نماذج مشرقة من التضحية والعطاء في غزة الصمود والإباء

بواسطة قراءة 1964
نماذج مشرقة من التضحية والعطاء في غزة الصمود والإباء
نماذج مشرقة من التضحية والعطاء في غزة الصمود والإباء

لعل أولى القصص هي قصة الشهيدين المجاهدين (مازن الجربة، ومروان سليم) المنتميان لكتائب الشهيد عبد القادر الحسيني – إحدى الأذرع العسكرية لحركة فتح-، واللذين استشهدا في غارة صهيونية غادرة، وكانت دماؤهم وقود المعركة الجارية.

الشاهد أن هذين الشهيدين- بإذن الله- كلٌّ منهما الشهيد الثالث لأهله، فقد سبقهما اثنين من إخوانهما شهداء في سبيل الله.

في اليوم التالي وقبيل إعلان الحرب بسويعات قليلة كنَّا على موعد مع استشهاد ستة من كتائب الشهيد عز الدين القسام –الجناح العسكري لحركة حماس- وجميعهم من وحدة الاستشهاديين.

اللافت أنَّ من بين أولئك شقيقين توأمين، وُلِدَا معًا، ورحلا عن هذه الدنيا معًا، وقد خرجا من بيتهما وهم يعلمون أنهم ربما لن يعودوا إلى منزلهم مرة ثانية.

وكان أيضا من بين أولئك الستة الشهيد عبد الرحمن الزاملي الذي كان على موعد بعد أيام قليلة لتزف إليه مخطوبته، ولكنَّه آثر ما عند الله عز وجل، والأعجب من ذلك عندما تجد مخطوبته تقف عند رأسه في ثلاجة الموتى تودعه ولسانها يلهج بالشكر، والدعاء، ولم تجد منها سوى الجلد والصبر!!

وفي المعارك الجارية استشهد حسام الرزاينة من سرايا القدس، وهو الشهيد الرابع لأهله، وقد سبقه أحد إخوانه في عملية استشهادية بطولية، والآخر قضى في صدًّ لإحدى الاجتياحات الصهيونية، والثالث قضى على يد أجهزة السلطة الفلسطينية!

ومن نماذج الثبات والصمود مجزرة عائلة البطش الوحشية، والتي أحدثت إبادة جماعية للعائلة؛ إذ قضى فيها 18 ، وأصيب أكثر من 40 بجراح.

وهذا مصاب من تلك العائلة -عائلة البطش-، يوجه رسالة من سريره بالمستشفى عبر إذاعة صوت الأقصى إلى كتائب القسام أن تستمر في دكِّ الاحتلال، ويقول: "معنوياتنا عالية، ومكملين لآخر نفس".

وخلال العدوان البربري الغاشم أصيبت الطفلة (مريم المصري) البالغة من العمر 9 أعوام بجراح خطرة –وهي وحيدة أبيها- وقد رزقه الله بها بعد أربعة عشر عاما من زواجه، وبعد أربع عمليات زراعة تكللت آخرها بالنجاح، وعندما أصيبت لم تجد من والدها المكلوم إلا أن خرجت من قلبه المجروح تلك الكلمات: " خذوا من دمى ومن أعضائي لتعيش ابنتي وتعود لأحضاني!".

قصة أخرى من قصص الصمود والثبات يدونها الأستاذ إبراهيم صلاح من مخيم جباليا والذي قصف منزله 4 مرات، وفي إحدى المرات استشهدت ابنته إثر القصف قال في تدوينة له عبر فيس بوك: " لن نملَّ من الصمود والمقاومة حتى يمل العدو من القتل والاحتلال..العدو قصف منزلنا يوم 19/2/2002 واستشهدت فيه الطفلة إيناس إبراهيم صلاح، والمجاهدان القساميان: محمد علي حمدان، وإياد أبو صفية.
وقصفه في حرب أيام الغضب في 19/10/2004 ثم استشهد على أعتابه المجاهدان القساميان: محيي الدين ماهر المدهون ونضال مسعود.
وأعاد قصفه في حرب الفرقان 1/1/2009 مع منزل الشيخ الشهيد العالم د. نزار ريان ومنازل المنطقة آنذاك.
وها هو يعيد قصفه للمرة الرابعة في حرب العصف المأكول.
ونقول للعدو: لن نمل من المقاومة والجهاد والصمود والتحدي، حتى يمل العدو من القتل والدمار والاحتلال، ومتيقنون أن النصر لأصحاب العقيدة والنفس الطويل.

المقاومة ستنتصر بإذن الله، ولا يخالطنا في ذلك أدنى شك".

وأختم هذه المقالة بقصة من أغرب وأعجب القصص التي سطَّرها أطفال غزة، وأترك روايتها لصاحب الحادثة د. أيمن السحباني –رئيس قسم الاستقبال والطوارئ في مشفى الشفاء بمدينة غزة- حيث قال: "بالأمس وأثناء عملي في اﻻستقبال والطوارئ وخلال استقبالنا لحاﻻت القصف الصهيوني وصل إلينا عدة أطفال مصابين من القصف ومدرجين بدمائهم ويصرخون، وكان أكبرهم ثمان سنوات، فعندما تقدمت مسرعا لمعاينته وهو يصرخ، وأتفحصه فبدأ بالصراخ، وقال لي: أمانة يا دكتور اتركني أنا واذهب أنقذ أخي أحمد، وبدأ يتوسل إلي وأعاد السؤال أكثر من مرة، وبعد الفحص كان يعاني من عدة كسور في الأطراف العلوية من جسده الصغير وكان ينزف دما ومع ذلك يلح بأن أذهب لإنقاذ أخيه أحمد ولم أكن أعلم أن أحمد يبلغ العامين فقط لأنه عندما رأى أخاه أحمد بالسرير بجانبه وهو ممتلئ بالدماء والأتربة والغبار تغطي جسده الصغير جدا بدأ بالصراخ، وألح عليَّ، وقال لي أمانة يا عمو سيبني وعالج أخي أحمد.. يا الله لم أتمالك نفسي حينذاك، وبدأت دموعي تنهمر، لم أتمالك نفسي وذهبت لبرهة من الزمن حتي ﻻ يراني هذا الطفل وأنا أبكي.. يا الله كن معنا، وكن مع شعبنا المكلوم والمظلوم والمحاصر، وثبتنا على هذا الدين، وأمدنا بالصبر واليقين، ونقول حسبنا الله ونعم والوكيل وكفى"

المصدر مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

.