وقال
السفير طوباسي خلال حوار مع "دنيا الوطن": أحث الشباب على البقاء في
الوطن، تمارس اليونان حالياً إجراءات صعبة ومتشددة، خاصة بعد وجود حكومة جديدة منذ
ستة أشهر، تُصعّب عملية الحصول على لجوء سياسي، وتُعقد الإجراءات، لذلك هنالك
أعداد كبيرة في مخيمات تجميع اللاجئين، التي يفترض أن تكون بإشراف الدولة، وتساهم
بها منظمات الأمم المتحدة.
وأردف: "لكن باعتقادنا لا
الأمم المتحدة ولا منظماتها متحملة مسؤوليتها الجادة هناك، ولا الدولة اليونانية
متحملة مسؤوليتها الجادة، هناك تقصير واكتظاظ بعدد المقيمين، فهناك 40 ألف مهاجر في
اليونان، وأضعافهم على 10 مرات، خرجوا منها إلى دول أخرى، ونحن غير مسموح لنا
التدخل في هذا الأمر نهائياً".
فيما
يلي حوار (دنيا الوطن) الكامل مع السفير الفلسطيني في اليونان مروان طوباسي:
ما
موقفكم بالسفارة الفلسطينية من وفاة الشباب الفلسطيني بعرض البحر خلال محاولات
الهجرة لليونان؟
نحن
نقدم التعازي لذوي الضحايا، ولأبناء شعبنا لحالات الوفاة التي تحدث نتيجة هذه
الرحلة من الهجرة السوداء والصعبة من الوطن، وتحديداً من قطاع غزة، نتيجة الأوضاع
القائمة هناك والتي تثير غضب أبناء شعبنا، ولا يجدون فرصاً للعمل وفرص العيش
الكريم، ويضطرون للبحث عن حياة أفضل.
لكن
هذه الرحلات للبحث عن حياة أفضل محفوفة بالمخاطر، وكنا قد نبهنا أبناء شعبنا
والشباب تحديداً على مخاطر هذه الرحلات التي يخرجون خلالها من قطاع غزة إلى مصر ثم
إلى تركيا ومن ثم إلى اليونان، وهنا باليونان منهم من ينجح بالذهاب لدول أوروبا
ومنهم من يبقى، طبعاً الانتقال من تركيا إلى اليونان محفوف بالمخاطر
وحدثت
هنالك حالات وفاة كثيرة خلال السنوات الماضية، نتيجة الغرق، حيث يكون الانتقال
بالسفن أو نتيجة اضطرار بعض الشباب للقفز من المراكب والسباحة، ولقوا حتفهم في
مياه البحر الأبيض المتوسط.
قيل
إنكم طالبتم بالتحفظ على جثمان المواطن إياد القصير الذي توفى مؤخراً باليونان..
هل هذا صحيح ولماذا؟
هذا
الكلام غير صحيح، وغير دقيق، ولم نعط أي قرار بالتحفظ على جثمانه، تكفلت السفارة
بكل مصاريف دفن المرحوم إياد القصير، وتم دفنه بالفعل.
نحن
نتابع كافة حالات الوفاة، وقد حدثت العديد من حالات الوفاة مؤخراً خلال العامين
2018- 2019 تابعنا خلالهما 13 حالة وفاة وتكفلنا بدفع كل نفقات الدفن لهؤلاء
الشباب الذين لقوا حتفهم، هناك من نقلناهم إلى لبنان على سبيل المثال المرحوم
محمود سريدي، وهناك من دفناهم في المقابر الإثنية شمال اليونان، وهنالك من تم نقله
إلى أرض الوطن محمولاً على الأكتاف.
كنا
نريد لهؤلاء الشباب، أن يعودوا إلى أهلهم ساملين، الأسبوع الماضي نقلنا أيضاً
جثمان المرحوم أسعد غبن إلى غزة، وتم تشيع جثمانه هناك، نتواصل في البداية مع
الأهل لنعرف رغبتهم هل يريدون دفن الجثمان بغزة أم في اليونان، نحن لا نقرر بل
نعمل بموجب رغبة أهل الفقيد، وأيضاً من خلال التعاون مع الأخ فايز أبو عيطة، الذي
يتواصل معنا مشكوراً باستمرار.
