بطونا ملئى بأشهى الأعشاب- زهير السبع

بواسطة قراءة 2222
بطونا ملئى بأشهى الأعشاب- زهير السبع
بطونا ملئى بأشهى الأعشاب- زهير السبع

آه حدثت منذ زمن ليس ببعيد كنت يوما أتجول بين شوارع مدينتي وإطلالها وحقولها وأشجارها التي تغني على أفنانها بلابل الدوح وكنت أرى الأغنام تأكل الكلأ مرحة وكنت استعجب كيف تأكل هذه الأعشاب وتنام تحت ظلال الأشجار الباسقة وهى تجتر وتجتر وتجتر لتعاود الكرة تلو الكرة.

عجباً كنت انظر إليها بتعال وكبرياء ولكن الآن اعرف انه لا يوجد فرق بيني وبين تلك الأغنام سوى إنها تأكل الكلأ وانا أأكل خبزاً أمريكيا من هضاب التبت لا يهم إن كانت تلك الهضاب في أمريكا أو الهند أو كينا فقد سقطنا يوما في مادة التاريخ وها نحن اليوم نسقط في مادة الجغرافيا ؟؟؟؟؟ !!!!!

لا يهم إن كانت مدينتي مقاطعة أو دولة المهم إنها داخل العراق بقلب أمريكا الوسطى .. أو آسيا آه لقد استرسلت .. أنت تعرف إني ثرثارا ؟؟ أكمل لك القصة و بينما كنت أجوب بين الطرقات والحقول سمعت صراخ ابن عمي يستنجد بي هرعت إليه .. يريدون أن يقتلوه يصلبوه .. لا لن ارضى انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب !!! هكذا اوصاني وعلمني ابي وأبي رجل لا يكذب أبدا وهكذا يقول المثل ويمكن للمثل أن يكذب!!

فحملت عصاً غليظة من أشجار حقول مدينتي .. فصرت اضربهم .. ضرباً مبرحاً .. حتى كلت يدي ولكن تكالبوا علي .. هم وأشباههم .. أوثقوني فاستنجدت بابن عمي فلا حياة لمن تنادي..... لقد فر بجلده .....فحبسوني عندهم وتلوا على أسماعي قائمة الاتهام نشروا مقالاتي عن الأغنام كيف إني كنت أتهكم بها ومن قرونها التي ترقص مع الرياح تلك المخضبة بالحناء الهندية والعطور الباريسية ..... الصامت عن الحق شيطان اخرس فجلدوني يا ....ح....ك... بالكرباج جلدوني كالنعاج حملوا على ظهري أثقالا كالحميرلم أئن يا ..ح....ك ...ولم اشعر بالألم مطلقاً ولم يفرجوا عني إلا بعد أن دمغوا كل جسمي بالاختام.. وانتهاك حقوق الأغنام واخذوا مني موثقاً مكتوبا للأغنام .. تجتر صباح مساء وأطلقوا خلفي كلاباً جائعة .. تركض نحوي .. فصرت أتوارى بين أشجار مدينتي ....

آه ....لم تعد أشجار مدينتي ...سأسلك طريقي لابن عمى علني أجد عنده مأوى أو على يده الامان ......فيا وجعي !! .. فيا وجعي....وجدت ابن عمي فاقد الذاكرة ولم يتذكرني ؟؟ الآن فقط أحسست بألم السوط بألم الكرباج على الجسد العريان يترك خطاً كالإسفلت بألم الحمار الصابر يبكي بدون دموع يحمل اثقالا تحكي أوزار القوم رأيت ما رأيت بطونا ملآ بأشهى الأعشاب وعقولا خاوية حتى من البسملة حين الأكل نفوساً مريضة .. ساذجة فاستنكروني كما استنكرتهم فصرت غريبًا مدبوغاً بأختام شتى غريباً موصوماً بأفعال شتى ......

فطوبى للغرباء....... كتبت لك قصتي ....يا.....ح......ك....... واعلم انك لن تقرأها

 

 "حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"