الدولة البوليسية مصطلح يعبر عن دولة تمارس فيها الحكومة جميع الصلاحيات المتاحة لها لقمع او اسكات اي معارضة او ادانة ضدها وتبسط قانونها من خلال تكريس كل اجهزة الدولة الاعلامية والخدمية وتحكم من خلال جهاز امني واحد الا وهو البوليس ولا يكون للمواطن فيها حرية التعبير كما هو في الدول المتحررة ، الدولة البوليسية تتحكم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب , وتعطي للبوليس صلاحيات كثيرة و كبيرة كي تسيطر على المعارضين لسياسة الحكومة و تغطي كل هذه الامور بغطاء قانون الطوارئ الذي يسمح بالتصرف خارج اطار الدستور . الدولة البوليسية غالبا تبقى نظام شمولي و لا تسمح بوجود معارضه حقيقية.بل معارضه وهميه تختلقها هي كي تمثل دور الديمقراطية أمام المجتمع ، ان الجهاز الامني فيها يكون هو الجهاز الوحيد الذي يتحكم في البلد وتكون السلطة بيد وزير الداخلية وباقي الوزراء والرئيس تكون صلاحياتهم على الارض محدودة اذ لا يمكنهم التحرك بدون امر من الجهاز الأمني وكذلك لا يمكنهم اتخاذ اي قرار من دون الرجوع للجهاز الامني والذي يتمثل بوزارة الداخلية التي تحكم البلد على جميع الأصعدة .
والسؤال هو هل نحن في قبرص نعيش في دولة أوروبية أم في دولة بوليسية ؟
والتزمت في محاولتي الإجابة علي هذا السؤال بالتحليل العقلاني المدروس بعيدا عن اي انفعال اوتخليط للامور بل من خلال تحليلات ملموسة وحقائق لا يمكن تجاهلها او تغيير مفهومها .
نعم نحن نعيش في دولة بوليسية واستندت في ذلك إلى عدة ملامح أهمها الآتي :
أولا :
الأجهزة الأمنية تختلط لديها مدلولات الوطن والدولة والحكومة فبينما يختلف معنى ورمز ودور كل من هذه الكيانات في المجتمعات المنضبطة ، نجد أنها جميعا تمثل لدي الأجهزة الأمنية رموز السلطة والحكم التي يجب أن تحميها هذه الأجهزة وتضمن لها الاستقرار والبقاء ، وخير دليل على تلك الاختلاطات تلمسها من خلال عدم اهتمام الدولة بالعلاقات الخارجية وتحصر علاقاتها وتمجدها فقط بالدول التي توفر لها الإمكانية على بسط سيادتها على أرضها فتكون الجهة الداعمة لهم هي الجهة التي تسيطر على أي قرارات تخص الأمور الخارجية والعلاقات الدولية والمشكلات الإقليمية ويكون دور وموقف الدولة البوليسية هذه ضعيف جدا او سلبي في التحكم في مثل هذه الملفات الخارجية وخير دليل على ذلك اعتمادها على اليونان في تمثيل الدور الخارجي عوضا عنها اذن هذا هو تخلط الوطن واما التخلط الثاني هو تخلط هو تخلط الحكومة فتجدها حكومة مقيدة منقسمة تحاول تمثيل الدور الديمقراطي رغم عجزها في ذالك فتكون غير قادرة حتى في اتخاذ قرار بإجماع او التصويت ضد قرار بإجماع حتى لو كان مصيري لانها منقسمة داخليا وعرضة للضغوط الخارجية والداخلية وخير دليل على ذالك لم نسمع منذ تأسيسها الى اليوم بانها اتخذت قرار موحد بإجماع تجاه قضية ما حتى فيما يخص الاحتلال التركي لقبرص كما تزعم اذ انهم منقسمين ايضا في شان هذا القرار فيما يخص انه احتلال ام انه حق للقبارصة الاتراك ام انه قسم فدرالي ام انه تحت وصاية تركية ام ان الاتراك في الجانب الاخر هم جزء منهم وعليهم نفس الحقوق الى مالا نهاية .
ثانيا :
الأجهزة الأمنية تساوي بين أعداء الوطن والمواطنين الاشرار او المواطنين الذين يتم اعتقالهم تحت اي حجة او ظرف او ذريعة ما بحجة حرصها علي حماية الوطن والدولة والحكومة من الأعداء المتربصين بالجبهة الداخلية وتسمح لنفسها بالخلط بين الأشرار والمواطنين ، واعداء الوطن فالحيطة تقتضي اعتبار الجميع مشتبها فيهم إلى أن يثبت عكس ذلك ، ويجب إعمال آليات الشك والتحري بغض النظر عن توفر شواهد أو أدلة تدين الشخص من عدمه ، ولا يهم في هذا السياق تعطيل اي شخص أو احتجازه أو الاندفاع نحو اتهامه دون توفر أدلة دامغة تدينه ، فالهدف القومي هو حماية الجبهة الداخلية وحماية انظمة الحكم وأمام ذلك الهدف النبيل تتضاءل مغبة إهانة البشر أو ترويعهم أو اعتبارهم متهمين حتىتثبت براءتهم.وخير دليل على ذلك اصدار قانون من وزير الداخلية بحقنا وينص عل اعتقال اي مواطن بحجة انه يثير الشغب فاذا كان مواطن من الدرجة الاولى يطلق سراه بعد مدة بكفالة وإذا كان مواطن درجه ثانية يرحل بعد انقضاء فترة محكوميته .
