وطني حبيبي – مريم العلي

بواسطة قراءة 2461
وطني حبيبي – مريم العلي
وطني حبيبي – مريم العلي

بسم الله الرحمن الرحيم

حب الوطن والتمسك به والاحساس بالانتماء اليه، شعور فطري غريزي يعم كل الكائنات الحية  الانسان والحيوان، فمثلما الانسان يحب وطنه ويالفه ويحن اليه متى ابتعد عنه فإن الحيوانات هي ايضا تحب وتألف اماكن عيشها ومقارها واذا ما تعرضت اماكنها الى الخطر ستقاتل وتضحي بنفسها وامثلة كثيرة بهذا الخصوص لا داعي للاطالة بذكرها .

ولأن حب الانسان لوطنه وحب الوطن غريزة متأصلة فى النفوس، والشريعة الإسلامية: في القرآن والسنة، تؤكد ذلك الحب والانتماء فطرة مزروعة فيه فحتى لو كان الوطن جافا، جرداء ارضه، قاسيا مناخه، تلهب اديمه اشعة الشمس الحارقة، وتزكم الانوف هبات غباره المتصاعدة، وتحرق الوجوه لفحات هجيره المتقدة، ويكون عرضة للزلازل وتفجر البراكين، او تكون ميدانا للاعاصير والفيضانات، او غير ذلك من السمات الطبوغرافية والمناخية التي ينفر منها الناس عادة، لكن الوطن، رغم كل هذا، يظل في عيون ابنائه حبيباً وعزيزاً وغالياً، مهما قسا ومهما ساء.فكيف اذا كان ذلك الوطن فلسطين ولكن هل فلسطين تعرف حقيقة حب ابنائها لها؟ هل فلسطين تعرف حقا انها حبيبتا وعزيزتا وغاليتا على اهله؟ .

ان الحب لاي احد او اي شيء، لا يكفي فيه ان يكون مكنونا داخل الصدر، ولابد من الافصاح عنه، ليس بالعبارات وحدها وانما بالفعل، وذلك كي يعرف المحبوب مكانته ومقدار الحب المكنون له. والوطن لا يختلف في هذا الوطن يحتاج الى سلوك عملي من ابنائه يبرهن له على حبهم له وتشبثهم به.

واذا كان حب الوطن فطرة فإن التعبير عنه اكتساب وتعلم ومهارة، فهل قدمنا لابناءنا من المعارف ما ينمي عندهم القدرة على الافصاح عمليا عن حبهم لوطنهم والتضحية من اجله؟ وهل نبرر خنوعنا وصمتنا بالتقاعس والتقصير على الانظمة وحدها ونبرء ساحتنا بالتاكيد لا وعذرا اذا ما كنا قاسين في تعبيرنا فالشعوب هي صانعة القرار وحدها بدمائها وتضحياتها وان روح الياس والاستسلام والاعتماد على الغير لهي عوامل للهزيمة .

ونحن هنا نتسائل هل للهزيمة ثقافة وانتماء نعم للهزيمة ثقافة هذه الثقافة تعتمد فلسفة تدمير الوعى الفطرى والمكتسب لدى الإنسان وتحطيم كرامته وتشويشه واقناعه بأنه لا يساوى شيئا وعندما يصل الى هذه المرحلة يكون قد اصيب باليأس من حياته ومن الناس ومن الدنيا كلها وتبدأ القيم الأخرى في التراجع وأخطر ما يصيب الأمم والشعوب أن تهزم من الداخل ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) سورة آل عمران .

ولكن ما هي القيم التي تتراجع في داخل الإنسان؟وكيف نتحاشى وصول الإنسان إلى هذه المرحلة؟وما هي الشريحة التي تكون أكثر عرضة لثقافة الهزيمة؟ وما هي الدوافع التي تقع خلف ثقافة الهزيمة؟ وما هي الحلول لمعالجة ذالك؟وهل نحن شعب مهزوز منهزم تعشعش بيننا ثقافة الهزيمة؟ الحكومات تطلق الشعارات وتهتف بوطنية وخداع وبالخفاء والمساومة والاستسلام والكثير من الشعوب تصفق وتهتف وعلماء السلطان والاقلام المأجورة كفى نفاق كفى كذب نكون أو لا نكون يا مثقفين يا شعوب لا تقفوا عند حدود الكلمات لنعلن عن أننا شعب لن يخضع لذل ولن يموت وعلى كل المثقفين والشعوب الحية عامة وشعبنا الفلسطيني خاصة فضح الكاذبون وكشف حقائقهم كفى سلبية لا تصدقوا الكاذبين لا تصدقوا المساومين لا تصدقوا من صافح الشيطان لا تصدقوا من همهم السلطة فقط يا مثقفينا دوركم ومسؤوليتكم كبيرة لتوضيح الصورة يا مثقفينا ويا شعوبنا كفاكم نوم وسبات الوحدة والتلاحم والتجمعات ضرورية اهتفوا اكتبوا ثقفوا من حولكم  لنكتب لنحاور لنعلن الرفض لكل سوء وخيانة وكل فساد لا نكتفي بما نكتب لنثقف من حولنا ونشجعهم على أن يكونوا مؤثرين في تثقيف الآخرين لأفكارالخلاص الشعبي من الخيانة وفقدان الكرامة الجاثم على صدر شعبنا لنثقف على الوقوف ضد الخنوع والياس والاستسلام وأرباب فساد الماضي والحاضر لنطلق دعوتان الأولى هيا فتوة للجهاد هيا لجهاد ظلم الخيانة والتخاذل والتفرقة ولنسقط الفساد والثانية لندعو لثقافة التحرير والحوار البناء والنظام والقانون لنعمل من اجل ذلك كفى كلمات جوفاء لقد فقدنا  كل شيء حتى تاريخنا النضالي فقدناه امام الشعوب تحت احاجيج باطلة لا تمرر حتى على طفل رضيع ضعنا وضاع كل شيء القدس في الإسلام دينا وحضارة وتاريخا وتراثا .. بؤبؤ عين الأمة وسويداء فؤادها أو هي رئتها الثانية التي تتنفس منها هواء نقيا بعد مكة ومدينة محمد عليه الصلاة والسلام .. هي كذلك في القرآن الكريم الذي باركها " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنرية من آياتنا إنه هو السميع البصير "  والا سيكتب التاريخ عنا وليس على الانظمة لوحدها وسنكون مقصرين بحقنا امام الله اولا وامام مستقبل شعوبنا وان التاريخ لا يرحم احد وانني لعلى يقين بان شعبنا مجرب عبر العصور بانه طاقة لا تنظب بالعطاء والتضحية وسيذكر الوطن دائماً شهداءه العظام في كل الساحات وفي كل الأزمان لأنهم مشاعل تنير الطريق إنها الشهادة قيمة القيم ورمز النقاء والارتقاء إلى عوالم الخلود الأبدي.‏  تستذكر الأجيال قصص بطولاتهم وتتناقلها على مر الزمن تكريماً لمآثرهم واعترافاً بفضلهم وتضحياتهم في سبيل شعبهم وأمتهم ووطنهم الشهادة قيمة كبرى مأثرة ليس من السهل بلوغها إلا عند الذين وصلوا إلى مرحلة من نكران الذات وافتداء الأهل الوطن بالروح والدم وهو أغلى ما لدى الإنسان.‏

                                                 

10/10/2009

اختكم مريم العلي

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"