عفوا...سيادة الرئيس – أحمد أبو الهيجاء

بواسطة قراءة 5155
عفوا...سيادة الرئيس – أحمد أبو الهيجاء
عفوا...سيادة الرئيس – أحمد أبو الهيجاء

السلام عليكم ورحمة الله...سيادة الرئيس ابو مازن انت بالتأكيد لا تعرفني , لكني اعرفك جيدا سيادة الرئيس.

انا وانت وملايين غيرنا نشترك بكثير من (المواصفات) اهمها اننا فلسطينيون ...ولاجئون. فأنا لست سوى لاجئ ..وكغيري من ملايين اللاجئين قدر لي ان اولد وان امارس كل طقوس الحياة من لحظة الولادة وحتى هذه اللحظة.. خارج ارضي , فلسطين..ولكني اتمنى ان يكون قبري على ترابها.

والدي ,رحمه الله, حمل من جدي رائحة وبصمات اقدم شارع في حيفا.وقبل ان يتوفاه الأجل ..في بغداد..اودع في الذمة سند ملكيته لأرض كانت لنا هناك في (عين حوض) وبعد التفاصيل ..ذيّل السند الذهبي هذا بختم (سلطة فلسطين) من (لواء حيفا) ...اعرف ,سيادة الرئيس, انك ..بالأصل (صفديا) وتحمل مثلي , او هكذا افترض , صفة لاجئ ..وانا الان افتخر بهذا اللقب ..واعرف ان صفد ليست بعيدة عن عين حوض وجبع واجزم وعين غزال وام الفحم وغيرها من قرى وبلدات حيفا وهن جميعا متشابهات في ظل العنصرية الصهيونية.

لا ادري سيادة الرئيس ان كنت قد عرجت في ذاكرتك على سنوات اللوعة الاولى في صفد..فزرتها ..ام انك لم تغضب لطفولتك فيها فاعتبرتها نزقات وارهاصات (ولدنة) لا داعي للخوض في تفاصيلها الى درجة المرور على باحة الدار على الاقل ك(رئيس) هذه المرة ؟؟!!

ام انك حاولت الرحيل اليها لمجرد التقاط صورة تذكارية الى جانب بوابة البيت العتيق , فلم تفلح بسبب رفض (مالكها ) الجديد من بني صهيون ؟!!

لا يهم سيادة الرئيس مهما كانت الاجابة , لكن في ذهني مطرقة هائلة تدك كل الغاز الذاكرة هناك , هي عبارة عن سؤال بسيط جدا ..لكنه خطير جدا.... ولا اجد من هو اجدر واقدر وافضل منك في الاجابة عليه : كيف تحول دمنا الفلسطيني الى ماء؟؟!!!

وفي الافرع والحيثيات من السؤال- المطرقة تتفرع بكل ابهام عشرات الاسئلة المخيفة :
كيف اشتعلت كل رايات النضال ...واحترقت؟؟ لماذا الوقوف في منتصف الطريق..بمحاذاة الهاوية؟!

ما الذي حوّل اللاجئ الثائر الى دكتوراه في سلطة فارغة  الاّ   من دولارات مشبوهة؟

عفوا ..سيادة الرئيس ..اريد ان افهم كيف تدير (السلطة) ودبابات الاحتلال على مرمى حجر فلسطيني ؟!!

الا يستطيع اصغر مجند صهيوني ان يجعل من اي (وزير) في سلطتك...مجرد انسان يرتدي بدلة حريرية بربطة عنق فاخرة ..فيعتقله من ياقته وهو يرتدي قفازات ؟؟

عفوا سيادة الرئيس ...ثلاث عشرة حكومة منذ اول (اوسلو)  93 حتى اخر مستندات (شرم الشيخ)2009 قبل رحيل عرابها.. مبارك.. ماذا قدمت لنا؟!

لقد تحول شعار (ثورة حتى النصر) الى (ثروة حتى القبر).

نتوسلهم ايقاف (الاستيطان)... ونستجدي 20% فقط من اراضي فلسطين التاريخية .
وتنازلات لا تمتلكون استحقاقاتها من اعناق اللاجئين.... الى (حدود) الدولة الى القدس والاقصى و.... الا تشم....يا سيادة الرئيس.. روائح عفنة بالقرب من دائرتك السلطوية ؟؟

الا تلاحظ تنامي اخطبوط الفساد والافساد ؟؟

انا لا احب الاساءات ولا المغالطات ...ولا المهاترات ولا السفسطات ..ولا المناوشات الكلامية ولا المناكفات ..لكن قل لي بالله عليك يا سيادة الرئيس ...كيف تريدون منا ان  نؤمن بان ( الحياة مفاوضات)..و(شوية) تنازلات ...من اول كرسي الى صائب عريقات ؟؟؟

لا تحاول ,سيادة الرئيس , اقناعنا ان دهائك الرباني وكفاءاتك النادرة ستحافظ على ما تبقى من دمنا ...وان حكمتك ستعيد ما فقدناه من دم وتحول الى ماء بفضل سياستك..

