العجيب ونحن في
زمن العولمة والتطور التقني والتكنولوجيا، نرى مثل هذا الكذب الصراح المفضوح من
إذاعة يفترض أن تنطلق من منطلقات المصداقية والمهنية كما يقولون، خصوصا في دولة
تعتبر نفسها عظمى كروسيا!
حاولت أول ما قرأت
التقرير أوهم نفسي بوجود خلل تقني أو أني أقرأ بشكل خاطئ! لكن عندما أيقنت أن
التقرير نقل لهم عن طريق صحفية من بغداد اسمها ( نازك محمد خضير ) عندها أصبت
بالذهول والغرابة الشديدة، من هذا الكذب المتعمد والتجني والافتراء المفضوح!
حتى لا أطيل سأرد
على ما جاء في هذا التقرير الكاذب، وقد يكون مدفوع الثمن ومسيس، لخدمة فئات معينة
في العراق وخلط الأوراق وتغيير الحقائق وطمسها! ونحن زمن لم يعد يخفى شيء والكذب
حبله قصير كما يقال!
عنوان التقرير هو
" تهجير مئات الفلسطينيين من كبرى مدن العراق على يد
"داعش"!!
كلنا يعرف الموقف
الروسي الجائر والمنحاز من القضية السورية، ويبدو إعلامهم يسير في العراق على
طريقة ( النسخ واللصق !) وتضليل مع سبق الإصرار والترصد كما يقال!
عنوان يريد إيصال
فكرة موهومة في ظل ما يحصل في العراق، والاتكاء على أضعف حلقة هناك وهم فلسطينيي
العراق، مستغلين شماعة ما بات يعرف بـ " داعش" حتى صار يحمل أوزاره
وأوزار غيره، بسبب الإعلام المغرض والأبواق المأجورة.
جاء في بداية
التقرير الفقرة التالية باللون الأحمر:
نزح
مئات اللاجئين الفلسطينيين المُجنسين في العراق مُنذ 66 عاماً، من الموصل، ثاني
أكبر مدن البلاد، هرباً من الموت على يد التنظيم الإسلامي بما يعرف
بـ"داعش" المُسيطر على المدينة.
أولا لم ينزح من
الموصل إلا 30 عائلة بعد سيطرة المسلحين على المدينة، باتجاه أربيل، وسبب النزوج
ليس ذلك إنما ترقبا وخوفا من المجهول، سرعان ما رجع غالبيتهم نتيجة الغلاء الفاحش
وعدم قدرتهم على الاستمرار بالمعيشة في أربيل، وبقيت عشر عوائل في مخيم الخازر بين
الموصل وأربيل.
من خلال متابعتنا
وتواصلنا مع أهلنا في الموصل لم تسجل أي حالة اعتداء على أي فلسطيني، بل غالبيتهم
مجمعون أن الوضع الأمني الآن في الموصل أفضل من ذي قبل، لكن هنالك معاناة من حيث
المعيشة والخدمات كسائر أهلنا في الموصل.
هنالك معلومة تدل
على أن ناقل التقرير لا يعرف شيئا إطلاقا عن الوجود الفلسطيني في العراق، عندما
ذكرت " الفلسطينيين المُجنسين في العراق مُنذ 66
عاماً" !! فهذا جهل وكذب، فلم يتجنس الفلسطينيين في العراق إطلاقا حتى
اللحظة، وهذه إحدى المعاناة التي ضاعفت ضائقتهم.
ومما جاء في
التقرير أيضا:
وترك
الفلسطينيون منازلهم الكائنة في مناطق مُتفرقة من الموصل"مركز محافظة
نينوى" شمالي بغداد، بعد سقوطها بيد "داعش" مُنذ أسابيع، مُتجهين
نحو بغداد، وإقليم كردستان العراق، وسبل معدومة لإغاثتهم.
