ايهاب سليم-السويد:
يحترق دم المرء حينما يشاهد الظلم دون أن يردعه، وأي ظُلم هذا الذي ينبع من رافدي القريب والغريب ليصبان في شاطئ التقسيم، المتابع لبعض الأقلام المأجورة والبرامج التلفازية المفتعلة وأراء بعض العرب المنتفعين يشعر بصدمة وخيبة أمل من إيجاد مصل وقائي لمعالجة الجينات الوراثية لهؤلاء الجهلاء بما يحملونه من أراء مبطنة لسايكس بيكو ووعد بلفور في تشتيت المُشتت وتفتيت المُفتت لتثبيت أساسات بيت بازل الذي شُيد عام 1897 وما قبله بقرون.
اتهامات وافتعالات وفبركات وخلط ضد ما يعرف عربيا باسم عرب 48 أو ما يعرف فلسطينيا باسم فلسطينيو 48 أو ما يعرف أمريكيا وأوربيا باسم (عرب إسرائيل) لأسباب تتعلق برضاعة ابنة القرار 181 وتلطيفها بعطر التنوع المؤقت، ولابد الإشارة لاهلنا العرب في الداخل والخارج ان عرب 48 ليسوا ضيوف في الداخل بل يعيشون في وطنهم الام وجُلهم من نسل كنعان الذي سكن فلسطين قبل 3000-4000 سنة قبل الميلاد (راجع تنقيبات دوروثي جارود في مغارة الواد والطابون في كهوف جبل الكرمل عام 1929) وورد ذلك في العهد القديم (التوراة) سفر التكوين اصحاح 10 رقم 19: (وكانت تخوم الكنعاني من صيدون حتى جرار قرب غزة حتى سدوم وعمورة وادمة وصبوييم قرب لاشع)، كذلك موجودة في خرائط العهد الجديد (الانجيل) في اطار فلسطين ايام خدمة يسوع ومشار تحديدا الى موقع مملكة السامرة في جبل جرزيم قرب (نابلس) –لا يزال قسم كبير من السامريين يعيشون بجنسيتهم الفلسطينية بسلام مع اهلهم الفلسطينيين في نابلس لغاية اليوم- ومملكة اليهودية قرب (الخليل)، اضافة الى (القران الكريم) الذي اشار في سورة المائدة الجزء السادس الاية 21: (قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فانا داخلون)، قبائل كنعان العربية كانت مثل قبائل عدنان وقحطان العربية الاخرى من سلالة اسماعيل عليه السلام انحرفوا الى عبادة الاوثان (بعل في فلسطين واللات وهبل ومناة الخ في الجزيرة العربية) وكانوا يسفكون الدماء ويقتلون النساء وتملكهم روح العصبية والبطش الخ على عكس بني اسرائيل من نسل يعقوب اللذين كانوا اول البشر ممن عرفوا الله عز وجل فكان لهم التفضيل انذاك حتى قدوم المسيح ابن مريم عليه السلام ثم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المُراجع للتاريخ يستدل ايضا ان اليهود اقوام والعبرانيين في فلسطين اقوام اخرى لكون التوراة كتبت باللغة الهيلوغريفية الفرعونية وكلمة موسى عليه السلام تعني (مو) أي الماء و(سي) أي يعطي، لو جمعت لكان معنى كلمة موسى بالهيلوغريفيه (واهب الماء)، بينما في العبرية يسمى موسى باسم (موشيه) لكون اللغة العبرية جاءت بعد موسى عليه السلام بأربعمائة عام تقريبا اثناء عبورهم الى فلسطين كقطاعين ويعرف عنهم بوجود خلل في حرف السين، اشير ايضا الى ان عرب اخرى دخلت فلسطين بعد الفتح الاسلامي للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك في عهد صلاح الدين الايوبي، الاستدلال بهذا التاريخ الموجز لا يراد منه المناكفة لكن لايضاح الاصل في هذا التوقيت الحساس بعد تزايد الضغوط على اهلنا في الداخل بسبب محاولة الاقطاب العالمية تجريد عروبة فلسطين بكامل حدودها واديانها السماوية وتعايشها السلمي وكذلك لمحاولة هذه الاقطاب اليمينية تجريد الامة العربية في حق وجودها في العراق وسوريا والاردن ولبنان ومصر، في واقع الامر هي مؤامرة كبرى ضد العرب في الدرجة الاولى يراد منها استئصال النسل العربي في هذه البقع تحديدا ضمن خطوات مدروسة تتعلق بالصراع على خيرات الوطن العربي سياسيا او تتعلق بالصراع الازلي ما بين ادم وحواء عليهما السلام وابليس دينيا او لكلا السببين ولاسيما ان هدفهما واحد.
اهلنا فلسطينيو 48 يعيشون داخل حدود نكبة عام 1948 في اوضاع لا ابالغ ان وصفتها باسماك وسط حيتان في بحر متلاطم الامواج على ارضية تشهد هزات متتالية نتيجة الاحتكاك المستمر ما بين اخطبوط اليمين في الغرب والاحياء العربية.
