شرح تقرير الأمم المتحدة الموجه إلى مجلس الوزراء العراقي بخصوص انتهاكات المعتقلين الفلسطينيين

بواسطة قراءة 9406
شرح تقرير الأمم المتحدة الموجه إلى مجلس الوزراء العراقي بخصوص انتهاكات المعتقلين الفلسطينيين
شرح تقرير الأمم المتحدة الموجه إلى مجلس الوزراء العراقي بخصوص انتهاكات المعتقلين الفلسطينيين

بعد أن نشرنا تقرير هام يعد بمثابة وثيقة تاريخية عبارة عن رسالة موجهة من مكتب حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة إلى مجلس الوزراء العراقي بخصوص الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون الفلسطينيون ، فلا بد من توضيح وشرح لبعض الجوانب المتعلقة بتلك الأحداث التي مرت .

حيث أن التقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة ومكتب حقوق الإنسان في جنيف وموجه إلى مجلس الوزراء العراقي عبر الوزير هوشيار زيباري حول الهجوم العنيف على مجمع البلديات في يومي 13-14/3/2007 وقضية الاعتقال التعسفي للثلاثة عشر فلسطيني بدون أي تهمة وعدم عرضهم للمحاكمة ويحث التقرير على إجراء محاكمة عادلة للسجناء الفلسطينيين آو الإفراج عنهم وعدم إبقاء قضيتهم معلقة ، كما يحث على الرأفة بالسجناء خصوصا الفلسطيني المسن إبراهيم مصطفى عياش .

ولا بد أن نناقش بعض الفقرات هنا في هذا التقرير وقد أخرنا هذا الأمر لحين إطلاق سراح كافة السجناء حتى لا يؤثر عليهم سلبا داخل السجن من أي رد فعل انتقامي فيكفيهم ما كانوا يلاقوه من تعذيب وحتى لا يؤثر على أي موقف لهم في القضية ، وبعد أن تم إطلاق سراح آخر المعتقلين في تلك القضية بتاريخ 8/9/2008 فلابد من إظهار تلك الحقائق للتاريخ أولا ، وللوقوف على حقيقة ما يعانيه الفلسطيني ثانيا ، ولتحمل من يدعون المسؤولية مسؤوليتهم ثالثا ، ورابعا لوقوف العالم بأسره على تلك الحقائق التي قد يعلمها قليل من المهتمين .

التقرير يكشف التسويف والمماطلة التي كانت تتبع في تنقل السجناء بين الدوائر الأمنية وعدم إصدار قرار آو حكم في قضيتهم وخشية القضاة من الحكم بإطلاق سراحهم ، كما يكشف التقرير من أن التعذيب الجسدي والنفسي كان يمارس بحقهم من اجل انتزاع اعتراف كاذب ضدهم ، ويكشف التقرير أيضا أن الضباط العراقيين كانوا يقومون بمونتاج صور فوتوغرافية مفبركة كي تدين المعتقلين الفلسطينيين ، وهذا يعيد إلى الأذهان قصة الأربعة الفلسطينيين الذين أظهرتهم قناة العراقية بتاريخ 14/5/2005 بعد اعتقالهم من مساكنهم في مجمع البلديات من قبل لواء الذيب وقوات بدر ، وأجبروهم على الإدلاء باعترافات تحت القوة والتعذيب والإكراه ، وبعد عام تم إطلاق سراحهم بعد تبرئتهم مما نسب إليهم من تهم كاذبة .

كما نستنبط من التقرير من كان وراء قتل المحامي الفلسطيني سعيد مصطفى سعيد الجعفري رحمه الله حيث لاحظ الفقرات التي باللون الأحمر في التقرير ، والتي تتحدث عن التسويف والمماطلة وتواريخ تنقل المعتقلين بين الدوائر الأمنية فان هذه المعلومات قام بتزويدها إلى الأمم المتحدة المحامي الفلسطيني سعيد الجعفري رحمه الله ، والمعلومات التي تتحدث عن الصور المفبركة أيضا من قبل الضباط خالد الجعفري واحمد الاسدي ، وأيضا كان قد زود هذه المعلومات للأمم المتحدة من قبل المحامي الفلسطيني سعيد الجعفري رحمه الله .

