عندما تغلب المصالح على الدماء الفلسطينية – علي جابر

بواسطة قراءة 8229
عندما تغلب المصالح على الدماء الفلسطينية – علي جابر
عندما تغلب المصالح على الدماء الفلسطينية – علي جابر

كنا نظن أن الأخوة في المكتب السياسي لحركة حماس وعلى رأسهم الأخ خالد مشعل أكثر حكمة من دائرة شؤون اللاجئين التابعة للحركة فيما يخص التصريحات والبيانات لما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون في العراق ، وكنا نظن أن التقارب بين الحركة وبين بعض الدول العربية سيكون له الأثر في تغير الإهمال الإعلامي للاجئين الفلسطينيين في العراق وما يجري لهم وستكون التصريحات أكثر وضوحا وإنصافا ، لكننا أصبنا بخيبة أمل كبيرة عندما سمعنا تصريح أو كلمة الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في ندوة اللاجئين الفلسطينيين التي عقدت في قطر قبل عدة أيام ، حيث قال : ما لقيه الفلسطينيون في العراق ونهر البارد كانتا "إساءتين" واضحتين .

فبعد تسع سنوات من القتل والتنكيل والاعتقالات والخطف والطرد من المنازل والقصف المستمر للمجمعات الفلسطينية في العراق وشلالات الدماء ومئات الشهداء بإذن الله والمفقودين والمعتقلين ومئات الأمهات الثكالى والأرامل والأيتام ، أهذا كله "إساءة" يا أخ خالد مشعل !؟ ، كيف اختزلت كل هذه الحقبة من التاريخ والمعاناة بهذه الكلمة البسيطة !؟ .

وهذه ليست زلة لفظ أو لسان كما يقال لأن الأمر قد تكرر مرارا وبات واضحا من المجاملات والمصالح على حساب شعبنا في العراق والحذر في التصريحات من اغضاب الطرف المقابل الجاني .

لماذا الخوف أيها الأخوة من قول الحقيقة يقول الله تبارك وتعالى : { ... وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [المائدة : 54] .

وللأسف صرنا نطالب فقط بقول الحقيقة ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وهذه هي ليست المرة الأولى فقد سبق الأخ خالد مشعل دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس في غزة عندما قالت ان ما يتعرض له اللاجئين الفلسطينيين في العراق هو على أيدي "عصابات مجهولة" ومرة أخرى "عصابات حاقدة" .

لا ندري تارة تصفون الجاني عصابات وتارة تصفون الجناية بالإساءة .

قال تعالى : { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة : 42] .

لماذا اللبس وعدم الوضوح هذا ، هل نصبح إيرانيين فرس كي تأخذكم الغيرة والشدة في التصريحات نعم هل نصبح إيرانيين لن أطيل الكلام فهذا بيان قبل عدة سنوات صادر عن المكتب الإعلامي لحركة حماس حول تفجيرات وقعت في إيران وهو بيان واضح ولم يستخدم اللف والدوران ولم يستعمل هذه الألفاظ بل سمى الفاعل بكل وضوح وهم أهل السنة المجاهدين في إيران ووصف عملهم بـ"الجبان" ، كما وصف قتلى الحرس الثوري الايراني المشارك في مذابح شعبنا في العراق بـ"الشهداء" :

حماس تدين بشدة التفجيرين الإرهابيين ضد المدنيين في مدينة "جابهار" الإيرانية

تعقيباً على التفجيرين اللذين وقعا في مدينة "جابهار" في ولاية "سيستان بلوشستان" الإيرانية واللذين سقط ضحيتهما العشرات من الضحايا الأبرياء..، صرح مصدر مسؤول بحركة حماس بما يلي:

إننا في حركة حماس ندين بشدة التفجيرين الإرهابين اللذين وقعا في مدينة "جابهار" الإيرانية وسقط ضحيتهما عشرات الأبرياء.

إننا إذ نستنكر الأعمال الإرهابية التي تستهدف المسلمين والمدنيين الآمنين ودور العبادة، فإننا نتقدم بالعزاء للجمهورية الإسلامية الإيرانية حكومةً وشعباً، وإلى عوائل الضحايا الذين سقطوا نتيجة لتلك الأعمال الإرهابية، كما نتمنى الشفاء العاجل للجرحى كافة.

المكتب الإعلامي

الخميس 10 محرم 1432 هـ

الموافق 16 كانون الأول/ديسمبر 2010 م

وهذا بيان آخر :

بيان صحفي حول الاعتداء الإرهابي الآثم الذي استهدف جمهورية إيران "الإسلامية"

إننا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ندين بشدة الاعتداء الإرهابي الآثم الذي وقع في محافظة سيستان ـ بلوشستان في جمهورية إيران الإسلامية يوم الأحد 18/10/2009 والذي أدى إلى استشهاد العشرات من المدنيين والعسكريين وفي مقدمتهم نائب قائد سلاح البر في الحرس الثوري الجنرال نور على شوشتري، أثناء تأديتهم الواجب الوطني في توحيد العشائر السنية والشيعية في البلاد..

