الصحابية الشفاء بنت عبدالله القرشية رضي الله عنها – رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 10034
الصحابية الشفاء بنت عبدالله القرشية رضي الله عنها – رشيد جبر الأسعد
الصحابية الشفاء بنت عبدالله القرشية رضي الله عنها – رشيد جبر الأسعد

 نساء في التاريخ

 طبيبـــات مسلمـات

الصحابية الشفاء بنت عبدالله القرشية

الطبيبة الأخصائية في علاج القرحات الجلدية (النملة)

 

بقلم رشيد جبر الأسعد

أبو محمد      

إنها صحابية جليلة وسيدة عربية عاملة معطاء أسلمت قبل الهجرة النبوية الشريفة وحسن إسلامها ، وهي ممن اشتعلن في مجالات الطب والتطبيب العديدة ، وقد اشتهرت هذه الطبيبة  بعلاج قرحات الجلد وما يطلق عليه (النملة) ويطلق على هذا المرض (الاكزيمة) ، اسم هذه الطبيبة كما ورد في كتاب الإصابة في تميز الصحابة(1). الشفاء بنت عبدالله بنت عبد شمس بنت خلف ابن شداد بن عبدالله بن قرط بن زراح بن عدي بن كعب القرشية العدوية ولم يذكر أو يعرف تاريخ ميلادها ، ولكنها ولدت  في الجاهلية وتوفيت عام 20 للهجرة ، الموافق للعام 640م(2) .

وقيل إن اسمها ليلى ، ولقبت بالشفاء وقد عرفت واشتهرت بهذا اللقب ، روت عن رسول الله محمد صلى الله غليه وسلم اثني عشر حديثاً شريفا وتدعى بأم سلمان ، من فضليات النساء المسلمات ، من الصحابيات والكريمات ، من نساء العرب المعروفة بدماثة خلقها وذكائها وعلمها ، ذات رأي سديد ذات فضل وعلم وعقل وإطلاع بأمور الطب والتطبيب ، وقد قال لها رسول الله محمد صلى الله عيه وسلم : (علمي حفصة رقية النمل كما علمتها الكتابة..) .

كما سمح الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابية الطبيبة الشفاء بنت عبد الله والتي كانت تقرا وتكتب في الجاهلية ، وبايعته في مكة ، قد سمح وأذن لها وشجعها على مزاولة عملها وممارسة الطبابة ومهنة النملة وهي القروح بعد أن مارستها ، عمليا وتمرست عليها وأصبحت ذات خبرة في هذا المجال وهذا التخصص ، وعرضت عملها وعلمها وطريقة معالجتها للقروح ، فقد سمت أولا: بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله تعالى الذي لا يضر مع اسمه ... ، واستعملت الدواء ، الذي فيه شفاء القروح حينما أخذت  عددا من عود أو أعواد نبات الكركم ، هو نبات صغير معمر اسمه العلمي : (كركومالونجا) وله أزهار صفراء ، وأصولها تستعمل تابلاَ وصبغاً ، والكركم فيه مواد وزيوت عطرية طيارة ، ويستعمل مطهراً للاستعمال الخارجي . ثم دلكت عود الكركم على حجر فيه خل خمر مصفى فعلق على العود الدواء وطلته على القرحة ، وهو يختلف عما كان مستعمل بالجاهلية في طريقة الاستعمال والمواد المعالجة المستعملة .  والمعروف جليا إن هذا النوع من الرقي والمعالجة يختلف عن الرقي الذي كان متبعا في عصر الجاهلية فكانوا حينذاك يدعون لهم باسم الشيطان أو ملك ويناجون الأرواح والجن إلى أخره من طرق السحر والشعوذة والدجل . ولكن الإسلام حارب هذا النوع من الرقي وأمر بالتداوي بإتباع الطرق السليمة العلمية الصحيحة وطلب المعونة والشفاء من الله وحده سبحانه ، بعد الأخذ بالأسباب ، ثم يطلب الإنسان المؤمن ، الشفاء والعافية من الله سبحانه ، وبهذا عالج الإسلام الروح والجسد(3) .

