الحمد لله
الشريعة الاسلامية شريعة سمحة وهي
عامة شاملة أحكامها جميع الثقلين الإنس والجن ، على اختلاف طبقاتهم علماء وأميين
أهل الحضر وأهل البادية ، فلهذا سهل الله عليهم الطريق إلى معرفة أوقات العبادات ،
فجعل لدخول أوقاتها وخروجها أمارات يشتركون في معرفتها ، جعل غروب الشمس أمارة على
دخول وقت المغرب وخروج وقت العصر ، وغروب الشفق الأحمر أمارة على دخول وقت العشاء
مثلاً ، وجعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر أمارة على ابتداء شهر قمري جديد
وانتهاء الشهر السابق ، ولم يكلفنا معرفة بدء الشهر القمري بما لا يعرفه إلا النزر
اليسير من الناس ، وهو علم النجوم أو علم الحساب الفلكي ، وبهذا جاءت نصوص الكتاب
والسنة بجعل رؤية الهلال ومشاهدته أمارة على بدء صوم المسلمين شهر رمضان ،
والإفطار منه برؤية هلال شوال ، وكذلك الحال في ثبوت عيد الأضحى ويوم عرفات . قال
تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) سورة البقرة /185 وقال تعالى : ( يسألونك
عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) سورة البقرة /189 وقال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة
ثلاثين ) فجعل عليه الصلاة والسلام الصوم لثبوت رؤية هلال شهر رمضان ، والإفطار
منه لثبوت شهر شوال ، ولم يربط ذلك بحساب النجوم وسير الكواكب ، وعلى هذا جرى
العمل زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء الراشدين ، والأئمة الأربعة
والقرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالفضل والخير ، فالرجوع
في إثبات الشهور القمرية إلى علم النجوم في بدء العبادات ، والخروج منها دون
الرؤية من البدع التي لا خير فيها ، ولا مستند لها من الشريعة .. والخير كل الخير
في اتباع من سلف في الشئون الدينية ، والشر كل الشر في البدع التي أحدثت في الدين
حفظنا الله وإياكم وجميع المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب
حكم الاعتماد على الحساب الفلكي في
دخول الشهر وخروجه
السؤال: تعتمد الرؤية في بعض البلاد
الإسلامية وفي تحديد مواعيد دخول شهر الصيام أو دخول شوال أو كذلك دخول ذو الحجة
على الحساب الفلكي دون الرؤية، كما أن الإعلان عن ذلك يكون عادة عن طريق جهة
الإفتاء والشئون الدينية في البلد، فهل يعتمد الحساب وهل يؤخذ بقول تلك الجهات أم
يؤخذ بأخبار الإذاعات عن البلاد التي تعتمد الرؤيا؟
الجواب: الواجب في إثبات الأهلة في
الحج وفي رمضان الواجب هو الرؤية، كما قال النبي ﷺ: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
فإن غم عليكم فأكملوا العدة وقال عليه
الصلاة والسلام: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا
تفطروا حتى تروا الهلال، فإن غم عليكمم فأكملوا العدةفي عدة أحاديث صحيحة
في الصحيحين وغيرهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقال إنا أمة أمية لا نكتبب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وذكر بيديه
الثنتين.. بسط يديه الثنتين وكررها ثلاثاً يعني: ثلاثين وهكذا وهكذا وهكذا وخنس واحدة خنس
الإبهام، يعني: تسعاً وعشرين فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته،
فإن غم عليكم فأكملوا العدة في لفظ: فأكملوا ثلاثين في لفظ آخر: فأكملوا عدة شعبان ثلاثين في لفظ
ثالث: فصوموا ثلاثين هكذا أوضح
النبي عليه الصلاة والسلام.
أما الحساب فلا
يعتمد ولا يجوز التعويل عليه وقد نبهنا على هذا غير مرة وكتبنا في هذا مرات كثيرة،
وذكر أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله أن العلماء أجمعوا على أن الحساب
لا يعتمد في إثبات الأهلة، وإنما العمدة هو رؤية الهلال أو إكمال العدة فإذا رئي
شعبان -مثلاً- ليلة الأحد وجب إكماله فيكون الصوم بالثلاثاء لأن كماله يوم
الإثنين، والصوم بالثلاثاء، إذا لم ير الهلال ليلة الإثنين ولو قال الحاسبون: إنه
يدخل يوم الإثنين، ما عليه عمل، وكذلك لو قال الحاسبون: إنه لا يدخل إلا يوم
الأربعاء فلا عبرة بقولهم، يصام بالثلاثاء؛ لأنا كملنا شعبان ثلاثين؛ لأنه دخل
ليلة الأحد فإذا لم ير ليلة الإثنين كملناه ثلاثين لقوله ﷺ: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين فأكملوا العدة ثلاثين وقد أكملنا
بحمد الله ثلاثين وهكذا.
فالمقصود أنه لا
يعول على الحساب وعلى قول الحاسبين، وإنما التعويل على الرؤية، هكذا أخبرنا نبينا
عليه الصلاة والسلام وهكذا درج سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم
بإحسان، وهكذا نقل الإجماع على ذلك من ذكرنا وهو أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام
وبين ذلك آخرون من أهل العلم.
وأما وجود من خالف
في هذا من المتأخرين فلا يلتفت إليهم، ولو كانوا كباراً ولو كانوا علماء لا يلتفت
إليهم في هذا الأمر؛ لأنهم خالفوا السنة والله سبحانه يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى
اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]
ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ
شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَىى اللَّهِ [الشورى:10]
وهذه المسألة إذا ردت إلى كتاب الله فالله يقول: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [المائدة:92]
ويقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]
ويقول سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ [النور:63] ويقول U: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]
هكذا جاء في كتاب الله العظيم، ويقول النبي ﷺ كما تقدم في الأحاديث: لا تصوموا حتى ترواا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال فإن غمي عليكم
فأكملوا العدة وفي لفظ آخر: لا تصوموا حتى تروا الهلال أو
تكملوا العدة،، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكلموا العدة، فإن غبي عليكم
فأكملوا العدة ثلاثين فهذا أصرح شيء
وأبينه في كلام النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يعول على ما يخالف ذلك،
والله ولي التوفيق.
المقدم: جزاكم الله
خيراً.
المصدر : الموقع الرسمي للإمام بن باز رحمه الله
https://www.youtube.com/watch?v=5Dlyns47DvE
https://www.youtube.com/watch?v=tXzRyE1oGm0