الجزء الثاني - نور الإسلام في متابعة سيد الأنام – ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4231
الجزء الثاني - نور الإسلام في متابعة سيد الأنام – ياسر الماضي
الجزء الثاني - نور الإسلام في متابعة سيد الأنام – ياسر الماضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :- علمنا أيها الأخوة أن من أركان الإسلام هي شهادة (لا إله إلا الله  محمد رسول الله  ) وأن من مقتضيات ومعاني شهادة محمد رسول الله هي الإيمان والتصديق بنبوته ورسالته ودليل صدق هذا الاعتقاد  يكون في إتباعه سنته عليه أفضل الصلاة والسلام و توقيره ومحبته وطاعته  فرض من الله علينا  فكل من يحب إنسان يقتدي به  ويقلده  وهذا دليل على صدق محبته والله تعالى جعل صدق محبته في إتباع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام قال تعالى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } قال ابن كثير رحمه الله :
هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع  الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله  فدل هنا أن الأتباع  هو دليل قاطع على صدق المحبة , وقد أجمل أهل العلم  في معنى شهادة محمد رسول الله  فقالوا  (هي طاعته فيما أمر ،وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه  وألا يعبد الله إلا بما شرع)  وبالتأكيد إن الحصول على سعادة الدارين يكون في متابعة النبي عليه الصلاة والسلام في أقواله وأفعاله قال تعالى : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }  ولا يجوز لأي احد أن يعتقد أو يقول إن القران الكريم هو كاف لفهم الإسلام من دون السنة النبوية المطهرة فعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ( لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ) 3989 سنن أبي  داؤد