حقوق مسلوبة داخل وطنهم الام حيث نلاحظ بان الوضع القانوني هش وسُن بذات الفجوات القانونية التي كانت سائدة في اوربا في القرون الوسطى حيث يتم التعامل معهم بانهم ضيوف او اقلية معادية بعد ان كانوا الاغلبية في وطنهم الاصلي حيث لا يعترف (القانون الاسرائيلي) بالكثير من القرى العربية ولاسيما في النقب ما يتيح لهم التلاعب في الوضع الصحي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي باعتبارها (غير شرعية)!
اخر اختزالات القانون وتحلله عضويا كانت في محاولات تشريع منع احياء مراسيم النكبة وحذفها من الكراس التعليمي العربي وسن قانون مصادرة املاك اللاجئين الفلسطينيين الذي لا يخص اهلنا اللاجئين الفلسطينيين في الخارج وحسب بل يخص لاجئين فلسطينيين يعيشون داخل اراضي 67 و اراضي 48 نزحوا منها بعد التهجير من قراهم ومدنهم، بالتالي هذا ليس خرقا داخليا وحسب بل خرقا لقرار حق العودة الاممي الذي يحمل الرقم 194 الصادر عام 1948، مع ذلك اسطوانة الديمقراطية حينما تُعزف عالميا فالحانها (اسرائيلية) في التلفاز بل ان الديمقراطية في (اسرائيل) في نظر احد الكُتاب تؤهلها للانضمام الى الاتحاد الاوربي متناسيا حقيقة الصراع في منطقة الشرق الاوسط واتفاقيات الدفاع المشترك الاوربية، بذات الوقت تجاهل حقيقة تاريخية ان اليهود الاشكيناز الميسورين ماليا لم يطبقوا سوى قرار التقسيم المرقم 181 الصادر عام 1947 ونسفوا جميع القرارات الاخرى وصولا الى الاستيلاء على حقوق اللاجئين في يومنا هذا على الرغم من انهم الطبقة السكانية المتوسطة (26%) الواقعة بين الطبقة السكانية المزراحية العليا (40%) المتوسطة ماديا والطبقة السكانية السفرديمية السفلى (9%) المتردية ماليا وفقا لتقديرات الاحصائات السكانية الاسرائيلية في عام 2009، تسمية اليهود الاشكيناز هنا تذكر لعدم وجود (الجنسية الاسرائيلية) عام 1947 وكذلك لحسن العلاقة والجوار ما بين الفلسطينيين واليهود المزراحيين العرب واليهود الأرثوذكس الرافضين للصهيونية قبل وبعد النكبة كي لا نغبن حقوقهم وننسب لهم احداث النكبة او يظن البعض انه صراع ديني مع الاخذ بعين الاعتبار الى وجود بعض اليهود الاشكيناز في الداخل والخارج مؤيدين للحقوق الفلسطينية.
اما الوضع الاقتصادي لاهلنا عرب 48 ضعيف مقارنة بالعائلات اليهودية حيث يبلغ معدل الفقر 50% وفقا لتقارير مؤسسة التامين الوطني، كذلك تبلغ نسبة البطالة 20% تقريبا بسبب التمييز العنصري وغياب الاستثمارات داخل التجمعات العربية والخصخصة والازمة المالية وغيرها، انعكس ذلك على نسب التعليم العالي في الكثير من التجمعات العربية بسبب الاقساط الجامعية السنوي الباهض الذي يصل الى (10,000) شيكل اي (1800) يورو تقريبا سنويا، في حين ان معدل الدخل السنوي لاهلنا لا يتجاوز (10) الاف يورو، مع الاخذ بعين الاعتبار الى دور المنح الاردنية لابناءنا الطلبة من فلسطينيي 48 فرغم قلة عددها الا انها تساعد في حل المشاكل لبعض الاسر وتحسب هذه النقطة الايجابية للاردن الشقيق وجلالة الملك عبد الله الثاني مع التنبه الى ان اهلنا فلسطينيو 48 يتعرضون الى اجراءات اسرائيلية غريبة في حال زيارة سوريا او العراق او اليمن او السعودية باستثناء موسم الحج او العمرة حيث تتبنى الاردن تقديم لهم جواز سفر اردني مؤقت الذي جاء خلال الاتفاق الخاص ما بين (اسرائيل) ومصر والاردن.
