إذن ما الذي تغير بعد وصول "الإحزاب" الى الحكم بمساعدة امريكا وإيران ؟ وكيف يمكن لدولة في حالة حرب مع "إسرائيل" أن ترسل وفوداً سرية ، وتعلن أنها ستساهم في "حل" الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" .
كثير من المؤشرات كانت تدل على وجود سياسيين و"أحزاب" عراقية تسعى لإقامة علاقات أقوى مع "إسرائيل" بعد القضاء على نظام الحكم السابق . ومما عزز ذلك قيام بعض الميليشيات التابعة لهذه "الأحزاب" باضطهاد الفلسطينيين المقيمين في العراق ، وتهجير الكثير منهم .
ومن هنا بدأ التملق "الإسرائيلي" تجاه العراق ، حتى وصل الى تصريح وزير المالية موشي كحلون بأن حكومته رفعت العراق من “قائمة الأعداء” المعتمدة رسميًا ، وإن ذلك يتيح إمكانية التبادل التجاري بين البلدين، في محاولة لإدخال العراق في اتفاقيات التطبيع . اضافة الى تصريحات من مصادر داخل "إسرائيل" والبيت الأبيض بأن دول أخرى ستقوم بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" في المستقبل القريب.
وياتي ذلك كله تحت مظلة تفكيك النظام القديم في المنطقة العربية واستبداله بنظام إقليمي جديد يستند على الازدهار الاقتصادي على وفق المروجين له .
في حين أشار الرئيس محمود عباس إلى أنه لا يمكن "تحقيق السلام دون إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية ".
رغم ان منظمة التحرير قد عقدت اتفاقيات اوسلو مع "إسرائيل" عام 1993 .
وهناك من يتسائل عن حق تركيا وقطر في تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" في حين تم مهاجمة الإمارات والبحرين . فالموضوع اذا يتعلق بمصالح سياسية لا تندرج تحت الحرص على القضية الفلسطينية فعلا .
ومن جانب آخر تم إنشاء تحالف عربي شرقي جديد يشمل العراق ومصر والأردن. وأن الدولتين الأخرتين لهما بالفعل "معاهدات صلح مع "إسرائيل"" ، فهل سيحذو العراق حذوهما ؟
وردا على أنباء عن استعداد "إسرائيل" لفتح سفارة في بغداد . اعلن العراق ان قوانينه تمنع التطبيع مع "إسرائيل" ، مما يدل على عدم وجود مانع من ذلك سوى تعديل القوانين ! ؟
وقد تجاهلت الحكومة العراقية موضوع تطبيع العلاقات بين الامارات والبحرين من جهة و"إسرائيل" من جهة اخرى ، في اشارة مقصودة لإفساح المجال امام احتمال ممكن للتطبيع مع "إسرائيل" مستقبلا .
وقد اكد المتحدث بإسم الحكومة أحمد الملا طلال للصحفيين إن العراق لن يتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، في إشارته إلى اتفاق الإمارات الأخير مع "إسرائيل" لتطبيع العلاقات.
وكشفت وزارة الخارجية "الإسرائيلية" أن ثلاثة "وفود حزبية عراقية" ضمت 15 شخصا، قد سبق وان زارت "إسرائيل" في العام الماضي .
ولعل اقوى تصريح حول قرب التطبيع مع "إسرائيل" ما ادلى به نائب رئيس الوزراء العراقي السابق بهاء الأعرجي من تصريحات مثيرة للجدل حول استعداد العراق للتطبيع مع "إسرائيل" .
وقال الأعرجي ، "العضو السابق في التيار الصدري" ، إن “العراق مستعد تمامًا لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" ، والظروف مناسبة تمامًا”.
ان حذف عبارة (فيما عدا "إسرائيل") من الجواز العراقي ، يعني رفع الحظر عن زيارة "إسرائيل" من دون قيد او شرط .
وقد لوحظ في وسائل التواصل الاجتماعي ان هناك من يشجع التعامل مع "إسرائيل" تحت مسميات مختلفة مثل "الظلم" الذي لحق بـاليهود المهجرين من العراق في اربعينات القرن الماضي ، اوالدعوة إلى إعادة أملاكهم المحجوزة . او إعادتهم الى العراق .
وفيما يتعلق بموقف إيران ، فانها قد عارضت قيام الامارات والبحرين بالتطبيع مع "إسرائيل" الا انها سكتت عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان و"إسرائيل"، الذي يعتبر ، اعترافا لبنانيا بـ"إسرائيل" . و"حزب الله" كما هو معلوم يعد من ضمن المسؤولين الكبار في لبنان رغم تصريحهم بانها لجان (فنية) .
وهكذا تتعامل ايران مع موضوع التطبيع على وفق مصالحها في المنطقة ، وكل شيء قابل للتفاوض .
اما الولايات المتحدة فانها سوف ترهن انسحابها الشكلي من العراق بتلبية مطاليبها في تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" ، اضافة لضغوطها السياسية والاقتصادي .
ان الوضع السياسي والامني والاقتصادي المتدهور في العراق ، والضغوطات الخارجية عليه قد تدفعه الى نوع من التطبيع مع "إسرائيل" ، رغم المعارضة الشكلية من بعض الفصائل المسلحة . ولكن التهديد بضرب مصالحها سوف يدفعها الى القبول بالتطبيع .
ان العراق سيتعامل مع هذا الموضوع على ضوء السياسات الجديدة بالمنطقة ، وخصوصا بعد حمى التطبيع و"السلام" مع "إسرائيل" .
ان "إسرائيل" تسعى الى تحقيق اختراق كبير للسياسة العراقية في الامد القصير . وهي بالتأكيد قد وضعت العراق في دائرة التطبيع المرسومة . وكما هو معروف فان للعراق "خصوصية تاريخية ودينية كبرى" لـ"إسرائيل" .
ولذلك فاننا سوف لن نتفاجأ اذا ما رأينا العراق يشارك بعمليات التطبيع مع "إسرائيل" ، حيث ان التعامل السري الحالي معها من المرجح أن يؤدي إلى اعلان صريح وعلني . ويتم ذلك بدفع من "الأحزاب" والسياسيين الذين يهيؤون الاجواء للتطبيع ، حيث ان مصالحهم لها الاولوية على كل ماعداها . اما ايران المؤيدة لنظام الحكم فانها سوف لن تحرك ساكنا طالما يتم تأمين مصالحها السياسية والاقتصادية .
صوت العراق
8/3/1442
25/10/2020