وقمنا
بنقل حالة وفاة من أيام للمرحوم خالد ماهر المشهراوي، الذي توفى قبل أيام في جزيرة
(رودوس) نتيجة عملية دهس بالسيارة غير متعمدة بالطبع، وهرب السائق، وتواصلنا مع
الشرطة هنا وطلبنا منهم رسمياً العثور على هذا السائق والآن هو مقدم للمحكمة في
جزيرة (رودوس).
أيضاً
هناك مرحوم آخر توفى اسمه يزن القصه، توفى منذ أيام، وسيتم دفنه في مقبرة باليونان
طبعاً إسلامية، وكما قلنا لكم هناك خلال 2018 -2019، 13 حالة وفاة تعاملنا معها،
نحن نقوم بواجب إنساني وأخلاقي ووطني تجاه أبناء شعبنا ضمن الإمكانيات المتواضعة
لدينا، وهذا يتم بتوجيهات من الرئيس أبو مازن.
بالمناسبة
خلال السنوات الماضية، خرج من غزة حوالي 20 ألف شاب، منهم من استقر في اليونان،
ويقدر عددهم بـ 3922 فلسطينياً، إما في مراكز تجميع اللاجئين أو في أثينا، أو في
المدن المختلفة.
حضرة
السفير من يتحمل مسؤولية وضع الشباب الحالي؟
من
يتحمل مسؤولية ما يحدث، من يدير بقوة السلاح قطاع غزة، والوضع الاقتصادي المتردي
نتيجة الانقسام الأسود، دفع الناس للهرب بحثاً عن حياة أفضل.
أما
فلسطينيون سوريا، فيهربون من التدمير من مخيماتنا، وتدمير مخيم اليرموك في سوريا،
لكن الأمر هذا قل حالياً.
نحن
نعيد الشباب.. من يرغب بالعودة إلى أرض الوطن نحن نعيده وندفع ثمن تذاكر السفر،
هنالك العديد من الحالات خلال 2019 لدينا تقريباً بحدود 20 حالة عودة، أعدناهم
بتصريح خاص من اليونان إلى القاهرة، ومن ثم يعودون، هذا واجبنا.
ما
نصائحكم للشباب الحالمين بالهجرة لليونان؟
نحن
نحث كل الشباب على عدم الخروج من قطاع غزة، ونحثهم على البقاء والثبات والصمود لعل
الأيام القادم أفضل، ويجب أن يكونوا متفائلين، رغم سوداوية الظروف الحالية، وعلى
قول الشاعر: (إن أجمل الأيام هي الأيام التي لم تأتِ بعد) بذلك علينا الصمود، إن
كان بالضفة الغريبة في مواجهة ( صفقة القرن)، أو في قطاع غزة في مواجهة الحصار
"الإسرائيلي" وحكم الواقع، وما نتج عنه من أوضاع قاسية.
أما
الهجرة فثمنها غالٍ، فالشخص يهاجر إلى مكان غير معلوم، ينجح البعض منهم في الخروج
من اليونان إلى دول أوروبية تعطي إقامات ولجوء سياسي سريع، خاصة في دول شمال
أوروبا.
اليونان
هناك الآن إجراءات صعبة ومتشددة، خاصة بعد وجود حكومة جديدة منذ ستة أشهر، تُصعب
عملية الحصول على لجوء سياسي، وتُعقد الإجراءات، لذلك هنالك أعداد كبيرة في مخيمات
تجميع اللاجئين التي يفترض أن تكون بإشراف الدولة، وتساهم بها منظمات الأمم
المتحدة.
ولكن
باعتقادنا لا الأمم المتحدة ولا منظماتها متحملة مسؤوليتها الجادة هناك، والدول
اليونانية تعاني من وضع اقتصادي صعب، هناك اكتظاظ بعدد المقيمين، فهناك 40 ألف
مهاجر في اليونان من جنسيات مختلفة، وأضعافهم على 10 مرات، خرجوا منها إلى دول
أخرى، ونحن غير مسموح لنا التدخل في هذا الأمر نهائياً.
