الفلسطينيون في مخيمات سورية حصار حتى الموت .. ما يعانيه الفلسطينيون في العراق وسوريا لا يقل وحشية وظلما عما يعانيه أهلهم في مخيمات قطاع غزة – عيسى القدومي

بواسطة قراءة 2136
الفلسطينيون في مخيمات سورية حصار حتى الموت .. ما يعانيه الفلسطينيون في العراق وسوريا لا يقل وحشية وظلما عما يعانيه أهلهم في مخيمات قطاع غزة – عيسى القدومي
الفلسطينيون في مخيمات سورية حصار حتى الموت .. ما يعانيه الفلسطينيون في العراق وسوريا لا يقل وحشية وظلما عما يعانيه أهلهم في مخيمات قطاع غزة – عيسى القدومي

لا شك إن ضريبة الشتات التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء باهظة الثمن، فمع أي حدث سياسي أو عسكري في الدول العربية ولاسيما دول الطوق حول فلسطين تُسال الدماء الفلسطينية، سواء اعتزلوا أم شاركوا في تلك الأحداث والمتغيرات.

     فمن أيلول "الأسود" في الأردن، والحرب الأهلية في لبنان، إلى مجازر منظمة أمل الشيعية، مروراً بمجازر النصيرية للمخيمات الفلسطينية في لبنان، ثم احتلال العراق وما تبعه من قتل وتشريد لفلسطينيي العراق، أحداث شاهدة على مأساة مستمرة.

     وتُقدر أعداد القتلى في المخيمات الفلسطينية في سوريا بأكثر من 10000 قتيل وآلاف عدة من الجرحى، وأكثر من 35 ألف معتقل فلسطيني لدى الأجهزة الأمنية السورية؛ حيث يصل إجمالي عدد الفلسطينيين في مخيمات سوريا للاجئين الفلسطينيين إلى 580 ألفاً معظمهم في اليرموك.

     ومضى على حصار مخيم اليرموك أكثر من عام ، فمن خلال نهج سياسة الجوع أو الركوع يعمل النظام السوري جاهدًا لإجبار المناطق التي خرجت عن سيطرته على دفع فاتورة الحرب الدائرة في البلاد، فبعد مضي أكثر من عام على الحصار ازدادت الأسعار ارتفاعا وبشكل جنوني، فلا يوجد طحين قمح وإنْ وجد فسعر الكيلو 2000 ليرة أو أكثر ما يعادل 14 دولارا . 

     وحول ذلك أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- اونروا- أن 15 فلسطينيا على الأقل ماتوا من الجوع منذ سبتمبر في مخيم اليرموك المحاصر في جنوب دمشق.وحذرت الوكالة من تدهور الوضع في المخيم، حيث يحاصر 20 ألف فلسطيني وسط محدودية في الطعام والإمدادات الطبية.

     وقال المتحدث بإسم الوكالة الأممية (كريس غونيس): «نحن غير قادرين منذ سبتمبر 2013 على دخول المخيم لتقديم المساعدات الضرورية التي يحتاجها السكان». وأشار إلى أن الوكالة وجهت نداء «إلى جميع الأطراف من اجل الوفاء فورا بالتزاماتها القانونية وتسهيل تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة إلى مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى».

     ولا شك أن هنالك مخططات خفية تستهدف اللاجئين الفلسطينيين بكافة السبل والوسائل المرعبة، تمهيدًا لطردهم من مخيماتهم في سورية، فمنذ بداية الثورة في سورية، خرج علينا المتحدثون الرسميون بإسم الحكومة ليتهموا الفلسطينيين في المخيمات بأنهم وراء ذلك الحراك، ليجر الفلسطيني إلى معركة الأنظمة الظالمة مع شعوبها .

     وبدت المحاولات التي تبذلها أطراف خارجية وعصابات مأجورة واضحة الأهداف في سعيها لجر المخيمات الفلسطينية إلى المزيد من المواجهات المسلحة في ظل الوضع القائم في سورية، من أجل طرد مخيمات اللاجئين، ولا شك أن المستفيد الأول من الأحداث الضاربة للمخيمات الفلسطينية هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لإلغاء تلك المخيمات وما يتبعها من حق العودة إلى وطنهم الأم فلسطين المحتلة.

