صرخة : مَنْ المسؤول عن تهجير وقتل أولادنا ؟؟!! - د. محمد أبو سمرة

بواسطة قراءة 904
صرخة : مَنْ المسؤول عن تهجير وقتل أولادنا ؟؟!! - د. محمد أبو سمرة
صرخة : مَنْ المسؤول عن تهجير وقتل أولادنا ؟؟!! - د. محمد أبو سمرة

ولذلك لابد لنا من السؤال والبحث والتفتيش عن المسؤول الفعلي والمباشر عن هذه الظاهرة المُنَّظمَّة الخطيرة ؟! وخصوصاً أنَّ الجميع يعرف ، أنَّه هناك هجرة متظمة إلى تركيا واليونان وبلجيكا وأسبانيا وألمانيا والدانمرك والنرويج والسويد وكندا والولايات المتحدة ، وأميركا اللاتينية واستراليا ، وغيرها من البلاد الأجنبية ، وهناك حتى لحظة كتابة هذه السطور عشرات العائلات الفلسطينية الغزية العالقة على الحدود بين الدول في صحارى أفريقيا ، وقد تقطعت بها السبل في طريقها إلى جنة أوروبا المزعومة ، وغيرهم من العالقين على الحدود بين العديد من الدول بأميركا اللاتينية ، ومئات العالقين في العديد من مطارات العالم !!! إنتبهوا أيها القوم ، إنتبهوا ياقادة شعبنا في الضفة والقطاع والخارج ، يا كل الفلسطينيين ، ويا كل الفصائل والأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية ، ويا منظمات وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني ، والشخصيات الرسمية والإعتبارية والوجهاء والمخاتير وزعماء العائلات ، نحن أمام مآساة حقيقية ، خطيرة ومنظمة تتشكل أمام أعيننا ، بينما ما زال البعض منا يمارس هوايته اللعينة في تبادل الشتائم وتكريس خطاب البُغض والكراهية ، والانقسام البغيض والدمار السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري والإعلامي ..

كل هذا يحدث ، بينما جثمان آخر الضحايا ، شهيد الظلم والغربة والظلم والفقر والبطالك والحصار ، بحاجة إلى توفير عدة آلاف من الدولارات ، وهي قيمة تكاليف نقله من اليونان إلى القاهرة ، فغزة ، حتى يدفن فيها ، بينما عائلته لاتملك توفير المبلغ المطلوب ، وسفارتنا باليونان ، تقول أنه لاتوجد لديها الإمكانيات المالية من أجل نقله إلى غزة ، مما اضطر رفاق هجرته وغربته ووجعه من الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، إلى مواراة جثمانه في تراب تلك الجزيرة اليونانية النائية ، التي أُستُشهد مرتطماً بصخور بحرها ، على بعد خمسة أمتار من شاطئها...!!!

