((شَــرُ البَليةِ مَا يُضحك))الجزء الأول من سلسلة مقالات//قررت أن أكون كاتباً// بقلم/جمال أبو ألنسـب

بواسطة قراءة 2287
((شَــرُ البَليةِ مَا يُضحك))الجزء الأول من سلسلة مقالات//قررت أن أكون كاتباً// بقلم/جمال أبو ألنسـب
((شَــرُ البَليةِ مَا يُضحك))الجزء الأول من سلسلة مقالات//قررت أن أكون كاتباً// بقلم/جمال أبو ألنسـب

.. // استهلال للشخصيتين الرئيسيتين في هذه السلسلة ..  وهما السيد (( مش مهم )) وزوجته السيدة (( مغلوبة على أمرها  )) // ..

من لم يعرف السيد  ( مش مهم ) ومن لم يسمع به من قبل .. ومن لم يعجبه .. أو من هام حباً بشخصيته الألمعية .. عليه أن يعرف من الآن .. أن السيد ( مش مهم ) لا يعنيه شيئاً .. في هذه الدنيا .. لا زوجة أو أولاد ولا غنى أو فقر .. ولا صحة أو سقم ولا فرح أو حزن .. بقدر عشقه للقراءة التي تدفعه لشراء أي كتاب .. بأي ثمن وبسبب وبدون  سبب .. لأن جل طموحه وحلم حياته .. أن يكون كاتباً ولو لمرة واحدة .. بعدها سيعترف للقراء أن ادعائه باطلاً .. بأن زوجته السيدة ( مغلوبة على أمرها ) .. هي من تحلم أن تقرأ اسمه على أي خبر .. طبعاً باستثناء خبر موته في صفحة الوفيات .. وسيقر بأنه هو من تمنى أن يكون كاتباً .. ليتباهى أمام  جيرانه .. الذين كانوا يسلقون وجهه وهم يتندرون عليه .. ويشون قفاه وهم يتهامسون .. لأنه لم يعد يوماً إلى بيته .. إلا وهو يحمل تحت أبطه  كتاب أو أكثر .. وكأنه يحمل وروداً أهدتها له محبوبته .. فالكتب هي كل حياته .. ولا يهمه إن أفنى كل ما تبقى من عمره .. في قراءتها بغير ندم على ما ضاع من عمره .. لذا لن يثنيه أحد الآن عن قراره .. الذي لا رجعة فيه بأن يكون كاتباً  إلا الموت .. أو تحريم الكتابة لمن تجاوز الخمسين من عمره ...

ولكن زوجته السيدة ( مغلوبة على أمرها ) .. لا هم لها في هذه الدنيا .. سوى أولادها وبيتها ..وطبعاً زوجها السيد ( مش مهم ) .. وإن كان كثير التندر عليها .. ومتهما طيبتها بالسذاجة .. و بساطتها بالجهل .. وعفويتها بعدم أهليتها .. أن تكون زوجة لعبقريته الفذة .. لذا أنكبت على الاعتناء بأولادها وبيتها .. وفعل أي شيء يرضي زوجها .. وقررت هي الأخرى أن تبقى إلى جانبه .. متحملة كل ما يبدر منه حتى يكون كاتبا ..إكراماً (( لعيونه السود أو الزرق أو الخضر )) .. فذلك سيان عندها .. وكانت دوماً تأخذ على نفسها .. عدم قدرتها على التكلم باللغة العربية الفصحى .. رغم أنها تفتخر بإجادتها التحدث بالعامية بطلاقة .. مما كان ينغص عليها حياتها .. لأن زوجها يتحدث معها بالفصحى .. وهي إلى الآن لا تعلم إن كان يفعل ذلك ليؤكد جهلها أم ليحقق ذاته  ..

((الجـــــــــــزء الأول))

بعدما طلب السيد ( مش مهم ) من زوجته السيدة ( مغلوبة على أمرها ) أن تعد له فنجان القهوة الصباحي .. لكن هذه المرة بدون سكر على غير عادته .. قائلاً لها تعجلي لي بها .. لأني أريد أن (أستمخ) جيدا هذا اليوم .. وتعالي أجلسي إلى جانبي .. لأعلمك بقراري النهائي والذي لا رجعة فيه .. أنني قررت وبعد تفكير عميق وطويل جداً أن أكون كاتباً ...

