وبالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي الجوي والبحري المستمر
على قطاع غزة تتواصل الجهود الدبلوماسية من القاهرة إلى الدوحة لفرض تهدئة على
إسرائيل وحركة حماس.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أسفر العدوان الإسرائيلي
والمواجهات في انحاء مختلفة من الضفة، عن سقوط ستة شهداء وإصابة مئات الجرحى،
ووصلت المواجهات إلى القدس المحتلة، التي شهدت حصارا منع مئات آلاف المصلين من
إحياء ليلة القدر، وصلاة الجمعة أمس.
فقد عمّت المظاهرات الغاضبة مدن وقرى الضفة، استجابة إلى
نداء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقوى سياسية أخرى، وكانت شرارة
المظاهرات قد انطلقت في مخيم وحاجز قلنديا الاحتلال، جنوب مدينة رام الله، مساء
ليلة القدر، حينما تظاهرة عشرات الآلاف متجهين إلى الحاجز، في مسيرة أطلق عليها مسيرة
"48 ألفا"، فقمعت قوات الاحتلال المظاهرة بوحشية شرسة، وبوابل من الرصاص
الحي والقنابل الغازية، فرد عليها المنتفضون بالحجارة، وأعلنت وزارة الصحة
الفلسطينية أن تلك المواجهات أسفرت عن استشهاد الفتى محمد الأعرج (17
عاما)، وسقوط ما يزيد على 440 متظاهرا، من بينهم عشرة
مصابين في حال الخطر.
وامتدت مظاهرات ليلة القدر إلى انحاء مختلفة من الضفة،
فاصيب نحو 70 متظاهرا آخر، نصفهم في القدس المحتلة، والآخرون من مدن الخليل
وبيت لحم وسلفيت ونابلس وطولكرم.
وتواصلت المظاهرات والمواجهات في كافة مدن وقرىالضفة،
شارك في العدوان عليها إلى جانب جيش الاحتلال، قطعان المستوطنين، التي شرعت باطلاق
النار على الفلسطينيين، بتشجيع مباشر من قوات الاحتلال، وأسفرت هذه المواجهات عن
سقوط ثلاثة شهداء في بلدة "بيت أمّر"،
شمال الخليل، والشهداء هم عبد الحميد ابريغيث (35 عاما) وسلطان الزعاقيق (30
عاما)، وهاشم ابو ماريا (47 عاما)، والأخير يعمل موظفا
في الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الاطفال فرع فلسطين.
وأسفرت المواجهات التي وقعت عند حاجز حوّارة جنوب
نابلس، عن استشهاد الشابين خالد عزيمي (18 عاما)، وطيّب ابو شحادة (22 عاما) الذي
استشهد برصاص عصابات المستوطنين الارهابية. وحسب التقديرات، فإن عدد المصابين
الفلسطينيين في مواجهات يوم امس في الضفة، يقدّر بالمئات، إن كان بالاصابات
بالرصاص الحي بأشكاله، أو حالات الاختناق.
وفي القدس المحتلة، تحولت المدينة المقدّسة منذ مساء الخميس
وليلة القدر إلى ثكنة عسكرية لآلاف من عناصر قوات الاحتلال، التي حاصرت المدينة
وبشكل خاص البلدة القديمة والمسجد الاقصى المبارك، ومنعت مئات الآلاف من دخول
المسجد الأقصى للمشاركة في صلاة ليلة القدر، وصلاة الجمعة اليتيمة أمس، وشمل الحظر
ايضا صلاة الفجر، فاندلعت سلسلة من المواجهات في انحاء مختلفة من المدينة، بدأت
مساء الخميس واستمرت أمس
وكان المسجد الأقصى شهد الليلة قبل الماضية مواجهات غير
مسبوقة بين المعتكفين وقوات الاحتلال التي اقتحمته، وقد أحرق المصلون مركز شرطة
الاحتلال باحة صحن مسجد الصخرة بالأقصى المبارك وكاميرات المراقبة ورفعوا العلم
الفلسطيني على قبته.
كما شهد محيط الأقصى ومعظم أحياء وبلدات ومخيمات القدس مواجهات
هي الأشد ضد قوات الاحتلال، كانت أعنفها بمحيط الحاجز العسكري قرب مخيم قلنديا
شمال القدس، والتي أسفرت عن استشهاد الشاب محمد الأعرج، وإصابة نحو 200 شاب حالة
عدد منهم صعبة وخطرة بعد إصابة أصحابها بالرصاص الحي في الأجزاء العلوية من
أجسادهم.
في الوقت نفسه، وعقب انتهاء صلاة الجمعة، اندلعت مواجهات
عنيفة في كافة أرجاء المدينة المقدسة، تركزت في أحياء: بلدة سلوان جنوب الأقصى
المبارك، والصوانة وجبل الزيتون- الطور، وراس العامود، وفي حارات وأزقة البلدة
القديمة، وفي بلدات العيسوية عناتا والرام، والعيزرية وأبو ديس وصور باهر.
ودبلوماسيا دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
امس إلى "هدنة انسانية" فورية في غزة حتى نهاية عيد الفطر الاسبوع
المقبل. وقال في بيان اصدره مكتبه "في يوم الجمعة الأخير من رمضان، أدعو إلى
هدنة فورية وغير مشروطة في المعارك الدائرة في غزة وفي إسرائيل" على ان
"تستمر طوال فترة عيد الفطر."
