مفوضية شؤون اللاجئين وفلسطينيو العراق والمعادلة المقلوبة

بواسطة قراءة 8405
مفوضية شؤون اللاجئين وفلسطينيو العراق والمعادلة المقلوبة
مفوضية شؤون اللاجئين وفلسطينيو العراق والمعادلة المقلوبة

في الوقت الذي ينبغي أن تكون تلك المنظمات الدولية الرسمية ذات طابع محايد وتقوم بدورها وفق معايير إنسانية وأخلاقية لاسيما ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين في العراق تتفاقم يوما بعد يوم وأصبحت قضية دولية يعرفها القاصي والداني .

ولو سلطنا الضوء على جوانب معينة لما تقوم به مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة نجد قصورا وضعفا في الأداء تجاه تلك القضية الشائكة ، ومن أبرز تلك الأمور هو وجود موظفين من جنسيات مختلفة في عدد من البلدان لا يعملون بمهنية أو حرفية ، بل نكاد نجزم بارتباط عدد منهم إما بمخابرات الدول التي يتواجدون فيها أو لهم مصالح أخرى ، مع أنه ينبغي أن يعمل موظفو الأمم المتحدة بحيادية وإنسانية ومهنية بعيدا عن أي تجاذبات سياسية أو أمنية وإلا لفقدوا مصداقيتهم .

فعندما سافر أحد موظفي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ( وهو مقرب لأحد الفلسطينيين ) وله منصب مسؤول عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق ذكر ما رآه في الأردن من إحدى موظفات المفوضية هناك ، فعندما دخل مقر المفوضية في عمان ورأته تلك الموظفة وهي أردنية الجنسية وفي الغالب قد تكون فلسطينية الأصل واستغربت واندهشت لرؤيته وقال له بكل صلافة ووقاحة : ما الذي أتى بك إلى هنا ؟! ( شو بدكم اتجيبو فلسطينية العراق لعنا في الأردن ؟!!! لا تحكيلي بأنكم بدكم اتجيبوهم لعنا !!!) هذا بالعامية طبعا ، لكي يقف كل من عنده غيرة وإنسانية على تلك المواقف المشينة ، طبعا قد لا تمثل هذه الموظفة رأي المفوضية ، لكن عندما تتكرر تلك الانتهاكات واللاحيادية مع اللاجئين الفلسطينيين تحديدا يكون الأمر مختلف ، فكان رد ذلك الموظف : بأنه جاء لعمل آخر غير موضوع الفلسطينيين في العراق ؟!!.

فالعجب كل العجب أن يصدر هذا الموقف من موظفة أردنية أو قد تكون فلسطينية وكأنها باعت مبادئها وعروبتها وإنسانيتها لقاء ما تتقاضاه من مرتب من تلك المفوضية .

