سمعت الباب يطرق فقلت من الطارق قال افتح هل ستكلمني من وراء الباب ففتحت الباب وإذا برجل طويل القامة بهي الطلعة يلبس ثياب انيقة والابتسامة تعلو وجهه ولكن عيناه قد ذبلت من الحزن وقد رسمت على جبينه هموم ثقيلة قد حملها منذ زمن والوقار قد ملأ رأسه ولحيته وفي يده مسباح (سبحة) يلف بها يمينا ويسارا فقال لي: هل انت فلان؟ قلت: نعم، قال: تعال معي قلت: الى اين قال: لا تخف اليس انت من ظُلم وعانى قلت: نعم قال وانت من كان يدعو ويقول (اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خير منها) قلت: نعم قال: وانت من كان يدعو ويقول ( اللهم فرج همي ويسر امري وارحم ضعفي وقلة حيلتي وأرزقني من حيث لا احتسب يا رب العالمين) قلت: نعم، قال لي: اذا تعال ولا تخف.
فذهبت معه فادخلني الى مكان كأنه بيت كبير او دائرة حكومية ثم أدخلني الى غرفة واسعة وبها اشخاص يجلسون حول منضدة كبيرة ،قالو اجلس فجلست قال احدهم نحن نعلم بما جرى لك وما جرى الى عائلتك فقررنا بان نعوضك بأحسن مما كنت تنتظره قلت لهم بارك الله بكم فتغرغرت عيناي من الدمع فحاولت جاهدا ان لا اطلق لها العنان لاني حلفت ان لا يرى دموعي احد بعد الان ضرب بيده على كتفي وقال لا عليك اذهب واوضب حقائبك وهيء عائلتك للسفر!! فقلت: الى اين؟ قال: سوف نعلمك لاحقا.
فعدت مسرعا الى بيتي فاذا بالسماء تمطر ولكن! مطر خفيف كأنه يداعب خديك بقطراته الدافئة وسرعان ما وصلت الى البيت فقلت لزوجتي هيا سوف نسافر فنظرت الي وقالت: ما هذه المياه على وجهك وثيابك قلت لها ان السماء تمطر قالت لا والله ان السماء صافيه قلت لها: لا عليكي هيا لكي لا نتأخر فأن السيارة تنتظرنا بالخارج قالت: الى اين نسافر قلت: لا اعلم!
وبينما نحن نخرج من البيت انا وزوجتي واولادي والفرحة تملأ وجوههم فإذا بسيارة كبيرة تقف بجانب البيت فنزل منها رجل وأخذ حقائبنا ووضعها في الصندق فركبنا وانطلقنا فنظرت الى اولادي وزوجتي والابتسامة تعلو وجوههم وابني الصغير(مصطفى) يرقص طربا تارة يقبلني وتارة يقبل امه فأرى عيون زوجتي تحاورني وكأنها تتكلم لتقول لي اين نحن ذاهبين ؟؟وانا اهرب بنظراتي يمينا وشمالا لاني لا املك الجواب وإذ بالسيارة تتوقف فنزلت ، ونظرت ، فرأيت امامي بلدة صغيرة جميلة وبيوت تكاد لا تراها من كثرت اشجار الزيتون والبرتقال ولافتة تشير الى الامام مكتوب عليها اهلا وسهلا بكم في عين غزال فنظرت الى الرجل الذي اوصلنا وسألته اين نحن قال هذه *فلسطين* وهذه بلدتك وهذا بيتك الجديد القديم !"فصرخت" به قائلا الله اكبر الله اكبر لماذا لم تخبرني بذلك قبل ان نسافر؟! قال: لماذا، قلت لكي احضر والدي ووالدتي معي قال وهو يبتسم فبدت اسنانه كالؤلؤ بيضاء ناصعة لا عليك فإن والدك ووالدتك في هذا البيت ينتظروك وأشار بيده هيا اذهب اليهم فركضت وانا اجهش في البكاء فتتعثر قدماي فأسقط على الارض كأني اقبلها ثم انهض ثم اسقط ثم انهض وتكاد دموعي لا تلامس خدي وانما تقذف امامي حتى وصلت الى باب البيت ووضعت يدي على قبضة الباب واهم لأفتحه بكل قوتي واذا بصوت يناديني يا ابا مهند يا ابا مهند استيقض فان الساعة الثامنة صباحا اشرب قهوتك تكاد ان تبرد فنهضت من النوم فتحسست وجهي فإذا بالدموع تملأه وتبلل وسادتي ((فأيقنت ان السماء لم تكن تمطر مطرا وانما تلك عيون قد امطرت دمعا فبللت وجهي وثيابي ووسادتي)).
ملاحظة: هذه رؤيا رأيتها بعد أيام قلائل من وصولي العراق.
زهير السبع
18/1/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"