الحسد هو تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود ، وبهذا امر الله سبحانه وتعالى نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالأستعاذة من شر الحاسد إذا حسد في قوله تعالى في سورة الفلق : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } ، ومعنى الأية : { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } هو إذا أظهر الحاسد ما في داخله من الحسد والعمل بمعناه ومقتضاه مما يدفعه الى الحقد على المحسود والعمل على أيقاع الشرّ عليه.
والحسد مرض من أمراض النفوس وهو مرض غالبٌ فلا يخلص منه إلا القليل من الناس ؛ ولهذا قيل: ما خلا جسد من حسد. ، لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه.
وقال بعض الأدباء: ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحسود نفس دائم وهمّ لازم وقلب هائم فأخذه بعض الشعراء فقال:
إنّ الحسود الظلوم في كرب ** يخاله من يراه مظلوماً
ذا نفس دائم على نفس ** يظهر منها ما كان مكتوماً
للحسد أنواع ، أهمّها:
· وهو أن يتمنى الإنسان زوال النعمة عن أخيه وحتى ولو كانت النعمة لا تنتقل اليه وبهذا يكره نِعم الله على غيره ويتألم لحدوثها.
· أن يتمنى زوال النعمة على غيره بغيةً أنتقالها له .
· أن يتمنى الأنسان لنفسه من نِعم الله دون التمني لزوالها عن غيره ، فإن لم يتحقق ما تمنى ،لا يتمنى زوال النعمة عن غيره ، وهذا جائز وليس فيها شيء من الحسد .
للحسد مضار على الحاسد ، أهمها :
· انتفاء الإيمان الكامل، قال عليه الصلاة والسلام (لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ، ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ) صحيح الجامع رقم 13578.
· الحسد من أمراض القلوب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن أمراض القلوب الحسد، ... وقد قال طائفة من الناس: إنه تمنى زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها، بخلاف الغبطة: فإنه تمنى مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط.
· الحسد مرض وداء الأمم السابقة قال عليه الصلاة والسلام (دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد و البغضاء ) حديث حسن، صحيح الجامع برقم 5673.
· اكتساب الذنوب لأنه منهي عنه في الإسلام ، عن انس أبن مالك رضي الله عنه قال ، قال رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام ) رواه البخاري في صحيحه ، صفحة أو رقم 6065 ، ومسلم في صحيحه ، صفحة او رقم 6076.
· فيه سوء الأدب مع الله سبحانه وتعالى لأن حقيقة الحسد كراهية نزول نعم الله على عباده واعتراض على الله في حكمه.
· تألم قلب الحاسد وضيق صدره من كثرة همه وغمه ، [لله در الحسد ما أعدله...بدأ بصاحبه فقتله].
الوقاية الشرعية من الحسد:
كثر تداول الكثير من المفردات بيننا بدافع الوقاية من الحسد وبالحقيقة هي لاتنفع ولاتغني من شيء بل و أكثر من هذا توقعنا في محاذير شرعية منها الشرك بالله و البدع المحدثة والتي ليس لها أصل ومن هذه الأمور : تعليق التمائم والمجسمات على أشكال عيون وغيرها ، دق الخشب ، الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدافع الوقاية من ان يحسد أو يُحسد ، وغيرها الكثير ، ولكن هناك طرق شرعية للوقاية من الحسد ، منها:
· كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة قال وكان أبونا إبراهيم يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أو قال إسماعيل ويعقوب ، قال عنه الالباني صحيح في صحيح أبن ماجه وغيره.
· أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد اشتكيت ؟ قال : نعم . قال : بسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك ، قال عنه الالباني صحيح في صحيح أبن ماجه وغيره.
إعداد: اللجنة العلمية في موقع" فلسطينيو العراق "
10/4/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"