تحت شعار "نقرأ لنرتقي"، انطلق معرض بغداد
الدولي للكتاب لعام 2018 الخميس الماضي، بمشاركة أكثر من 600 دار نشر من 18 دولة
عربية وأجنبية، بينها الكويت "ضيف شرف" هذه الدورة، ولثلاثة أيام كانت
الأجواء احتفالية، ثم تداولت بضعة مواقع على "الإنترنت" خبرا بدا عابرا،
تفاعل معه أفراد قليلون، كان عنوان الخبر: "لأول مرة نتاج "إسرائيلي"
في معرض الكتاب الدولي في بغداد"، وجاء التفاعل: "تسلل أدب الكيان
الصهيوني إلى معرض بغداد الدولي للكتاب"، للوهلة الأولى يبدو الأمر متعلقا
بالتوصيف، واللغة، بكلمة مقابل كلمتين: "إسرائيل" أم الكيان الصهيوني،
مشاركة أم تسلل؟.
نص الخبر يحصر الموضوع بين العراق و"إسرائيل/
الكيان الصهيوني"، في البحث ستضاف مصر.
في التدقيق سنعرف المصدر الرئيسي باللغة العربية، إنه
موقع "بغداد اليوم" الذي نشر هذا الخبر: "نشر الباحث "الإسرائيلي"
في الشأن العراقي و"الأستاذ" في الجامعات "الإسرائيلية" رونين
زايدل، اليوم الأحد، مقطعا مصورا على مواقع التواصل الاجتماعي أعرب فيه عن سعادته
بمشاركة كتاب "صراع الهويات في العراق" في معرض بغداد الدولي للكتاب،
داعيا إلى أن يكون ذلك بداية لمد جسور التواصل الثقافي بين اليهود وبخاصة
العراقيون منهم، مع الشعب العراقي ومثقفيه.
وقال "زاديل" في المقطع الذي عرضته صفحة
""إسرائيل" تتكلم بالعربية"، إنه سعيد بوجود كتابه في المعرض،
معربا عن أمله في أن "يحقق فائدة للقراء والمثقفين العراقيين، ويكون بداية لمد
جسور التواصل الثقافي والمدني بين يهود العراق والعراقيين عموما".
كتاب زايدل المترجم للعربية ليس بمفرده في معرض بغداد
للكتاب، برفقته رواية "الصور على الحائط" للروائية "الإسرائيلية"
من أصول عراقية، تسيونيت فتال، وهنا تصبح العلاقة ثلاثية، حيث نعلم أن مترجم
الرواية هو عمرو زكريا خليل، المترجم والباحث المصري في الشئون "الإسرائيلية".
هكذا طرق سؤال التطبيع «بغداد» وإن برفق؛ لأن معرض
بغداد الدولي للكتاب الذي ينظمه اتحاد الناشرين العراقيين ومؤسسة صدى العارف
للمطبوعات، ويستمر حتى الثامن من إبريل الحالي، في أرض معرض بغداد الدولي في حي
المنصور، لم يدع "إسرائيليا"، والدولة العراقية، قانونا، ما زالت ملتزمة
بالمقاطعة العربية، لم تعترف بـ"الكيان الصهيوني"، وهي
"نظريا" لم توقع أية وثيقة رسمية معه، دولة العراق حاربت "الكيان
الصهيوني" في أربع حروب من 1948 حتى 1973، ولم توقع، لا على هدنة، أو فض
اشتباك، أو سواهما من الأوراق الرسمية، ولذلك يمكن افتراض أن العلاقة قانونا
بينهما علاقة متحاربين.
والدورة الحالية لمعرض بغداد للكتاب له ملامح خاصة؛ فهي
الأكبر من حيث المشاركة منذ تأسيس المعرض قبل أربعة عقود، ومن بين الدول المشاركة
مصر وسوريا ولبنان والأردن وليبيا وتونس والجزائر والإمارات والسعودية والهند
وبريطانيا وإيران. وبينما تحل دولة الكويت ضيف شرف المعرض هذا العام. وتقدم في هذا
الإطار برنامجا ثقافيا متنوعا يتضمن ندوات ثقافية وأمسيات شعرية وحفلات توقيع
لأحدث الكتب، فإن الحضور الكويتي الكثيف، رسميا وشعبيا، خطوة متقدمة في طي صفحة
"كئيبة" بين البلدين طالت لنحو ثلاثة عقود.
