حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور ومنها مسجد أم حرام في قبرص

بواسطة قراءة 11318
حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور ومنها مسجد أم حرام في قبرص
حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور ومنها مسجد أم حرام في قبرص

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:

أما بعد:

فإن بعض الأخوة  اخبرني إن قسم من إخواننا الفلسطينيين حفظهم الله في قبرص يصلون الجمعة في مسجد أم حرام . علما ان هذا المسجد فيه قبر الصحابية الجليلة أم حرام بنت ملحان الأنصارية زوجة الصحابي عبادة بن الصامت والتي بشرها الرسول صلى الله عليه وسلم بغزو البحر.

والغالب أن بناء هذا المسجد على قبرها وذلك لأنها توفت عند فتح المسلمين لجزيرة قبرص وحينئذ لم يكن مسجد هناك  كما ان الصحابة رضوان الله عليهم لا يدفنون الموتى في المساجد.

http://www.paliraq.com/images/om%20haram/om%20haram%20%2816%29.jpg

 

فليعلم الإخوة الكرام إن فعلهم هذا وهو الصلاة في مسجد فيه قبر فيه مخالفة شرعية واليكم التفصيل:

بعض الاحاديث في حرمة الصلاة في مسجد فيه قبر:

1-عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي لم يقم منه : ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ).

 قالت : فلولا ذاك أبرز  قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا ( رواه البخاري ومسلم).

المعنى فلولا ذاك اللعن الذي استحقه اليهود والنصارى بسبب اتتخاذهم القبور مساجد المستلزم البناء عليها لجعل قبره صلى الله عليه و سلم في أرض بارزة مكشوفة ولكن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك خشية أن يبنى عليه مسجد من بعض من يأتي بعدهم فتشملهم اللعنة.

2- عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما كان مرض النبي صلى الله عليه و سلم تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها : مارية وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة فذكرن من حسنها وتصاويرها قالت : [ فرفع النبي صلى الله عليه و سلم رأسه ] فقال : " أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله [ يوم القيامة ] " ( رواه البخاري ومسلم)

قال الشيخ الالباني رحمه الله: هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين وتصوير صورهم فيها كما يفعله النصارى ولا ريب أن كل واحد منهما محرم على انفراده فتصوير صور الآدميين يحرم وبناء القبور على المساجد بانفراده يحرم كما دلت عليه نصوص أخر يأتي ذكر بعضه هـ.

3-عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :( إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم احياء ومن يتخذ القبور مساجد ) ( اخرجه ابن خزيمة صحيح).

اخي الكريم هذه بعض الاحاديث في تحريم اتخاذ القبور مساجد  ويوجد غيرها كثير ولكن لم اسردها خشية الاطالة .

 من القواعد المقررة عند اهل العلم ان المسجد والقبر لا يجتمع في دين الاسلام وذلك لان الناس  مفتونين بعبادة القبر والتأثر به وهذا ما  فهمه الصحابة رضوان الله عليهم فعندما عثروا على جثمان النبي دانيال في كنوز كسرى عندما فتحوا فارس .  وأن أبا موسى كتب الى عمر في ذلك فكتب إليه عمر إذا كان النهار فاحفر ثلاثة عشر قبرا ثم اجعله في أحدها ليخفى على الناس(الرد على البكري ابن تيمية).

ان فعل الصحابة هذا هو خوفهم ان يظهر الشرك مرة ثانية بعد ظهور التوحيد وما نراه ما يحدث عند قبور الصالحين من شرك بالله هو دليل على هذا .

فان قال البعض اننا نذهب لنصلي فقط ولا ندعو صاحب القبر ولا نستغيث به . فنقول اخي الكريم قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168

فالشيطان يسحب الناس للشر خطوة خطوة وهذا مصداق الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه: قال تعالى { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } (نوح 23) قال ابن عباس : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوحٍ عليه السلام فلما ماتوا بنوا لهم الصور والتماثيل.

