لكي لا يتم طمس الأُمور وتشويه الحقائق من قبل بعض مرتزقة المفوضية وآساف ، الذين لا يكلون ولا يملون لآخر نفس فيهم فِداءً لأسيادهم وأرباب عملهم ، أصبح تفانيهم في هذه الخدمة واضحاً ..
في البرازيل أيها السادة نلاحظ أنه عندما يعلو صوت واحد يجد مقابله ألف صوت من مرتزقة المفوضية وآساف ، في البرازيل عندما يعلو صوت واحد يُشهر بوجهه ألف سيف لو طالته لقطعته إرباً إرباً ..
أصبحت المعركة بين اللاجئين الفلسطينيين من جهة وخمسين طرفاً من الجهة الأخرى عرباً وأجانب ، تكاتفوا على مجموعة صغيرة من أطفال ونساء ومرضى ومسنين إنها معركة غير عادلة البتة ، بدلاً من أن يجد اللاجئين الفلسطينيين من يساندهم من أبناء جلدتهم في البرازيل أو الهيئات الدبلوماسية الممثلة بالسفارة الفلسطينية أو مؤسسات الجالية الفلسطينية ، تكون المفاجئة والفاجعة أن الجميع تكاتف ضد هذه المجموعة الصغيرة من المظلومين ..
في كل مرة نتكلم فيها يحاولون تشويه الواقع بحفنة من الأكاذيب ونفخ الرؤوس بكلام خنازير آساف ومرتزقتها ..
لنعيد على أسماع المفوضية وآساف ومرتزقتها ما يحاولون تشويهه وتغيير صورته ، لنحسب المسئلة بطريقة عملية ونضع مقارنات لنقرب الأمور لبعض العقول السميكة التي تفهم كل شيئ وتتظاهر بعكس ذلك ، ونترك الأوهام فلسنا بأحد الأفلام الأمريكية ، لتبدأ المسئلة منذ البداية :
العراق : هو البلد والملاذ الآمن الذي إحتضن الفلسطينيين لعشرات السنين ، عاش الفلسطينيون فيه بأمان وإستقرار وبنوا فيه مستقبل أبنائهم على أكمل وجه من تعليم وعمل وحياة كريمة لم يكن للأمم المتحدة دور في ذلك ، وحدث ما لم يكن في الحسبان ، الحرب والحصار ، ومن ثم حرب وإحتلال ، ومن ثم غياب لدور الجهات الأمنية ومؤسسات الدولة ، مما أدى إلى الإنفلات الأمني الذي شهدته البلاد ، عمت الفوضى ، عم الذُعر ، كل هذه الظروف ألقت بأوزارها على اللاجئين الفلسطينيين فطالتهم أعمال العنف والخطف والقتل والتنكيل ، لا بل كان لهم نصيب كبير من هذه الأعمال، إضافة إلى طرد عوائل فلسطينية كثيرة من بيوتها من الذين كانوا يسكنون في مناطق متفرقة في بغداد ، إضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية بسبب نقص فرص العمل ، ولنقص فرص العمل في العراق أسباب عديدة منها الحصار الذي أنهك العراق سنوات طِوال وأعمال العنف والإنفلات الأمني..
لو عدنا إلى عراق ما قبل الحصار والإحتلال لوجدنا فيه أكثر من سبعة ملايين عربي واجنبي يعملون فيه ويبنون محلات تجارية وعمارات في بلادهم من خيرات العراق ، وقلنا سابقاً أنه بالرغم من كل هذه الظروف الصعبة في العراق لم يُترك الفلسطينيون الذين طُردوا من بيوتهم في الشوارع ، بل تم إستئجار عمارات لجميع العوائل تدفع إيجارها وزارة المُهجرين سنوياً ، يعني لم يُترك أحد لينام في الشارع ...
لنبدأ المقارنة: تم جلب اللاجئين الفلسطينيين وقالوا أنه مشروع إنساني لإنهاء معاناتهم وسيتم الإهتمام بكذا وكذا وإلخ ..
وصل اللاجئين الفلسطينيين إلى البرازيل ، صُدموا بالواقع الأليم لهذا البلد ، بكل تأكيد لم يكن اللاجئين الفلسطينيين يتمنون هذا الواقع لبلد تم جلبهم ليستقروا فيها ،، عانوا الإهمال منذ البداية ، والتقصير والتنصل من المسؤوليات من قِبل الجهات التي جلبتهم ، والموقف العدائي من هيئات ومؤسسات الجالية والمتآمرين معهم ضد كل من قال ( لا ) ...
