بلا مقدمات, وانا اتابع قضية المتهم فراس في قصة عروس الدجيل , وأثناء اللقاء التلفزيوني الذي بثته قناة العراقية, ومن خلال الاسلوب الرخيص والمستهزء لمقدم البرنامج من المتهم , والخوف الذي رأيته في عين المتهم , تذكرت بعض القصص المماثلة والتي كانت قناة العراقية المسوق لها .
في نهاية شهر مايس من عام 2005 تم اعتقالي ووضعي في سجن النسور مع مئات المعتقلين ضمن حملة لحكومة الجعفري عرفت في حينها بعملية البرق.قبل ايام من أعتقالي كانت قوات مغوير الداخلية قد اعتقلت 4 شباب فلسطينين من منطقة بغداد الجديدة, وقبل ان تتم عملية نقل المعتقلين الى زنازين أخرى فتحت خصيصا لاستيعاب الاعداد الكبيرة من المعتقلين الجدد, كنت مع هؤلاء المعتقلين الفلسطينيين الاربعة في زنزانة عبارة عن غرفتين مفتوحتين الواحدة على الاخرى .وكان معنا معتقلين اخرين من مناطق مختلفة من بغداد.كانت آثار التعذيب ظاهرة على اجسام هؤلاء الاربعة وخاصة احدهم, كانت الدماء تسيل من اسفل ظهره.في هذه المرحلة من الاعتقال الكل يتجنب الحديث مع الاخر بسبب الخوف وعدم معرفة قضايا كل واحد, وان كان العنوان الكبير لكل المعتقلين هو الارهاب .
بعد يومين او ثلاثة ايام من وصولي , وفي منتصف الليل تم استدعاء الفلسطينين الاربعة من جديد للتحقيق. كانت غرفة التحقيق لا تبعد سوى امتار (10-15 مترا) , كنا نسمع صراخهم وتوسلهم بالمحقق واذكر احدهم قال للمحقق: سيدي انت شتريد مني اكول اني اكول واعترف ، ثواني وتوقف التحقيق..وتم اعادتهم للزنزانة وهم جثث هامدة من شدة التعذيب .
في اليوم التالي , جاء السجان وكان سيئ اللسان وقذر بمعنى الكلمة, وهو يصرخ بالسجناء : اريد محد يتكلم بكلمة او يطلع صوته...لان عدنه تسجيل.باالفعل قامت قناة العراقية التي كنا نشاهدها تتجول نهرا في باحات المعتقل , وكانهم موظفين في سجن النسور .
تم تسجيل اعترافات هؤلاء الفلسطينين الاربعة وهم فرج وعدنان وعامر و(غزوان) ، ثلاثة منهم اخوة لكن لم يتم الكشف عن ذلك بالاعلام العراقي لايهام الناس بانهم من عوائل مختلفة .
وفي اليوم التالي قامت قناة العراقية بتصوير آخر ولكن لموضوع مختلف . هذه المرة جاء السجان وقال للمعتقلين ان منظمة حقوق الانسان جاءت لتصوريكم , بعض المعتقلين اعتقد ان الامر له علاقة بمقتل احد المعتقلين الذي مات قبل يومين جراء التعذيب, وان المنظمة جاءت لتحقق بالامر.تم أخذ مجموعة من الشباب من سكنة المدائن.لكن الشاب رفعت البلغ من العمر 21 عاما وهو طالب في معهد التكنولوجيا في في الزعفرانية , الا انه ايضا من سكنة المدائن ، هذا الشاب ساورته الشكوك بالامر.تم أخذ المجموعة بعد شد ايديهم الى الخلف واعصاب اعينهم .
يقول رفعت , كانت العصبة غير محكمة , حركت رأسي قليلا فنزلت قليلا عن عيني بحيث استطعت أن أرى مايحدث.في هذه الاثناء قامت الشرطة بجلب سيارة بيك اب محملة بالاسلحة والاعتدة,بنادق رشاشات هاونات عتاد...تم وضع كل الاسلحة امامنا وتم تصويرنا من قبل قناة العراقية على اننا ارهابيين وانه تم االعثور على هذه الاسلحة بحوزتنا .
اليوم وبعد مرور اكثر من 6 سنوات على اعتقالي , وانا اتصفح الانترنت وجدت فلما على اليوتوب .وفي الدقيقة 25 منه رأيت أمراً .يا الله ...هؤلاء الفلسطينيون الاربعة في اوروبا !!!!!! ما الذي حدث ؟
لقد تم اطلاق سراحهم بعد مدة من اعتقالهم , لقد انتهى الفلم الذي اجبروا فيه الفلسطينين الاربعة على تمثيلة بعد ان هددوهم باغتصاب عوائلهم اذا رفضوا....الخ , وقد نجح المخرج والمؤلف وهم حكومة الاحتلال ونجح المنتج وهو قناة العراقية في تسويق الفلم حيث شاهده ملايين العراقيين في حينها .
كم من قصة حيكت ودبرت في غياهب ودهاليز المنطقة الخضراء ، كانت فيها قناة العراقية الدور القذر والاسلوب الرخيص في تسويقها .
أخوكم أبو أكرم
21/6/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"