ثالثا :
الأجهزة الأمنية هي مؤسسة مهمة جدا من مؤسسات الدولة ، دورها السهر على سيادة القانون وضبط الخارجين عليه لتقديمهم للعدالة ، ولها في ذلك آليات وأدوات راسخة يجب ألا تحيد عنها وإلا تعرضت للمساءلة من الأجهزة الرقابية ، ولا تنفصل عن هذا الدور مسؤوليتها في حماية أفراد الشعب وضمان استقرار الأمن والأمان لجميع المواطنين ، ومن هنا كانت العبارة التي طالما ترددت على مسامعنا في شتى المناسبات المتصلة بالشرطة : الشرطة في خدمة الشعب...لكن الواقع يقول إن معظم المواطنين لا يشعرون بمعناها أو تأثيرها في حياتهم ، بل على العكس نالت تلك العبارة نصيبا وافرا من التهكم والاستنكار والسخرية نتيجة ما ترسخ في أذهان الكافة من مفاهيم تناقضها تماما وخبرات ارتبطت بممارسات الشرطة والأجهزة الأمنية جعلت منها مصدرا للتربص والتنكيل بالشعب وإساءة معاملة المواطنين وإهانتهم وإهدار كرامتهم واستباحة أعراضهم وسط مناخ يضفي الحصانة والحماية على أفراد الشرطة إلا في الحالات الصارخة النادرة التي لا يمكن ان يفضحها الإعلام ولا ينفع التكتم عليها .
اذن وخير دليل على هذا ان لديهم جهاز امني واحد متعدد المهام وهو نظام قديم غير متحضر حيث ان قوات التدخل السريع او السي اي دي هذه تلعب دور ما يقارب مئة مؤسسة امنية وقد الغيت العديد من الاجهزة الامنية والمؤسسات التابعة للأمن ليحل محلها هذا الجهاز وخير دليل على ذلك نجدهم اي قوات التدخل السريع هذه تلعب دور شرطة المرور وتلعب دور شرطة مكافحة الشغب وتلعب دور شرطة حماية الحدود والمؤسسات وتلعب دور شرطة محلية وتلعب دور شرطة حماية الشخصيات وتلعب دور شرطة ضبط المؤسسات وشرطة الدفاع المدني ومجالات لا حصر لها يقوم بها شرطي مكلف وبذلك تلغى باقي ادوار المؤسسات الامنية او تدمجها تحت غطاء جهاز امني واحد .
رابعا :
الأجهزة الأمنية لديهم تفتقر إلي الخيال السياسي وإليى آليات ضبط النفس ، وذلك ينعكس في ملامح شخصية رجل الشرطة الذي يتم تأهيله علي مفاهيم الصرامة والتسلط والبطش مع الاستعلاء علي المواطنين والتميز بينهم واستباحة كسر القوانين دون أدنى قلق من العقاب وذلك لعدم وجود اجهزة رقابة عليهم وكذلك منظمات حقوقية لأنها اما تكن موجودة بشكل ديكور لبيان انه بلد ديمقراطي او انها تسيطر عليها من خلال نفوذها لتلك المنظمات الانسانية و يمتد إلى عدم احترامه لحقوق الإنسان وانتهاج شتي الوسائل للإيقاع بالمشتبه فيهم والانتقام البشع من كل من تسول له نفسه الاحتجاج أو التمرد على ذلك .
تلك الملامح التي نعرفها جميعا برزت وتجسدت في الواقعة التي كشفها الإعلام المضلل والتي انطوت عليى اعتداء منفلت كريه من ضابط شرطة على شباب صغار في حادثة الولفر حيث انه كان يرتدي زي مدني وهذا مخالف أثناء واجبه وقام بالشتم والاعتداء على احد الشباب مما دفع الباقين للرد عليه دون علمهم انه شرطي مخابرات وبالتالي اعتبرت عملية هجومية تم قمعها وقمع المظاهرة من خلال معاقبة الكل واعتقالهم ثم طردهم وترحيلهم خارج البلد وكذالك قمع الاحتجاج الذي حدث في منطقة بيلا وقمع احتجاج السوريين الاكراد وترحيلهم وكما يحدث معنا اليوم يعيدوننا الى العراق كي نقتل على الهوية او نعدم وكل ذلك يقومون به من خلال قانون يسنه جهاز الامن .
وعليه ان مخالب الدولة البوليسية لم تترك اي مكان دون ان تترك بصمة دامية فيه متجاهلة لصوت الرحمة والانسانية متسترة بغطاء حقوق الانسان والتعاطف معه فهيتنفتح شهيتها علي ترويع الآمنين والأبرياء وسط تعقبها للمجرمين والأشرار .
الخلاصة من ذلك نستنتج بعد تلك الادلة والبيانات في النقاط اعلاه باننا فى دولة بوليسية من الدرجة الذكية التى توهم العالم انهم هم بلد الديمقراطية تحت طائلة من الخروقات والانتهاكات والتحرشات والاعتداءات تتستر بغطاء الاتحاد الاوربي وتتحكم بدوائر حقوق الانسان تحجب اجهزة الرقابة عنها وتمحي ادلة ادانتها من خلال التعسف والضغط والطرد والاضطهاد حتى غدت اليوم من البلدان الأكثر انتشار للظلم واضطهاد الابرياء تحت غطاء القانون هذا هو حال الدولة البوليسية هنا في قبرص نسال الله تعالى ان يبعد ويكف ويوقف اذاهم عنا اللهم امين .
إبراهيم محمد زياد
13/6/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"