سلسلة الفقه الميسر- الحلقة الرابعة: ( الشرك وأقسامه )- وليد ملحم

بواسطة قراءة 5297
سلسلة الفقه الميسر- الحلقة الرابعة: ( الشرك وأقسامه )- وليد ملحم
سلسلة الفقه الميسر- الحلقة الرابعة: ( الشرك وأقسامه )- وليد ملحم

إخواني في هذه الحلقة نبين معنى الشرك وأقسامه وذلك ليعرفها المسلم ويتجنب الوقوع بها، فإن الإنسان لن ينتفع بعمله مع وجود الشرك باله عز وجل يقول سبحانه ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا ) ويقول عز وجل ( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ).

والشرك: هو أن تجعل لله ندا وهو خلقك، أو شريكا له في ملكه أو عبادته، أو أن تجعل شريكا لله تعالى في ربوبيته أو ألوهيته أو أسماءه وصفاته، وهو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله.

أقسام الشرك:

1-    شرك في الربوبية: وذلك كأن يعتقد شخص إن غير الله يخلق أو يرزق أو يحي أو يميت إلى غير ذلك من صفات الربوبية.

2-    شرك في الإلوهية : وذلك كأن يصرف نوعا من أنواع العبادات لغير الله كائنا من كان , كالذبح والنذر والدعاء والحلف وغير ذلك.

3-    شرك في الأسماء والصفات : وذلك كأن يصف شخص بعض خلق الله ببعض الصفات الخاصة بالله تعالى كعلم الغيب مثلا , إلى غير ذلك من صفات ربنا سبحانه الخاصة به.

4-    شرك اكبر:

وهو أن يعتقد إنسان غير الله يخلق ويرزق أو يحيي أو يميت أو يعلم الغيب أو يتصرف في الكون أو أن يصرف إنسان نوعا ما من أنواع العبادة لغير الله كالركوع والسجود والذبح والنذر والدعاء وهو مخرج من الملة.

5-    شرك اصغر:

وهو كثير مثل الحلف بغير الله من غير تعظيم وقول ما شاء الله وفلان ومنه الرياء والسمعة وهو غير مخرج من الملة ولكن تجب التوبة منه وهو من اكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر.

عن جندب ابن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  "من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به" رواه البخاري ومسلم.

6-شرك خفي:

وهو أن يعمل الرجل لمكان الرجل وهو الرياء أيضا وهو كما علمت غير مخرج من الملة ولكن تجب التوبة منه.

عن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" الشرك الخفي أن يعمل الرجل لمكان الرجل" رواه ابن ماجة والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.

والشرك الخفي قد يكون اكبر وقد يكون اصغر بحسب نوع الشرك الذي وقع فيه الإنسان انظر فتاوي ابن باز جمع الشويعر. وان شئت فقل.

7-شرك اعتقادي:

وهو الشرك الأكبر المخرج من الملة والعياذ بالله وهو أن يعتقد إنسان إن غير الله يخلق أو يرزق أو يحيي أو يميت أو يعلم الغيب أو يتصرف في الكون وان يصرف إنسان نوعا من أنواع العبادة لغير الله كالركوع والسجود والذبح والنذر والدعاء إلى غير ذلك.

8-شرك عملي:

وهو كل عمل حكم عليه الشرع الإسلامي بالشرك كالذبح لغير الله والنذر لغير الله وغير وذلك وهو اكبر واصغر بحسب نوعه فالذبح لغير الله شرك اكبر وتعليق الحروز إن اعتقد فيها الضر والنفع من دون الله فهو اكبر وان اعتقدتها سببا فهو اصغر انظر كتاب التوحيد للفوزان ص12.

9-شرك لفظي:

وهو كل لفظ حكم عليه الشرع الاسمي بالشرك كالحلف بغير الله وكقول بعض الناس مالي إلا الله وأنت وتوكلت على الله وعليك ولولا الله وفلان لكان كذا وكذا إلى غير ذلك من الألفاظ الشركية والشرك اللفظي قد يكون اكبر وقد يكون اصغر بحسب نوعه.

10-شرك التشريع والحاكمية:

وهو أن ينبذ الإنسان الكتاب والسنة أو بعض إحكامها ويأخذ بآراء الرجال وقوانين البشر.