وبكل الأحوال نحن أمام مأساة اجتماعية وإنسانية ووطنية خطيرة ومتكررة بشكل شبه يومي ، ولا أحد يرغب أويريد تحمُّل المسؤولية عما يحدث ، بينما في الحقيقة الجميع يتحمل المسؤولية عن هذه المصيبقة والكارثة الوطنية والإنسانية ، ورحم الله الخليفة العادل عمر بن خطاب ، حينما خاف أن يحاسبه الله على عدم تمهيد الطريق لبغلة قد تتعثر وهي تمشي في العراق ، ومما جاء في الأثر عن أمير المؤمني عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ، قوله الشهير : ( ويلك يا عمر، لو أنَّ بغلة تعثرت في العراق لسُئل عنها عمر : لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق؟ ) ... فكيف بكل مّنْ كان سبباً في دفع شبابنا وأطفالنا وبناتنا للموت على سواحل تركيا واليونان وأوربا ، وفي بحار وصحارى المنافي الجديدة؟! وقد كشفت آخر استطلاعات للرأي أُجريت في قطاع غزة ، أنَّ عدد الراغبين بالهجرة من القطاع غزة المحاصر المنكوب ، وصل إلى 40% ، رغم كافة المخاطر التي يدركها جيدأً الغزيون ، والتي انتهت في كثير من الأحيان بالموت أو السجن، وبثت ( هيئة البث الصهيونية باللغة العبرية / كان ) تقريراً متلفزاً لها يوم الأحد14/1/2019 ، سلطت فيه الأضوء على هجرة الفلسطينيين من القطاع المنكوب ، وقالت أنَّ :(40 ألف شخص غادروا القطاع في النصف سنة الأخيرة) ، والتقى المراسل الصهيوني غال برغر ، في أسطنبول بتركيا ، مع العديد من الشبان الفلسطينيين هاجروا من غزة إلى تركيا ، والتي هي محطة انتقالية من أجل العبور إلى أوروبا، بحثاً عن حياة أفضل لهم ولأطفالهم. وقال المهاجرون الفلسطينيون الذين تحدث معهم مراسل (كان )، إنهم : ( تغربوا عن غزة من أجل العثور على مستقبلٍ أفضلٍ ، رغم البعد عن عائلاتهم ومعاناة الحنين إلى الوطن ( ، وقال شاب فلسطيني من غزة اسمه إسكندر، غادر القطاع قبل 3 أشهر ونصف الشهر، مخلّفاً وراءه 3 أطفال وزوجة ، لمراسل هيئة البث الصهيونية للشؤون الفلسطينية، غال برغر، في تقريره الذي أعده من إسطنبول : ( لا مستقبل في غزة،أبسط الأمور غير موجودة ). وكشفت المعطيات التي نشرتها الأمم المتحدة، ، أنَّ : ( عدد المهاجرين من القطاع في النصف السنة الماضية ، بلغ نحو 20 ألف شخص ) ، بينما تتحدث المعطيات الصهيونية عن ضعف هذا الرقم ، وتقول أنهم (40 ألف مهاجر )!!. وقال التقرير التلفزيوني الصهيوني ، إنَّ : (50% من سكان غزة يرغبون في الهجرة منها. والسبب الرئيس هو الوضع الاقتصادي القاسي في القطاع ، ومن بين المعطيات التي تدفع الغزيين إلى الهجرة، أنَّ نسبة البطالة في غزة تبلغ 55%، وأن المياه غير صالحة للشرب، والكهرباء متاحة من 4ــــــ 8 ساعات يومياً ). وخلال الساعات والأيام اخيرة ، وعلى ضوء تكرار المآسي والكوراث والمصائب ، فقد تصدرت قضية الهجرة من قطاع غزة ، وماينتج عنها من مآسٍ وكوارث ومصائب للعائلات الفلسطينية ، اهتمامات وأحاديث المجتمع الفلسطيني ، وارتفعت الأصوات من شتى الأشخاص والهيئات والجهات تتحدث عن الوضع الكارثي والمزري الذي إضطر أبناء القطاع للفرار منه ، بحثاً عن طاقة أمل ورزق في مكانٍ بعيد ، ولكن أصبحت رحلة البحث عن الأمل ، هي نفسها رحلة الذهاب إلى الموت والمجهول والقسوة وجحيم الغربة ، وبالتأكيد هذه النتيجة الكارثية يتحمل مسؤوليتها الجميع ، وخصوصاً ، من تسببوا في صناعة مصيبة الانقسام ، ويصرون على استمراره مهما كانت النتائج والكوارث الجماعية ، ولقد حان الوقت الذي يصرخ فيه الكل الفلسطيني : كفى إستهتاراً بأرواح ومستقبل أبنائنا ، وكفى تدميراً وتمزيقاً وتشتيتا ًلمجتمعنا الفلسطيني ، توقفوا عن صناعة الكراهية والبغضاء والبؤس واليأس ، ولنعمل جميعاً من أجل إنقاذ مجتمعنا من المآسي التي تلاحقه ، ومن التفكك والتمزق ، وكذلك إنقاذ أبناءنا من الضياع والموت والغربة والهجرة والمجهول .

 

المصدر : أمد للإعلام

13/5/1440

19/1/2019