• روى ابن جرير " حدثنا ابن حميد قال حدثنا مهران عن سفيان عن موسى بن محمد بن قيس : أن يغوث ويعوق ونسرا كانوا قوماً صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم : لو صورنا صورهم كان أشوق لنا إلى العبادة ، فصوروهم: فلما ماتوا ، وجاء آخرون : دبّ اليهم ابليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبِهِم يُسقَوْن المطر ، فعبدوهم " وذكر مثله ابن الجوزي .

فاصنام قريش مثل اللات والعزى كانوا رجالا صالحين ولكن لما بعد الزمان عبدوا . لذلك كان من هدي الصحابة قطع كل مادة للشرك او وسيلة له فعن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب :

 ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته.

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت .

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " ( ص 22 ) :

 واتخاذ المكان مسجدا هو أن يتخذ للصلوات الخمس وغيرها كما تبنى المساجد لذلك والمكان المتخذ مسجدا إنما يقصد فيه عبادة الله ودعاؤه لا دعاء المخلوقين فحرم صلى الله عليه و سلم أن تتخذ قبورهم مساجد تقصد للصلوات فيها كما تقصد المساجد وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده [ لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه والدعاء عنده ] فنهى رسول الله صلى الله.

اقوال اهل العلم في الصلاة في المساجد التي فيها قبور:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثاني والعشرين من مجموع الفتاوى: ((اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر, وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد ،فإن كان المسجد قبل الدفن غير ،إما بتسوية القبر، وإما بنبشه إن كان جديداً، وإن كان المسجد بني بعد القبر ،فإما أن يزال المسجد وإما أن تزال صورة القبر)).

وإذا ثبت النهي عن بناء المساجد على القبور فإن معنى ذلك النهي عن الصلاة في تلك المساجد، إذ كيف يُنهى عن بناء المساجد على القبور ثم يُرخص في الصلاة فيها ؟، ولذلك اتفق أهل العلم على كراهة الصلاة في المسجد المبني على القبر ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم : ((فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم يتعين إزالتها بهدم أو بغيره ،وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعروفين ،وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه, ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ولأجل أحاديث أخر)).

وإذا كان الإجماع قد وقع على حرمة اتخاذ القبور مساجد وكراهة الصلاة فيها ،إلا أن هناك خلافاً قد وقع بين أهل العلم في مسألة بطلان الصلاة في تلك المساجد ،فظاهر مذهب الحنابلة أنه تبطل الصلاة في المساجد المبنية على القبور .هـ

وقد تبنت دار الإفتاء في الديار المصرية فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية هذه فنقلتها عنه في فتوى لها أصدرتها تنص على عدم جواز الدفن في المسجد فليراجعها من شاء في " مجلة الأزهر " ( ج 112 ص 501 و 503 ) ( 52 ) (تحذير الساجد)

وقد سئلت اللجنة الدائمة للافتاء رقم ( 4335 ) :

س: هل يجوز للإنسان أن يصلي في مسجد به قبر.....؟

ج _إذا كان المسجد مبنيًا على القبر فلا تجوز الصلاة فيه وكذلك إذا دفن في المسجد أحد بعد بنائه، ويجب نقل المقبور فيه إلى المقابر العامة إذا أمكن ذلك؛ لعموم الأحاديث الدالة على تحريم الصلاة في المساجد التي فيها قبور.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 

ومذهب المالكية : (التحريم) قال القرطبي : قال علماؤنا: وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد. (تفسير القرطبي 380/10) ، وقال الإمام مالك : "أكره تجصيص القبور، والبناء عليها، وهذه الحجارة التي يبنى عليها" كما في المدونة (1/189) والكراهة في عند الإمام مالك يُراد بها الحرمة أو التحريم. (انظر : مناهج التشريع الإسلامي في القرن الثاني الهجري د . محمد بلتاجي 118/2 .)

