فلسطينيو العراق بين الشتات والموت – جاسم الشمري

بواسطة قراءة 2113
فلسطينيو العراق بين الشتات والموت – جاسم الشمري
فلسطينيو العراق بين الشتات والموت – جاسم الشمري

9/6/1429 هـ - 13/6/2008 م

منذ أن بدأت المأساة الفلسطينية في عام 1948، وما رافقها من عمليات قتل وتشريد اضطر على أثرها 3000 لاجئ فلسطيني إلى الهجرة إلى العراق مع الجيش العراقي. ويتواجد في العراق قبل الاحتلال أكثر من 23000 ألف فلسطيني وكانوا جزءا لا يتجزأ من مكونات الشعب العراقي حيث تعايشوا معهم وتصاهروا أيضا ، ولم نسمع في يوم من الأيام أن أحداً من العراقيين قد اعتدى على مواطن عربي بغض النظر عن هويته بل كان أهل العراق هم الضيوف وكانوا ـ أي الأخوة العرب ـ هم أصحاب الدار .
وبعد أن حلّ بالعراق الدمار والخراب اثر احتلاله في عام 2003 من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ، طال جزء كبير من الضيم والظلم والانتهاكات ضيوف العراق ، ولم يبقَ في العراق إلا الجالية الفلسطينية التي ليس لها خيار إلا البقاء ، ومواجهة المصير المشترك مع أهلهم من العراقيين .
وبعد أن انتهت المعركة غير المتكافئة بين الاحتلال وحلفائه والعراقيين ومن معهم، ووقعت الكارثة العظمى على الأمة باحتلال العراق بعد احتلال فلسطين وكأن قدرنا مشترك مع أهلنا في فلسطين.ظلت الجالية الفلسطينية في موطنها الثاني العراق، وأنا لا أحبذ تسميتهم " اللاجئين " لأنهم ليسوا لاجئين بل هم أهلنا وأخوتنا، حيث إن الفلسطينيين يعرفون عمق العلاقة الأخوية التي تربطهم بأبناء العراق،وهم قبل غيرهم يعرفون من هم أهل العراق الاصلاء ،والفلسطينيون لم يتصوروا في يوم من الأيام أن تتأزم هذه العلاقة لأنهم أصبحوا جزءا من النسيج الاجتماعي العراقي .وبعد أيام من الاحتلال للبلاد ، عبرت الرياح الصفراء حدود العراق الشرقية التي كانت في يوم من الأيام عصية عليهم ، ونشرت الحقد والدمار والتفرقة بين مكونات الشعب العراقي.

وأول ما استهدف هؤلاء الحاقدون أخوتنا من أبناء الجالية الفلسطينية في العراق ، ومن يومها توالت على الجالية الفلسطينية عشرات المصائب والنكبات البربرية والهمجية من أناس لا علاقة لهم بالعراق، ولا يمكن أن يمثلوا حقيقة الشعب العراقي ، وقد طالت هذه الجرائم آلاف الفلسطينيين.

ويقول الأستاذ احمد اليوسف في كتابه ( فلسطينيو العراق بين الشتات والموت ) الذي جمع فيه ملخصا للأحداث والمجازر والجرائم التي وثقت منذ منتصف شهر أيار من عام 2005 ـ وهي الفترة التي بدأ فيها ازلام الحكومات التي نصبها المحتل ، باستهداف ضيوف العراق اللاجئين الفلسطينيين ـ إلى نهاية عام 2006، والحق إن الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحكومية والفرق الخاصة ما زالت مستمرة بحق الجالية الفلسطينية في العراق، ولم تتوقف حتى ساعة كتابة هذا المقال .
الجرائم بدأت باستهداف التمثيل الرسمي لدولة فلسطين في العراق حيث قصفت السفارة الفلسطينية في عام 2003 واعتقل موظفوها بما فيهم السفير والدبلوماسيون لمدة عام كامل .وفي نفس العام كانت خسائر الجالية الفلسطينية كبيرة جداً حيث استهدف اكبر تجمع لهم في العراق ( مجمع البلديات – شرق بغداد ) بالصواريخ والقنابل العنقودية مما تسبب بخسائر مادية كبيرة ،واستشهد 11 فلسطينياُ فيما بلغت الانتهاكات أكثر من 425 انتهاكا وطرد أكثر من 400 عائلة من مناطق متفرقة في بغداد اضطروا على أثرها للسكن بمخيم في نادي حيفا الرياضي لمدة سنتين في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة ولم يكن العام 2004 بأحسن حالاً من سابقه حيث استشهد 20 مواطنا وبلغت الانتهاكات 75 انتهاكا وفي عام 2005 اقتحم لواء الذئب وعناصر من مليشيا بدر مجمع البلديات الفلسطيني وتم اعتقال ثلاثة أشقاء وفلسطيني رابع وظهروا في يوم 13 /5/2005 على شاشة قناة العراقية وتم نزع الاعترافات منهم بمسؤوليتهم عن تفجيرات منطقة بغداد الجديدة القريبة من مجمع البلديات الفلسطيني وكان الهدف من وراء ذلك هو تأجيج النفس الطائفي ضد الفلسطينيين في العراق وكانت حصيلة الانتهاكات لعام (2005) أكثر من 25شهيدا بالإضافة إلى 256 انتهاكا وكان عام 2006 عام الاستهداف الواضح والجلي للفلسطينيين في العراق حيث استشهد أكثر من 101 بينما كانت الانتهاكات أكثر من 1740 وتم تهجير مئات العوائل من مناطقهم مما اضطرهم للنزوح إلى مجمعات سكنية على الحدود العراقية السورية وكان معدل الانتهاك اليومي 1,9 بما يقرب من انتهاكين يوميا تقريبا وأعلى رقم للانتهاكات سجل في شهر 12 من عام 2006 وهو 106 عدا التهجير .
إن قوات الاحتلال الأمريكية تتحمل جزءا كبيراً من المسؤولية تجاه هذه الجرائم التي تطال أهلنا من أبناء الجالية الفلسطينية حيث أن القانون الدولي يوجب عليها المحافظة على الرواح المدنيين من أهالي البلاد المحتلة ، وكذلك تتحمل حكومتا الجعفري والمالكي وقبلهما حكومة اياد علاوي المسؤولية القانونية والأخلاقية في عدم توفير الحماية الكافية للفلسطينيين في العراق .
وهنا أريد أن أسجل موقفاً واضحاً لأهلنا في فلسطين الحبيبة وأقول لهم إن هؤلاء لا يمثلون الشعب العراقي ، وسيعود العراق إلى أهله الطيبين ، وحينها ستعودون كما كنتم أهل دار ونحن ضيوف عندكم في بيتكم الكبير العراق ونتمنى أن نزوركم في بلدكم الحبيب فلسطين بعد تحريره من براثن الصهاينة الأشرار.