العناد إذا كان عنادا للحق ومحاربة للباطل فهو صفة محمودة أما إذا كان انحيازا للباطل ومحاربة للحق فهو صفة مذمومة ولم أجد لهذه المفردة ذكرا في القرآن الكريم وقد يكون الإصرار إحدى مرادفاتها أو الاستكبار أو صم الآذان أو إستغشاء الثياب ولا اجزم بذلك ولكنها وردت في القرآن الكريم في الآية 7 من سورة نوح بسم الله الرحمن الرحيم : وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا .
وهنا في هذا المقال أتحدث عن العناد في إتباع الباطل ومحاربة الحق وللعناد أسباب ودوافع ومنها الخشية من لوم الأهل والعشير لمفارقة ما آلف عليه الأجداد ومنها عدم قبول أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم بالنطق بالشهادتين وهو على فراش الموت عندما عرضها عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قائلا له عليه الصلاة والسلام قلها اشفع لك بها عند الله يوم الحساب ولم يقلها مخافة وكما يقال بالعامية الفلسطينية المعايرة بأنه ترك ما يعبد أجداده خوفا من الموت وهو من آوى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد وفاة جده وناصره وحماه ودافع عنه أمام جبروت مشركي قريش قد يقول البعض ان كل هذا كان بدافع العصبية القبلية ولكن لا اعتقد هذا بل اعتقد انه كان يعلم علم اليقين ان ابن أخيه كان على الحق وما كان من نصيحة الراهب بحيرة له عندما التقى به في رحلة تجاره الى الشام التي رافقه بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عمره اثنتى عشر ربيعا وعندما وصلوا إلى صومعة الراهب بحيرة وشاهد الغمامة التي كانت تظل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتحجب عنه حر الظهيرة فانحاز الراهب بحيرة إلى عم الرسول واخبره توليه بالحماية والحرص عليه لأنه سوف يكون له شأنا عظيما في قابل السنون .
وأما السبب والدافع الأخر فهو الفروق الطبقية الاجتماعية فلا يقبل أصحاب الطبقات الاجتماعية الراقية من أناس اقل منهم مكانة اجتماعية وحتى لو كانوا على الحق ولا يقبلون ان يتبعون دينا اتبعه الأقل منهم مكانة اجتماعية وكما ورد في الآية 111 من سورة الشعراء بسم الله الرحمن الرحيم : قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ .
وأيضا هناك دافع التعصب للعرق وللقطر وللعشيرة وللقومية وللدين وللمذهب وللسلطة وللمكانة الاجتماعية وللمكانة الدينية فما منع مشركي قريش من الإيمان بالدعوة المحمدية إلا خوفا على فقدان ما هم عليه من سلطة ومكانة اجتماعية ونفوذ ولماذا رفض اليهود اتباعه عليه الصلاة والسلام بينما هم من كانوا يبشرون الناس بمقدم نبي آخر الزمان وانه قد أضل زمانه وكانوا يدعون الناس إلى إتباعه وان أوصافه عليه الصلاة والسلام مكتوبة لديهم ولكنهم عند ظهوره حاربوه وقاموا بتحريض قبائل العرب ونكروا ان أوصافه موجودة في توراتهم لما علموا انه ليس منهم وانه غير يهودي .
ومن أسباب العناد الفروق العلمية فلا يمكن لمن يقرأ ويكتب ان يقبل الحق ممن لا يجيد القراءة والكتابة ولا يمكن لحملة الشهادات بقبول الحق ممن اقل منهم مرتبة علمية ولا يمكن ان يقبل أصحاب الاختصاص بقول الحق ممن هم ليسوا من أصحاب الاختصاص وأيضا هناك من الأسباب والدوافع الفروق في النوع فلا يمكن أن يقبل الرجل النصح أو المشورة من زوجه وحتى لو كانت على الحق انطلاقا من ان المرأة تأخذ قراراتها بناء على العاطفة وليس بناءا على العقل فما بال ما ذكرت لم يرفضوا الحق إلا بناءا على العاطفة .
ومن الأسباب والدوافع للعناد الجهل والتعصب والانقياد الأعمى ولو كان ما يسمون أتباع النبي عيسى عليه السلام اطلعوا على دينهم ولم يتركوا أمر الدين بيد قساوستهم ورهبانهم لما كانوا اليوم قبلوا بقول الله ثالث ثلاثة وكانوا قد آمنوا بما جاء به المصطفى عليه الصلاة والسلام ولو كان ما يسمون أتباع النبي موسى عليه السلام اطلعوا على أمور دينهم ولم يتركوا أمور الدين بيد علمائهم لما قالوا ان العزير ابن الله وكانوا قد آمنوا بما جاء به المصطفى عليه الصلاة والسلام .
اتمنى اكون قد وفقت في بيان الاسباب والدوافع للعناد .
بقلم عبد الحكيم الماضي
26/6/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"