لنتكلم عن الصدمة : أولاً أُحب أن أقول أننا لسنا أعداءً للبرازيل ، بل نحن أعداءٌ للواقع الأليم الذي نعيشه ، نحن أعداءٌ لمن فرضوا علينا وعلى مرضانا وأطفالنا المعاناة ، نحن أعداءً لظروفٍ هربنا من العراق بسببها فوجدناها أمامنا في البرازيل ، صدمة اللاجئين الفلسطينيين كانت بالظروف المحيطة بهم ، فالبرازيل بلد فقير ، يعاني من شحة فرص العمل وتدني الأُجور ، ومن الواضح أنه لهذه الأسباب تكثر فيها العصابات وقُطاع الطرق واللصوص وتجار المخدرات والنشالين في الشوارع كطريقة أُخرى لتدبر أُمور المعيشة ، وقد طالت هذه الأعمال بعضاً من بيوت اللاجئين التي تعرضت للسرقة ، إضافةً للإهمال الصحي الذي لاقاه المرضى من اللاجئين الفلسطينيين بسبب تنصل المؤسسات المشرفة على اللاجئين ، وسوء الخدمات الصحية في مستشفيات الدولة من مواعيداً لشهور طويلة ، ولكي تحصل على كشف عند أخصائي يجب أن يذهب الشخص منذ منتصف الليل للإنتظار في باب البلدية حتى الصباح للحصول على موعد ربما يحصل عليه إذا حالفه الحظ وربما لا ، حتى أن الأدوية التي يتم وصفها للمريض عبر المستشفيات الحكومية غير متوفرة جميعها لدى هذه المستشفيات ، فيضطر المريض لشرائها بأسعار خيالية جداً بالنسبة للراتب الذي يتقاضاه اللاجيئ ..
ومن جهة أُخرى إرتفاع أُجور كشف الأخصائيين إلى أكثر من ( 170 ) ريالاً عداك عن ما يتبعها من تحاليل وخلافه ..
أما من الجانب المعيشي في حياة اللاجئين اليومية ، فلا تجد شيئاً رخيصاً ، فالمواد الغذائية الرئيسية مثل الخبز والطحين والسكر والأرز كلها باهظة الثمن ، فلا يكفي اللاجيئ أن يتقشف بالمصاريف بل عليه إغلاق اليد بإحكام إذا إستطاع ذلك ، لأن المسئلة بغاية السخرية أن تقارن ما يتقاضاه اللاجيئ مع الأسعار ، ولم يبقى هناك مجال ولا داعي لنتكلم عن أسعار الملابس فلم يتبقى لها شيئ لا في الراتب ولا في الذِكر ..
طبعاً صُدم اللاجئون خلال فترة وجيزة بكل هذه الأمور والأوضاع المتردية ، مقارنةً بمطالبته بالعمل بمرتب يبلغ ( 500 ) ريال ويعيل أُسرة مكونة من أربع أو خمس أفراد ، وكان سؤال اللاجيئ ماذا أفعل بهذه الـ( 500 ) ريال ؟ أين أذهب بها ؟ إيجار بيت أو للطعام أو للملابس أم للكهرباء والغاز والماء المرتفع الأسعار بإستمرار ، ويتسأل اللاجيئ هل ستسد تلك حاجةً لأطفالي بحيث لا ينظرون لأقرانهم من الأطفال ماذا يأكلون وماذا يلبسون وبماذا يلعبون ، خلصنا للإجابة الأكيدة لا ، هل نصبح لصوصاً أو قتلى مأجورين لنعيل أُسرنا ؟
نرجع ونقول أن العراق عانى ما عاناه نتيجة الحروب ، لكن هذه البلد أوضاعها أسواء من أوضاع العراق بدون حروب ، إذاً تم حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل بمشكلة أُخرى أسوأ وأصعب من الأُولى بكل معانيها ، وأرجو أن يكون هذا الكلام واضحاً لمن يريد فهمه ولبعض المأجورين الذين يحاولون تشويه الواقع ، ومهما ذكرنا في الورق لن نستطيع وصف الواقع المر بكل حذافيره ...
بقلم - عصام عرابي – البرازيل
21\11\2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"