الشرق الأوسط : عائلة أول ضحية في الحرب على العراق ترفع دعوى على بوش وبلير

بواسطة قراءة 6067
الشرق الأوسط : عائلة أول ضحية في الحرب على العراق ترفع دعوى على بوش وبلير
الشرق الأوسط : عائلة أول ضحية في الحرب على العراق ترفع دعوى على بوش وبلير

شقيق السائق الاردني الذي قتله صاروخ أميركي في محطة استراحة غرب بغداد لـ«الشرق الأوسط»: قتل أخي قبل انتهاء إنذار بوش لصدام بأربع ساعات  .

السبـت 27 محـرم 1424 هـ 29 مارس 2003 العدد 8887الجبهة العراقية: نادية محديد الذين سقطوا في عمليات انتحارية في 11 سبتمبر في نيويورك عام 2001 حفظ العالم صورهم وقصص حياتهم بأدق تفاصيلها، لكن الذين يسقطون اليوم في العراق تحت القصف الاميركي والبريطاني لمدنهم يتحولون الى مجرد احصاءات تتداولها وكالات الانباء الدولية، سواء أكانوا اطفالا ام شبابا او مسنين، نكرات ليس هناك من يبكيهم أو يأسف عليهم.

وعائلة السائق احمد البظ، 33 عاما، اول ضحية للهجوم الصاروخي على العراق والذي قتل تحديدا في استراحة على الطريق الدولية على بعد 160 كيلومترا غرب بغداد، هي نموذج لما لحق العشرات من العائلات العراقية والاردنية والسورية والفلسطينية من مآسي في حرب اختلطت فيها دماء مواطنين في دول المنطقة وهي لا تزال في بداياتها. السائق احمد وزوجته العراقية سند 27 عاما اللذان لم يمض شهر على انجابها ولدهما، عبد الله، احتفلا فقط قبل اقل من عام بزفافهما الذي جاء نتيجة علاقة حب في بغداد، حيث كان احمد يستقر ولا يزال مع عائلته.الفقيد أحمد البظ وكانت سند جارة لاحمد في منزله الذي ولد فيه في بغداد وتدمر جزء منه، وفق ما اورده اخوته خلال اليومين الماضيين من جراء الصواريخ التي تلقيها الطائرات الحربية. وشاءت الاقدار ان تقرر العائلة الاردنية من اصل فلسطيني تملك شركة للنقل على خط «عمان ـ بغداد» منذ عام 1996، وتتألف من احمد ورشيد وامجد ووالديهم مغادرة العراق الى بيتها في عمان، كي لا تعيش تحت القصف كما سبق وعايشته عام 1991، وخصوصا ان سند كانت على وشك ان تضع مولودها تحت التعسف بعيداً عن الاجواء النفسية التي استجدت منذ اشهر في العراق. زرت عائلة السائق في بيتها في احدى ضواحي عمان، حيث التقيت باشقاء الضحية ووالدته وزوجته وابناء عمومته في بيت لم ينقطع عنه الجيران والاقارب لمواساة العائلة في مصابها. اقارب هرعوا من الاراضي المحتلة حيث يعيشون هم كذلك تحت قهر آخر، اذ اتوا من نابلس ومدن فلسطينية محتلة اخرى، رفضوا التصوير حتى لا يتعرف «الشرطي الآخر» (جنود الاحتلال) الذي ينتظر عودتهم لملاحقتهم.وبدأ اكبرهم سنا، محمود جردات قريب العائلة الذي قدم من الضفة، قائلاً: فور ابلاغنا بمقتل احمد اسرعنا للمجيء الى عمان والوقوف الى جانب العائلة». اما اخوة الشاب احمد، فكانت علامات الارهاق وشعورهم بالفاجعة في فقد اخيهم واضحة عليهم، اذ لم يتمكنوا حتى من اخراج جثته من العراق والصلاة عليها قبل دفنها، واضطروا الى الاعتماد على اقارب لدفنه في بغداد.

وقال رشيد اكبرهم، وهو يحمل صورة لاخيه مع رضيعه اخذت له قبل 10 ايام من وفاته، «توقف احمد في طريقه الى بغداد في الاستراحة لاجراء مكالمة هاتفية مع اهل لنا هناك. كان يصطحبه في رحلته مواطن اردني وآخر عراقي».

