على مشارف صمت الكلمات السرمدية وعلى أجسادٍ لم تعرف غير علامات التعذيب ونفوسٍ لم تعرف غير سياسة الترهيب ، ولدت قضية كانت جزءاً من حياة شعب عرف قسوة ومرارة الحياة ممزوجة مع آهات العبارات وشراسة الحكايات لروايات عبرت العقود الستة ومازالت مستمرة في كل ميادين القتال والساحات ، ولدت قضية فلسطين واستمرت على مر عقودٍ وسنين بمحاور مختلفة منها التشريد واللجوء ، ومنها النزوح وما سُمي بمخيمات النازحين التي رسم على جدران حياتها السوء ، وقضية الأسرى التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حكاية كل بيت ملأته ضحكة الشباب وفجأة انقطع صوت الأحباب فقد أصبح موطنهم ومسكنهم المعتقل وأي معتقل ؟؟ فبشاعة السجون (الإسرائيلية) قد تفوق بشاعة أي معتقل في بلداننا العربية (الديمقراطية) ؟؟ فتعذيب النفس بأسوأ أدوات التعذيب التي تفوق ملايين المرات تعذيب الجسد ، فقد عانى أسرانا معاناة ليس ككل معاناة بل هي أشبه بالمأساة فصفعة تلو صفعة وتتوالى الصفعات تارة بمؤبد مستمر وتارة بسجن مدى الحياة ؟؟ وأسرانا في السجون مع صمت استمر أياما وسنون بدون رحمة وتحول البيت الحنون إلى بيت مهجور مسكون فقد تركه أهله وهجروه ليس بمحض إرادتهم بل بإجبار قتلة الشعوب المتفننين بقتل البشر بأغرب أنواع الفنون ، وفي كل لحظة وفي كل ثانية ننتظر بصيصا من الأمل يداوي جراحنا التي لا تندمل علَنا نجد نوعاً من المواساة ودواءً لقلوبنا بعد ما أثقلتها الصدمات والكدمات وجاء صفقة جلعاد ذاك الجندي (الإسرائيلي) المختطف وخلال كل هذه السنوات كنا ننتظر نهاية النفق ورؤية نور الأفق علَنا نُرجع شيئا ابسط من بساطة الحروف من حقوقنا المسلوبة وندمر حاجز الوجس والخوف ، واستمرت المفاوضات ونحن ننتظر عودة جزءا من أسرانا المدفونة حقوقهم كبشر فقضيتهم أبكت كل شيءٍ حتى من كان قلبه حجر .
واستمرت السنين ليس أملا في إطلاق شاليط بل من اجل رؤية ألاف الأسرى رجاء ونساء شاهدوا أقسى أيامٍ حملت ظلما مسعورا وعناء ، انظر عزيزي القارئ وتيقن جيدا شاليط يساوي ألف أسير من أسرانا الذين ضحوا بدمائهم وبأجسادهم المنهكة المتعبة من تعذيب جدران معتقل أصبحت أشبه بنار حرقت أجسادهم وهم أحياء أقول هذا الكلام وأنا في استحياء من حالة امة صمتت على اسر الأخلاء ، لكن بوجود مقاومتنا استطعنا ولو لمرات معدودة أن ننفض الغبار من بيوت هُجرت وان نرسم من جديد بسمة كشمس سَطعت في وجه أمهات سَهرت ولم تعرف جفونها النوم .
تحية لأسرانا وتحية لمن ساعد في إطلاق سراح أسرانا تحية لكم وتحية لعزمكم وبأسكم وصبركم وحزمكم تحية لكم جميعا فقد عادت الأنفاس تعلو من جديد بعد ما أثقلت صدورنا الهموم شكرا لحماس شكرا لكم وشكرا لكل من أحب وطنه وشعبه بدون تفرقة بين الفصائل فالقضية واحدة والروح واحدة والسماء واحدة ومازالت أم الأسير لرب العرش ساجدة ، وفي النهاية أقول شكرا شاليط يا لسخرية المشهد أشكرك وأنت قاتلي فبوجودك عاد أسرانا وعادت القوارب لمرسانا وعاد معها أمل قد يكون رهانا رابحا وربما يكون خسرانا لكن مع هذا الأمل نتنفس ومستمرون بالتنفس حتى عودة الحق المتآكل مع النيرانـــا ، وها نحن بالانتظار وللقصة بقية .
ثمار زهير محمد الأمين
19 / 10 / 2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"