وفي مذهب الشافعي : أنه (كبيرة من الكبائر) ، قال الهيثمي في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر : ( الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ : اتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ ، وَإِيقَادُ السُّرُجِ عَلَيْهَا ، وَاِتِّخَاذُهَا أَوْثَانًا ، وَالطَّوَافُ بِهَا ، وَاسْتِلَامُهَا ، وَالصَّلَاةُ إلَيْهَا )

 وفي مذهب الحنابلة : (التحريم) كما جاء في شرح منتهى الإرادات : وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا - أي القبور - لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا فَائِدَةٍ وَمُغَالَاةٍ فِي تَعْظِيمِ الْأَمْوَاتِ يُشْبِهُ تَعْظِيمُ الْأَصْنَامِ ، ويَحْرُمُ جَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا .

وفي مذهب الحنفية يحرم رفع البناء على القبر ولو للزينة (رد المحتار على الدر المختار2/273)، وتبطل وصية من يوصي بأن يُطين قبره أو توضع عليه قبة (الفتاوى الهندية 69/6)، ويبطل النذر لغير الله وأن اعتقاد أن الميت يتصرف في الأمور دون الله كُفر (البحر الرائق 320/2) وقال الزيلعي الحنفي -رحمه الله-: «ويكره أن يبنى على القبر أو يقعد عليه أو ينام عليه أو يوطأ عليه أو يقضى عليه حاجة الإنسان... أو يصلى إليه أو يصلى بين القبور... ونهى عليه الصلاة والسلام عن اتخاذ القبور مساجد»(١٤- «تبيين الحقائق» للزيلعي: (1/246).(كما يعلم ان الكراهة هنا بمعنى التحريم).

اخي الكريم من اراد الاستزادة والاطلاع على اقوال اهل العلم في هذا الموضوع فليراجع كتاب تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للعلامة الالباني رحمه الله.

شبهاد والرد عليها :

بعض المجوزين للصلاة في المساجد التي فيها قبور يستدلون ببعض الشبهات اهمها

1-    وجود قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي :

اخواني الكرام ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما مات دفن في حجرة عائشة رضي الله التي كانت بجانب المسجد ويفصل بينهما جدار فيه باب ، وكان عليه الصلاة والسلام يخرج منه إلى المسجد ، وهذا أمر مقطوع به عند العلماء ولم يدفن في المسجد. والانبياء دفنهم مكان موتهم قالت عائشة وابن عباس: لما قُبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغسل اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: ما نسيتُ ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما قبض اللهُ نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه، ادفنوه في موضع فراشه)(19). 19 - الترمذي (3/338) رقم (1018)، وقد صحح هذا الحديث العلامة الألباني في "أحكام الجنائز.

وعندما وسع المسجد في عهد عمر رضي الله عنه وكذلك في زمن عثمان رضي الله عنه لم يدخل القبر الى المسجد حيث كانت التوسعات ليس في جهة القبر ولكن من الجهات الاخرى . ولما جائت خلافة وليد بن عبد الملك الاموي بعد موت عامة الصحابة بالمدينة وسع المسجد جهة القبر .

وحُكِى أن سعيد بن المسيِّب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً (البداية والنهاية (12/415)).

اذا اخي الكريم الرسول صلى الله عليه وسلم مدفون الان في حجرة عائشة رضي الله عنها ولم يتغير المكان وليس في المسجد فحجرة عائشة رضي الله عنه ابقيت غرفة عائشة.
 وقال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم 13/5-14 حول شبهة كون قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد النبوي : (قال العلماء : .. لما احتاج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه - ومنها حجرة عائشة - رضي الله عنها - مدفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطاناً مرتفعة مستديرة حوله؛ لئلا يظهر في المسجد فيصلي إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر).

