لحظة وهم .. ولحظة ندم .. ولحظة غربة
هي تمتمات من داخل روحي نسقتها وكتبتها وأخرجتها بمقال أجمع به شتات نفسي وأوراقي لأعد سطوراً تحكي غربتي ووحدتي ، متخمة بالحزن والأسى .. ومشاعري باتت كصندوق بريد مهمل وأحلامي مصلوبة الآمال وقلبي بات كالحجر .. أعيش ذاكرة مشردة بين ابتسامة ودمعة .. ليلي كنهاري أعيشه معلق بناصية القلق بين أعماق الغربة ونقاء الحنين لوطني فلسطين .
في يوم من أيام السنين التي عشتها في العراق وفي لحظة ؟؟؟ وهم ؟؟ تمنيت حضناً ألقي عليه جسدي ، أرتمي عليه ليأخذني بعيداً عن غربتي .. فأجد أن الوطن أمي .. (جميعكم تتفقون معي بأن الوطن كمثابة الأم) ... إذا ... ها أنا ذا أمام أمي فما الذي يدعوني ألا أفعلها .. ألا أرتمي في حضنها .. ألا أرغمها على تقبيلي ... ! لعله الخوف الذي يحتويني .. والذي يعيدني إلى حيث أنا .. ويوقفني .. !! أريد أن أمر بمحاذاة كل الأسئلة دون أن أجد الجواب في لحظة الغربة هذه .. !!! .
ناظرتها.... وناظرتني .... ابتسمت لها .... فبادلتني ... دمعت عيني فمرّت عني .. هجمت على يدها قبلتها ، فهبطت على وجهي صفعة عنيفة نامت عليه ، ارتج لها قلبي فأحدثت دوياً هائلاً في أعماقي وكتمت صراخي .. فاستيقظت من وهمي وأدركت أن لا مجال بعد هذه اللحظة من اتخاذ قراري .. فاحتضن الدمع خدي ... وقررت أن تكون غربتي قراري الأبدي ، ولا بديل لوطني ، (فهل فهمتم قصدي) ؟؟!! .
فكم تمنيت بعدها وفي لحظة ؟؟ ندم ؟؟ أن أرى مرفأ الوصول ، ولكن ؟؟؟؟؟ ، وقفت بكل ذهول أتابع الأمواج وأبحث عن ميناء الأمان .
نزعت اليأس من قلبي فوجدت ذاك البريق الذي يوحي لي بأنه أمل جديد ، (وهو إحدى الدول اللاعربية) فعرفت من هو من بعيد ، ومع كل هذا كان من الصعب عليَّ الوصول .. ! .
يقولون ابحث من جديد وستزول الغربة مع أول إحساس بالأمان ، ولكني فقدت الشهية للبحث.. ويقولون تفائل وأتساءل لما التفاؤل ..! فيكون الجواب لابد من التفاؤل .. قلت أريد أن أسافر ولا بدّ من السفر حيث مرافئ الانتظار ولكن ؟؟؟؟ هل هناك من ينتظرني ..؟؟ كم أود بلحظة البكاء أمام أحد سئمت البكاء وحدي لأنني اعتدت البكاء دوماً مع غربتي ومع جدران غرفتي ، فالحزن يتملكني والأمل يبتعد عني ، الحزن يغتالني بهدوء وبرصاصة صامتة ، لعل هذا الحزن الذي يتملكني قضية شائكة وأكثر خصوصية وهي غربتي ووطني المغصوب .
أريد في لحظة .. الغربة ... هذه التي أعيشها أن أختار لعمري مرساه الأخير .. ! أن أحلم بالمستحيل وأتحداه..؟! .
وها هو الحلم يمر وكأنه أقسم على تحدي .. فأين يقع البحر هو وحده الذي ينجيني .. وأين تراها غربتي .. هل تحيطني أم تراني أنا الذي أحيطها .. ! هل أحملها بداخلي أم أنها تحملني حيث اللاحدود واللاوجود .. وكأنني ولدت على جسر معلق ووسط مجرى رياح يتلاعب بي يساراً ويميناً .. كبرت وأنا أحاول أن أتأقلم مع ذاتي وذات الآخرين وأصلح بين الأضداد والانعكاسات داخل روحي ، إلا أنني ولوهلة أولى أكتشف أنني أكره كل شيء له وجهان .. الحب والكره .... الضوء والظلمة .. , البياض والسواد .. , الحلم .... والوهم ,.. البداية.... والنهاية .. , الغربة .... والألفة ...؟؟!! وهنا بيت القصيد .
لو أخذنا كلمة الغربة ووضعنا معها الوجه الآخر للحب وللضوء وللبياض وللبداية وللحلم ؟؟؟ ستكون المعادلة كالآتي (الغربة هي : الكره والظلمة والسواد والوهم والنهاية) فمن يستطيع أن يعيش داخل هذه المعادلة القاسية ورغم ذلك عشتها وعاشها معي شعبي المسكين بكل لحظاتها القاسية .
وها أنا أستمد غربتي من وجعي ، أحاول أن أرسم الحياة بأجمل صورها وأراها بعين الربيع ولكنها فجأة تثير في نفسي الأشجان ، ويرجف صوتي حين أذكرها على لساني ..! .
زهير السبع
28/11/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"