زوجة وشقيق الفقيد البظوسألته لماذا خاطر ليلتها وهو يعلم ان القصف قد يبدأ في اي لحظة؟ فقال «هذا هو رزقنا ومن هذا العمل نرتزق فماذا نعمل؟ عدت شخصيا صباح الاربعاء من بغداد، وهو انطلق عصرا، اذ اتناوب معه على نفس السيارة من نوع جيمس». واضاف «ان الضربة اتت في منتصف الليل اي قبل انتهاء انذار (الرئيس الاميركي جورج بوش) للرئيس العراقي باربع ساعات لان توقيت انتهاء الانذار كان من المفروض ان يكون الساعة الرابعة صباحا، وكان من المتوقع ان يكون احمد قد وصل الى العاصمة العراقية قبلها». ومضى يقول «ونظرا لقلقنا وقلق زوجته وامه كنا نتصل مع اهلنا في بغداد، في كل نصف ساعة حتى نتأكد من ان اخانا قد وصل بخير». قاطع امجد، الاخ الاصغر ليقول «لم يبق سوى ساعة ونصف الساعة بينه وبين حي المنصور لبغداد، حيث كان في انتظاره اصحابه وابن عمنا هناك». وتابع متأثرا «لقد ابلغونا عندما وصلت سيارته مع الراكبين اللذين كانا بصحبته، اذ اخذا السيارة وهربا بها نحو بغداد من شدة القصف.

اي وصلا الى موقف السيارات بعد الواحدة والنصف صباحا تقريبا، وعندها فقط عرفنا بالامر. فقد رأوه تحت الانقاض. وقالوا لهم «ان صاروخا نزل عليه في الاستراحة. فانطلق الشباب نحو الاستراحة، واجريت انا من هنا بعض المكالمات الهاتفية بمحلات الاتصال في نقطة 160 لاسألهم، فاكدوا لي ان صاروخا قد نزل، ويوجد شخص تحت الانقاض، وكنا نتمنى الا يكون أخانا، اذ بقينا على تلك الحال حتى السابعة صباحا حين تلقينا مكالمة هاتفية تؤكد انه احمد».

* لماذا لم يسعفوه لحظتها؟ ـ لم يكن باستطاعة احد فعل شيء. فقد كان موجودا بين حطام جزء من بناية ولم يتم اخراج جثته.

الا في مساء اليوم التالي. ولا تنس ان الناس كلهم اختفوا بعد بدء الانذار. وسبق لنا ان جربنا القصف الاميركي عام 1991 في بغداد ونعرف ان اميركا لا تفرق بين حي مدني وعسكري او شارع او غيره.

فأي مركز اتصالات لصدام في استراحة 160، حتى تقصفها واشنطن، فقد رأيتها ورآها الجميع انها نقطة مدنية ودار استراحة على الطريق بين بغداد وطريبيل يرتاح فيها الناس وسائقو الشحانات والسيارات.

* لم ينقل جثمانه الى عمان، كما هو حال جثامين الطلاب الاربعة، فماذا حصل؟ ـ لم نستطع حتى الآن، لأن اجراءات اخراج جثمان من دولة الى اخرى معقدة وفي اليوم الاول من القصف اخلت وزارة الخارجية العراقية موظيفها من المقر وكذلك السفارة الاردنية فضلا عن ان الطريق غير آمن. ولذا بقيت جثته في ثلاجة بمستشفى بمنطقة الرمادي لاكثر من ثلاثة ايام.

ثم قبلنا بأن يدفنه ابناء عمومتنا هناك في مقبرة الغزالي ببغداد، والمقبرة سبق ان دفن فيه عمه. * متى ستقومون بزيارة قبره؟ ـ اقاربنا هناك، فضلوا الا نذهب الآن لان اميركا تكثف قصفها للمناطق المأهولة بالسكان واليوم فقط دمرت جزءا كبيرا من بيتنا في بغداد بأحد الصواريخ التي سقطت على بغداد.

* ـ هل من اجراءات قانونية ستتخذونها ضد الجيش الاميركي والبريطاني؟ ـ نعم سنقوم برفع دعوى هنا في عمان ونجري الاتصالات مع محاميين لهم خبرة في القانون الدولي وارتكاب جرائم الحرب كي يبحثوا طريقة رفعها.

* وماذا عن السلطات المحلية، ماذا قدمت لكم من تسهيلات؟ ـ الاميرة هيا، قدمت لنا التعازي عنها وعن الملك، وسألونا ان كنا نحتاج الى اي شيء. ونحن الحمد لله لا نحتاج الى شيء.

* لكن ماذا تريدونهم ان يفعلوا كونكم لم تتمكنوا من اخراج جثة اخيكم من العراق والصلاة عليها هنا حيث توجد والدته؟ ـ نطالب السلطات الاردنية بان ترفع قضية عن مواطنيها، بمن فيهم الطلاب الاربعة، اذ ان احمد كان اول شهيد ثم سقط الطلاب الاربعة. ونريدها ان تكون اول السلطات التي ترفع قضية ضد بوش وتوني بلير. ليحاكموا كمحرمي حرب.

* وان لم يكن هناك امل في رؤية هذه الدعوى، فهل ستضمون في رفع دعواكم؟ ـ باذن الله لن نتوقف عن المضي في تحقيق ذلك. نحن نعلم ان العالم الغربي لن يستجيب لنا بسبب ما يوجد من اختلال في موازين القوة، لكننا سنطالب بذلك وسنطالب الى يتحقق مطلبنا.