يبدو أنه كتب لنا أخيراً أن نعيش لحظات من الفرح والتفاؤل لطالما حرمنا منها، فقد اعتدنا فيما مضى أن نفيق على أخبار قصف غزة واغتيال نشطاء الضفة وملاحقة اهلنا داخل الخط الاخضر، وتجريف الأراضي وهروب فلسطينيو الشتات من دول كانت حتى الأمس القريب حاضنتهم لتصبح المطارد الاول لهم تستبيح دمهم وممتلكاتهم، ويبدو أننا أخيراً سنخرج من نفق مظلم جعلنا لفترة من الزمن نخجل من أنفسنا ونتوارى من الناس خزياً لما وصلنا له من فرقة وتشرذم وأعمال ما سبقنا اليها احد من العالمين ...بل ولقترة من الزمن صرنا نتهرب من هويتنا ..من أن نفخر بفلسطينيتنا التي أن كانت جواز مرورنا الى قلوب الاحرار في كل العالم وملهمة المضطهدين والرازخين تحت نير الاحتلال والاستعباد...
انتهى الأنقسام البغيض إذن أو هكذا نأمل، والحقُّ أنها المرة الاولى التي أتفاءل فيها في أن يكتب لهذه المصالحة أن ترى النور، المصالحة هذه المرة وُقِّعت بقلم وليس كأيِّ قلم...هذا القلم كان مداده دماء عشرات الالاف من الشهداء..أنّات عشرات الالاف من الجرحى البواسل...عذابات وآهات عشرات الالاف من الابطال المعتقلين خلف القضبان...دموع امهات على ماضٍ اسود..وآمال أطفال بمستقبل اكثر اشراقا.
انتهى الإنقسام البغيض: لَمَستُ والله للمرة الاولى صدق النوايا بين ثنايا الكلمات التى اطلقتها حناجر فرقاء الامس... لَمَستُ اخلاصا فقدناه سنوات....رأيت حسرة الأب الحاني في كلام أبو مازن على زمن ضاع وعزم على توحيد الصفوف وعن شوق لزيارة غزة...سمعت تنهيدة أبا الوليد قبيل بدء كلمته التي أثقلها الألم والعذاب ...تنهيدة لا تجدها الا لدى الشرفاء...هذه التنهيده التي كانت رغم مرارتها جميلة ومعبرة...وكأني بالاثنتين: بحسرة الاول وتنهيدة الثاني تتوجهان الى الشعب لطلب المغفرة والمسامحة...وكأني بهما يقدمان اعتذارا الى أمّهما المتشحة بالسواد..الى فلسطين.. بعد أن قرر كل منهما العودة الى حضنها وتقبيل ترابها..إبكِ أبا مازن ما شاء لك أن تبكي..إبك أبا الوليد ما شاء لك أن تبكي...إبكيا دموع الندم على ما فات..إبكيا دموع الفرح لأنهاء الإنقسام وحلاوة اللقاء ....
وأنت يا أم..يا اغلى الامهات..افرحي ما شاء لك ان تفرحي ودندني:
كفكفي اليوم الدموع ..............واتركي عنك السوادْ
وانشدي اليوم طرباً............. قد مضى عهد الحِدادْ
قد مضى ليـل مقيـت ............والفَرْحُ عُنوأن البلادْ
اطلقي ريـح ليمونك.................لا تحرمي منه العبادْ
قد عزمنا اليوم أمراً.................ولينقضي عهد الفسـادْ
كلنا ننشد رضاكي.................. حضنك اليوم المرادْ
سامحناكم يا أبا مازن...سامحناكم أبا الوليد ...سامحناكم بالكرم الفلسطيني والطيبة الفلسطينية، فامضوا وفقكم الله وأكملوا المسيرة وأنجزوا المصالحة، والله يحفظكم من كيد أعدائنا، ويبعد عنكم شرور من لا تسعدهم المصالحة....
الله اكبر...وعاشت فلسطين
بقلم: خالد مرتجى
5/5/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"