من ذكريات لاجئ فلسطيني في بغداد (7)- نقاش هادئ وحوار هادف في المدرسة- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 6901
من ذكريات لاجئ فلسطيني في بغداد (7)- نقاش هادئ وحوار هادف في المدرسة- رشيد جبر الأسعد
من ذكريات لاجئ فلسطيني في بغداد (7)- نقاش هادئ وحوار هادف في المدرسة- رشيد جبر الأسعد

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على اشرف الخلق خاتم الانبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ال بيته الطاهرين وصحابته الغر والافذاذ الميامين وعلى من سار على نهجهم الى يوم الدين .

وبعد :

في عام 1966م كنت في مدرسة ثانوية الاماني الاهلية المسائية للبنين في منطقة العطيفية وفي ظهرها مقبرة وجامع براثا قرب جسر الصرافية.

مدرسنا لمادة الاجتماعيات (جغرافية وتاريخ) مدرس خريج امريكا (بكلوريوس ) كما اعتقد ،ومن اهل احدى اقضية الانبار واسمه (ع) هو الان في اعوام 2005 /2006م رئيس قسم في كلية الاداب في جامعة بغداد في باب المعظم .

حينما كان يدرسنا في العام 1966 كان متخرج جديد واعتقد انه كان غير ملم بواقع وظروف القضية المركزية الفلسطينية ..

يجمع الدرسين اما للتاريخ او للجغرافية ، حسب الحاجة وتقدير المدرس ، وحاجة الطلاب .

مادة كتاب التاريخ الحديث للصف الثالث المتوسط عام 1966 يوجد بها عدة صفحات عن واقع القضية الفلسطينية .. وان بعض المواطنين او الفلاحين قد اخذت وسلبت اراضيهم قسراً.. او باعوها رغم عنهم .. مثل هذه المعاني اشتمل منهج التدريس ..

كان والدي (جبر ابو علي رحمه الله) يعمل حارساَ في مكتب الهيئة العربية العليا لفلسطين في الوزيرية ، يجلب للبيت اعداد من مجلة (فلسطين ) الوثائقية الصادرة في نيويورك وبيروت الغنية بالمعلومات واخر التطورات ..

كما كنت اذا اجد كتاب عن القضية الفلسطينية اشتريه وكونت مكتبة ..

واخي احمد يشتري الكتب السياسية عن قضية فلسطين ، كنت اشتغل عند احد الصرافين في بناية مصرف انترا في شارع السمؤال مقابل جامع مرجان وتحت العمارة بائع صحف ومجلات كنت يومياً اخذ منه كل الصحف الصادرة 13 او 14 صحيفة اخذها للبيت واتصفحها كلها واعيدها له في اليوم التالي مقابل مبلغ قدره 750 فلس (اقل من دينار ) شهرياَ .. ومنابع اخرى لبلورة معلوماتي ومجالسة كبار السن .. فتكونت عندي معلومات وزخم من المعارف عن قضية فلسطين حصل لدي خزين مكثف وجيد من المعلومات والاحصائيات عن كفاح عرب فلسطين وصمودهم وبطولاتهم ..وحفاضهم على الارض والعرض والوطن ..

كنت ابحث عما اناقشه وافرغ بعض هذه المعلومات ..

وفي يوم من الايام ، كان الاستاذ المدرس (ع) يلقي علينا درساَ في مادة التاريخ من الكتاب حول القضية الفلسطينية .. شرح جيد .. توضيح جيد .. واذا به يقول وبحسن نية وقلة معلوات ، يقول ان بعض الفلاحين الفلسطينيين قد باعوا اراضيهم لليهود .. تأثرت .. صبرت ..دق جرس الفرصة .. انتهت المحاضرة .. انتهت الفرصة ، دخل المدرس ثانية ليكمل لنا مادة التاريخ او الجغرافية وفي بداية هذه الحصة الثانية ، رفعت اصبعي وترخصت منه ، قلت له :

استاذ بصفتي طالب فلسطيني اريد ان ابين واوضح لأخواني الطلبة ما جاء في درسك السابق قبل قليل ..

قال (جزاه الله الف خير) قال : تفضل .

حقاَ مدرس دمث الاخلاق واستاذ فاضل اتاح لي الفرصة في التوضيح ، مدة حصة كاملة وتنحى جانباَ قمت من رحلتي وذهبت عند السبورة وحملت الطباشير والمساحة ، مسحت ما موجود عالسبورة ، واخذت اشرح تاريخ وتطور القضية الفلسطينية من قبل وخلال وعد بلفور المشؤوم 1/11/1917م وكلما اتكلم عن اسماء وارقام ومعلومات أدونها بالطباشير مع الشرح الهادئ الوافي .. وضحت وقلت ما فيه الكفاية .. انتهيت من شرح الموضوع بعد ان دعمته بالاسانيد والوثائق والارقام وجلست مكاني وصفق الطلاب لي بشكل عفوي واخوي ، وقال المدرس الحقيقة مثلما قال زميلكم الطالب رشيد ... ودق الجرس وتراجع المدرس بشكل غير مباشر .. اي الحصة كلها اخذتها ، هذه الواقعة البسيطة حدثتها في حينها للأخ والصديق رؤوف ابو العيون ابو مصطفى (منحه الله الصحة والعافية).

انه موقف تعرض لنا مع جميع الأشقاء في البلاد العربية بفعل الدعاية الصهيونية الكاذبة اليست (اسرائيل ) قامت على التزوير والكذب والخيال الذي حوله الانكليز الى حقيقة وواقع ..

علينا ان نتحصن بالمعلومات والعلم والثقافة والمعرفة .. والحوار الهادئ الهادف الموضوعي ..

علينا ان نحب اهلنا ابناء العراق لطيبتهم وكرمهم .. ولألتزامهم القضية الفلسطينية طيلة قرن كامل .. وتقديمهم الشهداء على ثرى فلسطين في مشاهد متعددة .. ونحبهم لحسن استقبالهم ابائنا في 1948 كما استقبل المهاجرون الانصار . وهذا املنا في العراقيين والعرب والمسلمين .. ففيهم كل الخير والعطاء والأباء .. فيهم البذل والكرامة والأيمان ... والحمد لله رب العالمين.

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"