هنالك الآن قرابة
250 عائلة فلسطينية في الموصل، 100 عائلة منهم في مجمع بمنطقة الكرامة وما تبقى
متفرقين، لم نسمع عن أي منهم غادر منزله باتجاه العراق، وأنا أتحدى كاتبة التقرير
والموقع المذكور ذكر اسم شخص واحد غادر بعد تاريخ 10-6-2014 من الموصل إلى بغداد،
وهذا يدل على تعمد الكذب والتضليل، فأي عاقل يعلم يقينا الآن أن مدينة الموصل أكثر
أمنا للفلسطيني من بغداد بآلاف المرات، والدليل أنه منذ عام 2003 لم تشهد مدينة
الموصل أي استهداف طائفي حتى اللحظة، بينما سجلنا أكثر من 300 فلسطيني قتلوا على
أيدي ميليشيا جيش المهدي وغيرهم!!
أضف لذلك أن ما
يردنا من معلومات أن عدد من العوائل الفلسطينية خصوصا الشباب غادروا في الأيام
القليلة الماضية من بغداد، خارج العراق بسبب سيطرة الميليشيات الطائفية على غالبية
مناطق بغداد، وحصلت حالات عديدة من القتل على الهوية، كما أن ميليشيا العصائب أكثر
من مرة اقتحمت مجمع البلديات واعتدت على بعض الأفراد، كما أن القوات الحكومية
كذلك!!
فأين الكاتبة من
تلك الحقائق أم أنه غير مسموح لتلك الإذاعة الروسية نشر الحقائق إلا ما وافق
سياستها الطائفية!!
ومما جاء في
التقرير العجيب الغريب:
وقال
المحامي غاندي أمين، مستشار الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين، لوكالة
"روسيا سيغودنيا"، إن "مئات الفلسطينيين هجروا الموصل، ولم يبق
فلسطيني فيها حسب معلومات مؤكدة لدينا، بعد سقوط المدينة بيد تنظيم داعش".
لا أدري هل المدعو
" غاندي أمين" فلسطيني من فلسطين المحتلة أم فلسطين التي في كوكب
المريخ!!
يفترض بشخص محامي وحقوقي
مثله، أن لا ينقل معلومة كاذبة وغير صحيحة، ثم من أين جاء بهذه المعلومة بأنه لم
يبق فلسطيني في مدينة الموصل حسب معلوماته المؤكدة!! فكيف لو كانت المعلومات غير
مؤكدة؟!! كان يمكن أن يقول: أن الفلسطينيين هم الذين سيطروا على 60% من مساحة
العراق!!
صدق رسول الله
عليه الصلاة والسلام عندما قال( إذا لم تستح فاصنع ما شئت )، وقال عليه الصلاة
والسلام ( سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ،
يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، و يُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، و يُؤْتَمَنُ فيها
الخَائِنُ، و يُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، و يَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قيل: و
ما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ ).
نؤكد بأن العوائل
لا زالت في الموصل باستثناء عشر عوائل دخلوا مخيم الخازر لا غير.
ثم قال المحامي
الذي لم نسمع له أي تصريح يتعلق بالاضطهاد والمعاناة التي مر بها فلسطينيي العراق
طيلة أكثر من عشر سنوات:
وأضاف
أمين أن الفلسطينيين في العراق وجميعهم مُجنسون منذ زمن بعيد، توجهوا نحو العاصمة
بغداد، ومدن إقليم كردستان حيث نزحت العوائل الموصلية، لتردي الأوضاع وتفاقمها
بإنتشار الإرهاب.
أنا أستغرب من
تكرار معلومة التجنيس هذه!! فأي فلسطيني عاش في العراق أو شخص في أي دولة في
العالم لديه أدنى تواصل مع أي فلسطيني سيضحك ويستغرب على هذه المعلومة الملفقة
الكاذبة!!
ما الغرض من إثارة
مثل هذه المعلومة ومن البديهي أن فلسطينيي العراق لم يجنسوا وهذا ما زاد معاناتهم
في السنوات الماضية، حتى لم يستطيعوا أن يفروا من القتل الطائفي الصفوي إلا بشق
الأنفس وبطريق غير قانونية وفتحت مخيمات صحراوية بعضها لا زال قائما حتى اللحظة!!
العجيب يحاول
التقرير بيان أن العوائل الفلسطينية، هربت من الوضع المأساوي في الموصل التي يسيطر
عليها المسلحون السنة! إلى بغداد التي تسيطر عليها الميليشيات الطائفية الشيعية
كالعصائب وجيش المهدي وحزب الله العراقي وأبو الفضل العباس وغيرهم!!