قال تبارك وتعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }الشورى21

11- شرك المحبة:

وهو أن يحب الإنسان غير الله كحبه لله أو اشد قال تبارك وتعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }البقرة165. وكما قال صلى الله عليه وسلم "  لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " صحيح.الألباني.

12-شرك الخوف والخشية:

وهو خمسة أقسام:

أ‌-       خوف عبادة:

قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }الرحمن46

ب- خوف شرك:

وهو أن يخاف العبد من غير الله كجني وميت وغيرهما كخوفه من الله أو أشد.

قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175

ج- خوف معصية:

وهو أن يخاف من إنسان فيترك واجبا او يرتكب محرما خوفا منهم ولم يصل إلى حد الإكراه فهذا الخوف معصية.

{فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ...}المائدة44

د-الخوف الطبيعي وهو كخوف الإنسان من العدو والسبع والحية وغير ذلك وهذا جائز على أن لا يتعدى الخوف الطبيعي. قال تعالى إخبارا عن نبيه موسى عليه السلام{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }القصص21

هـ - الخوف الوهمي: وهو الذي ليس له سبب أصلا أو له سبب ضعيف. فهذا مذموم يدخل صاحبه في وصف الجبناء وقد تعوذ صلى الله عليه وسلم من الجبن فهو من الأخلاق الرذيلة ولهذا كان الإيمان التام والتوكل والشجاعة تدفع هذا النوع.

13-شرك القصد والإرادة:

وهو أن يريد الإنسان بعمله غير الله ويقصد به غير وجه الله فهذا شرك القصد والإرادة. كما قال تبارك وتعالى  {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110.

14- شرك الطاعة:

وهو أن يطيع العبد شخصا في تحليل حرام أو تحريم حلال بدون دليل شرعي.

كما قال تبارك وتعالى  {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31.

15-شرك الدعوة:

قال تبارك وتعالى {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }الرعد14.

قال الإمام السعدي: أي لله وحده { دَعْوَةُ الْحَقِّ } وهي: عبادته وحده لا شريك له، وإخلاص دعاء العبادة ودعاء المسألة له تعالى، أي: هو الذي ينبغي أن يصرف له الدعاء، والخوف، والرجاء، والحب، والرغبة، والرهبة، والإنابة؛ لأن ألوهيته هي الحق، وإلوهية غيره باطلة { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأوثان والأنداد التي جعلوها شركاء لله.(تفسير السعدي).

وقال في التفسير الميسر:لله سبحانه وتعالى وحده دعوة التوحيد( لا إله إلا الله )، فلا يُعبد ولا يُدعى إلا هو، والآلهة التي يعبدونها من دون الله لا تجيب دعاء مَن دعاها، وحالهم معها كحال عطشان يمد يده إلى الماء من بعيد; ليصل إلى فمه فلا يصل إليه، وما سؤال الكافرين لها إلا غاية في البعد عن الصواب لإشراكهم بالله غير.

وقال تبارك وتعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }الحج62.

فائدة: قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين:

(والشرك أنواع كثيرة لا يحصيها إلا الله ولو ذهبنا نذكر أنواعه لاتسع الكلام أعظم اتساع ولعل الله أن يساعد بوضع كتاب فيه وفي أقسامه وأسبابه ومبادئه ومضرته وما يندفع به).

ملخص الشرك:

1-    الشرك الأكبر: وهو المخرج من الملة أي من ارتكبه يكون كافرا وخارج من ملة الإسلام .

مثل الذبح لغير الله . والنذر لغير الله . ودعاء غير الله والسجود لغير الله إلى غير ذلك.

2-    الشرك الأصغر: وهو من أكبر الذنوب ولكن فاعلة لا يخرج من الملة مثل الرياء والسمعة والحلف بغير الله من غير تعظيم وقول ما لي إلا الله وأنت وواثق في الله وفيك إلى غير ذلك .

تنبيه : الرياء يكون من الشرك الأكبر إذا لم يعمل العبد العمل إلا من أجل الناس ويكون من الشرك الأصغر إذا عمل العمل لله ولكن طرأ عليه الرياء.

 

أخوكم: وليد ملحم

23/3/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"