ماذا بعد تنازل الفلسطينيين عن حق العودة ؟ .. ماذا تفيد كل تعويضات الأمم لمن تنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في هياكل البيوت المؤقتة في العراق - بديع عويس

بواسطة قراءة 2542
ماذا بعد تنازل الفلسطينيين عن حق العودة ؟ .. ماذا تفيد كل تعويضات الأمم لمن تنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في هياكل البيوت المؤقتة في العراق - بديع عويس
ماذا بعد تنازل الفلسطينيين عن حق العودة ؟ .. ماذا تفيد كل تعويضات الأمم لمن تنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في هياكل البيوت المؤقتة في العراق - بديع عويس

ناصر جودة وزير خارجية الأردن وهو من أصول فلسطينية أبلغ مجلس النواب الأردني مؤخراً أن الحكومة الاردنية تريد أن تفاوض على التعويضات التي تستحق للدولة الأردنية وللمواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية في إطار عملية الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

التعويض يشمل معاناة التشرد، الممتلكات، وكذلك عدم العودة والتنازل عن حقهم بالعودة لديارهم طالما أن "إسرائيل" ترفض عودتهم.

هذا التعويض عن عدم العودة والتنازل عن حق العودة المرهون برضا "إسرائيل" يؤكد القبول بتشريع القوة "الإسرائيلية" لبسط نفوذها على أراض وممتلكات قبل أصحابها بالتعويض عنها. و"إسرائيل" ما دامت تمتلك فرض الأمن لوجودها لن تقبل عودة المهجرين من وطنهم إليه.

"إسرائيل" التي لم تكتف حتى الآن بمن هجرتهم من أراضيهم وقراهم ومدنهم عام 1948 الى خارج الأراضي المحتلة بل استمرت بتهجير الفلسطينيين من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى أخرى وتجريدهم من ممتلكاتهم في داخل الأرض المحتلة عام 1948.

الفلسطينيون في حي العجمي في يافا وفي أحياء القدس وفي المثلث والجليل يتعرضون للتهجير بأساليب متعددة، البناء غير المرخص، الاستيلاء على الأرض لدواعي أمنية أو شق الطرق.

وفي الأراضي التي احتلتها عام 1967 واصلت سياستها في الاستيلاء على أراضيها بالأساليب سابقة الذكر بل برعت بصناعة سماسرة الأرض لانتزاع الأراضي والعقارات من أصحابها فزرعت المستوطنات في طول البلاد وعرضها.

"إسرائيل" التي لم يتم الاعتراف بوجودها إلا بعد أن وافقت على شرطين أساسين وضعتهما الأمم المتحدة 1_ الاعتراف بالقرار 181 الذي صدر في 29_11_1947 وينص على تقسيم فلسطين الى دولتين يهودية وأخرى عربية. أقيمت الدولة اليهودية وتنكرت لحقوق الفلسطينيين الذين هجروا حتى اجتمعت الأمم المتحدة في 11 _12_1948 وأصدرت القرار 194 لضمان حق عودة اللاجئين الذين شردتهم "إسرائيل" والتعويض على اللاجئين الذين لا يختارون العودة.

يبدو أن القرار لا يعني التنازل عن حق العودة شرطا للتعويض ولا يعني أن تكمم أفواه الفلسطينيين، ولا يضطر الدكتور أحمد الطيبي أن يوجه حديثه في "الكنيست الإسرائيلي" لبنيامين نتنياهو يقول فيه : (لا يمكن أن ترسلونا في كل مرة أفتح فيها فمي إلى مكان آخر ليس وطناً) وفي قول آخر : (لم نجيء إلى هنا في سفينة ولا في طائرة شراعية) والذي فسره أوري هايتنر : الطيبي يقصد أنه من أبناء هذا البلد، ولا يعنيه شخصياً بل يعني المجموع الذي يمثله. وأن خطابه محسوب بصورة جيدة يرمي إلى أن يروي لشعبه ولنا وللعالم (أكذوبة) أن الفلسطينيين هم من نسل الكنعانيين أبناء هذا المكان منذ القدم.

الدكتور أحمد الطيبي الفلسطيني يقارع "الإسرائيليين" في عقر دارهم ويؤكد على حق أبناء هذا المكان منذ القدم. وكاني به اراد ان يقول : ان الأمم المتحدة اقرت بحق العودة للاجئين الفلسطينيين. فكيف بمن لم يلجأ واستعصى على التهجير؟!.

