وقد ظنَّ البعض أنّ عودة
العراق لحضنه العربي بعد الاحتلال الأمريكي له إنّما يكون بعقد القمة العربية فيه
وحضور رؤساء الدول العربية وقادتها ، فطبّلوا وزمّروا لهذا الحدث وصرفوا من أجله
الملايين وسرقوا بسببه من قوت الشعب المليارات ، وقد حدثت القمة وانتهت ولم يزدـد
العراق من أهله إلا بُعدا .
وظن البعض أنّ عودة العراق لأهله يكون بالانسحاب
الأمريكي من العراق وقيام عملية سياسية توصل العراقيين إلى الحكم ليقودوا أنفسهم
بأنفسهم ، وهي فكرة صحيحة ولكنها على مستوى التطبيق فشلت فشلا ذريعا ، ذلك أن المحتل
الأمريكي لم ينسحب ، والانتخابات المشبوهة قامت على أساس خاطئ وأوصلت إلى السلطة
الغرباء عن البلد وأهله .
ولكي نعرف كيف يعود العراق لأهله يجب أنْ نعرف السارق
أولا ، وكيف سرق العراق ؟ وبعد ذلك سنعرف الطريق ليعود البلد لأهله وأمته .
أول السارقين وأوضحهم مكرا
وخداعا الاحتلال الأمريكي البغيض والذي قام بأكبر
عملية تزوير واحتيال على المجتمع الدولي ليبتلع العراق وخيراته وعلى طريقة راعي
البقر الأمريكي والذي يقتل بدم بارد ويعتبر السرقة شجاعة ونبلا ، وقد قام حماة الدار
من نشامى الرافدين بصدِّ هذا العدوان ودافعوا عن أرضهم بشراسة وشجاعة شرفت العراق
وأهله إلى يوم الدين ، ولا زالت المعركة مستمرة حتى يخرج هذا الاحتلال والذي جثم على
صدور العراقيين عقدا من الزمن .
وهذه الطريقة التي صد بها العراقيون الاحتلال
الأمريكي هي الطريقة المثلى والتي منعت السارق من الاستمرار بسرقته ، وأثبتت
له وبما لا يقبل الشك أنّ زمن الاستعباد والطغيان قد ولّى وأنّ أمانة الأرض
والدين لها من يدافع عنها ، أما الذين اختاروا مهادنة الاحتلال فقد صاروا شركاء له
في كل ما اقترف من جرائم ضد الشعب العراقي ، بل لعبوا دور الأدلاء له ليكشفوا عورة
الدار لأعدائها ، فصاروا عون العدو على أهلهم وأرضهم .
وثاني السُرّاق هو إيران ،
الدولة التي تسمي نفسها بالإسلامية وهي بعيدة كل البعد عن الإسلام
ومبادئه والتي من أسماها وأرقاها حسن الجوار ، فتسللوا إلى الديار بكل دناءة وخسة
وقلة مروءة ليطعنوا الجار في ظهره ويعينوا الكافر المحتل على الجار المسلم المظلوم ،
فأثبتوا وبجدارة أنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام وأخلاقه ، وبرهنوا أنهم جار
السوء الذي لا يستحق منا إلا أنْ نقاتله لنردَّ كيده واعتدائه علينا .
وثالث السُرّاق وأخطرهم ،
أحزاب وسياسيون من أبناء جلدتنا ويتسمّون بأسمائنا ويتكلمون
بألسنتنا ، ولكنهم أذناب الأجنبي وعَبيدَه ، مهدوا الطريق للأعداء وخانوا الأرض
التي ولدوا فيها وأكلوا من خيراتها ، والمؤسف في الأمر أنهم تسلّطوا على رقاب
العراقيين بخيانتهم وصاروا أمام الناس الممثل الشرعي للعراق ، وجندوا خيرات البلد وطاقاته لخدمة بقائهم
والذي هو في الحقيقة بقاء للاحتلال الأمريكي والإيراني للعراق ،
وأخصُّ بالذكر منهم ثلاثة أحزاب كانت محور الشر الذي مهد لإيران أنْ تحتل العراق
، وكذلك سرقوا إرادة جزء كبير من الشعب وادّعوا تمثيله وهم بعيدون كل البعد عن
أحلامه وطموحاته ، وهم :
المجلس الأعلى "للثورة الإسلامية" وذراعهُ
الإرهابي فيلق بدر ، وحزب الدعوة الفاشي ، والتيار الصدري وذراعه الإرهابي جيش المهدي .
نحن بحاجة وخصوصا في المرحلة
القادمة إلى معرفة عدونا وبالذات عدو العراق الداخلي
وتمييزه عن غيره من أبناء الشعب والذي اختلط بهم فحسبهم عليه وهم منه براء لمن أراد
منهم أنْ يتبرأ من هؤلاء بوضوح ويقف مع العراق وشعبه المخلص .
أيها الإخوة الكرام :
يعود العراق لأهله عندما
تُقطع يد سارقيه ويُطردون من أرضه الطاهرة ،
ويتولّى أمره أهل الأمانة والمروءة والعروبة والإسلام .
يعود العراق لأهله عندما
تكون خيراته لخدمة الأمة والشعب لا لخدمة الطغاة والمحتلين .
يعود العراق لأهله عندما
يَحكم فيه العدل والإنصاف والقانون الإلهي الحق ، لا أنْ تحكمه
الطائفية والمحسوبية والرشاوى والفساد والانتقام .
يعود العراق لأهله عندما
تحكمه حكومة من أهله وتُمثله في العقل والقلب والهوى، لا حكومة
طغاة ومجرمين هدفها خدمة الأجنبي والغرباء عن البلد .
وهذا واجبكم أيها المقاومون ،
فلقد بدأتم طريق الحرية والكرامة والتحرير وعليكم
أنْ تُكْملوا ما بدأتم حتى يعود العراق لأهله وللعرب ، وعند ذاك فمرحبا بكل عربي
مسلم يحب العراق وأهله ، فأنتم في بلد العروبة والإسلام ، وبين أهلكم وإخوانكم وذويكم .
عامر
سلمان العكيدي
المصدر :
موقع هيئة علماء المسلمين في العراق – الهيئة نت
17/11/2012