الحمد لله الذي لم يخلق الإنسان عبثا ، ولم يتركه سدى بل خلقه ليذكره وكلفه ليشكره أناط سعادته وكمال بطاعته وربط شقائه وخسرانه بمعصيته والصلاة والسلام على نبينا محمد ابن عبد الله ورسوله الداعي إلى الله الهادي إلى صراطه المستقيم فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أعاذنا الله وإياكم من النار .
فيا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم خطر في بالي موضوع مهم فأحببت أن اكتب إليكم بعض الكلمات حول هذا الموضوع الذي لا يمكن أن تستغني عنه الأسرة المسلمة وهو كيف نربي أبنائنا تربية إسلامية على منهج النبي صلى الله عليه واله وسلم كثير من العوائل تشكو من تصرفات أبنائها في عدم طاعتهم لولي أمرهم وسوء أخلاقهم خاصة بعد أن أصبحوا شباب وكل هذا سببه أن الابن والبنت منذ الصغر لم يربى على الخوف من الله تعالى ولم يربى على منهج النبي صلى الله عليه وسلم , حقيقة كلما تذكرت صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كيف نشأ أبنائهم بهذه الأخلاق وهذا العلم وقد كان آبائهم منشغلون في الجهاد والدعوة إلى الله تعالى والعمل من هذا الذي رباهم وقد كان اغلب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم هم من الشباب أي أمهات عظيمات كانت زوجات وأمهات الصحابة رضي الله عنهم وتذكرت الصحابي أسامة ابن زيد رضي الله عنه عندما كان أميرا وقائدا يقود كثير من الصحابة منهم أبو بكر الصديق وعمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا عندما قاتل بني الأصفر في المعركة التي وقعت بين المسلمين والروم حيث كان يبلغ عمر الصحابي الجليل أسامة ابن زيد آنذاك 14عام ولكن لماذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم قائدا ، لأنه من تربية النبي صلى الله عليه وسلم حيث انه تربي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتذكرت الصحابة معاذ ابن جبل كيف كان يؤم قومه وهو شاب صغير ثم انظر الآن إلى أبنائنا الذين يبلغون من العمر ما بين العاشرة إلى العشرين عام كيف هو حالهم فحقيقة أحيانا لا استطيع بسهولة تمييز الولد من البنت بعد أن اتحدت ملابسهم وأشكالهم وهم يقلدون الغرب في كل صغيرة وكبيرة , شاب يكتب على قميصه اسم لاعب نصراني كافر مثل رونالدينيو أو غيره آخر يكتب اسم مطرب نصراني فاجر وآخر يلبس على يده علم أحد الأندية الأوروبية أو يلبس الأساور وما شابه ذلك مع العلم أن لاعبين هذا النادي هم من يكرهون الإسلام والمسلمين ويمقتون العرب وهم من فيهم من يقاتل المسلمين في بلادنا .
فهؤلاء الصحابة كيف انتقلوا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة هل كانوا من البيت إلى المرقص أو إلى الملهى أو الملعب أو يشاهد الفيديو كليب , لا والله بل انتقلوا من البيت إلى المسجد لماذا لا يكونوا أبنائنا كأمثال محمد الفاتح وطارق بن زياد انظروا إلى مواقف صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في معركة اليرموك والقادسية ونهاوند ، وقد وصفهم الله تبارك وتعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } النور – 36 .
وقال تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } التحريم - 6 .
فتفسير هذه الآية هو يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعملوا بشرعه أحفظوا أنفسكم بفعل ما أمركم الله به وترك ما نهاكم عنه واحفظوا أهليكم بما تحفظون أنفسكم من نار وقودها الناس والحجارة يقوم على تعذيب أهلها ملائكة أقوياء قساة في معاملاتهم لا يخافون الله في أمره وينفذون ما يؤمرون به . التفسير الميسر.
علينا يا اخوتي أن نقي أهلنا وأولادنا من النار وان ندعو بدعاء نبينا زكريا عليه السلام عندما كان يقول ، قال تعالى :
{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء } آل عمران - 38.
وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } لقمان – 33 .
وقال صلى الله عليه واله وسلم في حديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته : الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر. رواه ابن خزيمة في صحيحه .
كما يجب علينا أن نعلمهم أمرا عظيم وهو الشجاعة فإن الشجاعة خلق عظيم وبالشجاعة تتحقق كثير من الأمور الصعبة لذا ينبغي تدريب أطفالنا على ذلك وتعويدهم عليها وقد يكون ذلك أن يسمح الأب لأولاده بالمصارعة فيما بينهم على سبيل اللعب لتعويدهم على ذلك مع مراقبتهم حتى لا يخرج الأمر عن الهدف من وراء ذلك .
فعن محمد بن علي بن الحسين قال اصطرع الحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هي حسن فقالت له فاطمة يا رسول الله تعين الحسن كأنه أحب أليك من الحسين قال إن جبريل عليه السلام يعين الحسين وأنا أحب أن أعين الحسن . أخرجه الحارث في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
فأوصي أبناء شعبنا الفلسطيني أن تكون تربيتنا لا في المدارس الأوروبية بل تكون في المساجد لان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال إن الطفل عندما يحفظ القران من صغره يكون له نورا في طريقه عند كبره ، بل الآن منا الكثير يريد أن يدرس في الجامعة الأمريكية أو البريطانية أو الألمانية ويأتي بعدها وهو يقلد هؤلاء النصارى بملبسه أو طريقة قص شعره على ما رآه من النصارى وهنا اذكر لكم حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نهى عن القزع ؟ قال وما القزع يا رسول الله قال يحلق رأس الصبي ويترك بعض . رواه مسلم .