وقد أمرنا تعالى في كتابه في متابعة النبي والأخذ من أقواله وأفعاله والانتهاء عما نهانا عنه  بقوله تعالى { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } وكما إن كلام الله تعالى هو وحي من الله تعالى منزل على رسوله كذلك السنة النبوية هي وحي من عند الله تعالى بقوله تعالى {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} وقد أكد النبي عليه الصلاة والسلام من أهم أسباب دخول الجنة هي طاعته ولزوم أوامره  بقوله عليه الصلاة والسلام ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا : ومن يأبى ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) فقد كان الصحابة  رضي الله عنهم يقلدون النبي حتى في مكان تبوله عليه الصلاة  والسلام  كما كان يفعل  عبد الله بن عمر رضي الله عنهما   وقد شاهد الصحابة   علي  رضي الله عنه  يركب الحمار ويتبسم فسألوه عن سبب تبسمه  فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك  هكذا وصلت درجة متابعة الصحابة رضي الله عنهم للنبي عليهم الصلاة والسلام  حتى في أمور ليست واجبه عليهم  وأما عن وجوب محبته قال تعالى
{  قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } (24)التوبة وقوله صلى الله عليه وسلم
(فو الذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ) صحيح البخاري وذكر ألعلماء أن دليل المحبة  يكون  في أتباع سنته وتحري هديه عليه الصلاة والسلام وكما أكد الشرع  على محبته  وشدد على عدم الغلو فيه  والغلو يكون من جهتين إما إفراط وإما تفريط  فالتفريط يكون في عدم الإيمان برسالته  تكذيبا وعناداً كما فعل اليهود والنصارى وغيرهم ومنهم من يقول هو رسول الله نعم لكن هو خاص بالعرب فقط  كبعض طوائف أهل الكتاب والله تعالى يقول في كتابه{  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (28) سبأ وهذا من أهم أسباب كفرهم  لذلك لا يجوز لنا أن نقول لماذا تقولوا عنهم كفار فنحن لا نسبهم بهذه الكلمة ولكن هي كلمة تقال في حكم من لم يؤمن ويصدق بنبوته عليه الصلاة والسلام الله ومنهم من غالى في محبته فأفرط في الغلو فيه ورفعه إلى مرتبة الإلوهية  فجعلوه نوراً أزليا ًوانه يعلم الغيب بل وصل بأحدهم أن صرح انه يجتمع بالنبي في اليقظة لا في النوم وأخرجوه عن بشريته قال تعالى{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }(110) الكهف  ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني) صحيح البخاري ومنهم من قال إن الله تعالى يتجلى فيه فتوجهوا إليه بأهم العبادات وهو التوسل والدعاء إليه والصلاة إلى قبره  والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (الدعاء هو العبادة ) لذا فيجب صرف العبادات لله سبحانه وتعالى فقط وغير ذلك من النصوص والأدلة الدالة على بشريته عليه الصلاة والسلام وأنه أفضل البشر،  وقسم من الناس الذين يدعون الإسلام  يقولون نحن في زمن غير زمن النبي عليه الصلاة والسلام وكيف لنا أن نحتكم بحكم من كان قبلنا بأكثر من ألف وأربعمائة سنة بدعوى إن الحياة تطورت وتغيرت وان العقل والحضارة لا تقبل ذلك ، يا أخي وهل الإسلام منعك من التطور والرقي في وسائل الحياة وان تصنع أو تركب سيارة أو طائرة أو تحمل نقالا أو تمشي في منتزه وغير ذلك بل  بالعكس  الإسلام مع كل تطور يخدم الإنسان وييسر حياته  وغالبية  فتاوى أهل العلم  في الوسائل الحديثة أنهم قالوا (حلالها حلال وحرامها حرام  ) بل ذكر أهل علم الحديث باباً سموه (السنة التركية) في أمور ومسائل كثيرة مثال ذلك هل كان عند النبي عليه الصلاة  والسلام  (ميكرفون) الجواب لا هل استطاع النبي أن يفعل هذا الجهاز ولم يفعله الجواب لا لم يكن ممكنا ً في عصره وكذلك بنسبه للمكتبة داخل المسجد هل أستطاع النبي عليه الصلاة عمل مكتبه للكتب في عصره ولم يفعل الجواب لا لم يكن ممكن في عصره طباعة الكتب  أما إذا كان ممكن عمل هذا الشيء في عصره عليه الصلاة والسلام ولم يعمله فلذلك علينا تجنبه أو إذا كان ورد دليل عن النهي عنه وهذا ما سموه بالسنة التـَركية  والأمثلة كثيرة كالساعة  وجدول مواقيت الأيام... الخ,   نلاحظ إن كثير من الفلاسفة  والمنظرين وضعوا التشريعات والقوانين   فجاءت جهودهم متناقضة ونتائجها معكوسة فأصاب مجتمعاتهم  الفساد والخراب والتفكك و الانحطاط  لأن هذه التشريعات جاءت بناء على رغبات ونزعات وشهوات أصحابها فابحث في عدد أبناء اللقطاء في هذه الدول وكيف هي أحوال الأسرة عندهم وكم عدد الجرائم التي تحصل أما التشريعات الإسلامية فتتميز بالواقعية في معرفة الإنسان وما ينسجم مع طبيعته  فخذ مثلا ً تشريع الحجاب في الإسلام الذي أنكره دعاة تحرير المرأة  بدعوى الحضارة والتمدن وانه مظهر من مظاهر التخلف والرجعية  فهذه هي كثير من الدراسات التي أجراها كثير من علماء الاجتماع أكدت إن الحجاب له تأثير في الحفاظ على صيانة المرأة وحمايتها والحفاظ على حقوقها واستقرار نفسيتها  وكذلك لو نظرنا إلى تشريعات المتعلقة بالحدود مثل حد الزنا أو حد القذف  الذي شرع الله تعالى فيهم الجلد والرجم على الزاني المتزوج فلا يمكن أن يقول عاقل منصف إن هذه التشريعات سلبيه أو قاسيه فلو شبهنا هذه الحدود بما يقوم  به الطبيب الجراح الذي يستأصل الجزء الفاسد من جسد المريض  لقلنا انه طبيب ماهر أنقذ حياة هذا الشخص بل يعطى مالاً أجرا على ذلك  فكذلك الحدود الشرعية عندما يقام حد على زاني أو قاذف أو قاتل  فإنما هو  تطهير لهذا الشخص وتطهير للمجتمع من هذا الشخص الفاسد كي لا ينتشر الفساد ومن اجل ردع أصحاب النفوس الضعيفة من نشر الفساد في الأرض  وهذا ما حصل فعلا ً في  عصر الحكم الإسلامي فقد قلت الجريمة بشكل كبير بسبب قوة ردع هذه التشريعات لأنها من لدن حكيم خبير هو خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه ,لذلك فان كل الخير والصلاح يكون في متابعة النبي عليه الصلاة والسلام فان هذا الدين العظيم  صالح  ويصلح لكل زمان ومكان أسئل الله العظيم أن يثبتنا على هذا الدين العظيم وان يوفقنا لإتباع صراطه المستقيم  وصلى اللهم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين  وعلى آله وصحبه أجمعين .

ياسر الماضي

3\1\2010