إن هذا العمل الجبان يستهدف استقرار جمهورية إيران الإسلامية ومعاقبتها على مواقفها وصمودها، وخدمة أعداء الأمة الإسلامية.

وتتقدم حركة حماس إلى جمهورية إيران الإسلامية قيادة وشعباً بأحر التعازي والمواساة بهذا المصاب الجلل، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته وأن يلهم ذوي وعوائل الضحايا جميل الصبر والسلوان.

(إنا لله وإنا إليه راجعون)

المكتب الإعلامي

الإثنين 1 ذي القعدة 1430هـ

الموافق 19 تشرين أول 2009م

المصدر موقع حركة المقاومة الإسلامية حماس

ألا قارنتم هذه اللهجة وهذه الشدة والتسارع في إصدار البيانات لحدثين منفصلين في إيران مع ما تعرض له شعبنا في العراق على مدار تسع سنوات فقد تعرض شعبنا في العراق لكثير من التنكيل ولم نسمع هذه اللهجة أو نصفها فلم نسمع كلمة العمل الإجرامي والجبان ولم نسمع الاعتداءات الإرهابية عندما تم قصف المجمعات الفلسطينية مرارا وعلى رأسها مجمع البلديات .

وهذا الكلام لا يشمل مكتب شؤون اللاجئين التابعة لحركة حماس في لبنان فقد أصدر الأخوة في وقت سابق بيان أدانوا فيه الاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون في بغداد على يد الشرطة والميليشيات حسب قولهم ، فكان بيانا مشرفا ولم يخشوا من تسمية المجرم والفاعل والإشارة إليه ، كذلك تم الإشارة في بيانهم إلى مكتب مكافحة الإرهاب إلى جانب الشرطة والمليشيات . [تاريخ البيان 17/9/2011] .

كذلك أصدر المكتب الإعلامي للحركة بيانا بتاريخ 18/7/2011 جاء فيه :

إننا في حركة حماس نستهجن اقتحام الأمن العراقي لمجمع البلديات ومداهمته للبيوت، ولجامع القدس، واعتقاله عدداً من اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يزيد من معاناتهم في العراق الشقيق .

ومن باب الانصاف أن نذكر ذلك لكنه أيضا لم يكن بمستوى اللهجة الشديدة كالتي كانت في إدانة تفجيرات إيران .

أيها الأخوة في الحركة ماذا يريد شعبنا في العراق منكم ، باختصار يريد أن يرى ويسمع الغيرة والشدة من أجله وأن تعتبروه ضمن شعبكم الفلسطيني وان قطرة دم فلسطينية في العراق لا تقل ثمنا عن مثيلتها في غزة وفلسطين وأغلى بكثير من قطرات بلوشستان وفرنسا وغيرها وهذا الكلام ليس موجه إلى حركة حماس فقط بل لكل الفصائل والقيادات الفلسطينية وعلى رأسها السلطة الفلسطينية التي أدانت مؤخرا العمليات ضد أطفال يهود فرنسا وتناست أطفال الفلسطينيين في العراق .

 وشعبنا لا يريد اشباع البطون من أجل التنازل عن حقه في تسمية قاتله وجلاده وعدم محاسبته ،  لأنه ربما يقال وقد قيل ان حركة حماس قدمت بالمقابل مساعدات كثيرة لأهلنا النازحين من العراق ، وأنا أضيف على ذلك نعم انها قدمت الكثير وانا أؤيد ذلك بل قدمت مساعدات غذائية وغير غذائية ليس للنازحين في سوريا فقط بل لمخيمات الصحراء أيضا على الحدود وفي مواضع أخرى لا يسع ذكرها ومواضع لا نعلمها ونحن نثمن ذلك وهي مشكورة ولا أحد ينكر ذلك فهي الفصيل الوحيد من بين الفصائل الفلسطينية التي قدمت كل هذه المساعدات ، لكن هذا لا يعني أن يتم التقديم في جانب والتقصير في جانب آخر مهم أهم من الغذاء وهو جانب الكرامة ، فالحركة قدمت غذائيا لكن مسؤوليها سكتوا فمويا بل لم يسكتوا فأرادوا تحريف الحقيقة ، فهل هذه المساعدات ضريبة الصمت وتغيير الحقائق وهضم حق الضحية من الجلاد !؟ ، وحول هذا الموضوع أود أن أبين ما يلي :

1. هذا الطرح يسيء إلى أهلنا وشعبنا فشعبنا ليس كالبهائم ولا يشترى بالغذاء ولا بالمال من أجل أن يسكت عن حقوقه في العراق وامتهان كرامته وإلا كان قد أشتري وسكت عن حقه في فلسطين .