2-    شبهة اصحاب الكهف وقوله تعالى" ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا﴾ [الكهف: 21]،":

في هذه الاية دليل يسمى" الدليل الوصفي" اي يصف ما حصل دون تأييد احد القولين والدليل الوصفي لا يعمل به  لانه ينقل الحدث دون ترجيح احد القولين فلا امر به من باب الايجاب او الاستحباب . والمسألة الثانية ان القوم الذين قالوا لنتخذن عليهم مسجدا هم من النصارى الذين اتخذوا مسجدًا على قبور الصالحين في ذلك الحين وهم الذين عناهم الحديث النبوي الشريف بالتحذير من فعلهم " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"قال ابن كثير -رحمه اللهابو احمد: «والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ واَلنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ» يحذر ما فعلوا.

هذا، وعلى فرض أنَّ الذين غلبوا على أمرهم -في الآية- لم يكونوا نصارى فلا يتمُّ التسليم بأنهم كانوا مؤمنين، بل هم الملوك والولاة كما ذكر ذلك ابن رجب وابن كثير والآلوسي وغيرهم(١٧- انظر: «روح المعاني» للآلوسي: (15/236). «فتح الباري» لابن رجب: (3/194). و«تفسير ابن كثير»: (3/78).)، وقد كانوا أهل شرك أو فجور، حيث إن لفظة «لَنَتَخِذَنَّ» تلائم أهل القهر والغلبة من الملوك والولاة، دون «اتخذوا» بصيغة الطلب المعبر بها الطائفة الأولى؛ ذلك لأنَّ مثل هذا الفعل تنسبه الولاة إلى نفسها، وضمير «أَمْرهِمْ» هنا للموصول المراد به الولاة، ومعنى غلبتهم على أمرهم: أنهم إذا أرادوا أمرًا لم يتعسَّر عليهم، ولم يحل بينه وبينهم أحد، كما قال تعالى: ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [يوسف: 21].

قال ابن رجب -رحمه الله-: «فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما أنزل الله على رسله من الهدى»(١٨- «فتح الباري» لابن رجب: الجزء والصفحة نفسها.).

وعلى تقدير أنَّ شرع من قبلنا شرع لنا فمشروط بعدم التصريح في شرعنا ما يخالفه، ويبطله، فإن ورد في شرعنا ما ينسخه لم يكن شرعًا لنا بلا خلاف، كالأصرار والأغلال التي كانت عليهم في قوله تعالى: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: 157]، وقد جاءت النصوص الحديثية متضافرةً ومتواترة تنسخ هذا الحكم وتنهى عن بناء المساجد على القبور وتغلِّظ النكير.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فإنَّ الله تعالى قد أخبر عن سجود إخوة يوسف وأبويه وأخبر عن الذين غلبوا على أهل الكهف أنهم قالوا: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا﴾ ونحن قد نهينا عن بناء المساجد على القبور»(٢١- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (1/300).).

الخاتمة : اخي الفاضل الكريم بعد ما تبين لك تحريم الصلاة في المساجد التي فيها القبور وخاصة التي بنيت على قبر من كلام الرسول وأهل العلم لا ينبغي لك الا ان تستجيب وتكون من الذين قال الله فيهم ( وما كان  لمؤمن ولا مؤمنة ... الاية ).

واختم بكلام قيم للامام ابن القيم رحمه الله تعالى : قال ابن القيم في زاد المعاد 572/3 : وعلى هذا ؛ فيُهدم المسجد إذا بُنى على قبر، كما يُنبش الميتُ إذا دُفِنَ فى المسجد، نص على ذلك الإمام أحمد وغيرُه، فلا يجتمع فى دين الإسلام مسجدٌ وقبر، بل أيُّهما طرأ على الآخر. منع منه، وكان الحكم لِلسابق، فلو وُضِعا معاً، لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تَصِحُّ الصلاة فى هذا المسجد لنهى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، ولعنه مَن اتخذ القبر مسجداً أو أوقد عليه سراجاً.انتهى

هذا ما تيسر وفي الموضوع كلام اكثر لاهل العلم ولكن خشيت الاطالة والله من وراء القصد.

 

إعداد: وليد ملحم

1/3/2010

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"