واختراع اخر القومية
اليهودية , واليهود ليسوا قومية، كما نعلم، بل ديانة ، وليسوا عرقاً أو
سلالة، بل أخلاطاً عرقية ,فالقومية بمفهومها الصحيح هي الإيمان بأن الشعب واحد
تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح .
وبعدها اختراع ( دولة
الشعب اليهودي ) , ويجب على العالم وخاصة العرب بأن يعترفوا بها ولا حل للصراع
العربي "الإسرائيلي" بدون ذلك الاعتراف .
وهنا الغريب والعجيب
والمستهجن , اختراع جديد لا مثيل له في العالم , ما يسمي ( اللاجئين اليهود )
؟؟؟!!! .
فهذا الاختراع لم يأتي
من فراغ ,بل مع محاولة بعض اعضاء الكونجرس الامريكي التي دعت الى وقف تمويل صناديق
المنظمات الداعمة للاجئين الفلسطينيين , كما تبلورهذا الاختراع في اطار الجهود "الإسرائيلية"
للتنصل من الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين, ومحاولة الربط بين ما يسمي (
باللاجئين اليهود ) وقضية اللاجئين الفلسطينيين , ووضعها كشرط مسبق لعملية السلام
في الشرق الأوسط , في محاولة من الجانب "الإسرائيلي" من عملية ضرب
القيمة القانونية للاجئين الفلسطينيين .
من المعروف أن اللاجئ
هو الشخص الذي طرد من وطنه أو ترك وطنه ولجأ الى دول اخرى بسبب جائر منها الحروب
والصراعات التي تؤثر سلبا في حياته .
وهنا القانون "الإسرائيلي"
يعتبر اليهود الذين هاجروا الى "إسرائيل" عائدين ( الى أرض الآباء
والأجداد ) أي انهم ليسوا لاجئين ,كما أن "إسرائيل" كانت تقوم بحملات
إعلامية ودبلوماسية ضد الدول التي كانت تضع قيودا على هجرة مواطنيها اليهود الى "إسرائيل"
, وخاصة ما حدث مع مجموعة الدول الاشتراكية التي كانت تدور في فلك الاتحاد
السوفيتي سابقا ,وعملية تهجير الفلاشا من اثيوبيا عن طريق السودان في عهد _جعفر
النميري _ والتي كانت عملية سرية واعتبرتها "إسرائيل" عملا بطوليا .
فهذا الاختراع الجديد (
اللاجئين اليهود ) تم كشفه من خلال وثيقة رسمية تتضمن الموقف الرسمي الذي يفترض
بتل أبيب أن تعرضه خلال مفاوضات التسوية مع الفلسطينيين , هذا ما أشارت له
صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" والتي أكدت أن الوثيقة هي حصيلة قرار سياسي "إسرائيلي"
مصدره رئاسة الوزراء ( بنامين نتنياهو ) ينص على لزوم أن تكون مشكلة ( اللاجئين
اليهود ) من الدول العربية من الان فصاعد قضية سياسية في المفاوضات حول الحل
الدائم مع الفلسطينيين .
وما تفتقت عنه ذهنية
قادة "إسرائيل" من افكار جهنمية واختراعات حسابية أن عدد هؤلاء اللاجئين
الذي جري احتسابه انطلاقا من تاريخ قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في تشرين
الثاني ( نوفمبر ) ( 1947 ) وانتهاء بعام ( 1968 ) وحسب هذا المعيار فقد
احصت الوثيقة ( 800 ألف لاجئ يهودي ) في مقابل ( 600 الى 700 ) الف
لاجئ فلسطيني خلال هذه الفترة , وقيمة الممتلكات التي خسرها اللاجئون الفلسطينيون
في تلك الفترة تصل الى ما يقارب ( 450 ) مليون دولار وهو مبلغ تقدر قيمته الحالية
نحو (3,9 ) مليار دولار , أما ( اللاجئين اليهود ) من الدول العربية فقد
خسروا وحسب زعم الوثيقة ما قيمته ( 700 ) مليون دولار أي نحو ( 6 ) مليارات دولار
وفقا للقيمة الراهنة .
واوصت الوثيقة بألا
تكتفي "إسرائيل" بالمطالبة بتعويضات شخصية لما يسمي ( لاجئين يهود )بل
تطالب بتعويض لدولة "إسرائيل" , التي انفقت موارد في سبيل استيعابهم
خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي .
وهنا التناقض في
الروايات "الإسرائيلية" , ما لفت اليه مراسل صحيفة هآرتس "الإسرائيلية"
, أي ان الحملة الجديدة تتعارض والرواية "الإسرائيلية" الرسمية على مدار
عشرات السنين , القائلة أن يهود الدول العربية هاجروا الى "إسرائيل"
طواعية لدوافع أيديولوجية صهيونية .