ثماني عشرة سنة, سيدي الرئيس, لم تحرر شبرا واحدا.. حتى مبنى مقاطعتك في رام الله...ام نسيت حصارهم لأبي عمار فيها, اكثر من سنتين؟!!

من جديد ...لا تحاول اقناعي ..سيادة الرئيس ..انك ستحررني بالانتخابات ...وان غزة ستبني جسرا للتواصل مع رام الله بتغيير الوزارات.

هي فتنة جديدة ..سيادة الرئيس ..وهذه المرة, كما في كل مرة ..خانتك افكارك او مقترحات الديناصورات من حولك ..فما تعتبره سيادتك الحل القادم وهو الامثل ل(مصلحة الشعب) ..سيكون السكين المسموم الجديد- القديم في الخاصرة الفلسطينية المدماة اصلا.

فصناديق الاقتراع ستتحول الى عبوات ناسفة والاوراق الانتخابية ستكون مصائد للمغفلين او مصائب للعارفين..

لا تبحث عن اعصار قادم ..سيدي الرئيس ..فعين الاعصار الان هي اقرب ما تكون اليك ...لست طاغيا فأنت حتى لاتستحق هذا اللقب ولست دكتاتورا لأنك لا تمتلك فسحة التأهل لأن تكون كذلك...لكنك يا سيادة الرئيس تحاول تأجير القضية وبيعنا بالتقسيط طويل الامد والمريح...كلاجئين .

الم يقل عنك (بطل السلام ) بوش الابن : ان هذا الرجل يمتلك ارادة شعبه ..والملهم لقادة المنطقة؟!!
فأما ان يكون بوش الابن هذا غبيا ..او انه يسخر منك ويستهزأ بك .

عفوا سيادة الرئيس ...فانت لا تمتلك ارادة شعبك... هكذا من سلطة موتورة موبوءة .

لكنك قد تكون ملهما لأشقائك ..قادة المنطقة ..ان اقدمت على جزئية هي حسب اعتقادي قادمة لا محال شأت ام أبيت ..لكنك ستدخل التاريخ الابيض من اوسع بواباته ان سلمت الراية لمن هم اقدر واجدر منك بالوطنية اولا وليس بالعضلات ....اولائك الذين لم تمتد يديهم لتصافح وتعانق سفاحي شعبهم امثال شارون ونتنياهو وباراك وليفني.

عفوا سيدي الرئيس ..عندما وقفتم هناك في منتصف الطريق ...كانت هي الطامة الكبرى ..الم يصلك خبر (تشي جيفارا) عندما قال :

( ان الثائر الذي يقف عند منتصف الطريق ..انما يحفر قبره بيديه)..؟؟  واعرف يا سيادة الرئيس انك بدأت الطريق مع المرحوم ابي عمار للذهاب الى فلسطين ...من الماء الى الماء ...فصارت فلسطين الان صكوك طاعة امريكية وبقايا تخوم صحراء عربية ..وغيوما تمطر
ملاحقات امنية...وصناديق اقتراع مفخخة ...وفتات موائد عربية .

عفوا سيادة الرئيس ...يا من (هندست) اتفاقية اوسلو ..وترأست اول (حكومة) فلسطينية في ظل الاحتلال تقدم استقالتها بعد ستة اشهر بضغط الاحتجاجات والمظاهرات والتهديدات ..ليتك كنت طاغية في وطن هو لنا وسلطة هي لك ...حقيقية ..لكنك الان ..تقبض على الهواء وتحكم ماءا في شبك ...انت تعرف ان لا سلطة لك سوى على جدران المقاطعة .

لا تنتظر حرق المراكب ..سيادة الرئيس..فطلائع اشتعالها تكاد تطل برأسها عند حدودك الهالكة .

تجرأ وافعلها ...سيادة الرئيس ... مرة واحدة والى الابد .. بنية صادقة ..وبأحساس لاجئ نقي له قدمين على بساط السلطة ...وعينيه ابعد من بوابة المقاطعة , واقرب الى صفدعفوا سيادة الرئيس ...بقي ان افضي لك بسر صغير يكبت على صدري ...ويحيل منفاي الى واحة حرية خاصتي ...اعترف يا سيادة الرئيس اني تمنيت ان اكون مصريا ...لساعات بل لأيام ...والسبب بسيط ...انا اعتز كوني فلسطينيا وافتخر...ولكن يوم ارتفعت راية الحرية والكرامة في ميدان التحرير بمصر...سألني اكثر من امريكي : هل انت من مصر؟؟ لحظتها ارتعش قلبي وكادت ان تقفز دمعة من عيني ...وأجبت :

كلا انا من فلسطين ....لكني اعتقد ان هذا المشهد من ميدان التحرير بمصر هو اقرب ما يكون الى فلسطين .

اللاجيء جدا

الفلسطيني جدا جدا

احمد ابوالهيجاء

16/2/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"