تحدث إبراهيم ياسين احد اللاجئين الفلسطينيين والذي كان
يسكن وعائلته في منطقة البلديات ببغداد منذ أن نزح والده وأقربائه من فلسطين بعد
الاحتلال "الإسرائيلي" لوطنهم عام 1948م ، تحدث إبراهيم والدمع تذرف من
عينه شوقا لوطنه الثاني العراق الذي احتضنه وأهله بعد القتل والتشريد الذي تعرضوا
له على أيدي "الإسرائيليين" ، قائلا لم نكن نشعر في يوم من الأيام أننا
لاجئون في العراق ، كنا نعامل كأخوة وأبناء في هذا الوطن العزيز على قلوبنا ، فهو
الحضن الذي لم شملنا بعد أن طردنا من أرضنا بسبب الاحتلال "الإسرائيلي"
، وكان شعب العراق بجميع أطيافه يتعاملون معنا معاملة خاصة من حب وإخوة ، فرحنا
لفرحهم وحزنا لحزنهم ، لم نكن نتوقع في يوم من الأيام أن يأتي اليوم الذي نطرد فيه
من وطننا الثاني فجرحنا أصبح جرحين فبسبب الاحتلال "الإسرائيلي" طردنا
من وطننا الأم فلسطين وبسبب الاحتلال الإيراني طردنا من وطننا الثاني العراق ،
ويضيف إبراهيم وهو يجلس وعائلته في منزله المتواضع والذي سقفه بصفائح الحديد في
احد أزقة مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع ، لقد سمح لنا الرئيس "الشهيد"
صدام حسين بأن ننخرط في صفوف الجيش العراقي وكان لنا الشرف أن نسد ولو جزء
صغير من الدين الذي في رقابنا للعراق وأهله والذين احتضنونا في محنتنا ،
وكنت ضابطا في التنظيم والإدارة وشاركنا جنبا إلى جنب مع إخوتنا في الجيش العراقي
البواسل في صد الهجوم الإيراني على العراق في الثمانينيات ، بالإضافة إلى حرب
الخليج الثانية واحتلال الأمريكان للعراق ، في فترة الحاكم العسكري الأمريكي
للعراق وفترة حكم إياد علاوي استدعينا للتحقيق عدة مرات وتم إخلاء سبيلنا ، وكنا
نعيش وأفراد الجالية الفلسطينية بسلام ووئام لأن الشعب العراقي كان يحمينا ويدافع
عنا ، فلم يكن نظام الرئيس "الشهيد" صدام حسين هو الذي يدافع عنا فقط
لكن كل أطياف الشعب العراقي كان تربطنا بهم علاقات أخوة وصداقة ونسب من شيعته
وسنته وأكراده وهم لم يسمحوا في يوم من الأيام أن نصاب بأي أذى ، ولكن وفي عام
2005م وبعد أن تقلد إبراهيم الجعفري منصب رئاسة الوزراء بدأت الويلات والمذابح
تصيب الفلسطينيين في العراق ، مضيفا إلى أننا سمعنا عن كشوفات تم تزويدها من قبل
إيران لحكومة الجعفري لتصفية كل ضابط وطيار عراقي وفلسطيني شارك في الحرب
الإيرانية العراقية ، ولم نكن نصدق هذا الكلام ، إلا بعد أن شاهدنا الموت بأعيننا
، فكان ملثمين يقومون بتوزيع منشورات تهديد في كل بيت من بيوت الفلسطينيين الذين
شاركوا في الحرب الإيرانية العراقية وإمهالهم يوم أو يومان لمغادرة العراق أو أن
يقتلوا ، ففي البداية لم يكترث الكثير من أبناء الجالية الفلسطينية لهذه التهديدات
لأنهم لم يتوقعوا أن يتم تهديدهم من قبل أهلهم وإخوتهم العراقيين ، ولكن ما لبثنا
أن شاهدنا قوات مشتركة من مليشيات حزب الدعوة ترافقهم عربات من الشرطة العراقية