كما إن المحامي المشار إليه في  التقرير الذي ذهب لموكليه كي يزودهم بالطعام واعتقل لمدة ساعتين في مديرية الجرائم الكبرى شرق القناة (الحاكمية) وتم تهديده أيضا هو المحامي سعيد الجعفري رحمه الله .

كما طالب التقرير الحكومة العراقية بإيضاح حول هذه المسائل والقضايا واحترام معايير حقوق الإنسان الدولية .

لاحظ أن تاريخ صدور هذا التقرير هو 13/6/2007 وبعدها بأيام وبالتحديد في يوم 18/6/2007 نجح المحامون في إطلاق سراح نصف المعتقلين لعدم وجود الأدلة ، وحتى لا يكتمل إطلاق سراح الجميع تم في يوم 21/6/2007 اختطاف المحامي الفلسطيني سعيد مصطفى سعيد الجعفري . وعثر على جثته مقتولا ومعذبا في يوم 24/6/2007 أي بعد فترة وجيزة من صدور هذا التقرير لذلك إن أصابع الاتهام تشير إلى ضلوع الضابط خالد الجعفري واحمد الاسدي وضباط مديرية الحاكمية في قتل المحامي الفلسطيني سعيد مصطفى سعيد الجعفري رحمه الله .

وأسباب قتله قد توضحت وهو صدور هذا التقرير من الأمم المتحدة يدين فيها السلطات العراقية وممارساتها وتبين أيضا النجاح الذي حققه في الدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين وإطلاق سراحهم .

ويذكر أن إحدى روايات اختفاء المحامي سعيد الجعفري هي دخوله في مركز شرطة الرشاد في منطقة المشتل لمتابعة القضية ولم يخرج ، ومن باب الشيء بالشيء يذكر هذه ليست المرة الأولى في مركز الرشاد يتم فيها اختفاء من يدخله ، فحصل في عام 2005 أن دخل هذا المركز عراقيان يسكنان في منطقة حي الرئاسة لإتمام مراجعة  استكمال استلام جثة أحد أصدقائهم من الطب العدلي وسامهما حيدر وسيف عادل والأخير لم يتجاوز عمره العشرون عاما ، وتبين لاحقا أنهما تم تسليمهما لميليشيا جيش المهدي في منطقة الفضيلية وتبين تعامل عناصر المركز مع الميليشيات .                                                       

والخبر الذي نشر في حينه عن مقتل المحامي الفلسطيني سعيد الجعفري رحمه الله في العديد من الوكالات والمواقع  هو :

العثور على جثة المواطن الفلسطيني المحامي الأستاذ سعيد مصطفى سعيد الجعفري

تم في صباح يوم 24/6/2007 العثور على جثة المحامي الفلسطيني سعيد مصطفى سعيد الجعفري في مشرحة الطب العدلي ببغداد وعليها آثار تعذيب شديد ، ويقول تقرير مستشفى الطب العدلي إن الجثة وجدت في منطقة حي أور مقابل مركز شرطة المنطقة هناك .

يذكر أن الأستاذ سعيد كان قد خطف يوم 21/6/2007 ، وهو أحد محامي الثلاث عشر فلسطيني الذين اعتقلوا يومي 13-14/6/2007 ، وهو عضو لجنة حقوق الإنسان الفلسطينية ونائب رئيس جمعية حقوق الإنسان الفلسطينية ويمتاز بشهرته لدى عدد كبير من المنظمات الحقوقية العراقية والعربية والدولية ومعروف لدى عدد كبير من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات الأمم المتحدة ، واليكم بعض ما وردنا من معلومات حول ملابسات اختطافه وقتله :

