إلى الحولة ذاهب .. أطفالها ينادوني - محمد ماضي

بواسطة قراءة 3605
إلى الحولة ذاهب .. أطفالها ينادوني - محمد ماضي
إلى الحولة ذاهب .. أطفالها ينادوني - محمد ماضي

جافاني النوم وما استطعت له سبيلاً، ارقني هول المنظر وما استطعت لعزيمتي تثبيتاً، ارتعدت الفرائص مني واهتزت اركاني، لأطفال في عمر الزهور، في الحولة، يذبحون كما النعاج، بسكين جلاد لا يعرف الرحمة، غابت عن ملامحهه الانسانية وسقط القناع عن وجهه الأخرق، ليظهر لنا على حقيقته المرة، التي تجاهلناها وعمينا عنها الأبصار لسنين طوال، وحوش ضارية لا تعرف معنى للإنسانية ولا تستطيع لها طريقاً .

ما ذاقت عيني النوم منذ رأيت صور اطفال الحولة، بل زهورها الاقحوانية، لم استطع تصور ((إنسان)) يستطيع أن يقتل أطفالاً بهذا الشكل، إلا أن يكون من فصيل آخر غير فصيل البشر، فصيل وحوش نادرة تقتل لمجرد القتل، فلماذا يقتل الأطفال ؟ .

السؤال الذي أرقني، لماذا لم يقتل الرجال ويتركوا هؤلاء الأطفال لحالهم، فماذا ينقم هؤلاء الوحوش من هؤلاء الأطفال، إنّ للقضية سبباً غير معروف، فأكثرت التأمل وأطلت التفكير وراجعت ذكرياتي وقلبت المواجع الى أن اهتديت، اهتديت الى طرف خيط يوصلني إلى الحقيقة، حقيقة تعامينا عنها دهرنا، وتعايشنا معها عمراً، لكنها أبت إلا أن تكشر عن أنيابها، وتغرسها في صدور أطفالنا، وفي أحشاء نسائنا، وفي قلوب آبائنا وامهاتنا .

تذكرت مآسينا في العراق، تذكرت حينما يقتل الطفل لأن اسمه عمر، ويقتل الشيخ الكبير لأنه سني، وحينما تغتصب النساء لانهن بنات عائشة، وتقتل وتهجر العوائل من بيوتها لأنهم فلسطينيون، ويعتقل الشباب لأنهم من الأنبار، وتطوق المناطق بالكونكريت كالسجون لانها أعظمية، وعامرية، وحي جامعة، مشاهد لم تفارق مخيلتي وعادت كسلسلة متلازمة، وما ذكرني كثير بأطفال الحولة، ذلك الطفل البريء في العراق الذي ذبح، وفتح بطنه، وانتزعت احشاؤه وابدلت بالأرز، وخيط الجرح، كدجاجة محشية، ليقدم لوالده (صاحب الفرن) على طبق من حديد، في ترابط عجيب بينه وبين اطفال الحولة، ومتلازمة فريدة لا تثبت إلا أنّ الفاعل واحد .

إنه الحقد الدفين، انه كرهٌ أعمى، يعيش بيننا، ويقتات من طعامنا، يفرح لمأساتنا، ويرقص على جراحنا، ويدخل سكينه في جلودنا، حتى إذا أحسسنا به، سحب نفسه، وضحك ضحكة ماكرة، وادعى انه كان لنا ممازحاً، تلك هي (التقية) ! .

إنه البغض القبيح، يكشر عن أنيابه ليقتص منا، بجريمة هو اقترفها، وألصقها بنا، وحوكمنا بمحكمة غيابية، وأصدرت الأحكام بادانتنا، وعلى شذاذ الآفاق التنفيذ، القتل والذبح والتنكيل، وعلينا الإنتظار، ليوم التنفيذ وكأنه هولاكو جديد جاء يقتلنا ولا ابن تيمية له .

إلى الحولة ذاهب، من أراد فليتبعني فلست بقادر على السكوت، وعيناي كرهت الدموع، وعقلي لم يعد يقو على التفكير، وأناملي وإن خطت هذا الكلام فلربما هو الأخير .

الى الحولة ذاهب فأطفالها في الصحو والمنام ينادونني وكل حر شريف، انهم أطفالنا، اطفال المسلمين يقتلون ذبحا بالسكاكين، لن أنتظر ابن تيمية ولن أنتظر صلاح الدين، فلهم يدين ولي مثلهما، ومن لم يمت بحد السيف مات بغيره .

إلى الحولة ذاهب، ولربما غير عائد، والطريق معروف فمن أرادها نصرة لدين الله، وغضبة وصرخة مدوية تهز عروش الطغاة، وحتى لا تتكرر المأساة، فالحولة في حمص في بلاد الشام، الحولة في العراق، الحولة في فلسطين، الحولة في تركستان الشرقية في الصين، الحولة في كشمير، الحولة في أفغانستان، وفي أحواز إيران، وفي ميانمار، فما أكثر حولات المسلمين، فليختر كل منا حولته، ونهب لنصرة هؤلاء الأطفال، ونصرة لدين الله، فقد طغى القوم، وما عاد للسكوت مكان ! .

 

بقلم : محمد ماضي

31/5/2012

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"