وطالبنا
أكثر من مرة، وعقدنا أكثر من اجتماع مع وزارة الداخلية وشؤون الهجرة، وحتى مع
المنظمات الدولية العاملة (اليو ان اتش سي ار) هنا، ومع أطباء بلا حدود، وأنا قمت
بزيارات خلال العامين الماضيين إلى جزء من مخيمات تجميع اللاجئين، وكنت التقي
بالشباب الفلسطينيين خارج هذه المخيمات، غير مسموح لي أن أدخل هذه المخيمات.
ونحن
من جهة أخرى، نحاول تقديم المساعدات، وفق الإمكانيات المسموحة لنا، نحن ندفع تذكرة
السفر لمن يرغب بالعودة، ونشجع على العودة، نحن لا نريد أن يبقوا بهذا الوضع،
الأفضل أن يعود الشخص إلى بلده، حتى لو كانت الظروف صعبة هناك.
ونناشد
الشباب عبر "دنيا الوطن" مرة ثانية وعاشرة بعدم الخروج من الوطن، نحن
نعرف الظروف بالوطن، ولا نقول ذلك من باب المزايدة، ولكن من باب الثبات والصمود،
فالوضع بالوطن أفضل من الخروج برحلات الموت المجهول.
هناك
العشرات، وقعوا ضحية العصابات التركية، التي تأخذ من الشباب أموالهم وتقدر بـ 2000
إلى 3000 دولار وجوازات سفرهم، ثم تلقي بهم إما في البحر أو مناطق يتم إلقاء القبض
عليهم من قبل الشرطة اليونانية، وينتهي بهم الأمر في مخيمات اللاجئين، هناك عرب
مشاركون أيضاً في تلك العصابات.
ويدفع
الشباب مبالغ مالية كبيرة كي يخرجوا من غزة، وعلى الجانب المصري يدفع أيضاً،
وتركيا تعطي فيزا بشكل غير ممنهج لكافة الشباب، وكأنه تعاون لتفريغ القطاع من
الشباب.
ما
طبيعة الإجراءات اليونانية الجديدة للحد من الهجرة؟
هناك
إجراءات جديدة للحد من هجرة الشباب عبر تركيا، سيكون هناك سياج بحري وكاميرات
مراقبة بالبحر بالمياه الإقليمية اليونانية التي تربطها بتركيا، وزيادة عدد الجنود
على الحدود.
هناك
بعض المناطق اليونانية القريبة جداً من تركيا، الأمر لا يحتاج إلا لساعة في
المراكب، وعندما يتم إنزالهم في البحر قبل السواحل اليونانية، البعض يصل، والبعض
يموت، والبعض يقوم خفر السواحل اليونانية بإنقاذهم وايصالهم للسواحل اليونانية.
المرحوم
أسعد غبن، الذي توفي وهو يسبح، حيث نزل من السفينة على مقربه من الحدود اليونانية،
لكنه نقل إلى المستشفى وتوفي هناك، وقد خرجت له جنازة كبيرة في غزة الأسبوع
الماضي، ومرة ثانية أقول نحن لانريد أن نعيد الأبناء محمولين على الأكتاف.
للأسف
الشباب الذين يصلون لمصر يحصلون على (فيز) من السفارة التركية، وينتقلون من مصر
إلى تركيا، وقد طالبنا مراراً أن يتم إعادة النظر بالأمر.
وهناك
مفقودون من الشباب الفلسطيني في تركيا، وهناك الكثير في السجون، فمنهم من تورط
بعمليات تهريب أو هربوا من خلال الحدود بشكل غير قانوني، فألقي القبض عليهم، ولهم
سنوات بالسجون.
لا
يوجد تعاون من قبل دول الاتحاد الأوروبي، ولا يوجد التزم باتفاقية (دبلن) بخصوص
اللاجئين، والدول الأوروبية لا تريد أن تأخذ حصصها من اللاجئين من اليونان، كما تم
الاتفاق عليه، واليونان تعاني من أزمة مالية، وغير قادرة على التعاطي مع هذا الكم
الهائل من اللاجئين.
طالبنا
من المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، بأن يتحمل مسؤوليته؛ تتحرك بجدية بهذا
الموضوع، نأمل أن يتخذوا إجراءات جادة بخصوص اللاجئين، وتقديم المساعدات لهم،
فبعضهم يعيش في خيام خلال مراكز التجمع، يجب أن تُقدم الحد الأدنى من الحياة
الكريمة لهم.
دنيا
الوطن
23/6/1441
17/2/2020