وما ظهر من وثائق
وحقائق تؤكد تورط ( الوكالة اليهودية للهجرة ) و ( أذرع الموساد ) في تهجير اليهود
من أوطانهم الأصلية ,وأن الالية التي اعتمدت لتنفيذ هذه المهمة تمثلت في العمل على
تشجيع اليهود على الهجرة أو ارهابهم من خلال أعمال العنف المصطنعة ضدهم بهدف
دفعهم للهجرة .
فالوثائق الرسمية "الإسرائيلية"
ذاتها تؤكد أن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" ( دافيد بن غوريون ) هو الذي
قرر جلب يهود الدول العربية بعد أن كانت (الحركة الصهيونية ) قد استبعدت
جلبهم , حيث انها كانت تخطط لإقامة "إسرائيل" اعتمادا على اليهود
الغربيين فقط ولكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية , شعرت الحركة الصهيونية
بأنها تحتاج الى تهجير اليهود في الدول العربية من أجل تحسين الثقل الديموغرافي
لليهود في مواجهة الثقل الديموغرافي للفلسطينيين .
من أجل تحقق هذا الهدف
أمر ( دافيد بن غرويون ) بإرسال بعثات من المستشرقين اليهود الى الدول العربية
التي يوجد فيها اليهود لجمع معلومات عنهم , ثم الشروع في محاولات اقناعهم بالهجرة
,وعندما تبين أن هذه البعثات لم تحقق النجاحات المطلوبة منها, أمر بتنفيذ عمليات
ارهابية من خلال عملاء ضد الوجود اليهودي في العالم العربي , فكان تفجير
المعابد واغتيال الشخصيات اليهودية النافذة من أجل بث الرعب والفزع في نفوس اليهود
ودفعهم الى الفرار الى "إسرائيل" .
كما أن الصهيوني ( شلومو
هيليل ) رئيس الكنيست السابق , يعترف في كتابه أنه عمل على تهجير يهود سوريا
ولبنان وايران اضافة الى يهود العراق , وحسب اعترافه أنه كان مكلفا من قبل (
الوكالة اليهودية ) وكان من وسائله لتهجير اليهود من العراق , عن طريق طائرات تصل
سرا مطار قديم غير مستعمل على بعد ( 35- 40 كم ) من بغداد يطلق عليه مطار (بعقوبا
) .
كما أعداد جريدة (
زيخروت ) تحمل شهادات جنود وضباط "إسرائيليين" يعترفوا أنهم تلقوا أوامر
بطرد الفلسطينيين من اراضيهم .
وفي اطار حملة الاختراع
الجديد لما يسمي ( اللاجئين اليهود ) عقد يوم الجمعة _21/9/2012 _ مؤتمر خاص للمرة
الاولى في مقر الأمم المتحدة في نيويورك , والذي قال فيه ( أيالون ) نائب وزير
الخارجية "الإسرائيلي" ( أننا لن نتوصل الى السلام دون حل قضية اللاجئين
بما في ذلك "اللاجئين اليهود" فالعدالة ليست حكرا على طرف واحد ,
لذا يجب تطبيق اجراءات متساوية على الطرفين ) !!! .
وكان المؤتمر الذي
عارضه مبعوثي الدول العربية ( ما عدا ممثل عن مصر العربية ؟؟؟!!! ) وممثلين
عن المنظمات اليهودية وعدد قليل من مبعوثي بعض الدول في الامم المتحدة .
وهنا عجب العجاب يريدون
خلط الماء مع الزيت ,اساسا لا وجود لأي وجه للمقارنة بين من طردوا من منازلهم عنوة
وتحت ازيز الرصاص وانفجار القنابل وهدم البيوت وحرق المزارع , ومن خرجوا من
بلادهم بتخطيط وتنظيم من قبل منظمة يهودية تعمل على جلب اليهود من شتي بقاع العالم
ليستعمروا فلسطين ويتم تجميعهم لإحلالهم مكان السكان الاصليين للبلاد .
فنحن شعب فلسطين لدينا
اثباتات تاريخية , وهم لديهم اختراعات تاريخية ,نحن لدينا قوانين دولية , وهم
لديهم تزييف دولي , ونحن لدينا شهود عيان من دمهم ولحمهم .
السؤال هنا : اذا كان
يوجد ( لاجئين يهود ) من دول عربية فنحن لدينا حل سهل جدا ونقبل به , اللاجئ
قانونيا وتاريخا وانسانيا يعود الى وطنه , اذن فليعود اليهود من اصل عربي الى
موطنهم في البلاد العربية ونحن في فلسطين نعود الى وطننا فلسطين .
أسامة مبارك
27/9/2012
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة
النشر بشرط ذكر المصدر"