ومن غير قصد أو دراية منها .. شهقت قبل أن تلطم على صدرها بكلتا يديها صارخةً ( عزيين ) .. لتسأله بفمها المفتوح على مصراعيه .. قائلةً على عجل وهي تدمدم في سرها ..( كاتب يا ابن عمي .. كاتب الله يستر ) .. ماذا قلت يا ابن العم .. ومن دون أن يسمع ما قالته أو يرى ما فعلته .. قال إذن أنت تؤيدي قراري الخطير هذا .. بصراحة يا زوجتي سئمت مما أنا فيه .. وتعلمين أني منذ ما يقارب السنة .. وأنا أكلف نفسي بكتابة تعليقات ..على كل ما ينشر بالمواقع المختصة بفلسطينيو العراق .. وبأسماء متعددة .. لأحيي هذا الكاتب تارةً .. بكلمات الإطناب له رغم عدم معرفتي به .. وإن كنت أيضاً لم أفهم أي كلمة .. بل ولا حتى حرفاً واحداً مما كتب .. وتارةً أطلق لساني بعيداً .. لأغرف من ( وعاء الكذب ) كي أسكبه على الكاتب وليس على مقالته .. وإن غضبت يوماً من زحمة السيارات في الشوارع .. أو لكثرة انطفاء التيار الكهربائي .. تراني أذهب بعيدا بالسب والشتم والطعن والقذف .. لكل من لا يعجبه ما كتبته في تعليقاتي  .. بل أشهر كل سيوفي في وجهه وكأني في ساحة حرب ...

ولا أحسب أني ذهبت بعيدا إذا اتهمت الموقع والعاملين فيه .. بالتواطئ مع هذا الكاتب أو ذاك .. متهماً إياهم بزجهم أرقاماً فلكية لعدد قرائه .. بما يتعارض مع أرقام البورصة العالمية .. والويل كل الويل لهم ولكتابهم .. إن لم ينشروا لي ما أكتبه من تعليقات ..نظرت إليه بعد أن جاهدت كثيراً وطويلاً .. لتغلق فمها المفتوح منذ أن قالت له ( عزيين ) .. فلم تعد تملك سوى أن تقول له .. ابن عمي اشرب قهوتك قبل ما تبرد ...

عادت السيدة مغلوبة على أمرها لتقول له .. كي ترضيه بعد أن رمقها بعين غاضبة .. ابن عمي يبدو لي انك قد نسيت المرات العديدة .. التي كنت فيها تكتب تحت أسماء مستعارة على انك امرأة .. وعندما كنت أقول لك أليس عيباً أن تفعل ذلك .. ترد علي بفتور .. انك من دعاة المساواة بين الرجل والمرأة .. لأن لا فرق بينهما ..سوى بتاء التأنيث الساكنة .. فبدلاً من سمر تكون سميرة .. عفواً سمير ...

بعد أن سكب نصف فنجان القهوة برشفةً واحدة في جوفه .. صمت قليلاً ليقول لها لا تقرعي رأسي .. أنا لم أجلسك بجانبي .. لكي تدخلي معي في نقاش عقيم .. ( الله عليك يا مش مهم ) أسمعتي كلمة ( نقاش عقيم ) حقاً أنها تؤكد لك بأني .. كاتب كبير ولا يمكن لغيري أبداً .. من الكتاب أن يأتي بمثل هذه الجملة الرائعة..  كن يا بنت عمي .. أنا نعم قررت أن أكون كاتباً وقراري لا رجعة فيه .. لكني مازلت في حيرةً من أمري .. قالت له ( الله لا يحير عبده ) .. سلامتك من الحيرة يا ابن عمي .. لا لا أنا لم اقصد الحيرة بعينها .. إنما قصدت أني محسود من الآن .. على ما سأكتبه مستقبلاً .. قالت وكيف عرفت ذلك .. نظر إليها ببلاهة قائلاً .. هذا الأمر لا يحتاج نباهة منك .. عفواً أنسيتي أني قلت لك .. أن الوجع برأسي يزداد منذ الصباح .. وهذا خير دليل بأني محسود والله اعلم .. ابن عمي لم تقل لي ذلك .. ومع هذا لا بأس عليك سأقوم فوراً لأرقيك ...