من المعلوم إن قضية الثلاث عشر فلسطيني المعتقلين لدى وزارة الداخلية بدأت بالانفراج خصوصا بعد إطلاق سراح ستة منهم في الأسبوع الماضي ، واحتمال إطلاق سراح البقية الموجودين لدى سجن الحاكمية في ساحة الأندلس لولا عقبة قانونية وضعها مركز شرطة الرشاد وتمت إزالتها تقريبا من قبل المحامي الأستاذ سعيد الجعفري كانت وراء اختطافه و قتله ، حيث كان القاضي قد أمر بإطلاق سراحهم لعدم ثبوت أدلة تدينهم بل بالعكس هناك أدلة تثبت برائتهم قدمها الأستاذ سعيد وأمر القاضي بإطلاق سراحهم بشرط جلب كتاب يثبت أن بصمات المعتقلين نظيفة لأن مركز شرطة الرشاد ادعى لدى القاضي انه يوجد كتاب من قبل القوات الأمريكية يثبت أن القوات الأمريكية أخذت لهم مسح بصمات بارودي يثبت أنهم اطلوا النار على القوات العراقية .

فاستطاع الأستاذ سعيد الذهاب إلى القوات الأمريكية وسألهم عن هذا الأمر فردت عليه القوات الأمريكية بأنهم لم يفعلوا ذلك ولا يوجد أي مسح بارودي .

فخرج المغدور في صباح يوم 20/6/2007 لمتابعة القضية حيث ذهب إلى القاضي وقال له ما جرى من نفي القوات الأمريكية لذلك فقال له القاضي اذهب إلى مركز شرطة الرشاد إذا واستحصل منهم كتاب نفي أو كتاب يثبت بان بصمات المعتقلين كانت نظيفة فذهب إلى مركز شرطة الرشاد فرفضوا أن يعطوه الكتاب وقالوا له إنهم إرهابيين فكفاك دفاعا عنهم فخرج من المركز واتصل بصديق له واسمه صباح الدراجي وهو مسئول كبير في ما يسمى بجيش المهدي وصباح هذا كان الأستاذ سعيد قد أسدى له معروفا في وقت سابق في زمن صدام حيث كان شقيقه معتقل في قضية كبيرة وكاد أن يحكم بالإعدام فترافع عنه الأستاذ سعيد فاستطاع أن يحصل له على حكم البراءة وظن الأستاذ سعيد أن هؤلاء البشر إن كانوا من الصنف البشري يحفظون المعروف ، فقص له ما جرى من أحداث للقضية وقضية كتاب البصمات وقال له هل تستطيع الاتصال بالمركز كواسطة ليعطوني الكتاب فقال له صباح اطمئن سوف اتصل بالسيد الفلاني كي يتصل بالمركز كي يعملوا اللازم .

وبعد فترة من الوقت اتصل المدعو صباح بالأستاذ سعيد وقال إنهم يريدون مبلغا من المال خمسة ألاف دولار فقال له الأستاذ سعيد انه مبلغ كبير والمعتقلين هم من الفقراء ، ثم التقى الأستاذ سعيد بثلاثة من مبعوثي المدعو صباح وتفاوضوا على المال ووصلوا إلى مبلغ ألف دولار فقط مقابل الكتاب ، ثم ذهب في صباح اليوم التالي وهو يوم فقدانه 21/6/2007 إلى مركز شرطة الرشاد بصحبة شخص فلسطيني غادره عندما وصلا إلى المركز ويؤكد هذا الشخص انه كان بصحبته في ذلك اليوم وشاهده عندما دخل إلى المركز ، وعندما دخل قام الضابط بالشجار معه ويعتقد انه الرائد احمد وكان أيضا احد الجالسين ويعتقد انه من جيش المهدي قال لأبو سعيد أي كتاب تريد بهذه السهولة ، وكان الضابط يتشاجر معه ويقول له أنت إرهابي مثلهم دعك من هذه القضية إنهم إرهابيون فليذهبوا إلى الجحيم ...الخ ، وكان صراخهم الاثنان قد وصل إلى خارج المركز ، فخرج الأستاذ سعيد وقال للضابط سوف احصل على الكتاب بطرقي القانونية ، فذهب إلى وزارة الداخلية والتقى بالرائد سلام في الوزارة وقال له سوف ابعث معك مراقب بالكتاب الذي تريد ، ثم أعطى الكتاب للأستاذ سعيد بدون مراقب فاخذ الكتاب وخرج من وزارة الداخلية ثم عاد إلى مركز شرطة الرشاد ويوجد شهود على ذلك ودخل المركز وبعد ذلك قطعت أخباره وأغلق جواله . 

