الولاء والبراء في الإسلام – وليد ملحم

بواسطة قراءة 4357
الولاء والبراء في الإسلام – وليد ملحم
الولاء والبراء في الإسلام – وليد ملحم

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد:

فان توحيد الله هو من أعظم  اركان الدين وان الولاء والبراء  من أعمدة هذا الركن العظيم  وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض ما أبغضه الله ) .

وبسبب الاحداث التي تعرض لها أهلنا فلسطينيو العراق من انتهاكات وتهجير وايصاد البلدان العربية الأبواب دونهم الا قليل، اضطر كثير منهم للجوء الى البلاد الكافرة، ومن خلال تواصلنا مع كثير منهم تبين أن بعض اخواننا بدأ يتسلل اليه الاعجاب بما وصلوا اليه من حضارة دنيوية وربما تعدى الاعجاب الى الميل والمحبة وهذه تعتبر مسألة خطيرة وخلل في العقيدة .

فمهما وصل اليه الكفار من حضارة دنيوية فانها لا تعد شيئا امام كفرهم بالله ورسوله فان ليس بعد الكفر معصية قال تعالى " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون". وبسبب ما تعرض اليه اخواننا من ضيق وبلاء، فبعضهم ينبهر  بجانب من المشهد ويفوت عليه جوانب أخرى تفتقر اليها هذه المجتمعات الغربية، وبسبب هذه الحالة أحببت أن أبين شيء من جوانب عقيدة الولاء والبراء ليكون اخواننا على بينة فان العمر قصير والموت يأتي بغتة والاصل الدار الاخرة قال تعالى :"قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين *قال ان لبثتم الا قليلا لو كنتم تعلمون * أفحسبتم انا خلقناكم عبثا وأنكم الينا لاترجعون . فتعلى الله الملك الحق لا اله الا هو رب العرش الكريم . ومن يدع مع الله اله اخر لابرهان له به فانما حسابه عند ربه انه لايفلح الكافرون "(المؤمنون) .

معنى الولاء: هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم .

والبراء: هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق .

والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان وهو من أعمال القلوب لكن تظهر مقتضياته على اللسان والجوارح ، قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( من أحب لله وأبغض لله ، وأعطى لله ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ) [ أخرجه أبو داود ] .وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله , وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار ) رواه البخاري وقال ايضا ( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ) رواه أبو داود (صحيح الجامع 5965) فهذه الاحاديث تدل على أن الحب والمودة  لا تكون الا للمؤمنين  .

ونظرا للاهمية العظيمة لعقيدة الولاء والبراء فيذكرها القرآن تارة على اعتبار أنها الرابطة الإيمانية التي تجمع المؤمنين فتحثهم على فعل الصالحات، قال تعالى:"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم "(التوبة:71 )، ومرة يذكرها محذرا من الانسياق وراء تحالفات تضع المسلم جنبا لجنب مع الكافر في معاداة إخوانه المسلمين، قال تعالى :"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير "(آل عمران:28)، ومرة يذكر عقيدة الولاء والبراء على أنها الصبغة التي تصبغ المؤمنين ولا يمكن أن يتصفوا بما يناقضها، قال تعالى:"لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون "(المجادلة:22). إلى غير ذلك من الآيات.

وفي بيان أهمية هذه العقيدة يقول العلامة أبو الوفاء بن عقيل :( إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة) وحتى يكون المسلم على بينة من امره وحتى لا يقع فيما نهاه الله عنه من موالاة اعداء الله نذكر صور من هذه الموالاة :

1-ولاء الود والمحبة للكافرين: فقد نفى الله عز وجل وجود الإيمان عن كل من وادَّ الكافرين ووالاهم، قال تعالى : "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون "(المجادلة:22) . وقد سمعنا كثير من اخواننا من يصرح بأعجابه ومودته للكفار الذين يعيش في بلادهم وينعتهم بأوصاف العدالة وبأنهم احسن من العرب، وهذا أول الطريق وكما يقال مسافة الالف ميل تبدأ بخطوة وقال تعالى" ولا تتبعوا خطوات الشيطان " . وفي السيرة النبوية الشريفة نجد أن هناك بعض من كفار قريش قد وقف موقفا جيدا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان حفظ جميلهم ورده اليهم في موقف آخر دون أن يمدحهم ويطري عليهم ويصحح مذهبهم  فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسرى بدر) لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له ) رواه البخاري.  وذلك لان المطعم بن عدي كان قد حمى الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رجع من الطائف كما ذكرت كتب السير فكان من رد الجميل ان الرسول صلى الله عليه وسلم  قال لو كلمني المطعم بن عدي في اسارى بدر لاطلقتهم له. ولكنه أي المطعم بن عدي كان قد مات . ومن المواقف ايضا ما ذكرته كتب السير غدا زهير بن أبي أمية عليه حلة ، فطاف بالبيت سبعا ؛ ثم أقبل على الناس فقال ‏‏:‏‏ يا أهل مكة ، أنأكل الطعام ونلبس الثياب ، وبنو هاشم هلكى لا يُباع ولا يُبتاع منهم ( اي عندما قاطعتهم قريش ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم)، والله لا أقعد حتى تُشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة ‏‏.‏‏

