سلسلة الفقه الميسر- الحلقة العاشرة :الطهارة والماء الطهور- وليد ملحم

بواسطة قراءة 4728
سلسلة الفقه الميسر- الحلقة العاشرة :الطهارة والماء الطهور- وليد ملحم
سلسلة الفقه الميسر- الحلقة العاشرة :الطهارة والماء الطهور- وليد ملحم

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه أما بعد: فهذه حلقة جديدة من حلقات الفقه الميسر ابدأها بعد فترة من الانقطاع  بكتاب الطهارة بعد ان تكلمنا عن بعض أحكام العقيدة في الحلقات السابقة .

مقدمة : ان كثير من فقهاء الإسلام يبدءون كتبهم الفقهية المتعلقة بأحكام العبادات بأحكام الطهارة وذلك كما هو معلوم لا صلاة بدون طهارة فعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم .( رواه أبو داود:تحقيق الألباني :حسن صحيح).

والصلاة أعظم ركن بعد التوحيد فمن الطبيعي ان يبدأ بها والطهارة مقدمة للصلاة .

الطهارة لغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية.

والطهارة شرعا: ارتفاع الحدث بالماء أو التراب الطهورين المباحين وزوال النجاسة .(توضيح الأحكام).

والحدث:وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة . مثاله رجل بال واستنجى ثم توضأ . فكان حين بوله لا يستطيع أن يصلي فلما توضأ ارتفع الحدث فيستطيع بذلك ان يصلي لزوال الوصف المانع من الصلاة.

والنجاسة : كل عين يجب التطهر منها. (ابن عثيمين).

مثل البول والغائط وغيرها من النجاسات تقع على بدن أو ثوب المسلم فيجب التطهر منها أي إزالتها.

المياه وأقسامها:

القسم الأول : الماء الطهور : وهو الماء الطاهر في نفسه المطهر لغيره ترفع به الأحداث والنجاسات.

ويشمل الأنواع التالية:

1- ماء المطر:

قال تعالى  {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً }الفرقان48.

2- ما كان أصله الماء , كالثلج والبرد:

فعن أَبُي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إسكاته قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً فَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ(رواه البخاري)

3- مياه العيون والينابيع:

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ }الزمر21.

4- ماء البحر:

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول:  سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته .

(رواه أبو داود تحقيق الألباني :صحيح)

5- الماء الاجن المتغير بطول المكث أو بمخالطة طاهر لا يمكن صونه عنه كالطحلب وورق الشجر وغيرها.

وما تغير بالسمك ونحوه من دواب البحر لأنه لا يمكن التحرز منه .ومن الأدلة على ذلك.

ما روته أم عطية رضي الله عنها : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ تَعْنِي إِزَارَهُ(رواه البخاري)

يعني أذا خالط الماء شيء طاهر مباح لكن بقي الماء اسمه ماء ولم يزل عنه ذلك الوصف فالوضوء به جائز.

أما إذا زال عنه اسم الماء بأن سمي عصيرا أو خلا مثلا فذلك لايجوز الوضوء به لأنه ليس بماء,

6- الماء الذي خالطته نجاسة , ولم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ.(رواه أبو داود تحقيق الألباني :صحيح)

أي ان تلك النجاسات عندما وقعت في البئر لم تغير أحد الأوصاف الثلاثة الطعم أو اللون أو الرائحة فيكون الماء طاهرا . أما إذا غيرت احد تلك الأوصاف فيكون الماء نجسا.

7- الماء المستعمل: سواء كان بعد الوضوء أو الغسل ما لم يستعمل في إزالة نجاسة .

الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ...(رواه البخاري).

وعن ابن عباس قال اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه فقالت يا رسول الله إني كنت جنبا فقال إن الماء لا يجنب قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهو قول سفيان الثوري ومالك والشافعي .

 (رواه الترمذي تحقيق الألباني :صحيح ، ابن ماجة ( 370 )).

قال ابن قدامة ... ( ولأنه ماء طاهر لاقى محلا طاهرا , كالذي غسل به الثوب الطاهر ) (المغني)

قال الحافظ: وفيه دلالة بينة على طهارة الماء المستعمل .

وقال ابن حزم : والوضوء بالماء المستعمل جائز وكذلك الغسل به للجنابة ... وهو الماء الذي الذي توضأ به بعينه لفريضة أو نافلة , أو اغتسل به بعينه لجنابة أو غيرها وسواء كن المتوضئ رجلا أو امرأة .

8- الماء المسخن :

فقد ثبت عن عمر رضي الله عنه : انه كان يسخن الماء في قمقم فيغتسل به .(أخرجه الدارقطني وغيره وصححه الشيخ الألباني في الإرواء ).

أخي المسلم هذه أنواع المياه الطاهرة التي يجوز للمسلم ان يتوضأ أو يغتسل بها.  نسأل الله ان ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا اللهم أمين.

 

أخوكم : وليد محلم

11/10/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"