يقتحمون منازل الفلسطينيين الذين تم تهديدهم وقتلهم بصورة غير إنسانية ، ويوم بيوم
تزداد هذه الهجمات بحق أبناء الجالية الفلسطينية وذبح المئات منهم وعوائلهم ، وفي
يوم من الأيام وجدت منشورات تهديده وضعت لي من أسفل باب البيت وتمهلني وأسرتي
يومان لمغادرة العراق وإلا فسيكون مصيرنا الذبح ، فتوجهت صباحا إلى مركز الشرطة
ومعي هذه المنشورات ، فصدمت برد الضابط الذي كان بالمركز والذي توقعت أن يقدم لنا
الحماية قائلا لي " يا أخي ارحل لا البلد بلدكم ولا انتم مرغوب بكم هنا
" وفي عجالة غادرت العراق متوجها إلى الأردن ومن ثم إلى قطاع غزة ، ولم نتمكن
حتى من بيع منزلنا أو عفشنا ولم نخرج من العراق إلا بملابسنا التي علينا ، وثاني
يوم من وصولي إلى الأردن اتصلت بجيراني فأخبروني أن منزلي ومنزل احد الفلسطينيين
في الحي تم حرقه من قبل مليشيات حزب الدعوة وبمسانده من قوى الشرطة ، وفي نهاية
حديثه يقول إبراهيم لقد كانت آخر أيامنا في العراق صعبه للغاية ، فلقد رأينا الموت
بأعيننا ولم يقف احد إلى جانبنا سوى جيراننا وأصدقائنا العراقيين ، وقصتي هذه
واحده من مئات القصص المأساوية لأبناء الجالية الفلسطينية في العراق ، وأكد
إبراهيم أن ما جرى لفلسطينيو العراق في عهد الجعفري هو حرب إبادة تقودها إيران
مستغربا لصمت المنظمات الدولية والمحاكم العراقية التي حاكمت الرئيس "الشهيد"
صدام حسين بتهم القتل والتعذيب ، وهي كانت تقف موقف المتفرج على أبناء العراقيين
والفلسطينيين في العراق وهم يذبحوا على يد مليشيات حزب الدعوة وبحماية من الشرطة
العراقية ، وفي سؤالنا له عن ما إذا كان يود الرجوع إلى العراق مرة أخرى الآن
وخاصة فيما تروج له الحكومة العراقية برئاسة المالكي من العدل والنزاهة والأمن
الذي يعيش فيه من في العراق ، فقال إبراهيم وهو يضحك من قال لكم أن في العراق
حكومة عراقية ، بل هي حكومة إيرانية من الدرجة الأولى ومن قتلنا وطردنا من العراق
ليسوا العراقيين بل هم الإيرانيون ومليشيات حزب الدعوة ، والكلام ما زال لإبراهيم
قائلا أفيدكم بما تم الحديث عنه من أن المالكي هو الذي حمى أهل السنة من المليشيات
الصدرية التي كانت تقتلهم بعد تفجير المرقدين ، فالمعركة التي كانت تدور بين
المالكي والصدر هي معركة سلطة ونفوذ ، فالمالكي كان يتطلع للقضاء على قوة خصمه ومنافسه
الصدر وجيشه ، بينما كان ينظر الصدر للمالكي على انه إيراني دخيل وان الصدر هو
الأجدر أن يحكم العراق لأنه ابن للعراق ، وما حصل فعليا أن المالكي قد اخذ السكين
التي كانت بيد جيش المهدي التابعة للصدر والتي كان يقتل بها أبناء السنة ،
والمالكي الآن هو الذي يقوم بالقتل بهذه السكين ، وان كن في عهد الجعفري لم نشعر
بالأمن على أهلنا وأنفسنا بنسبة 90% فنحن الآن وفي عهد المالكي لا نشعر بالأمن لو
رجعنا للعراق بنسبة 100% أو أكثر بكثير .
المصدر : موقع العراق للجميع - وكالة
الأنباء العراقية – واع
8/7/2013