ولو انتقلنا إلى دولة عربية أخرى ( يفترض أن تكون قوميتها وعروبتها أكثر ) وهي سوريا نجد أمر آخر وموقف لا مهني من قبل مسؤول في تلك المفوضية التي تقوم بتسجيل وإعطاء مواعيد للاجئين العراقيين في منطقة عذرا شرق دمشق ويفترض أن يشمل أيضا الفلسطينيين القادمين من العراق ، وهذا الموظف جنسيته تركية ، وعندما جاء أحد الفلسطينيين الذين ضاقت بهم الأمور في العراق ودخل إلى سوريا وأراد طلب الحماية من تلك المفوضية في شهر آب من عام 2007 التي هذه وظيفتها كما تدعي ، وكان ذلك الموظف يتعامل مع اللاجئين العراقيين بكل هدوء ومرونة وعندما وصل الدور لذلك الفلسطيني تفاجأ الموظفون به وذهبوا إلى مديرهم التركي فما كان منه إلا أن قال له : انتظر قليلا ؟!!! وانتظر ذلك الفلسطيني المغلوب على أمره قرابة النصف ساعة وهو ينظر إلى المعاملة التي يقومون بها للعراقيين بكل سهولة وسلاسة ، وبعد ذلك ذهب لذلك المسؤول وقال له إذا لم ترغبوا في منجي حماية حتى أذهب وأعرف ؟!! فبدأ ذلك المسؤول التركي يتكلم مع الفلسطيني اللاجئي وكأن هذا التركي ضابط في المخابرات السورية ؟!! فقال له كيف دخلت إلى الأراضي السورية ومنذ متى أنت هنا وأسئلة أخرى تدل على عدم مهنيته وأنه وكيل أمن أو مخابرات لتلك الدولة ، في الوقت الذي يفترض أن يكون موظفو الأمم المتحدة خاصة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين يقومون بعمل إنساني لحماية اللاجئين من كل الجنسيات ومن غير تفرقة ، لكن تبين بأن هنالك تفرقة وكأن الأمر مدبر وهناك تواطئ عليه ، في الوقت الذي بلغ عدد اللاجئين العراقيين في سوريا أكثر من مليون ونصف المليون إلا أنه لم تحدث أن استجوب الموظف أحدهم بتلك الطريقة ، إضافة لوجود معلومات تشير بأن موظفي المفوضية قد يعطون تلك المعلومات للأجهزة الأمنية السورية بدلا من سريتها ومحاولة مساعدة الهاربين من جحيم العراق .

طبعا هذه القصص لا نسمعها في الدول الأوربية أو حتى لدى اللاجئين الفلسطينيين في الهند أو حتى دول أمريكا اللاتينية فهم يقومون بالتعامل في الغالب على أسس مهنية مع وجود بعض التفرقة والعنصرية ضد اللاجئين الفلسطينيين في بعض دول تواجدهم .

ومن باب الشيء بالشيء يذكر فلن ننسى الدور السلبي للمفوضية عندما اعتقلت السلطات السورية عشرة فلسطينيين مسنين في شهر تشرين الأول من عام 2007 وبعضهم قد أخذ كارت حماية من تلك المفوضية إلا أن ذلك لم ينفعهم وتم ترحيلهم من البلاد إلى مخيم التنف الحدودي .ولو انتقلنا إلى دولة عربية أخرى لم يختلف الأمر كثيرا ، فعلى سبيل المثال الجمهورية اليمنية التي فيها أكثر من نصف مليون لاجئ صومالي تقوم تلك المفوضية بدورها وفي كثير من الأحيان يتم نقلهم وترحيلهم إلى دول أوربية عديدة وتكون لهم رعاية خاصة من مخصصات معيشية وصحية ومخيمات وغيرها ، إلا أن عدد من العوائل الفلسطينية التي اضطرت للوصول إلى اليمن لا تتجاوز العشرين عائلة من غير المدرسين طبعا ، إلا  أن التعامل معهم يختلف فكارت الحماية الذي يعطى للعراقي من جلسة واحدة يتأخر للفلسطيني وقد تصل المراجعات المستمرة لعدد من المرات لحين الحصول على كارت الحماية ، وفي البداية يقوم الموظفون بإخبار الفلسطيني بعدم وجود مساعدات مادية أو أي رعاية صحية أو إمكانية السفر لأي دولة أخرى .يبدو أن هنالك تواطؤ دولي ومؤامرة عربية على إضعاف وتذويب وإركاع الفلسطينيين المهجرين من العراق من خلال تلك الممارسات والتعاملات ، وقد تكون هنالك اتفاقيات لتهميشهم وإذلالهم كي ينسو قضيتهم ويخضعوا للأمر الواقع وبالنتيجة يرضوا بأي قرار صادر ضدهم بأي أمر واقع .فلابد من إعادة النظر في تلك المواقف مع عامة الفلسطينيين ، وإيصال تلك المخالفات والانتهاكات إلى المسؤولين وأصحاب القرار في الأمم المتحدة وعدم تسييس أي حالة إنسانية والتعامل مع الفلسطينيين القادمين من العراق في أي دولة بشكل مهني وإنساني ومرن ، وخصوصا الدول العربية .

حاضر العربي

كاتب فلسطيني مستقل