يضيف التقرير نقلا
عن " غاندي أمين":
ولفت
أمين إلى أن غالبية الفلسطينيين يخافون في الظرف الراهن أن يُصرحوا بإنهم من
فلسطين خوفاً من القتل على يد عناصر "داعش" والتنظيمات المسلحة الأخرى
في العراق.
الحمد لله وجدت
نصف معلومة صحيحة من كلام المدعو غاندي!! وهي أن غالبية الفلسطينيين يخافون أن
يصرحوا أنهم من فلسطين، وهذا صحيح لكن خوفا ممن؟! الحقيقة التي طمسها وضللها أنهم
خوفا من الميليشيات الطائفية في بغداد، والدليل أن غالبية شهدائنا – بإذن الله-
سقطوا في بغداد على يد تلك الميلشيات!! أم أنه يريد ركوب موجة " داعش"
ويطبل لها ويخوض مع الخائضين!!
للتنبيه أنا هنا
أبين الحقائق التي تخص فلسطينيي العراق كوني متخصصا بهذا الملف، وعندي إلمام بكل
صغيرة وكبيرة فيه، ولست بصدد الدفاع أو تقييم داعش وغيرها هنا، فلا مجال لذلك،
لأنه ليس تخصصي، فأنا أتحدث عما يخصني.
ثم لم نسمع من قبل
أو حاليا أن التنظيمات المسلحة في العراق عدا الميليشيات قامت باستهداف
الفلسطينيين إطلاقا! فلماذا هذه المغالطة؟!!
ثم يكمل التقرير
قائلا:
وحصلت
وكالة "روسيا سيغودنيا"، على إحصائية تشير إلى أن 13500 لاجئ فلسطيني
يقطن العراق، غالبيتهم تزاوجوا مع العراقيين، وأصبح من الصعب جداً التفريق بينهم
لإتقانهم اللهجة العراقية.
بخصوص الإحصائية
فهذه قديمة أما ونحن في منتصف 2014 فلا يتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين( 6000
فلسطيني ) غالبيتهم في مجمع البلديات، وغير صحيح أن غالبية الفلسطينيين تزاوجوا مع
العراقيين، مع أن هنالك حالات زواج متبادل حصلت قديما وحاليا لكن لا تتجاوز 5%،
فلا أدري من أين هذه المعلومات المغلوطة!
فلا أدري ما
الغاية من نشر معلومات مغلوطة عن فلسطينيي العراق في هذه الإذاعة؟!! ألا يجدر بمن
حرر التقرير أن يتثبت وينشر معلومات دقيقة ذات مصداقية بدلا من الترويج لمثل هذه
الأشياء وقلب الحقائق؟!! مع أن " معدة التقرير" يفترض في العاصمة بغداد
ومن السهل التوثق من تلك المعلومات.
أخيرا تذكير
لمحررة التقرير:
هل تعلمي أن عدد
الفلسطينيين في العراق عام 2003 قرابة ( 25000 فلسطيني ) تهجر أكثر من 80% منهم
إلى أكثر من 50 دولة في العالم بسبب الميليشيات الطائفية!! فأين تقاريركم حول هذه
الحقيقة؟!!
هل تعلمي أن أكثر
من 300 شهيد - بإذن الله- فلسطيني غالبيتهم قضوا على يد القوات الحكومية
والميليشيات الطائفية!! فأين أخباركم في إذاعة صوت روسيا؟!!
هل تعلمي أن مجمع
البلديات حاليا عبارة عن سجن وفيه مدخل ومخرج واحد، والأهالي خائفون جدا ولا
يخرجون إلا قليلا للضرورة بسبب الاستهداف والمضايقات الطائفية؟! فأين نصرة
المضطهدين عندكم؟!!
هل تعلمي أن بعد
تاريخ 10-6-2014 لدينا فلسطينيين مفقودين، وارتفعت نسبة التضييق على الفلسطيني
بمختلف مناحي الحياة؟!! فأين واجبكم الإعلامي؟!!
2/7/2014
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر
بشرط ذكر المصدر"