عالج الإسلام نفسيا وماديا وهذا ما يهمله الطب الحديث يعترف ان الحالات النفسية كثيراً ما تسبب تقرحات وأمراض جسمانية والألم(4) .

وفي الصحيحين عن عطاء ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الرسول الله صلى الله علية وسلم (ما انزل الله من داء إلا انزل له شفاء) .

الحديث رواه البخاري والإمام احمد وابن ماجة، وللحديث ألفاظ وطرق عديدة تكلم عنها ابن حجر عند شرحه وقد رمز له السيوطي بالصحة الصحيح بشرح الفتح 10/134 نيل الاوطار 8/208 الجامع الصغير 5/428 وغيرها، وفي مسند الإمام احمد من حديث زياد بن علاقة عن أسامة ابن شريك قال:

(كنت عند النبي صلى الله علية وسلم وجاءت الأعراب فقالوا:

يا رسول الله صلى الله علية وسلم أنتداوى؟

فقال : نعم يا عباد الله تداووا فان الله عز وجل لم يضع داء الا وضع له شفاء ، غير داء واحد ، قالوا: وما هو؟ قال: الهرم ) (5) .

وكثيرة هي الوسائل والمواد الطبية والعلاجية التي استعملتها الشفاء بكل يسر وسهولة ، بكل توفيق ونجاح ومهارة بعد الأخذ بالأسباب وتشخيص الحالة ، وتهيئة وخلو عدة مواد نباتية معينة مفيدة ، بعد ذكر اسم الله (6)  سبحانه وتعالى .

جاء في طبقات المؤرخ ابن سعد : عن الطبيبة العربية المسلمة ليلى أو الشفاء :

( الشفاء بنت عبدالله أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم ، أسلمت الشفاء قبل الهجرة وتزوجها أبو حثمة بن حذيفة بن غانم بن عامر ، فولدت له سليمان بن أبي حثمة ، وهاجرت الشفاء إلى المدينة المنورة . ) (7) .

سلام على الصحابية الشفاء بنت عبدالله القرشية ، وسلام على الصحابية أم ورقة بنت عبدالله الأنصارية ، سلام على الصحابية رفيدة بنت اسلم الأنصارية رضي الله عنهن جميعا . سلام على الصحابة الكرام والصحابيات الكريمات وال البيت الأطهار ورضي الله عنهم جميعاً .

 

رشيد جبر الأسعد

23/10/2011

 

هوامش البحث

1-  ابن حجر العسقلاني : الإصابة في تمييز الصحابة، حـ 4 صفحة(341)، مطبعة السعاد في مصر عام 1328هـ صدر عن دار صادر، الطبعة الأولى ثم كتاب الطب ورائداته المسلمات : الدكتور عبد الله عبد الرزاق مسعود السعيد صفحة (80) .

2-  خير الدين الزكلي : الإعلام ، الجزء الثالث ، صفحة (246) ، وتأليف عمر رضا كحالة ، الطبعة 4 ، صفحة (300) .

3-  الدكتور عبد الله عبد الرزاق مسعود السعيد : الطب ورائداته المسلمات ، صفحة (80) مصدر سبق ذكره، مع تصرف بسيط .

4-    رواه أيضا أبو داوود وابن ماجة النائي والبخاري ، وقال الترمذي ، حسن صحيح .

5-    رواه أيضا الأئمة أبو داوود ابن ماجة والنائي والبخاري ، وقال الترميذي ، المصدر السابق .

6-  راجع التفاصيل أكثر إن شئت عن الصحابية الطبيبة الشفاء ، وعن طريقة المعالجة في كتاب : الطب ورائداته المسلمات صفحات (84،83،82،81) مصدر سبق ذكره .

7-  ابن سعد : الطبقات الطبقة الأولى ، دار صادر ، بيروت ، حـ4ص(341-342) .

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"