكفاح والنضال، ص: (16).

[19] هذا ما حدثني به المواطن الفلسطيني عبد الرؤوف ذيب ملحم (ابو حسين) من جبع – حيفا، له في الطنطورة – ابن اخت – واصدقاء. وكانوا بمثابة شهود أثبات على الجرائم الصهيونية.

[20] راجع التفاصيل المثيرة والمؤلمة حول هذه المجزرة التي ارتكبتها عصابات الاجرام الصهيونية واقوال شهود العيان والاثبات ما كتبه المدعو (الياس شوفاني): مجزرة الطنطورة في سياقها التاريخي، مجلة الدراسات الفلسطينية عدد صيف عام 2000م، اصدرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، صفحة: (101).

[21] الاستاذ مروان الماضي: في اجزم وتكملة في ص 167 عن بلدة الطنطورة، لم يذكر عن المجزرة لان احد لم يعرفها.. نتيجة التكتم الاعلامي الذي استمر نصف قرن.. ؟!