لقد تجاوز عدد قتلى فلسطينيي العراق لأكثر من (450 )على أيدي الميليشيات الظلامية وبدم بارد مع مئات من الجرحى ولكل الفئات العمرية، واعتقال وتعذيب المئات من إخواننا في معتقلات وسجون هذه الميليشيات ومنهم من افتدى نفسه وعائلته من القتل مقابل المال والاملاك ، وخسارة البيوت العامرة على مدى سنين الاقامة منذ 1948 التي قضيت في العراق فضلا عن
خسارة الاعمال والوظائف والدراسة .
إن هذه النوازل المخوفه تجعل من الانسان ان يستبد به القلق في انتظارها وكانما هي الموت او
أشد وطأة, وربما لم يهنأ له طعام ولا ارتسم على فمه إبتسام من تفكيره المشدود لما يتوقع ,وبذات الوقت يتخوف من فقدان ما ألف او وقوع ما يفدح حمله .
ولما كانت الحياة من ضروريات الدين جاء القرار الصعب بالفرار من العراق وبكافة الطرق والوسائل واللجوء لمخيمات اللاجئين ومنها مخيم الهول الصحراوي.
إن ما يؤلم اللاجئين الظروف البيئية الصعبة غير المألوفة لهم من عواصف رملية وأمطار غزيرة وثلجية وشمس ساطعة حارقة في ذات اليوم وغرق دورهم وآفات الفراغ ، فإذا كان العمل رسالة الاحياء فإن العاطلين موتى، وانقطاع أبناؤهم عن الدراسة الجامعية والمعاهد العليا
وقساوة الظرف الذي يعانونه من ظهور الحشرات والزواحف ولدغ الكثيرين منهم وشحة مياه الشرب الصحية .
إن القلق والهم يحطمان العمالقة كما يقول الشاعر :
والهم يخترم الجسيم نحافة ويشيب ناصية الصبي ويهرم
إن حالات الموت في المخيمات لكبار السن في تزايد وأن بعضا منهم قد أصبح طريح الفراش وعجبا لمن امتلكه الحزن أثر كارثة عصيبة فإذا بعض أضراسه قد سقط من فمه .
إن الازمات النفسية العاتية شديدة الوطأة على الجسم وإنها تحول العصارات الهاضمة الى سموم
فلا تستفيد المعدة من أغنى الاطعمة بالغذاء وإنها تفتت هيكل الأسنان وتزلزلها من مستقرها العتيد . وقد قرأنا أن بكاء يعقوب على ابنه يوسف عليهم الصلاة والسلام افقده بصره ، وكيف أن الغم بلغ مداه على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما تطاول عليها الأفاكون فظلت تبكي حتى قالت : ظننت ان الحزن فالق كبدي.
فكم من أب وأم في مخيم الهول حزينون وباكون على فراق أحبتهم من الأبناء والأهل والأحبة
ومن آلام المعاناة اليومية . ولقد صح طبيا بأن أمراضا تنشأ عن توتر الأعصاب منها ( اضطراب القلب وقرحة المعدة وضغط الدم والسكري) وإن كثيرا من المرضى في المخيم ليس لعلتهم أساس عضوي البتة بل مرضهم ناشئ عن الحزن والخوف والقلق على ما هم فيه من آلام ومعاناة.
ويقول الشاعر :
ليس من مات فستراح بميت انما الميت ميت الاحـياء
انما الميت من يعيش كـئيبا كاسفا باله قليل الرجـاء
وصدق من قال إن الناس رجلان: ( رجل نام في النور ورجل استيقض في الظلام ) .ولا شك أن الرجل الذي يضبط أعصابه أمام الأزمات ويملك إدارة البصر في ما حوله هو الذي يظفر في النهاية بجميل العاقبة .
إن أهلنا في المخيم في أزمة نفسية عالية المستوى وبحاجة الى التفريج عنهم مما يعانونه والخلاص من ذلك بإخراجهم من المخيم بأقرب وقت ممكن.
وعليه نناشد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة باعادة توطينهم لما يتوفر للاجئين الفلسطينيين الفارين من العراق من معايير التوطين التي وضعتها المفوضية وإعطائهم الاولوية بذلك لكونهم من الحالات الاكثر ضعفا وحاجة .
ونهيب بكل المنظمات الانسانية وحقوق الإنسان والروابط الاجتماعية والهيئات الاعلامية بمساعدة اللاجئين من فلسطينيي العراق في مخيم الهول بكل الوسائل والطرق المتاحة لهم.
لفيف من أهالي مخيم الهول الصحراوي
23/4/2010
موقع" فلسطينيو العراق " أول موقع ينشر هذه المعاناة والمناشدة
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"