تسويق السياسات – عبدالحميد شاهين

بواسطة قراءة 1992
تسويق السياسات – عبدالحميد شاهين
تسويق السياسات – عبدالحميد شاهين

لأنك كمسوق يجب عليك فهم زبائنك؛ بماذا وكيف يفكرون، ومعرفة حدود رغباتهم فيما تنتج، وما هو أهم ما يثيرهم في منتجاتك، ومن ثم تقدم منتجك على أنه يلبي رغباتهم، كل ذلك استناداً إلى تلك المعلومات التي تكون قد جمعتها عن زبائنك .

كيف تستفيد من المعلومات، وماذا تستفيد ؟

أولى الفوائد أنك سوف تستطيع فهم الزبائن كما تقدم، و ثانيها أنك تستطيع إجراء التجارب على زبائنك!، كمعرفة مدى تقبلهم لشيء ما أو عدم رغبتهم في غيره.. الخ .

إنه فن التسويق يا عباد الله ..

فماذا عن أخطر الفنون على الإطلاق ؟ ماذا عن فن الحكم والسياسة ؟!

ما قيل في فن التسويق يقال هنا أيضاً، فعن طريق جمع المعلومات عن الناس بواسطة الأجهزة المختصة سوف يستطيع الحكام فهم توجهات الناس المختلفة، وفهم كل مجموعة فيهم ماذا تريد وفي ماذا ترغب وماذا تكره وترفض، وفيما بعد سيتحكمون في توجيه الناس إلى ما يخدم مصالحهم، وحملهم (عن طريق الإعلام) على قناعات تخالف قناعاتهم الأصلية (تماماً كما يجري في التسويق من إقناع الناس بشراء منتجات لا يرغبون أصلاً في شرائها ولا يحتاجون إليها) كما سيتمكنون من إجراء التجارب و قياس ردود أفعال الناس .

فعلى سبيل المثال : تشيع الحكومة بين مواطنيها وجود عصابة خطيرة تقتل وتخطف، حتى يصير خبر العصابة المزعومة شغل الناس الشاغل وحديث مجالسهم الوحيد، وتسلط الأضواء على ذلك، وتُذكر بعض الحوادث بمبالغة مقصودة، بينما هي في الحقيقة مجرد إشاعة كاذبة، وبعد أن يكون خبر العصابة وجرائمها قد صار في الناس كأنه اليقين الذي لا شك فيه يصدر تكذيب من الحكومة للخبر جملة وتفصيلاً! ومن خلال بث الجواسيس ستعرف الحكومة توجهات الناس في فهم الإشاعة، وتفسيراتهم لها، ومن هو المتهم من وجهة نظر كل مجموعة عرقية أو دينية أو حزبية! حتى إذا قررت الحكومة يوماً إطلاق عصابة كهذه لهدف ما (إلهاء الناس وإشغالهم عن التفكير في قرار خطير ستتخذه الحكومة وفيه ضرر على عموم الشعب مثلاً) تفعل ذلك وعندها تصور مسبق عن نتائج ظهور العصابة وردود أفعال الناس، وكيف تكون الحكومة عند ذلك بعيدة عن الشبهات .

إنها المعلومات والإعلام يا عباد الله ..

 

عبدالحميد شاهين

3/3/2014

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"