ورفضت الحكومة الإسرائيلية اقتراح وقف اطلاق نار قدمه
وزير الخارجية الاميركي. واجرى كيري امس في القاهرة لقاء مع كي مون ونظيره المصري
سامح شكري استمر حوالي نصف ساعة.
ويقول دبلوماسيون ان الولايات المتحدة تعمل مع مصر على
اعداد خطة يمكن ان تؤدي إلى هدنة انسانية. كذلك قال مسؤولون اميركيون ان كيري تحدث
هاتفيا مرات عدة مع وزيري خارجية قطر وتركيا.
وفي هذا الإطار، ألغى وزير الخارجية التركي احمد داود
اوغلو زيارة كانت مقررة إلى فرنسا وتوجه إلى قطر للمشاركة في مفاوضات حول
التوصل إلى تهدئة.
ومن جهته قال مصدر مقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس
ان "ما يرتسم حاليا، هدنة إنسانية من سبعة ايام لإفساح المجال امام كل
الاطراف للمجيء إلى القاهرة وإجراء محادثات"
وبدوره أوضح مصدر دبلوماسي غربي ان "في حال التوصل
إلى هدنة انسانية ستحصل محادثات جدية"، فيما بدا آخر اقل تفاؤلا اذ قال ان
"الإسرائيليين لا يريدون ان نفرض عليهم اي شرط، أما حماس، وبسبب تجارب سابقة،
تظن انه يجب ان يحصل ذلك" اي فرض شروط على إسرائيل.
وتشترط حركة حماس رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وهو
مطلب كرره رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الموجود في قطر في مقابلة مع
هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي.)
وميدانيا أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري
لحركة حماس، انها اطلقت قبل الجمعة ثلاثة صواريخ "ام 75" على مطار بن
غوريون الإسرائيلي قرب تل ابيب، حيث لا تزال حركة الملاحة الجوية مضطربة اثر سقوط
صاروخ قربه الثلاثاء.
ويأتي اطلاق هذه الصواريخ في وقت رفعت الوكالة الفدرالية
للطيران الاميركي حظر الرحلات من والى تل ابيب، محذرة في الوقت نفسه من امن الوضع
ما زال "مضطربا جدا."
وكانت جميع الشركات الاميركية ومعظم الشركات الاوروبية
علقت رحلاتها مساء الثلاثاء، الامر الذي اعتبرته حماس "انتصارا كبيرا
للمقاومة". وتخطى عدد الشهداء الفلسطينيين
جراء الهجوم الإسرائيلي منذ الثامن من تموز(يوليو) 838 شهيدا و5300 وأكثر جريح،
وفق آخر حصيلة فلسطينية، وذلك بعد ليل دموي شهد غارات مكثفة على كافة اراضي القطاع
واسفر عن دمار واسع وسقوط عشرات القتلى. واستشهاد "مسؤول الاعلام
الحربي" في حركة الجهاد الاسلامي صلاح ابو حسنين الملقب ابو احمد وثلاثة من
اولاده الاطفال في غارة استهدفت منزله في رفح.
ومن جهته اعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل جندي احتياط (36
عاما) صباح امس في شمال قطاع غزة ما يرفع إلى 33 عدد القتلى من الجنود الإسرائيليين.
والخسائر التي لحقت بالجيش الإسرائيلي هي الافدح منذ حربه ضد حزب الله في لبنان
عام 2006 حين فقد 116 جنديا.
ويقول الجيش الإسرائيلي انه استهدف منذ بدء الهجوم 2500
هدف للفصائل الفلسطينية ومن بينها منصات صواريخ ومراكز قيادة وورشات تصنيع سلاح
فضلا عن انفاق بين قطاع غزة وإسرائيل.
ولكن إسرائيل استهدفت الخميس مدرسة تابعة لوكالة غوث
وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) لجأ اليها نازحون في بيت حانون ما
اسفر عن استشهاد حوالي 15 فلسطينيا واصابة 200 آخرين. واجبر الهجوم الإسرائيلي 110
آلاف فلسطيني على اللجوء إلى مباني تابعة للامم المتحدة.
ودعا الاتحاد الاوروبي امس إلى "تحقيق سريع"
في القصف الإسرائيلي على المدرسة. وقالت المتحدثة
الدبلوماسية باسم الاتحاد الاوروبي مايا كوسياسيتش "ندعو إلى تحقيق سريع
وكامل في هذا الحادث". وهي المرة الرابعة التي تتعرض فيها الاونروا لقصف كما
اكدت المتحدثة.
وبالنسبة لمدير الاونروا بيتر كراهنبول فان "هذه
المأساة تظهر مجددا انه ليس هناك اي انسان في امان في غزة."
ومن جهتها طالبت منظمة الصحة العالمية بإقامة ممر انساني
في غزة لاجلاء الجرحى وتقديم الادوية والعلاج اللازم.
وامر العاهل السعودي الملك عبدالله بمساعدة قيمتها 100
مليون ريال (25,7 مليون دولار) مخصصة لمواجهة اعباء نقص الادوية والمستلزمات
الطبية العاجلة لعلاج الجرحى والمصابين في قطاع غزة، كما اعلنت الجمعة وكالة
الانباء السعودية.-(ا ف ب).
المصدر العرب والعالم