بعد أن بسطت السلطة الفلسطينية نفوذاً جزئياً على أراض من الضفة الغربية المحتلة منذ العام 1967، التقيت شخصاً عرف على نفسه بأنه تقاعد من عمله الذي كان يشغله في الأردن، ودار بيننا حديث عن مستقبل الحل النهائي للقضية الفلسطينية، إلى أن وصلنا عودة اللاجئين قال : السيناريو المطروح يتمثل بتوطين اللاجئين في الدول المضيفة وكذلك في (دولة فلسطين) التي ستقام في حدود 1967 وعودة رمزية لأعداد من الفلسطينيين إلى أراضي عام 1948 ثم التعويض.

قلت: ومن لم يرض بالتعويض.. قال : ما خصص له يبقى على حسابه لفترة زمنية، ثم يحول إلى خزينة الدولة.

هذا السيناريو الذي بدت ملامحه تطفو على السطح يجعل قضية اللاجئين في حركة غير اعتيادية فوق صفيح ساخن، بعد أن حشرت لعشرات السنين في زاوية متجمدة لا حراك فيها ولا أمل منظوراً في ايجاد حل لها.

استحضر في هذا السياق الأخ محمد شديد،لاجئ في مخيم اليرموك،كان الموجه العام لتنظيم فتح في سجن جنين أيام المد الفتحاوي في سبعينيات القرن الماضي. كان شاباً نحيلاً شاحب الوجه، محباً لعناصر فتح وغيرهم من التنظيمات الأخرى، وكذلك هو محبوب. دؤوب على خدمة ابناء الحركة الفلسطينية.. كاتب من الدرجة الأولى ؛ في جمال خطه وغزارة أفكاره التاريخية والسياسية، كان يغذي أفكار أبناء فتح بها..

محاضر بادبيات الحركة بامتياز.. افترقنا في أواخر السبعينيات جراء تهجير ادارة السجن لمجموعات من المعتقلين الى سجون متعددة..

محمد شديد وهو لاجئ من ترشيحا نستحضره اليوم لنسأل عنه.. كانت آخر أخباره أنه يعمل في دكان صغير يبيع الفلافل على أطراف مخيم اليرموك.

ماذا يقدم لنفسه ولأبناء المخيم؟ نسائه بعد أن لقي العديد منهم حتفهم جوعاً، وبعد أن عجز الكثير منهم عن توفير بقايا عشب أو حيوانات في أزقة المخيم، هل يستطيع محمد شديد - ذو القلب المحب الواسع - أن يقدم ذرة من أمن، أو قرصاً من فلافل إلى من تبقى من أهالي المخيم؟ إن بقي معهم على قيد الحياة!.

ماذا تفيد كل تعويضات الأمم لمن تنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اليرموك وصبرا وشاتيلا وهياكل البيوت المؤقتة في العراق والغيتوهات المخصصة لهم في أصقاع الدنيا؟.

ما الذي يختاره اللاجئ الفلسطيني عندما تتوالى الاخبار عن عرض الولايات المتحدة لاعداد قائمة اسماء مستحقي العودة الى فلسطين 1948 (المهتمين بالاستقرار في "إسرائيل") باعتبار انه سيتم الموافقة على عدد صغير للقيام بذلك من قبل الحكومة "الإسرائيلية"، وفقا لتقرير اسرائيلي نقلا عن مصدر فلسطيني.

المصدر الفلسطيني ينقل للاذاعة "الإسرائيلية" اعتقاده ان قلة من الفلسطينيين سوف تختار العيش في "إسرائيل" ؛ لانه سينبغي عليهم "غناء النشيد الوطني "الإسرائيلي"" (هتكفاه)، وارسال ابنائهم الى مدارس يديرها نظام التعليم "الإسرائيلي"، وقد يضطرون في المستقبل الى اداء بعض اشكال الخدمة المدنية والعسكرية.

الفلسطينيون لا يسعون، ولن يسعوا الى اغراق "إسرائيل" بالملايين لتغيير ثقافتها الاجتماعية. هذا ما جاء على لسان الرئيس محمود عباس خلال هذا الاسبوع في خطاب القاه امام طلاب جامعيين "إسرائيليين".وفي لقاء لاحق وطلاب الشبيبة الفتحاوية في الجامعات الفلسطينية استعرض الافكار المطروحة واضاف بان اي اتفاق لن يمر دون استفتاء جميع الفلسطينيين في العالم.

اللاجئ الفلسطيني كيف يتصرف؟ عندما يزج به الى احد الخيارين، التنازل عن حقه في العودة الى وطنه، او القبول بأداء الخدمة المدنية او العسكرية في "إسرائيل"؟ خياران أحلاهما مر!.

 

المصدر : دنيا الرأي – صحيفة دنيا الوطن الفلسطينية

26/3/2014