وحتى نكمل الإطار الخبري المتعلق بالمعرض نذكر أنه
يستضيف هذا العام مجموعة كبيرة من الكتاب والأدباء والشعراء من دول مختلفة، بينهم
الروائي الجزائري واسيني الأعرج والروائي الكويتي سعود السنعوسي والروائية
الكويتية بثينة العيسى والناقدة اللبنانية علوية صبح.
وسيكون مفيدا أن نذكر أن إدارة المعرض قد أعلنت الشروط
والأحكام التي يجب على الراغبين في المشاركين فيه الالتزام بها، ومن بينها: الخضوع
لقوانين الرقابة النافذة في دولة العراق التي تمنع جلب وعرض أي مواد ثقافية ذات
طابع سياسي أو طائفي أو اجتماعي تسيء إلى الآخر، أو أي مواد مزورة أو مقرصنة
تتعارض ومبدأ حقوق الملكية الفكرية، ومن يخالف ذلك سيقع تحت طائلة المصادرة وحق
التقاضي لدى الجهات القضائية المختصة، لا يحق المشاركة بأي منتجات تم منع توزيعها
أو استيرادها بقرار قد صدر من إحدى محاكم دولة العراق أو إحدى المحاكم في الخارج،
وذلك إذا أعلنت إحدى محاكم دولة العراق عن سريان هذا الحكم وتحتفظ الجهة المنظمة
في إبعاد ومنع الترويج أو الدعاية لأي من هذه المنتجات أو المواد التي يحظرها
القانون العراقي.
وبناء على ذلك هل يعد بيع الكتابين مما يحظره القانون
العراقي؟ هذا سؤال قانوني يستوجب البحث عن إجابة له معرفة بضعة أمور متعلقة
بدار النشر، وكيفية اتفاقها مع المؤلفين، وهل منحتهما حقوقهما، ونشأت عن ذلك
معاملات مالية وأوراق رسمية، كل هذا لا نعرف عنه شيئا.
المثير في الأمر أن هناك صيحات نصر تبدو غير خجول في
المواقع الخبرية "الإسرائيلية"، صورا لرواد في المعرض يحملون الكتابين-
يبدون فرحين، أو فخورين، أو يتباهون بإنجاز ما.
ويبدو أن التركيز الأكبر موجه للرواية، ونطالع هذا
العنوان: "الصور على الحائط: رواية بغدادية بعيون "إسرائيلية""،
ثم هذا العنوان الذي تم إبرازه: رواية "الصور على الحائط" من تأليف
الأديبة "الإسرائيلية" تسيونيت رفائيل- كوبرفاسر يلقى رواجا في العاصمة
العراقية بغداد"، وهذا التعليق على إحدى الصور: "أديبة "إسرائيلية"
ابنة مهاجرين عراقيين كتبت رواية عن حياة أجدادها سرعان ما ترجمت للعربية وأضحت
تباع في بغداد"، وهذه الفقرة من التقرير الخبرى: "رفوف المكتبات
العراقية استقبلت في هذه الأيام رواية "الصور على الحائط" "الإسرائيلية"،
وهي باكورة مؤلفات الأديبة تسيونيت رفائيل- كوبرفاسر، وهي ابنة مهجّرين يهوديين
عاشوا في بغداد، كجزء من الطائفة اليهودية التي هاجرت إلى "إسرائيل" في
خمسينيات القرن الماضي، علما بأن الرواية ترجمها المصري عمرو زكريا، المعروف
بعلاقته الطيبة مع "الإسرائيليين". وتصف الرواية، التي صدرت باللغة
العبرية قبل عامين، حياة يهود بغداد في النصف الأول من القرن العشرين (سنوات
الثلاثينيات والأربعينيات)".
ثم نصل للفقرة التي بمثابة ذروة التقرير وغايته:
"وتتحدث جهات في وزارة الخارجية "الإسرائيلية"، في الآونة الأخيرة
عما وصفوه بـ(سيل من الرسالة الداعمة) "لإسرائيل" من بغداد، وهو ما
يؤكده رئيس القسم الدبلوماسي الرقمي للغة العربية"، ويضيف "أن الوزارة
فتحت عدة صفحات جديدة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، لتشجيع
الحوار ما بين العراقيين و"الإسرائيليين"".
المصدر : التحرير الإخباري
18/7/1439
4/4/2018