اما الناحية النفسية، فيكاد المرء يجزم انهم يموتون يوميا حينما يشاهدون انفسهم وسط بيئة مكونة من 130 لغة وقومية وعادات اجتماعية تزداد بواسطة الهجرة اليهودية المستمرة للحد من التصاعد السكاني العربي تارة والعمل على استكمال استحكام المشروع في يهودية (اسرائيل) والمنطقة الممتدة من النيل الى الفرات تارة اخرى، دموع اهلنا تتساقط داخليا كل ساعة وايديهم مُكبلة حينما يرون انفسهم وسط مجتمع غالبيته معادية لهم ولنصفهم العربي الاخر في الضفة الغربية وقطاع غزة، فعلا انهم قوم جبارين تمكنوا من الحفاظ على عروبتهم واديانهم واخلاقهم ولغتهم ولهجتهم وسط بيئة محصورة منذ عام 1948 ولاسيما بعد ان اجتازوا الخطر الاكبر ابان الحكم العسكري (1948-1966) حيث كانوا يعيشون متناثرين في سجن كبير مغلق.
قد ينصف المرء اليسار الاسرائيلي قليلا رغم انه سيصب في نفس الشاطئ في نهاية المطاف ، لكن المشكلة التي تحيط بهم اليوم هي ضغط اليمين الاسرائيلي وقرارته العنصرية ضد اهلنا عرب 48 بالتزامن مع ارتفاع حدة التعامل مع اهلنا في القدس الشريف والمسجد الاقصى، يخشى المرء من ان عام 2010 قد يشهد صعقات للامة وهي انهيار المسجد الاقصى بسبب الاهمال العربي والاسلامي له جراء الحفريات التي لم تعثر على شيء الا اساسات المسجد لنخرها وبناء الهيكل المزعوم الذي سيحكم منه المسيخ الدجال فوق انقاض الحرم القدسي وفق معتقاداتهم من جهة وارتكاب مجازر ضد اهلنا عرب 48 في حال حدوث ردة فعل رغم ان قرار الابعاد الذي يلوح فيه الساسة الاسرائيليين يتعلق بتوفير مياه الشرب في واقع الامر من جهة اخرى، ولاسيما ان هنالك مشكلة المياه التي ستتفرغ لها الامة بعد الانتهاء من بناء سد اليسو عام 2010 وما سيخلفه من انخفاض منسوب نهر دجلة الذي يمر في العاصمة العراقية بغداد (6,500,000 نسمة) الى اقل من وضعه الحالي (حاليا الارتفاع 2 متر فقط) بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وعلامات جفاف نهر الفرات ولاسيما في الجنوب العراقي (حاليا الارتفاع 1 متر) والتصحر الذي سبب كوارث متزايدة في تفشي العواصف الترابية الصفراء، مع احتمالية ان تقوم (اسرائيل) بفتح جبهة شمالية للاستحواذ على نهر الليطاني بسبب انخفاض بحيرة طبريا وتسرب املاح البحر الابيض المتوسط الى المياه الجوفية وارتفاع درجات الحرارة اضافة الى رفض الجمهورية العربية السورية التخلي عن حقوقها في هضبة الجولان المحتلة والتي كان من المقرر من خلال ما يسمى (حديقة السلام) في الجولان المحتل امداد (اسرائيل) بالمياه من نهر الفرات بالمقابل حصول سوريا على (السلام)!!.
هذا السرد الطويل جاء لايضاح الصورة ليس الا من اجل الوقوف على خطورة الوضع القادم في الشرق الاوسط وفقا للدراسات والبحوث، ووضع بعض المتطلبات ادناه للحد قليلا من اي ازمة او اعصار قادم قد يعصف بهم وبالمنطقة برمتها:
اولا: توفير الدعم العربي الاعلامي لهم وعدم عزلهم في خانة شريط الاخبار.
ثانيا: توفير الاستثمار العربي داخل مجمعاتهم العربية باشراف المملكة الاردنية الهاشمية بما يضمن عدم وجود اختراق استثماري يهودي، ويكون الاستثمار ضمن القوانيين التي لا تخالف (القوانيين الاسرائيلية) بما يحل مشاكل جمة في الوسط العربي هناك.
ثالثا: توفير الدعم السياسي والاقليمي والدولي والمادي للاحزاب والهيئات والجمعيات العربية والاسلامية في الداخل ولاسيما لدورهم المميز في الدفاع عن القدس الشريف وللدفاع عن حقوقهم ووجودهم الطبيعي ايضا.
رابعا: توفير المنح الدراسية والدراسات العليا لطلبة عرب 48 في البلدان العربية ضمن صندوق مالي يخصص للتخفيف عن كاهل الاسر ويعزز من الاندماج العربي والحفاظ على الهوية العربية، يكون الدور الرئيس فيه للمملكة العربية السعودية بما تحمله من اتزان سياسي وفكري وديني وعروبي.
خامسا: توفير العلاج الطبي لهم في المستشفيات العربية ولاسيما في الامارات العربية المتحدة بسبب تكاليف العلاج المترتبة عليهم في الداخل من اجل النهوض بصحتهم ووضعهم الاقتصادي لدفعهم الى مزيد من التكاثر العربي وانجاب محمد وعيسى وغيرهم من العرب.
2009-08-13
"حقوق النشر محفوظة لموقع "فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"