وفي عصر يوم اختطافه شوهدت سيارته عند أطراف منطقة البلديات وفيها أربعة أشخاص والسائق كان شابا اقرع وسمين وكانت ورائهم سيارات حماية مدنية وشرطة .

وفي صباح يوم 22/6/2006 ذهب ذوو الفقيد إلى مركز شرطة الرشاد فأنكروا معرفتهم به رغم إنهم يعرفونه منذ سنين طوال ، وأنكروا انه كان قد قدم إليهم ، ثم ذهبوا إلى وزارة الداخلية في اليوم الذي تلاه وهو 23/6/2007 فأنكروا أن يكون قد قدم إليهم رغم أن حارس الوزارة قال إن الأستاذ سعيد معروف لدى الناس وأنا رأيته يدخل الوزارة في اليوم الذي اختفى فيه !!.

وفي يوم 24/6/2007 عثر على جثته في مشرحة الطب العدلي ، والصور تظهر بشاعة التعذيب الذي لقيه رحمه الله .

يذكر أن الأستاذ سعيد كان قد تم تهديده مرارا بترك القضية وتم اعتقاله واحتجازه لمدة ساعتين في دائرة الحاكمية أثناء إحدى المراجعات .

مما مضى ومن خلال التقرير نستنتج ما يلي :

1-    إن هذا التقرير يدل على قناعة تلك الجهة بمدى مظلومية المعتقلين الفلسطينيين في تلك الحادثة .

2-    مركز شرطة الرشاد له دور بارز في هذه الحادثة وفي عرقلة إطلاق سراح بعض المعتقلين .

3-    المعتقلون لاقوا أشد أنواع العذاب من قبل مركز شرطة الرشاد ومديرية الجرائم الكبرى في الأعظمية ووحدة الجرائم الكبرى شرق القناة ، وكثرة تنقيلهم تشير لذلك .

4-    محاولة تسييس القضية من خلال عرقلة إطلاق سراح عدد منهم وتأخيرهم في المعتقلات .

5-    انتهاك حقوقهم من خلال منع الطعام عنهم ومعاملتهم السيئة في كل المراحل ومنع الزيارات عنهم إلى فترة بعيدة .

6-    التقرير يشير إلى عدم وجود أدلة ضدهم وخوف القاضي من إطلاق سراحهم لخوفه من أعمال انتقامية ، وهذا يدل على عدم سيادة القانون في البلاد .

7-    فبركة بعض الصور من خلال ضابط التحقيق خالد الجعفري وأحمد الأسدي لإلصاق التهم بهم بأي طريقة .

8-    غسان إبراهيم وجمال خليل تم تعذيبهم مرارا وتكرارا وهما آخر من أطلق سراحهم من المعتقلين .

9-    موقف السفارة الفلسطينية كان سلبي جدا من خلال التقرير الصادر عنهم من خلال تبريرهم لهذا الاعتقال ، وأيضا لامبالاتهم وعدم اهتمامهم بهؤلاء المعتقلين أو محاولة التخفيف عنهم والعمل على إطلاق سراحهم .

10-   إطالة مدة محاكمتهم من غير أي مبرر قانوني أو قضائي الذي سوغ التعذيب والتعامل الشيء لهم .

11- هنالك قصور كبير في الجانب الإنساني والحقوقي في الجهات الأمنية والحكومة العراقية ، ما جعل التقرير يشير لهم ببعض من تلك الضوابط والمبادئ .

12-  الفقيد المحامي سعيد ضحية لدفاعه المشروع والمشرف وبطولته في هذه القضية ، والأدلة واضحة في تورط مركز شرطة الرشاد وبعض ضباط التحقيق في الحادث .

20/9/2008  

إدارة موقع " فلسطينيو العراق"