قال أبو جهل ‏‏:‏‏ وكان في ناحية المسجد ‏‏:‏‏ كذبت والله ولا تشق ؛ قال زمعة بن الأسود ‏‏:‏‏ أنت والله أكذب ، ما رضينا كتابها حيث كتبت ؛ قال أبو البختري ‏‏:‏‏ صدق زمعة ، لا نرضى ما كتب فيها ، ولا نقر به ؛ قال المطعم بن عدي ‏‏:‏‏ صدقتما وكذب من قال غير ذلك ، نبرأ إلى الله منها ، ومما كتب فيها . ففي معركة بدر وصى الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بعدم قتل ابو البختري وقد كان في صف الكفار وذلك لانه وقف في صف من مزق صحيفة مقاطعة بني هاشم . فقد حفظ لهم الرسول صلى الله عليهم الجميل دون مودتهم ولا حبهم ولا تصحيح مذهبم فلتكن اخي المسلم على بينة من امرك .

2- ولاء النصرة والتأييد للكافرين على المسلمين: ذلك أن الإسلام لا يقبل أن يقف المسلم في خندق واحد مع الكافر ضد إخوانه المسلمين، قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا "(النساء:144)، وقال أيضاً : "ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون "(المائدة:81 ).

3- تنصيب الكافرين أولياء أو حكاما أو متسلطين بأي نوع من التسلط على المسلمين: قال تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" (النساء:141)، ولأن أبا موسى الأشعري قدم على عمر رضي الله عنه ومعه كاتب نصراني فانتهره عمر وقال : " لا تأمنوهم وقد خونهم الله، ولا تدنوهم وقد أبعدهم الله، ولا تعزوهم وقد أذلهم الله " ويقول النووي فيما نقله صاحب الكفاية: " لأن الله تعالى قد فسّقهم فمن ائتمنهم فقد خالف الله ورسوله وقد وثق بمن خونه الله تعالى ".

4- اتخاذهم أصدقاء وأصفياء: قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون }(آل عمران:118) قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: " لا تتخذوا أولياء وأصدقاء لأنفسكم من دونكم، يقول: من دون أهل دينكم وملتكم، يعني من غير المؤمنين .. فنهى الله المؤمنين به أن يتخذوا من الكفار به أخلاء وأصفياء، ثم عرفهم ما هم منطوون عليه من الغش والخيانة، وبغيهم إياهم الغوائل، فحذرهم بذلك منهم ومن مخالتهم".

5-  البقاء في ديار الكفر دون عذر مع عدم القدرة على إقامة شعائر الإسلام: قال تعالى: { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا } (النساء:97-98).

6-  التشبه بهم في هديهم الظاهر ومشاركتهم أعيادهم: قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود .

هذه مقتطفات من عقيدة الولاء والبراء والموضوع طويل ومن اراد الزيادة فليبحث بشبكة الانترنت فهناك بحوث وكتب مطولة عن هذا الموضوع وتفصيلاته ولكن هذه عجالة.

اخي المسلم ان اهم ما يملكه الانسان هو دينه لانه هو الذي يسأل عنه امام الله ونحن نقدر اضطرار كثير من اخواننا للعيش بهذه الدول ولكن ليكون المسلم على حذر وبينة من ان يوالي أعداء الله موالاة محبة واعجاب ونصرة ولا يفهم من كلامي ان نعتدي او نظلم الذين نعيش بكنفهم من الكفار لا فديننا دين العدل ولطالما عاش اليهود والنصارى في ظل الدولة الاسلامة دولة الصحابة وغيرهم ولم يتعرضوا الى ظلم . بعكس ما نراه اليوم منهم من ظلم فهم الذين هجروننا من أرضنا فلسطين وأعطوها لليهود وهم الذين يساعدون هذا الكيان بكل ما يملكون من قوة، وهم سبب هجرتنا الثانية من العراق بعد أن احتل وخرب وبعد ذلك يأتون بصورة المنقذ الذي يحب الخير ليأخذونا الى بلادهم وهم حقيقة محتاجون الينا حتى في هذا العمل ليصنعوا توازن في بلادهم حيث أن نسبة الولادات عندهم أقل بكثير من الوفيات وذلك لقلة الزواج .

هذه كلمات ننصح بها أنفسنا وأخوتنا وأحبتنا من فلسطيني العراق والله من وراء القصد والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

28/10/2009

بقلم وليد ملحم

 

 

موقع" فلسطينيو العراق " أول موقع ينشر هذا الخبر

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"