بسم الله الرحمن الرحيم قالى تعالى ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ,وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم ,واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم )سورة فصلت.
ليكن النبي يوسف عليه السلام اسوة حسنة لنا في العفو والصفح والمسامحة وبعد كل ما فعل به اخوانه نتيجة لغيرتهم من حب ابيه له فإنه سامحهم وعفا عنهم .
وليكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة لنا فبعد كل الذي فعله كفار مكة به من اذى وعذاب له ولبقية المسلمين وعند فتحه مكة وقوله لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
وحدث ويحدث دائماً لكل منا اخطاء وزلات وهفوات فليراجع كل منا نفسه ويبحث في الذاكرة عما فعل من اخطاء بحق الغير وان يحاول اصلاح ما فعله ويطلب المسامحة من الاشخاص الذين اخطأ بحقهم ولا يتصور احد ان الله سبحانه وتعالى سيسامح اي شخص سرق او قتل او آذى جاره او اذى ابويه ........الخ فالجواب لا حتى لو حج مائة مرة وسيسامحه الله اذا سامحوه اصحاب العلاقة والا فلا، لان الله يغفر ويسامح بالامور المتعلقة به كالصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من العبادات الخاصة بالمعبود اما ما يخص حقوق العباد فلا يسامح بها حتى يسامح العبد بها.
فالسارق لا يسامحه الله اذا لم يتب ويرجع الذي سرقه لصاحبه ويطلب المسامحة من الذي سرقه وحتى لو سجن بفعلته فإن الذي سرقه يبقى بذمته حتى الممات وقس على ذلك جميع الاعمال التى تخص العبد.
فالمسامحة اخوتي الاكارم هي من مكارم الاخلاق ومن معالي الصفات ومن انبلها، واليكم هذه القصة الرائعة التي تعطي معاني نفيسة في العفو والمسامحة:
دخل أعرابي بستانا ليستريح .. أناخ ناقته ثم نام قليلا .. قامت الناقة و أحدثت فسادا كبيرا في البستان .. جاء صاحب البستان فقتل الناقة .. استيقظ الأعرابي و قتل صاحب البستان .. أقبل أولاد صاحب البستان و أمسكوا بالأعرابي للقصاص .. طلب الأعرابي منهم أن يمهلوه حتى يرجع إلى أولاده فيوصي لهم ثم يعود .. قالوا و من يضمن لنا أنك ستعود .. و بينما هم كذلك مر بهم أبو هريرة رضي الله عنه و علم أمرهم ثم قال : أنا أضمن الرجل .. ذهب الرجل إلى أهله بعد أن وعدهم بالعودة في يوم معلوم ..
و جاء اليوم الذي انتظروه .. و ذهب أولاد القتيل إلى أبي هريرة فقالوا : كيف تضمن رجلا لا تعرفه و لا تعرف بلده ؟.. قال أبو هريرة : حتى لا يقال إن أهل المروءة قد ولوا .. و بينما هم كذلك إذ ظهر الرجل في الأفق و أقبل حتى وقف بينهم .. قالوا : لماذا عدت و قد كان بإمكانك أن تنجو بنفسك ؟ قال : حتى لا يقال إن أصحاب الوفاء قد ولوا ..
عندها قال أولاد القتيل : و نحن قد عفونا عنك حتى لا يقال إن أهل العفو قد ولوا ..[1]
ولله در القائل:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً ... بالطوبِ يُرمى فيرمي أطيب الثمر ِ
اقول للجميع وقبل فوات الاوانَِ للولد او البنت المقصرين بحق والديهم يقولوا: سامحونا .
للصديق الذي ضايق صديقه وآذاه بقصد او بغير قصد يقول له: سامحني .
للاخ المقاطع اخاه او اخته يقول لهما: سامحوني .
للاخت المقاطعة اخاها او اختها تقول: سامحوني .
للذي قطع صلة الرحم بأقاربه يقول: سامحوني .
للزوج المقصر بحق زوجته يقول لها: سامحيني, وكذلك الزوجة تقول لزوجها: سامحني.
للطالب الذي اخطأ بحق استاذه يقول له: سامحني.
ومن جهتي اطلب من جميع اهلي واقاربي واصدقائي والى الذين لا اعرفهم مسامحتي اذا اخطأت بحقهم سواء بالقول او بالفعل .
اللهم أحي فينا روح العفو والصفح والمسامحة وجميع مكارم الأخلاق.
أنور الشعبان
7/1/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"