2. هذا الطرح يسيء إلى حركة حماس نفسها ويصفها بأنها تشتري ذمم شعبها بهذه المساعدات كي لا يطالبوا بحقوقهم من جلادهم ، ويصف الحركة بأنها تشارك الجلاد في ذلك من أجل المصالح .

3. هل تقديم هذه المساعدات يجعلنا أن نسكت وأن لا نعتب ولا ننتقد الأخوة في الحركة على التصريحات السلبية التي تصدر تجاهنا بين الحين الآخر !؟ .

4. هل التقديم في جانب يعفي المقدم من التقصير في جانب آخر ، خصوصا وانها حركة إسلامية هل تقديم الصدقات يعفي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !؟ .

5. بإمكان الأخوة في الحركة أن يوفروا كل هذا المساعدات بكلمة حق واحدة تنصفهم وتكسب شعبنا تجاههم ، فهل الذي يقدر على توفير كل هذه المساعدات يعجز أن يتفوه بكلمة حق واحدة !؟ .

أما عن المقاومة وتحرير الأسرى فهذا واجبها وهذه انجازات جهادية كبيرة ولا أحد يستطيع المزاودة على الحركة في هذا الموضوع لكن ما علاقة هذا بموضوعنا فهل نذبح في العراق ونغطي على المجرم وعلى من يذبحنا بإسم الأسرى وبإسم المقاومة !؟  ولا أعتقد ان الأخوة في الحركة يقبلون بهذا المنطق ، وماذا عن أسرانا ومعتقلينا في العراق هل نسكت عنهم ونسمي معتقليهم بالعصابات المجهولة وجريمة اعتقالهم بالإساءة من أجل الأسرى والمقاومة في فلسطين أي منطق هذا فهذا المنطق لا يقبله حتى الأخوة في الحركة ، لأنه يسيء بشكل أو بآخر لهم فهم لا يحملون شعبهم في العراق "جميلة" جهادهم في فلسطين ، لأنه لا يمكن قتلنا والتنكيل بنا في العراق بإسم الجهاد والمقاومة .

والأمر الآخر الذي نستغربه هو هل مصالح الحركة قد توسعت من المصالح مع طهران إلى المصالح مع المليشيات والحكومة العراقية فنحن لم نطالب منهم الإشارة إلى إيران التي هي والمحتل الأمريكي سبب كل المصائب التي حلت بشعبنا في العراق ، ولكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى المليشيات وقوات المغاوير الحكومية في العراق بدلا من "عصابات" ، ولا يمنع من استخدام كلمة جرائم بدل "إساءة" .

فكلمة إساءة تستخدم للعتب الدبلوماسي وليس لشعب تشرد وقتل وذبح على مدى تسع سنوات ولم تبقى جهة إعلامية ولا حقوقية ولا أممية إلا ونقلت وتكلمت عن اللاجئين الفلسطينيين في العراق ، فهل هذه الجهات أحرص منكم على شعبكم !؟ .

كان الأخوة في حركة حماس يقولون ان العلاقة مع إيران والدعم الإيراني لن يؤثر على سياسات حماس تجاه شعبها وتجاه الأمة ، إذن فبماذا نصف ونفسر تعميم دائرة شؤون اللاجئين في الحركة وعلى رأسها الأخ عصام عدوان بعدم الإشارة إلى المليشيات عند التكلم على اللاجئين الفلسطينيين في العراق وإحالة الأمر إلى "عصابات" ، لماذا !؟ ، ما هو التفسير !؟ . لا زلنا نجهل ذلك ، وبماذا نفسر استخدام كلمة "اساءة" بدل جرائم .

هل يقبل الأخوة في الحركة أن ننسب جرائم الاحتلال اليهودي الغاصب في فلسطين إلى عصابات مجهولة !؟ وأن نصف هذه الجرائم بالإساءة !؟ فالدم الفلسطيني المسلم واحد سواء في فلسطين أو في العراق .

أليست هذه التصريحات خذلان لشعبنا في العراق ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله .... ) رواه مسلم .

فإذا كان الأخوة غير قادرين على قول الحقيقة التي لا يمكن أن تسد بغربال كقرص الشمس فالسكوت افضل من تزوير الحقائق وتسويفها وأفضل من التخبط في التصريحات التي يظنون انهم سيكسبون الطرفين بها ، شعبهم وفي الوقت نفسه لا يخسرون العلاقة مع المليشيات وإيران ، فإما شعبكم وإما الطرف الآخر .


علي جابر

20/4/2012


حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"