     لا شك أن اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم هم أضعف حلقة في مكونات الدول التي يقطنونها، فلا ميليشيات تحميهم، ولا قوى سياسية تنادي بإسمهم ولا حضور على الأرض مع غياب شبه كامل لممثليهم دولياً؛ الأمر الذي يسهل مخطط ذبحهم والاستفراد بهم دون أن ينتصر أحد لدمهم - كما حدث لهم مؤخراً في العراق - لذا نقول: إذا لم يتم حل مشكل الإخوة الفلسطينيين في المخيمات من الإبادة التي يتعرضون لها وإنقاذهم من المأساة، فإن مخطط اليهود سيتحقق بإزالة المخيمات - التي هي شاهدة على مأساة احتلال أرض وتشريد شعب – بقتلهم وتشريدهم.

     فما يعانيه الفلسطينيون في العراق وسوريا لا يقل وحشية وظلما عما يعانيه أهلهم في مخيمات قطاع غزة ورفح وخان يونس وبيت حانون وجنين وبلاطة وغيرها بأيدي اليهود الغاصبين، فالمجرمون في سوريا والعراق الذين أباحوا الدم الفلسطيني ليسوا بيهود، وإن كانوا يفعلون فعلهم، فهي مليشيات تتكلم بلساننا ولكن الطائفية أوصلتهم إلى إباحة الدماء والأعراض، كما أباحوها في السابق في لبنان.

     ومع ضيق المخيمات في لبنان، إلا أن الكثير من اللاجئين الفلسطينيين هربوا من مخيماتهم في سورية والتجؤوا إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان، مع سوء حالة تلك المخيمات المأساوية، شتات يذكرهم بشتاتهم الأول من أرضهم وتاريخهم في فلسطين، وما زالت المخيمات الفلسطينية في سورية تلملم جراحها وتدفن موتاها.

     وقد عملت كل الفصائل الفلسطينية لتحييد المخيمات الفلسطينية، وتجنيب إقحام أبناء الشعب الفلسطيني في الأزمة في سوريا أو لبنان أو غيرهما من الدول، إلا أن المجرم أحمد جبريل – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - الأداة الأولى للنظام النصيري تسبب في وضع المخيمات بين مطرقتين: إما تأييد النظام السوري المجرم، أو القتل باعتبارهم من المؤيدين للمعارضة السورية وجيشها الحر، فعصابات النظام السوري بمساندة مرتزقة أحمد جبريل تقوم بعملية «عقاب جماعي» للمخيمات الفلسطينية، وكأن الطريق والسبيل لتحرير فلسطين لا يكون إلا على أطلال مخيم اليرموك !! فباسم فلسطين وقضيتها يحرق الأطفال وتقتل النساء !!.

     المطلوب الآن حقن دماء الفلسطينيين في مخيمات سورية وبالأخص مخيم اليرموك وفك الحصار عليه . والمسؤولية الأولى تقع على مؤسسات المجتمع الدولي وبالأخص وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، فهي تتحمل المسؤولية القانونية والتاريخية عن هؤلاء اللاجئين في شتاتهم سواء بقوا في سورية أم نزحوا إلى الدول المجاورة كالأردن ولبنان والعراق وتركيا، والمجتمع الدولي مسؤول بداية عن تشردهم الأول من فلسطين، وما لحق بهم في مخيمات الشتات، منذ 64 عاماً وإلى الآن.

     ومطلوب دور جاد للجامعة العربية، والتحرك المباشر لوقف استهداف الفلسطينيين في المخيمات، وعقد جلسة طارئة لمناقشة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وكيف يمكن حمايتهم أو إخلاؤهم أو ضمان عدم مواصلة العدوان عليهم.

     ومطالبتنا بحقن دماء أبناء المخيمات، سبقتها مطالبة بحقن دماء إخواننا السوريين الذين نقف مع مطالبهم العادلة، نسأل الله تعالى أن يحقن دماء المسلمين على أرض سورية وأن يزيل الظلم والظالمين عن بلاد الشام .

 

المصدر : مجلة الفرقان

7/1/2014