غربتي بين الحاضر والمجهول- زهير السبع

بواسطة قراءة 1798
غربتي بين الحاضر والمجهول- زهير السبع
غربتي بين الحاضر والمجهول- زهير السبع

عند مغادرتي العراق والرجوع اليه طبعا مع احتساب الفرق الشاسع بين الذهاب والاياب ،فهذا ما تعلمته من غربتي حين غادرت العراق متجها الى ارض (المجهول) وان جاز الكلام فالى محطة انتظار حقيرة باردة كالصقيع وخاصة اذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها تؤدي بنا الى المجهول فلاننا لا نعلم ما سنواجهه وما سيقدر لنا وما هو المكتوب فأن القدر كائن حي لا يموت وايضا ان القدر في اللغة اسم مصدر من قدر الشيء يقدره تقديرا وقيل انه مصدر من قدر يقدر قدرا وأما في الشرع فهو ما يقدره الله من القضاء ويحكم به من الامور.فما أعظم هذه الكلمة .

اني اضع بين ايديكم هذه السطور نستخلص ما بداخلها من عبر وحكم وقد تكون بمثابة نصائح نستفاد منها كما استفدت منها انا (فمن علمني حرفا ملكني عبدا).فتعلمني سنين الغربة وأتعلم، تعلمني كيف اعيش بصمت ولا اتكلم ،ولا حتى ابوح بسري وأتألم، فأصعب شعور انك تحس انك غريب وان الناس من حولك حاضرة فهذا اصعب شعور.

فسوف اسردها لحضراتكم على شكل نقاط تكلم نفسها بنفسها وبطريقة سلسه لكي لا نشعر بالملل لان في ايامنا هذه اصبحت النصيحة غزل واصبحت اخوة صداقة ابقينا الكلمات وقلبنا المفاهيم  كل على حسب رغبته :

اولا : الحلم:

لا تصدقــوا أن الأحلام بلا ثمن فبعض الأحلام ثمنها العمر .

ثانيا: التناسي:

تمثيلية غبية نمارسها على الآخريــن.. كي نثبت لهم أننا الأقــوى والأقدر على النسيــان.. إنها تجربة بطيئة ومملة من أجــل اختراع النسيان.. لكنها في معظم الأحيان.. تنجـــح!

ثالثا :الالم:

لنتألم قليلاً عند الفـــراق .. أو حتى كثيــراً ..ولنصرخ بصوت مرتفــع .. لكــن .. لماذا لا نعتبر هذه الصرخة .. صرخة الميـــلاد ..ونحاول استقــبال الحياة من جديد! حين تغيــب شمس أحلامــكم.. فلا تنتظروا شروق شمس جديـــدة.. فقد تتأخر عليكم كثــيراً.. و"حــــاولوا" أنتم أن تبحثوا عنها خلف غيــوم الأيام.. كي لا تضيع سنواتـــكم في ظلمة الانــتظــار!

رابعا: الخسارة:

خسرنـــاهم .. ورحلوا .. فأظلمت الدنيا في أعين قلوبنــا ..وضاق الوجود بنــا .. ونعلم جيداً أنهم لــن يعودوا يوماً ..إذاً .. "فلنحــــاول" أن نضيء النور مرة أخرى! وهذه البلاد تذكرنــا بهم ..فهل نهجر تلك البلاد التي شهدت يوماً فرحة لقاءنا بهم؟ أم نزرع في تلك البلاد وردة حمـــراء .. ونقول لها بامتنان أيتها البلاد.؟

خامسا: المحاولة:

هل "حـــاول" أحدكم وهو عائد إلى نفسه ..بعد أن شيّع جثمان حلم من أحلامه الجميــلة .. أن يمسح دمـــوع قلبه ..ويقبل رأســه في المرآة ..ويقدم لنفسه وردة حمـــراء ..ويردد بينه وبين نفسه:"اللهم أجرنــي في مصيبتـــي واخلفني خيراً منها"؟

سادسا:إذا كسرتك الأيام يوماً:

فحــــاول أن ترمم نفسك بنفسك .. ولا تمنع نفسك من البكـاء ..عند إحساسك برغبة البكـاء .. فقدرتك على البكـاء "نعمة .. يحسدك عليها أولئك الذين تبكيـــهم .. ولا يشعرون!.عند الألـــم..

سابعا : نطرق كل أبواب النسيــان :

فالبعض .. يبكي كي ينسى ..والبعض .. يضحك كي ينسى ..والبعض .. ينام كي ينسى ..والبعض .. يتحدث بصوت مرتفع كي ينسى ..والبعض .. يصمت كي ينسى ..والبعض .. يخون كي ينسى ..وهو أسوأ أنواع المحاولات .. لأنه بداية الألم وليس نهايته !!

ثامنا:وجوه :

لا تحصوا وجوههم كما يحصي البخيل دنانيره ودراهمه ..كي لا تصابوا بالإحباط عند اكتشاف إفلاس قلوبكم من تلك الوجوه ..و"حاولوا" أن ترسموا وجوههم في دفاتركم كالحكايات الجميلة ..واسردوها على قلوبكم قبل النـوم ..

تاسعا: إذا كان ماضـيك أسوداً أو مؤلماً:

فحاول" أن تحذفه من تاريخك نهائياً .. وتنكر له قدر استطاعتك ..وعش بلا ماضِ .. ولا تصدق أن الذي ليس له ماضي .. ليس له حاضر أو مستقبل أبداً.. فالحاضر والمستقبل يكونان أجمل وأفضل .. لو أنك تخلصت وأعلنت براءتك من ماضٍ سيء

عاشرا:لا تتحسس رأسك:

حين يُذكر الحـــزن أمامك .. وتظن أنك وحدك المقصود بالحديـــث .. فغيرك كثيــــر .. ولو لمحت مساحة الحزن والألم في داخلهم ..لأيقنت أنك أفضلهم .. وأتفههم ألماً ..

فهذا ما احببت ان انقله لكم لكي نكون دائما وابدا على اهبة الاستعداد لما سيواجهنا في المستقبل وفي هذا الزمان الغابر وفي هذه الغربة والشتات الذي فرض علينا. واخيرا اقول عش ما شئت فأنك ميت وأحبب من شئت فأنك مفارق وأعمل ما تشاء فأنك مجازى به.

 

زهير السبع

16/1/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"