راح السيد ( مش مهم ) يكلم نفسه قائلاً .. الحيرة تكاد أن تنغص علي سلسلة أفكاري .. لأني أشعر بتيبس يدي عندما أقبض على القلم .. كلما أردت أن أكتب شيئاً .. ليفر القلم هارباً من بين أصابعي .. لا أعرف يا بنت عمي هل أكتب شعراً .. لأني أشعر بالحرارة والبرودة معاً دوماً .. كما أني أذهب كل شهر إلى الحلاق لأزين شعر رأسي .. وهل هناك أكثر وأكبر من هذا الدليل بأني سأكون شاعراً كبيراً .. لأني أشعر بالحر والبرد وأحلق شعري كل شهر ...

أم أكتب نقداً أو تحليلاً .. فليس هناك من هو خيراً مني .. لأني أكثر رجلاً في العالم يجري تحاليل .. وكما تعلمين بأن أخر تحليل للدم أجريته قبل أيام ولكني لم أستلم النتيجة بعد .. مالي ومال الشعر والنقد و( دوخة الرأس ) وأنا ليس لي طاقة لتحمل انتقادات القراء..  فهذا يقول أقصيدتك هذه كانت شعراً عامودياً .. وكأني كنت أصف فيها أعمدة الإنارة في الشوارع .. وذاك يقول شعرك هذا حر .. وهو لا يعلم أني حر أباً عن جِد .. وليس في سلالتنا من عبيد .. ويقفز آخر ليقول لي .. شعرك هل هو مقفى وموزون . وكأني أبله لا أعرف ما يرمي إليه بسؤاله هذا .. نعم أنا بالتأكيد مازلت أعرف قفايا من وجهي .. أما بالنسبة للشعر الموزون .. فأنت تعرفيني قبل غيرك .. بأنني لم أشتري يوماً أي شيء في حياتي إلا بعد ما أتأكد من وزنه بنفسي .. إضافة أني دوماً أراقب وزني كلما استلفت ميزان جيراننا .. بالله عليك يا ابنة عمي أليس هذا هو المقفى والموزون بكل بساطة وبدون عقد وفلسفة .. ولا أريد أن أضيع جهدي ونزف قلمي في دائرة النقد والتحليل لأني أحب الشيكات وأكره النقد لأنه يتبخر من جيبي بلحظات .. ولعلمك أن أبغض شيء عندي هو المختبرات والتحاليل .. فهي تسبب لي إزعاجا كبيراً ...

قالت له يا ابن عمي لا تنسى اليوم عليك الذهاب للمختبر لجلب نتائج التحاليل الأخيرة للسكري بدمك .. قال بارك الله فيك يا بنت عمي ذكرتيني بما أكره .. لكن لا بأس بعد عودتي من المختبر .. ومعرفتي نتائج التحليل لنسبة السكري بدمي .. سنعاود الحديث ثانية حول قراري هذا الذي لا رجعة فيه.. ولكن بعد ما أقلب الأمور جيداً في رأسي .. تعرفين يجب علي قبل كتابة مقالتي النارية .. التي سأقلب بها الموقع رأساً على عقب .. عليً أن أقرء وأستعرض جميع ما كتبه .. أو قاله القراء والمعلقين حتى يكون لي رأي فيهم .. وأما أمر الكتاب لا بأس سأحاول بعد عودتي من المختبر .. أن نتبادل أنا وأنت أطراف الحديث عنهم جميعاً وبدون استثناء .. ( ليش أنا وأنتِ شو في ورانا ) ولذلك يا بنت عمي ..سيكون للحديث بقية أن كان هنالك في العمر بقية إن شاء الله ...


بقلم / جمال أبو النسب

الولايات المتحدة الأمريكية / كاليفورنيا

8/8/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"