طردهم العراق ورفضتهم سورية - عبد الرحمن الراشد

بواسطة قراءة 2211
طردهم العراق ورفضتهم سورية - عبد الرحمن الراشد
طردهم العراق ورفضتهم سورية - عبد الرحمن الراشد

7/8/2008

هي نفسها قصتهم المكررة، الفلسطينيون في تشريد لا يتوقف، حتى في بلدهم غزة يطاردون ببنادق حكومتهم، الأكثر ادعاء للدفاع عنهم. فروا من ملاحقاتها وسجونها وتعذيبها الى اسرائيل.

اسرائيل قامت بدورها التاريخي المعهود بطردهم من جديد.لكن اسمعوا قصتهم على الحدود العراقية الشمالية حيث توجد مأساة أخرى منسية، آلاف الفلسطينيين المعلقين ينامون في الخيام ويعيشون على معونات المنظمات الدولية لنحو عامين، بعد ان طردهم العراقيون الجدد ورفضهم السوريون.

تناثرت خيمهم في مواقع متفرقة، وكانت أكثرها بؤسا تلك التي نصبت في صحراء قاحلة. لم يهتم باهلها سوى بضعة موظفين من الامم المتحدة، الذين بالمناسبة يستحقون الشكر على موقفهم وجهدهم الانساني، الذي توج أخيرا بأخبار سعيدة.

فقد ابلغوا اللاجئين ان دولتي السويد وفنلندا وافقتا على استقبالهم، بذلك ستنتهي حياة الشقاء لبضع مئات من اللاجئين. لكن ستتبقى أعداد أخرى من اللاجئين الفلسطينيين تقيم في معسكر آخر على الحدود العراقية ـ السورية، رفضهم البلدان. سورية تمنعهم والعراق يرفض رجوعهم، يعيشون وضعا قاسيا حيث سجلت المنظمات الدولية وفاة نحو 12 منهم بسبب نقص الرعاية الطبية.

هناك الكثير الكثير يمكن ان يقال عن هذه المأساة الطويلة والمتكررة للفلسطينيين، التي تعكس قمة حياة التشريد العربي. اولها ان على القيادات الفلسطينية ان تخجل من بطولاتها الكلامية، وتلتفت لمعالجة حياة نحو ثلاثة ملايين لاجئ. وثانيها، يحتاج المواطن العربي ان يثقف نفسه في حقائق القضية الفلسطينية، لا ان يكتفي بمشاهدة اخبارها على نشرات التلفزيون متكئا على وسائد منزله مستمتعا مع اصدقائه بشرب الشاي يثرثرون عن الصمود والمقاطعة والمواجهة وهم لا يواجهون عدوا ولا ينامون في خيام، كما يفعل الفلسطينيون منذ سبعين عاما.

عرب الرفض يريدون من الفلسطينيين ان يعيشوا في الخيام، وعلى المعونات مائة سنة اخرى، باسم المواجهة، وهم يستمرون في الثرثرة عن البطولات عن بعد.في عالم القسوة هذا لا نرى سوى دول بعيدة، احيانا نتجرأ على شتمها، هي التي تبدي شيئا من الانسانية والنجدة الحقيقية.

فالسويد وفنلندا منحتا بضع مئات تأشيرات دخول لهؤلاء المساكين بعد ان رفضت الدول العربية السماح لهم بدخول اراضيها. السويد وفنلندا ستؤمنان للاجئين الفلسطينيين مجانا المسكن، والدعم المعيشي، وربما تهبهم لاحقا جنسيتها.

لا نرى المنطقة تهب عن بكرة ابيها الا عندما يكون الملاحق حاكما. تسارع الحكومات العربية تدافع عن حقه الانساني، والجامعة العربية تستنفر الاجتماعات من اجله، وتبذر منظمة المحامين العرب أموال اعضائها للدفاع عنه، ويقوم البرلمان العربي المزعوم، كلمة مزعوم لانه يدعي انه يمثل المواطنين العرب وهو في الحقيقة يمثل تزوير التصويت البرلماني العربي، بالدفاع عن الزعيم الملاحق.

لكن هل سمع احدكم شيئا عن المنبوذين من المساكين العرب، فلسطينيين وعراقيين ولبنانيين وصوماليين وسودانيين غيرهم؟ من النادر أن يحكى عنهم، والأندر أن يفعل أحد شيئا من أجلهم.