فيا إخوتي علينا جميعا أن نربي أبنائنا في المساجد لأنها هي النور التام لنا ولأبنائنا والله واقسم بالله لو أن أولادنا الآن يدرسون في المساجد لمدة 12عام دراسة متواصلة إلا أن يخرج منهم إما حافظا لكتاب الله أو خطيب أو مفتي أو داعية يدعو النصارى في بلاد الكفر إلى الإسلام أو مجاهدا أو عالما بدلا من أن نتركهم يدرسون في المدارس التي تربيهم على الفسق وعلى الانترنت وغيرها من الأمور المحرمة شرعا وعلى الابتعاد عن دين الله تبارك وتعالى وبعيدا عن سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم بل علينا أن نتذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " . متفق عليه .
علينا أن نربي أجيال تعتمد عليها يكونوا مجاهدين فاتحين لبيت المقدس إن شاء الله وعلينا أيضا أن نطبق حديث النبي صلى الله عليه واله وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل وفي رواية أخرى من يخالط والخلة معناها هنا الصداقة والمحبة . رواه الترمذي .
وكما يجب علينا أن لا نترك أبنائنا يسهرون الليل أو يتأخروا في الليل لأن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فان الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم . متفق عليه .
كما أوصي نفسي وإياكم بعدم الدعاء واللعن على الأولاد لان كثيرا من الناس بدلا من أن يستعملوا الدعاء في نفع أولادهم فيقلبون الأمر إذا غضبوا عليهم أو فعل الأولاد ما لا يرضيهم فيدعون عليهم ، فبدلا من أن نقول لأولادنا اللهم أهلكه اللهم العنه فندعي لهم ونقول لهم اللهم اهدهم اللهم أصلحهم اللهم تب عليهم وسدد خطاهم حيث قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم . رواه مسلم .
فدعاء المؤمنين جميعا هو كما قال تبارك وتعالى : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } الفرقان - 74 ، وقول المؤمن كمال قال الله تعالى : {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء } إبراهيم – 40 .
وقال تعالى : { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } الأحقاف - 15.
فعلينا أن ندعو لهم بالصلاح وان يكونوا من أهل العلم والدين ومن حفظة كتاب الله العزيز إن شاء الله .
قال الشيخ عبد المجيد الريمي في بعض من أبياته الشعرية إلى الشباب المسلم :
تبارك الله ما أحلى محيـــــــــــاه وما ألذ على الأسماع ذكـــــــراه
إني أرى حين ألقاه وأبصـــــــره بشائر النصر تهدينا ثنايــــــتــاه
هو الشباب الذي أرجو وأحسبــه سينشر الدين في الدنيا ويرعــاه
إلى العقيدة والإيمان منهجــــــــه وعصره قد وعى قيه قضايــــاه
وقد تسلح بالعلم الصحيح فلـــــن يصده عن طريق الحق أعــــداه
أما المذاهب والأحزاب يدركهـا ومن هواه عن القرآن أعمــــــاه
وليس إمعة من جاء يندبـــــــــه إلى الغواية لباه وحيـــــــــــــــاه
وللسياسة جزء من ثقافته حتــى وعى الوضع أقصاه وأدنــــــــاه
وقد تأكد أن الأمة افتقــــــــــدت لوعيها وبدت فيها ضحايـــــــاه
ثوب الغثائية الحمقاء يصبغهـــا ويحكم الناس أقزام وأشبــــــــاه
وعنده الوعي بالطاغوت يعرفه وكيف يجهل من بالظلــــــم آذاه
يد الطواغيت قد أضحت ملوثة بدمِّ من في طريق الله آخـــــــاه
وقد تربى على الإيمان يدفعــه لنصرة الحق في الضراء تقــواه
مجاهد ومحب للإله وقــــــــــد ذلت لإخوانه فيه حنايــــــــــــاه
وباذل نفسه لله محتسبــــــــــــاً قد باع لله دنياه بأخــــــــــــــراه
وفي الختام اسأله تبارك وتعالى أن يهدينا إلى ما يحبه ويرضاه وان يغفر لنا خطيئتنا ويحسن خاتمتنا اللهم ارزقنا حسن الختام وثبتنا عند سؤال الملكين اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفر من حفر النيران اللهم إنا نعوذ بك من فتن الدنيا يا ارحم الراحمين اللهم ارضى عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم جميعا اللهم احشرنا مع الصحابة واجعلنا ممن يحملون أخلاقهم يا ارحم الراحمين يا الله اللهم اجعلنا جيرانهم في الفردوس الأعلى يا أكرم الأكرمين يا الله اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا على طاعتك اللهم إنا نسألك أن تهدينا الصراط المستقيم اللهم احشرنا مع النبيين والصديقين في عليين اللهم لا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك الكريم اللهم ارضي عنا وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
عزالدين الأسعد
اليمن السعيد
20\8\2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"